تحديثات سعر الفراخ البيضاء والبيض اليوم الجمعة.. "استقرار"    تحديثات قيمة مواد البناء.. بكام سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة؟    المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجمة ميناء حيفا بالطائرات المسيّرة (فيديو)    موعد مباراة فاركو وسموحة بالدوري المصري والقنوات الناقلة    موعد مباراة جنوى وبولونيا في الدوري الإيطالي    العراق: استعلام رابط نتيجة السادس الابتدائي الكرخ 3 الدور الأول 2024    حكم الترجي بالنبي وآل البيت.. الإفتاء توضح    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    أشرف بن شرقي يقترب من العودة إلى الزمالك.. مفاجأة لجماهير الأبيض    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 24 مايو 2024    بعد انكسار الموجة الحارة.. تعرف على حالة الطقس اليوم    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مصرع شخص فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    هشام ماجد: أرفض المقارنة بين مسلسلي «أشغال شقة» و«اللعبة»    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 24 مايو في محافظات مصر    فلسطين.. اندلاع اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم بلاطة    ألمانيا تعلن اعتقالها نتنياهو في هذه الحالة    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    أستاذ اقتصاد: التعويم قضى على الطبقة المتوسطة واتمنى ان لا أراه مرة أخرى    الشرطة: نحو 50 محتجا يواصلون الاختباء بجامعة ألمانية    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    عائشة بن أحمد تكشف سر العزوبية: أنا ست جبانة بهرب من الحب.. خايفة اتوجع    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    إصابة 5 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة بسور محطة مترو فيصل    «حبيبة» و«جنات» ناجيتان من حادث معدية أبو غالب: «2 سواقين زقوا الميكروباص في الميه»    كسر محبس مياه فى منطقة كعابيش بفيصل وانقطاع الخدمة عن بعض المناطق    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    بايدن: لن نرسل قوات أمريكية إلى هايتى    تشييع جثمان شقيق مدحت صالح من مسجد الحصرى بعد صلاة الجمعة    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    الهندية كانى كسروتى تدعم غزة فى مهرجان كان ب شق بطيخة على هيئة حقيبة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    السفير رياض منصور: الموقف المصري مشرف وشجاع.. ويقف مع فلسطين ظالمة ومظلومة    بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    يوم الجمعة، تعرف على أهمية وفضل الجمعة في حياة المسلمين    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    الصحة العالمية تحذر من حيل شركات التبغ لاستهداف الشباب.. ما القصة؟    بعد تثبيت الفائدة.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 24 مايو 2024    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    استقالة عمرو أنور من تدريب طنطا    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    حظك اليوم برج الحوت الجمعة 24-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة للتألق    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    "قمة اليد والدوري المصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.رفعت سيد أحمد يحقق: يوم قُتل السادات «2-2»
نشر في الدستور الأصلي يوم 08 - 10 - 2013


شهادة السفير الإسرائيلى الذى كان على المنصة

موشيه ساسون يقول: لقد شاهدت المنصة عقب اغتيال السادات.. كانت فى حالة فوضى عارمة

السفير الإسرائيلى يحكى كيف استضافتهم أسرة ضابط مصرى وكيف كان اهتمامه بمَن يسيطر على الجيش أكثر من اهتمامه بأمنه الشخصى!

يواصل سفير دولة العدو موشيه ساسون شهاداته على حادثة اغتيال السادات 1981، والتى نشرها ضمن كتابه الأهم «سبع سنوات فى بلاد المصريين»، والتى يكشف فيها كثيرا من المعلومات والأسرار التى لا تزال مجهولة للرأى العام المصرى، وكيف أن العدو الصهيونى لم يكن يهمه سوى مصلحته فقط أما حياة السادات أو غيره فلا قيمة لها، ولنواصل قراءة مذكرات موشيه ساسون والتى توقفنا فيها فى الحلقة الماضية عند لحظة الاغتيال التى لم تستمر أكثر من 40 ثانية، وعندما وقف ليشاهد المنصة وجدها ساحة حرب، والدماء فى كل مكان والفوضى عارمة، ولنتركه يتحدث: «كانت المنصة فى حالة فوضى المقاعد مقلوبة. إناس راقدة على الأرضية والآخرون يجرون من نافذة كابينة التليفزيون الموجودة بين منصة الرئيس والطريق. وقف مصورون يصورون ما يحدث. السفير السويدى الذى رقد وانتظر مثلى سألنى عما يدور، بدأ (م) يزحف فى الاتجاه العكسى حتى ينزل من فوقى، رأيت (ق) رجل الموساد الثانى، وترددت على مسامعى كلمات (م) (ضابط الموساد الأول المرافق للسفير): الموضوع انتهى.. كيف انتهى؟ كيف انتهى؟! (طبعا يقصد اغتيال السادات وكأنهم إما صدموا لما رؤوا وإما أنهم -وهذا هو الأرجح- كانوا يعلمون بالنتيجة التى وقعت!!».

