يقال إن السيدة مشيرة خطاب، وزيرة الأسرة والسكان، أقنعت عدداً من المواطنين الغلابة المعاقين الذين يسكنون ويقيمون حالياً (مع باقي فئات الشعب) علي الرصيف المقابل للمجلس الذي يحمل اسم «الشعب» بالزور، أن يتبنوا اقتراح معاليها الداعي إلي قيام رئيس الجمهورية بتعيين «نائب معاق» يمثل زملاءه وأقرانه المنتمين لهذه الفئة ويحمل مطالبهم وهمومهم تحت قبة البرلمان !! ولا مشكلة في هذا الاقتراح سوي أنه يقوم في جوهره علي فكرتي «التعيين» و«الإعاقة» باعتبارهما أمراً مبتكراً ومستحدثاً، بينما الواقع أن الفكرتين موجودتان ومطبقتان بالفعل في حياتنا النيابية السوداء القائمة الآن، فالرئيس ومن ينوبون عن سيادته في حزب الست حكومته هم فعلاً الذين يختارون و«يعينون» الأغلبية الساحقة من الكائنات التي يرونها مؤهلة للنيابة وتبدو محتاجة أكثر من غيرها لاتخاذ مبني البرلمان وكراً تتمتع فيه بالتوقير والحصانة اللازمة لغل يد «النيابة» والبوليس عن ملاحقتها، كما أن «الإعاقة» العقلية والخُلقية والروحية فضلاً عن بلادة الإحساس وموت الضمير هي بدورها أقوي شروط ومؤهلات الفوز ب«التعيين» في وظيفة نائب عن الحكومة في مجلس شارع قصر العيني، وتمثل ميزة مُرَجحة عند تساوي فرص «المرشحين» بسبب التقارب والتشابه في حجم ووزن أوزارهم وطول صحائف أحوالهم الجنائية . ومع ذلك، لا مفر من الإقرار بأن اقتراح معالي وزيرة الأسرة والسكان يحمل في ثناياه وبين طياته شيئاً ربما يكون جديداً وإيجابياً حقاً، فأما هذا الشيء فهو لفت نظر صانع قرار «تعيين» نواب البرلمان إلي وجود إعاقات أخري حركية وبدنية تعاني منها فئة كبيرة من الشعب، ومن العدل تمثيلها ولو من باب التنوع والديكور عن طريق تطعيم القطيع العاجز والمصاب في عقله وروحه وأخلاقه بعدد من النواب ذوي الاحتياجات الخاصة. ولولا أنني واثق ومتأكد من استحالة إقناع الرئيس والحكومة باستبدال شرط «العاهة الأخلاقية» وشلل الضمير والإحساس بإعاقة الجسد والبدن فحسب، لكنت استأذنت معالي الوزيرة في تطوير اقتراحها بحيث يتم الإبقاء علي مبدأ ترييح الشعب من انتخاب نوابه وتولي المهمة كلها «نيابة» عن جنابه، ولكن مع إضافة أن يكون «تعيين» النواب جميعاً من المواطنين الغلابة المعاقين حركياً ونقل المقيمين منهم الآن علي رصيف المجلس الموقر إلي الإقامة داخله. غير أن تطوير اقتراح السيدة مشيرة وتعديله علي هذا النحو مستحيل طبعاً، وهو يماثل تماماً عشم الأستاذ إبليس وطمعه في دخول الجنة التي يحرسها الملاك رضوان، إلا أنني رغم ذلك لا أريد إهدار مناسبة أن وزيرة في حكومة سيادة الرئيس أعلنت ضمناً شعورها بخطأ احتكار نوع معين من المشوهين إنسانياً والمعوقين خُلقياً كل فرص الاستفادة من نظام «التعيين الانتخابي الحر» واحتلالهم أغلبية مقاعد البرلمان دون سواهم.. لهذا أدعو الجميع إلي اغتنام هذه المناسبة السعيدة والمطالبة بأن تجري عملية التعيين التشريعي المقبلة علي أساس شعار «خمسين في المائة نشالين وحرامية وخمسين في المائة معوقين بدنياً فقط»..