.. يا نهار اسود ع الحرية! عارف إن لو حرف شعلقة في الجو.. ولكنه مسجل في دليل اللغة العربية كحرف تمني.. لذلك سوف أتوكل علي الله.. وأقرر انه لو لم يتم اغتيال السادات في 81 لما عشنا وتعايشنا كل هذه السنين معه... مع إيه ؟! أنا أقولكم.. كنت قاعد أتغدي أنا والعيال من كام يوم وكان الأكل يومها سمك.. عادي لغاية كده ؟! لأ مش عادي.. لأن الأكلة دي بالنسبة لبنتي عبارة عن عذاب.. يفوق في قسوته برنامج لتامر أمين أو أغنية لجورج وسوف.. ولكن ولأننا مخلفين عيال عشان نعذبهم ونطلع عليهم صديدنا النفسي.. فأنا وأمها كل مرة نغصب عليها ونسومها العذاب ألوانا عشان تاكل من السمك.. وهكذا كانت هذه المرة زي كل مرة.. نفس الغضب والاحتجاج اليائس من ناحية البنت.. والأمر والنهي والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور من جانبنا.. والنبي يا شيخ ماتتزهق عليا .,. أنا جايلك في الكلام أهو.. المهم انصاعت ابنتي في النهاية ورضخت لحكم القوي وجرت طبق السمك قدامها بالنرفزه المناسبة.. وهي تدغدغ في كلام غير مفهوم يمتزج بكل غضبها المكتوم.. وان كنت أعتقد انه لن يخرج عن الشتيمة في العيشة واللي عايشينها ( زيي بالظبط.. مش بنتي حبيبتي ).. انفعلت مامتها وكاد يطير صوابها... بتقولي إيه يا بنت ؟؟.. ردت بتحدي غير مستغرب علي جيلها.. إيه بابرطم.. الدستور بتاعنا بيكفل حق البرطمة لكل مواطن.. أخذتني الدهشة لاقتحام ابنتي السياسة بهذا الشكل المفاجئ آخر حاجة.. وكمان الدستور ويكفل !! البنت لسه في اعدادية!.. والمشوار ده مش قبل جامعة المفروض يعني.. المهم وجدت نفسي في هذه اللحظة مضطرا للتدخل.. قمت من مكاني ولكزتها علي كتفها.. انتبهت مذعورة.. إيه ده فيه إيه يا بابا ؟!.. أجبتها بثقة حكومية.. ده قانون الطوارئ يا حبيبتي.. وطبعا لم تنبس ببنت شفة.. وحلق الطير علي رؤوس الجالسين جميعا..وأذهب إلي أنه حتي الطير نفسه كان يحلق وهو في قمة الحذر والتوجس.. وهكذا كان قانوني هو فصل الخطاب وكلمتي هي الأخيرة.. وعاد كل إلي طبقه صامتا صاغرا صادما.. وعدت إلي تساؤلاتي اللاعبة بأوبشن لو.. لو لم يتم اغتيال السادات هل كان سيستمر معنا كل هذه المدة ؟؟.. أعني قانون الطوارئ.. أعتقد الاجابه نعم.. لأن الله يرحمه لم يكن سيعدم سببا وجيها ومنطقيا لإقراره.. والسادات تحديدا بالكاريزما الخاصة به وبالظروف الخاصة جدا وقتها.. لم يكن ليسمح بأي تجاوزات.. ( اللي حيقف قدامي حافرمه ).. تبقي الطوارئ أرحم.. خلصت الأكل وغسلت إيدي وولعت سيجارة وحطيت شريط فيديو الطوارئ في جهاز فيديو دماغي ودست play وافتكرت مع الصور المتلاحقة أمامي مولد هذا القانون الأغبر في مصر إبان الحرب العالمية الثانية 1939 لمدة ست سنوات..