وفى موضع آخر من مذكراته يحكى سفير إسرائيل موشيه ساسون، أن (م) رجل الموساد فى السفارة قال له وبصيغة الأمر: «علينا أن نخرج من هنا بأسرع ما يمكن»، وأشار إلى الركن الأيسر الأعلى لمنصة العرض، إلى المكان الأعلى الذى وصلنا إليه عندما وصلنا عبر الدرج المؤدى إلى الطريق الرئيسى، وبيننا وبين هذه النقطة يرقد عدد من الأفراد، بينهم حرس ينزفون دمًا قال (م): «هيا نتقدم إلى الأمام ونشق طريقنا بينهم بحرص شديد وبأسرع ما يمكن، واندفعنا إلى داخل خليط البشر والدماء والأجساد، وإلى اليوم لا أعرف كيف فعلنا هذا، ولكن بعد ثوان معدودة كنا فى أعلى، هناك وقف (ق) وقال (هذا جيد، هيا إلى الأمام)، لاحظت أنه فى خلف المنصة يوجد درج يتيح الهبوط إلى الجانب الخلفى، لاحظت هليكوبتر طوارئ تقف وبجوارها شخص يرقد على الأرض بلا حراك -يبدو أنه جريح أو قتيل- بجوارى وقف (ق) و(م) ومحمود عبد اللطيف، أشار (م) إلى الطرف الأيمن للساحة البعيدة عنا، وقال لى إنه يجب أن تصل سياراتنا من هناك فى أى لحظة. ستكون أنوار السيارات مضاءة حتى نستطيع تمييزها فورا، علينا الوصول إليها، ولكن يجب أن نسير هنا ببطء)، أمام هذا الهرج، كان الوضع هنا أخطر من الجانب الذى خلصنا أنفسنا منه الآن بدأنا نسير ببطء، مررنا وسط جنود مدججين ببنادق لتأمين المنطقة المحيطة، لم يمنعونا من مواصلة السير والمرور أمام هليكوبتر الرئيس التى كانت خالية وفجأة، كالعصا السحرية، ظهرت سياراتنا الواحدة تلو الأخرى وهما تضيئان أنوارهما. رونى يقود سيارتى و(ج) السيارة الأخرى وراءه فى طريقنا إلى السيارة أخبرنى (م) بأنه من المحتمل أن يكون (ق) قد أصيب. كان هناك نزيف من الأصبع ومن الجبهة أيضا. لم يكن نزيفًا وإنما مجرد خدش بسيط. اقترحت أن نتوقف قبل دخول السيارات لنفحص أنفسنا ربما أصيب أحد منا من دون أن يشعر، بعد أن تأكدنا أن كل شىء على ما يرام دخلنا إلى السيارات، جلس محمود فى المقعد الأمامى بجوار (م) ورونى، ولحق (ق) بسيارة السائق الثانى، قبل دخولنا إلى السيارة نزع (م) العلم خوفًا على حياتنا من المصريين.. وطلب منى أن أرقد على المقعد الخلفى». (من الواضح أن ضابط المخابرات الإسرائيلى كان يدرك جيدا، ربما أكثر من سفيره حجم العداء الذى يكنه الشعب المصرى لدولته، وأن مجرد رفع العلم فى هذا الموقف الصعب سوف يجعلهم يلحقون بالسادات صديقهم العزيز!» (الكاتب).

ثم يقول السفير: «قبل أن نتحرك من أماكننا لاحظنا أن طائرة الإنقاذ قد أقلعت، وصلنا إلى أحد المخارج، كان مغلقا ولم يسمح لنا قائده بالمرور، استدار رونى، حسب توجيهات محمود اتجه إلى المخرج الجنوبى أخذ محمود مسدسه من جرابه وأوشك على الخروج من السيارة، نصحه (م) بأن لا يظهر سلاحه وطلب منه الاقتراب من الحراسة بجوار الحاجز وأن يشرح لهم بلطف أن هذا سفير إسرائيل، تردد محمود، وظل (م) يقنعه: أن الرقم الدبلوماسى للسيارة يكفى لإثبات وجود السفير بها، خرج محمود وبعد ثوانٍ قليلة عاد وتم رفع الحاجز وعبرنا. (لنتأمل الفارق الذى أراد السفير الصهيونى أن يوصله لنا بين ضابط الموساد الإسرائيلى وضابط الأمن أو المخابرات المصرية.. وكيف أن الأول كان الأذكى والأكثر هدوءًا فى التعامل مع المواقف الصعبة فى حين كان الثانى مندفعا أو متهورا.. فهل كان الأمر كذلك؟ نتمنى لو أن المدعو عبد اللطيف هذا حبا ليذكر لنا الحقيقة» (الكاتب).

الخوف على إسرائيل.. لا على السادات

يواصل سفير دولة العدو موشيه ساسون: «قلت لسائقى: كل احترامى لك يا رونى، لأنه كان مخلصا، بارد الأعصاب وهادئا، امسك عجلة القيادة بثقة وسار وسط الجمهور الواقع فى حالة من الهرج وبين البنادق المشهرة: شكرا يا (م)، ليس لك مثيل (قلتها لمرافقى الذى تصرف بحكمة والذى استطاع أن يفرق بسرعة بين الرصاص الحقيقى والألعاب النارية مما أنقذنا، وقلت لمحمود وأنا أتحول من وضع الراقد إلى وضع الجلوس: شكرا يا محمود- أحسنت».

سألت محمود مرافقى من الأمن المصرى: هل تعرف طبيبا أو عيادة قريبة؟ إننى قلق على حالة (ق)، والأمر الملح الآن هو العثور على طبيب هنا فى مدينة نصر وفوجئت بمحمود يقول: قريب من هنا، على بعد خمس دقائق، حيث إن عمه طبيب، قلت له: إذن لنذهب إلى هناك فورا، وطلبت منه توجيه رونى.

فى تلك الثوانى أراد (م) الاتصال بالسفارة، كنا نعلم أننا على مسافة بعيدة جدًا من السفارة ومن دائرة التقاط الإشارات، مع هذا قرر (م) أن يحاول، وكم كانت الدهشة: لقد فوجئنا جميعا بأن نداءه قد أجيب (وقد اتضح فى ما بعد أن موظف السفارة الذى كان يجلس فى مكتبه ويشاهد العرض العسكرى بدأ يقلق عندما انقطع فجأة الإرسال الحى من العرض، وبدلًا من ذلك بدؤوا يذيعون الأغنيات العادية، ولما خاف من حدوث شىء فى العرض أخذ جهاز اتصاله، وصعد إلى سطح مبنى السفارة الذى يبلغ 18 طابقًا وفتح الجهاز، فى تلك الثوانى بالذات التقط نداء (م) كان البلاغ قصيرا وموجزا وموضوعى: أُطلقت رصاصات على الرئيس. السفير على ما يرام تماما، لقد خلصنا أنفسنا بسرعة يمكن أن تبلغ الوطن أن السفير قد رحل بسلام وأننا فى طريقنا. وسوف نتصل، وحسب طلبى امتنع (م) عن ذكر جرح (ق) لا يجب خلق مخاوف فى الوطن، كما أن الجرح كان يبدو سطحيا جدا، بعد إحدى عشرة دقيقة من انقضاض المتآمرين على الرئيس، كانت مكاتب مدير عام ورئيس القسم فى وزارة الخارجية بالقدس على علم بخروجنا بسلام».

ثم يواصل سفير دولة العدو شهاداته كاشفًا عن مخاوفه الحقيقية، وكيف أنها لم تكن شخصية، بل عن ذلك السلام المدنس بين دولته وحكام مصر وقتها ولنتركه يتحدث: «واصل محمود توجيه رونى إلى منزل عمه، وأنا، لأول مرة منذ أصوات الانفجار والرصاص أمام المنصة نظرت إلى نفسى داخليا: من الغريب أننى لم أشعر لثانية واحدة بمشاعر خوف أو ضعف، لم يرد ببالى لحظة أنه من المحتمل أن لا نخرج من هناك سالمين، كانت كل أفكارى تتركز على تفسير هذا الحدث ماذا حدث للرئيس؟ هل خرج سالمًا، وماذا حدث لنائبه حسنى مبارك وبقية الذين يتولون السلطة فى مصر؟ أليسوا جميعا كانوا يجلسون على يمين ويسار الرئيس فى الصف الأول؟ والأهم من كل هؤلاء.. ماذا سيحدث للسلام مع مصر، وأين هم رجال سفارتى، وأسرهم، وأولادهم؟ أليس لدينا فى القاهرة أكثر من ثلاثين طفلا يدرسون فى المدارس؟ ماذا يحدث الآن لزوجتى طوقا وابنتى أورنا وحفيدى الصغير طال؟ ماذا كان هدف المتآمرين؟ هل القضاء على الرئيس؟ تحريك ثورة ضد النظام كله؟ ما هويتهم وما أهدافهم؟ كان علىّ أن أعمل بسرعة حتى أحمى أولًا كل أفراد موظفى السفارة وعائلاتهم، وعلىّ أن أتصل فورًا بطوقا، هل أذعنت طوقا وابنتى أورنا التى استضفناها مع أول حفيد لنا طال، ولم يخرجوا فى ذلك الصباح إلى شوارع القاهرة وفقًا لنصائحى؟

فى ضيافة أسرة ضابط الأمن التى تحب الصهاينة!!