وبعدين مع حرب فلسطين لمدة سنتين.. ثم بالتزامن مع الثورة 1952 وامتدت أربع سنوات.. كلها حروب لو سيادتك ملاحظ معايا.. ثم جاء العدوان الثلاثي والمرة دي طولت شوية وقعدت 8 سنوات ( أتحدث عن مدة تطبيق القانون ).. وهلت أيام النكسة 1967 وكان طبيعي يكون ملازمها قانون الطوارئ .( ليه طبيعي ؟! ).. وحتي قبل رحيل السادات بسنة.. تصور يا مواطن منك له له لها.. إننا قعدنا من مايو 1980 وحتي أكتوبر 1981 من غير قانون الطوارئ.. كانوا سنة وخمس شهور زي العسل وعدوا هوا.. لغاية ما خالد الإسلامبولي واللي معاه عملوا عملتهم.. وطلع الاستاذ صوفي ابوطالب يعلن العمل بقانون الطوارئ حتي إشعار آخر لم يظهر حتي الآن.. ياااااه علي الأيام.. كان شريط الفيلم قد وصل نهايته.. ودماغي سخنت.... ولفت نظري في آخرة صورة للسيد جمال مبارك.. وهو بيصرح بأن الحزب والحكومة حيبحث في نهاية مايو الحالي وضع القانون المشار إليه.. وممكن يتم إضافة بعض الضوابط إليه.. ليصبح قانون طوارئ وإرهاب في نفس واحد.. ألف نهار أبيض.. والشريط بيخلص وأنا بدأت أزهق.. شوية إشارات من منظمة هيومن رايتس الحقوقية.. عشان المضارين من تطبيق قانون الطوارئ.. ناشطين ومدونين و.. و.. الخ.. لم أهتم كثيرا وخصوصا أني مالقيتش اسم بنتي وسطهم.. وبعدين دي منظمة لا مؤاخذة أجنبية يعني كلامها مش لوجه الله.. ولازم يكون ليها غرض.. وخصوصا مع مصر وكلنا عارفين أنها.... إيييييييه؟؟ عليكم كلكم نور... مستهدفة.. يبقي خلصت يا باشا.. وبناء عليه مديت إيدي وطلعت الشريط من فيديو الدماغ.. ورميته في دولاب الذاكرة المكدس بالشرايط والسيديهات.. وتناثرت الأفكار مع الدخان المتصاعد من نزع السيجارة الأخير.. مش كل الناس بتحس أصلا بالقانون ده.. فيه فئات كتير ماتعرفش هو إيه أصلا.. وفيه ناس ثانية هو معمول عشانها.. وإمعانا في الخيال العابث ولا مؤاخذة.. أخدت باقي احتمال لو الأولانية.. ماذا لو لم تنجح عملية اغتيال السادات ؟!! والأعمار بيد الله.. وكان زمانه لسه عايش ورئيس مصر لغاية تاريخه.. تفتكروا كنتم حتعتصموا وتقفوا علي سلالم النقابة وتعملوا وقفات احتجاجية؟! أشك.. أصلا كنتم حتمسكوا في أيديكم جورنال زي اللي ماسكينه دلوقت ؟! لا أعتقد.. أما اليوم يا أيها الأخوة المواطنين.. اكتبوا ما تريدون.. وقفوا للصبح علي أي سلم.. واعتصموا ما طاب لكم الاعتصام.. وناصروا من تشاءون.. ولكن احذروا ذلك الخط الأحمر الذي لا ترونه.. عشان ماتقلبش بغم.. وكلوا أي أكل علي مائدة الحكومة.. مش شرط تحبوه.. المهم تأكلوه وبرطموا زي مانتم عايزين.. بس صوتكم ما يطلعش قوي... وإلا لا تلومن إلا أنفسكم.. وكلوا سمك هو يعني السمك وحش ؟! وألف هنا وشفا ومطرح ما يسري... يمري.. والحمد لله.. فين الشاي؟!..