توقف رونى أمام منزل لطيف من طابقين نزل محمود و(م) من السيارة دخل محمود إلى المنزل وظل (م) متأهبًا بجوار السيارة ونفس الشىء فعله (ق)، حيث توقفت سيارته بالقرب منا عاد محمود ودعانا إلى الدخول.

وطلب من رونى ومن سائق السيارة الأخرى إدخال السيارتين إلى الفناء الداخلى، خلف المبنى، ليس مطلوبا أن يلحظ أحد وجودنا عن طريق السيارات التى تحمل أرقامًا دبلوماسية. انفتحت أبواب المنزل عن آخرها وقوبلنا بحرارة، أعرب الطبيب عن دهشته لأن الإذاعة توقفت عن إذاعة العرض وانتقلت إلى إذاعة موسيقى، قال: «هذا يعنى أن شيئا ما قد حدث ربما شىء فى الإرسال، أو ربما شىء آخر»، باختصار حكى محمود لعمه أنها على ما يبدو محاولة لاغتيال الرئيس ونظر إلىّ قائلا: «نورت البيت يا سيادة السفير، فأجبته: منور بأصحابه، وطلبت من الطبيب أن يفحص (ق) وقال الطبيب إنه حقا ليس طبيبا متخصصا، ولكن يمكن الاعتماد عليه فى تقديم الإسعافات الأولية، وإنه سيفحص (ق) فورا، ولكن قبل ذلك يريد أن يسأل: هل لسعادة السفير مطلب أيًّا كان؟.،قلت بنوع من الدعابة المصطنعة حتى أحافظ على الجو المخفف: ليس واحدًا بل ثلاثة، فقال: أمرك يا سيدى.. قلت ثلاثة طلبات صغيرة يا سعادة الدكتور تليفون حتى اتصل بالسفارة وبمنزلى، وجهاز راديو ترانزستور حتى أتابع وأعرف ما يدور حولنا وكوب من القهوة حتى أتيح لك القيام بواجب الضيافة.

اتصلت بالسفارة التى ردت فورا وكانت أجهزة الاتصال تعمل فى هذا اليوم بصورة مذهلة حديث قصير مع موظف السفارة وبعض الرموز التى تشمل توجيهات بالنسبة لتأمين رجالنا بعد أن سألت عن نوبتجى السفارة، وطلبت تحويله إلىّ بعد أن ينتهى (م) من حديثه معه، كان على الخط المستشار لشؤون الصحافة إيلى لنيادو، حاول إيلى أن يقنعنى بأنه يجب أن أتصل فورا بالبلاد، خصوصا إلى الإذاعة أو إذاعة الجيش، أرادوا أن يسمعوا صوتى لأن الشبكة الثانية فى التليفزيون الفرنسى أذاعت منذ دقائق أن الرئيس السادات وأنا مصابان، أوضحت لإيلى أننى لا أستطيع الاتصال بالبلاد من التليفون الذى أتحدث منه، لأنه غير متصل بالسنترال الدولى وسألته: ما المعلومات التى لديك أننى منصت إلى الراديو، وحقيقة أنه حتى هذه اللحظة لم نسمع صوت الرئيس، تقلقنى. رد إيلى: نعم هذه الموسيقى من الإذاعة مثيرة للأعصاب، فقلت له: لا يا إيلى، إنها لا تثير أعصابى، إنها تثير القلق (ثم يحكى السفير تفاصيل كثيرة وحوارات أكثر أجراها مع رجال مخابرات فى السفارة، وفى تل أبيب دارت كلها حول مخاوفهم على مصير العلاقات مع مصر فى ما لو كان السادات -صديقهم الوفى!! قد قُتل».

ثم فى موضع آخر فى مذكراته يقول سفير دولة العدو: «ودعنا صاحب المنزل وزوجته والضيف الأمريكى الذى كان هناك أيضًا (يبدو أنها أسرة مصرية كرمها زائد حبتين فى التعامل مع أعداد مصر من الصهاينة والأمريكان وقتها.. وقت إن كان الشعب المصرى فى أغلبه ضد هذه العلاقات، ولكن ما الغريب خصوصا إذا كان ابنهم -المدعو عبد اللطيف- يعمل ضابطا فى خدمة سفير دولة الكيان الصهيونى -الكاتب-، وخرجنا إلى الممر المؤدى إلى الشارع، بجوار الرصيف وقادتنا سيارتان مدرعتان كبيرتان تابعتان للأمن المركزى، ومن دون كلام توجهت إلى سيارتى حيث كان رونى يجلس على عجلة القيادة، ودخل سائق سيارتنا الثانية إلى سيارته. قال العقيد: سيدى مدعو للدخول إلى المدرعة الثانية. تلك هى التعليمات التى لدىّ. كان (م) يقف إلى جوارى وتساءلت: هل ذلك فى صالحنا أم غير ذلك؟، واقترحت نركب جميعا ما عدا السائقين، ودخلنا بأسلحتنا إلى المدرعة وهز (م) رأسه هو ومحمود و(ق) وأنا دخلنا الواحد تلو الآخر إلى المصفحة الثانية كان بها عدد من رجال الأمن المركزى المسلحين جميعا بأسلحة أوتوماتيكية، وتحركت المصفحة الأولى وهى تفسح الطريق ونحن خلفها، كنا أنا و(م) و(ق) ننظر إلى رجال الأمن المركزى حولنا، نظرت إلى محمود، وكان يبدو هادئا ومستريحا قلت لقائد القوة: لى طلب. -قال: أؤمر يا سيدى. -سنذهب أولًا إلى المستشفى العسكرى بالمعادى. وظهرت الدهشة على وجه الضابط، كنت أريد أن يقوم طبيب آخر بفحص أحد رجالى الذى أصيب فى العرض. فقال: على الرحب والسعة، ولكن يجب الحصول على موافقة القيادة. مرة أخرى قام العقيد باستخدام جهاز الاتصال الخاص بالمصفحة وجاء الصوت اللا سلكى من الجانب الآخر واضحًا جدًا ولكن مهذب -الرفض التام- لم أكن أعرف بالطبع أنه فى ذلك الوقت كان جثمان الرئيس مسجيًّا، وفى حجرات أخرى يبذل الأطباء جهودًا لإنقاذ ثلاثة من المعتدين كانوا قد أصيبوا فى أثناء انسحابهم وتم القبض عليهم وإرسالهم إلى المستشفى، ولكن بالنسبة لى كان يهمنى أن أواصل، عن طريق العقيد الحوار مع القيادة كان علىّ أن أتأكد من أننى بين الأيدى الصحيحة. إن تلميح أو طريقة حديث العقيد أو مَن يتحدث إليه على الجانب الآخر قد يوضحان نحن بين أيدى من بعد، مداولة قصيرة اقترحت القيادة حلا وسطا. -فى البداية يذهبون إلى منزلى وبعد ذلك تأخذ المصفحة طريقها إلى المستشفى حاملة (ق) هناك سيكون فى انتظاره طبيب سيعالجه فورا، قلت: «أرغب بشدة فى أن يصاحبه أحد أفرادى إلى المستشفى وأن تعيده هذه المصفحة إلى منزلى بعد العلاج»، بعد حديث قصير بين العقيد والقيادة، رد على: «أمرك يا سيدى، كله جاهز». (لقد كان ذكاء هذا السفير من أجل أتباعه من رجال المخابرات، ومن أجل مَن يحكم مصر بعد رحيل السادات، صديقهم وقتها لذلك تمتلئ مذكراته بهذه التفاصيل الخطيرة التى كان يطيعها رجال الأمن والمخابرات المصريين للأسف، فى تلك الفترة الكئيبة من تاريخ مصر طاعة عمياء ومهينة جدا للشخصية المصرية) (الكاتب).

بعد أن وصل سفير دولة العدو إلى منزله وفقا لقوله: «تحدثت فى التليفون مع بعض الزملاء السفراء، وبين كل مكالمة وأخرى مكالمات من إسرائيل: أبناء الأسرة والأصدقاء والزملاء الذين سمعوا صوتى فى الراديو حيث سارعوا لتهنئتى، كانت أذن على السماعة وأخرى تستمع إلى الإذاعة المصرية» (طبعا كان يريد متابعة أوضاع الحكم والسلطة فى مصر فى هذه الأجواء المشحونة، خصوصا ملف العلاقات مع تل أبيب وانعكاس هذه الأحداث عليه، وهى أجواء كانت البلاد فيها منقسمة على نفسها، النظام وأتباعه ومعهم سفارة إسرائيل فى ناحية، وباقى مكونات الشعب المصرى على اتساعها فى ناحية أخرى». (الكاتب).

البرقية الفضيحة من (بيجن) إلى (السادات) متمنيًّا له الشفاء العاجل!

فى الخامسة إلا الربع تلقى إيلى لينادو، مسؤول الإعلام بالسفارة الإسرائيلية. يقول ساسون: «وصلت برقية من رئيس الوزراء مناحم بيجين، حيث طُلب منا أن ننقلها على وجه السرعة إلى الرئيس السادات وقد نقلتها فورا بالتليفون على الرئاسة.

سألت إيلى: كم استغرق رئيس الوزراء كتابة البرقية ومتى أبلغتها إلى الرئاسة؟. لقد صيغت البرقية فى الخامسة وأربعين دقيقة، أى منذ خمس دقائق.

وحسب طلبى تلى علىّ إيلى لينادو معنى البرقية التى بعثها رئيس الوزراء إلى الرئيس السادات «صديقى العزيز... علمت بصدمة عميقة بمحاولة إجرامية لاغتيالك، إن أخبارا وصلتنا أنك قد أصبت إصابات طفيفة وسرعان ما ستشفى.

إن صلاتنا العميقة تدعو إلى أن نستطيع مواصلة عملية السلام وأبلغ تعزيتى لأسرة سكرتيرك وأتمنى سرعة الشفاء لنائب الرئيس ووزير الدفاع وكل من أصيبوا، زوجتى تشاركنى مشاعر التضامن مع السيدة جيهان السادات والأبناء فى هذه الفترة العصيبة التى تمر بكم، سنكون فى غاية الامتنان لو استطعنا أن نعرف من حين لآخر تقدم الشفاء والصحة.. المخلص.. مناحم بيجن».

وواصل إيلى حديثه: «بعد أن أمليت على العميد الجندى (أحد مسؤولى أمن الرئاسة فى مصر) نص البرقية قال لى إن سكرتير الرئيس حى ولم يحدث شىء لنائب الرئيس أو لوزير الدفاع، وقلت للجندى من جانبى إننى أريد أن أضمن تمنيات الشفاء السريع للرئيس باسمك وباسم جميع العاملين بالسفارة الإسرائيلية بالقاهرة».

الجيش أهم لدى تل أبيب من باقى المؤسسات

يقول موشيه ساسون: «كان غريبا أن ضابط الرئاسة لم يقل كلمة عن الرئيس السادات، مع هذا تلقى برقية رئيس الوزراء يبدو أن التعليمات التى لديه فى هذا الوقت أن لا يتطرق أبدا لموضوع الرئيس، الراديو مفتوح والقاهرة لا تزال تذيع الأغنيات الوطنية، كان مهما أن أعرف حالة وزير الدفاع أبو غزالة الذى يسيطر على القوات المسلحة كان كلام العميد عنه وعن نائب الرئيس حسنى مبارك باعثا على الهدوء، ولكن علىّ أن أتأكد من هذا، فاتصلت بمكتب وزير الدفاع لم يكن بالمكتب، إلا أن سكرتيره الذى أعرفه جيدا، قال لى إنه رغم الجرح البسيط جدا فى يده فإن الوزير يعمل كالمعتاد ويسيطر تماما على القوات المسلحة. (لنتأمل كيف أن العدو عبر رجال سفارته لا يهتمون دائما سوى بمصلحتهم والتى فى مقدمتها وضع الجيش فى مصر وكيف أنه مهم جدا بالنسبة لهم، ولذلك سارع بالاتصال بمكتب أبو غزالة والغريب أنه كانت لدى السفير الإسرائيلى علاقات خاصة بمدير مكتبه، ترى كيف ومتى تمت؟ هل يحكى لنا أحد من المسؤولين الأحياء عن ذلك»! (الكاتب).

إعلان نبأ مصرع السادات

فى الساعة السابعة وخمسين دقيقة، أى بعد سبع ساعات وعشر دقائق من الأحداث الدرامية فى المنصة، ظهر نائب الرئيس حسنى مبارك من خلال رسالة بالإذاعة والتليفزيون ليعلن وفاة الرئيس السادات، لم يكن مبارك فى حالة طيبة، ما زال واقعا تحت وطأة الصدمة والأحداث، كان صوته هادئا ومع هذا كان ملحوظا فيه الألم العميق والحزن. كان الواضح أن الحمل الذى ألقى عليه فجأة أثر عليه، ولقد اكتشفت أنه وجه الكلمة من مبنى الإذاعة والتليفزيون مما يدل على أن وسائل السلطة فى يديه.

وأصبحت أمامى ليلة طويلة، وتم عقد اجتماع لكبار موظفى السفارة عندى فى المنزل، يقول ساسون، قمنا بتوزيع العمل: يجب إجراء اتصالات تليفونية مع زملاء وأصدقاء مصريين ومسؤولين كلما أمكن العثور عليهم أن نضع رقابة على الترتيبات الأمنية، الاستماع إلى كل المحطات والإذاعات فى العالم العربى من أجل معرفة ردود الأفعال الأولية، متى ستتم جنازة الرئيس؟ ما الوضع القانونى الآن؟ صوفى أبو طالب رئيس مجلس الأمة، القائم بأعمال الرئيس، هو صديق لى ومؤيد كبير للسلام.. وهكذا وصفه ساسون» «إن المؤرخ لعلاقات سفير إسرائيل بقيادات مصر يتوقف مليا أمام هذا الحجم الكبير من الصداقات التى ربطته بتلك الشخصيات والتى كان لا يهمها على ما يبدو سوى مصلحتها فقط ولا علاقة لها بالوطن (مصر) الذى تعاديه هذه الدولة الصهيونية» (الكاتب)، نائب الرئيس أخذ كل صلاحيات السيطرة على القوات المسلحة أنه يستكمل الطريق حيث إنه من أول بيان له جاء بكلمات تهدئة ووعد بشأن استكمال المسيرة.

ثم يقول ساسون فى جزء آخر من مذكراته: «فى اليوم التالى، (عشية عيد الغفران.. الاسم العبرى لانتصار أكتوبر العظيم»، قبل الصلاة، قال أحد زملاء العمل (لو عدت بتفكيرك ألم يكن من الأفضل عدم حضور العرض يا موشيه مثلما نصحك المعارضون فى إسرائيل) قلت له بالعربية (أعوذ بالله وماذا كانوا سيقولون عن إسرائيل لولا وجودى هناك؟). أجاب (صحيح، ولكن المخاطرة التى دخلتها كانت كبيرة جدا).

فى الساعة التاسعة ليلا، بعد ساعة وعشر دقائق من كلمة مبارك فى أجهزة الإعلام، حيث أعلن وفاة السادات، قام رئيس الوزراء مناحم بيجن بصياغة برقيته الثانية لمصر، وقد عنونها باسم السيدة جيهان السادات، جاء فيها: (بشديد الأسى، علينا أن نسلم بأن الآمال التى تمنيناها على مر الأيام، لم تتحقق فالرئيس، زوجك العظيم، قد فقد حياته بيد الاغتيال الغادر، لقد فقدت اليوم شريكا فى عملية السلام النبيلة، وفقدت صديقا شخصيا، إننى أنحنى أمام حزنك يا سيدتى، الذى لا يستطيع الإنسان أن يعبر عنه بالكلمات، تشاركنى عاليزا، وهى زوجة الإرهابى بيجن، فى عميق عزائنا لك وللأبناء ولكل أفراد الأسرة الحزينة، أعانك الله فى شدتك، مناحم بيجن).

وهذا هو حصاد الدم

تحت هذا العنوان يختم السفير الصهيونى شهاداته: «خمسة قتلى من بينهم الأسقف صمويل رئيس اللجنة القبطية والسكرتير الأول والفريق حسن علام والمهندس سمير حلمى وأجنبيان، وثلاثة وثمانون جريحا من بينهم سفير بلجيكا الذى أصيب إصابات شديدة وسفير كوبا، والسكرتير الأول بسفارة أستراليا، وشخص آخر من أصل صينى ورئيس الأركان المصرى والفريق عبد المنعم واصل، واللواء نزيه محمد على من الحرس الجمهورى (إصابات طفيفة).

أما القتلة الأربعة فهم: قائد العملية الملازم أول خالد الإسلامبولى ضابط بالجيش المصرى، والذى شارك لثالث مرة فى استعراض السادس من أكتوبر، والقناص حسين عباس الذى كان بطل الرماية فى مصر عام 1975 وهو الذى وجّه سلاحه من فوق اللورى، فأصاب الرئيس وقتله بأول طلقاته، وعطا طايل الذى ألقى بالقنبلة الأولى التى انفجرت بعيدا عن المنصة وعبد الحميد عبد السلام الذى أفرغ خزانة مدفعه مثل بقية زملائه إلى الاتجاه الذى كان فيه الرئيس راقدا على الأرض غارقا فى دمائه.. كلهم أعضاء خلية سرية إسلامية متطرفة غير ممثلة فى البرلمان» (يقصد طبعا جماعة الجهاد الإسلامى، أما حكاية البرلمان فتقريبا كل القوى الوطنية المصرية لم تكن ممثلة فى برلمان السادات بما فى ذلك الشيوعيون الوطنيون، لقد كان برلمانا مزورا ومصنوعا على عين السادات وسمى شعبيا يومها تهكما واتهاما ببرلمان كامب ديفيد» (الكاتب).

ثم يقول سفير دولة العدو: لقد اغتيل السادات بأيدى مجموعة متآمرين مصريين مسلمين من السنة المتعصبين، لأنه رفض أن تكون الشريعة هى أساس القانون فى الدولة رغم أن زعماء الجهاد قد رفضوا اتفاقية السلام مع إسرائيل وسوف يلغونها لو وصلوا إلى الحكم ذات يوم» (بالمناسبة هذا لم يحدث بعد أن وصل الإخوان وحلفاؤهم من الجماعة الإسلامية والجهاديين التكفيريين لحكم مصر، بل إن د.محمد مرسى كتب لرئيس دولة الكيان الصهيونى بيريز واصفا إياه بالصديق).

معاهدة الصلح مع العدو.. تقف خلف اغتيال السادات!

■ ثم يزعم سفير دولة العدو أن معاهدة السلام لم تكن السبب فى قتل السادات، ثم يستدرك فى دهاء وخبث يخالف الحقيقة التى يعلمها الرأى العام المصرى جيدا: «صحيح أنه خلال التحقيق معهم أضاف المتآمرون خلال أقوالهم كلاما ضد اليهود وإسرائيل وكلاما عن انضمام السادات لليهود والأمريكيين والوعود التى تتعارض مع الدين والتى تستوجب محاربتهم ولكنهم فعلوا ذلك بعد وقوع الحدث وبدون ارتباط بالخطوة التى أقدموا عليها، أما تلميحات بعض المصريين وأقوال آخرين «مثل نائب رئيس الولايات المتحدة السابق» بأن السادات قُتل لأنه وقع على اتفاقية سلام مع إسرائيل ليس فقط لا أساس له من الصحة، بل إنهم يشوهون الحقيقة ويضرون (وهذا هو الهدف الخفى للسفير ساسون) رغبة الزعماء العرب والمسلمين والمسيحيين الآخرين (الذين يتطلعون ويفكرون فى إمكانية إنهاء النزاع العربى الإسرائيلى بطرق سلمية».

■ هكذا يتصور سفير دولة العدو الأسبق وهكذا يحرف الحقيقة، ويخالف حتى شركاءه الأمريكان فى التحليل السياسى لحادثة مقتل السادات، والذى كان سلامهم الوهمى معه أحد أبرز أسباب اغتياله، حتى لو كان قاتلوه من أبناء حركة الجهاد الإسلامى، لم يذكروا ذلك، لقد كان المناخ العام الذى خلفته هذه المعاهدة الشاذة، والمعادية لأبسط مفاهيم الأمن القومى المصرى ولقيم العدل والقانون والحق فى صراعنا مع العدو التاريخى لمصر (قبل العرب) والتفريط الكبير الذى قام به السادات تجاه هذه القيم، رغم ترهات البعض هذه الأيام والتى يكادون يحولون السادات إلى نبى للسلام! لقد صاحب توقيع هذه المعاهدة مناخ من الخوف والاستبداد المرتبط بها لفرضها فرضا على شعب يكره هذا السفير ودولته ومن زرعهما فى فلسطين، كل هذا ساعد ولا شك على التعجيل باغتيال السادات، حتى لو كان (الإسلامبولى) ورفاقه لم يذكروا ذلك جيدا وبدقة إلا بعد اغتيال السادات فى أقل من 30 ثانية فى أسرع حادثة اغتيال فى التاريخ، لقد كانت دولة السفير (موشيه ساسون) صاحب هذه المذكرات، وتلك الشهادة الخطيرة، هى السبب غير المباشر فى إنهاء حياة السادات بهذا الشكل الدرامى، ولم تكن مصادفة أن تزين جميع أقفاص المتهمين باغتيال السادات (لافتات) كتبت بالدم تتضمن إعلانا واضحا أنهم قتلوه، لأنه فرط فى القدس وصالح العدو الصهيونى بأبخث الأثمان.

إن شهادة موشيه ساسون، ثانى سفير لدولة العدو الصهيونى فى مصر (1981 – 1988) لتؤكد أخيرا أنهم بقدر حزنهم على فقدان صديقهم الوفى (السادات) إلا أنهم اطمأنوا وفرحوا بخليفته الرئيس المخلوع مبارك، ثم بخليفته الأخير (محمد مرسى) لأنهم جميعا كانوا يحافظون على استمرار هذا العار المسمى باتفاقية كامب ديفيد أو معاهدة السلام، وببقاء وكر الجواسيس الحامى لها والمسمى بسفارة العدو الصهيونى، والتى كان إغلاقها أبرز مطالب ثوار يناير 2011 ومعها قنصليتان ومركز أكاديمى إسرائيلى!

إن إسرائيل، ختامًا، ووفقا لمذكرات سفيرها الأسبق (موشيه ساسون) لا صديق لها، مصلحتها فقط هى الصديق، فهل نفهم ذلك فى قابل الأيام أم أننا نحتاج إلى حادثة اغتيال أخرى لكى ندرك هذه الحقيقة المُرة؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.