وزير الصحة: العزوف عن مهنة الطب عالميا.. وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط    محمود محيي الدين: الأوضاع غاية في التعاسة وزيادة تنافسية البلاد النامية هي الحل    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية    فرنسا: ندعم المحكمة الجنائية الدولية واستقلالها ومكافحة الإفلات من العقاب    «بلاش انت».. مدحت شلبي يسخر من موديست بسبب علي معلول    هل يرحل زيزو عن الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية؟ حسين لبيب يجيب    «بيتهان وهو بيبطل».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على انتقادات الجماهير ل شيكابالا    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    اعرف موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة المنيا    أحمد حلمي يغازل منى زكي برومانسية طريفة.. ماذا فعل؟    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    وزير الصحة: القطاع الخاص قادر على إدارة المنشآت الصحية بشكل اكثر كفاءة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    دونجا: سعيد باللقب الأول لي مع الزمالك.. وأتمنى تتويج الأهلي بدوري الأبطال    وزيرة التعاون الدولي تُشارك في فعاليات المؤتمر الإقليمي للطاقة من أجل المرأة    مندوب مصر بالأمم المتحدة: العملية العسكرية في رفح الفلسطينية مرفوضة    سائق توك توك ينهي حياة صاحب شركة بسبب حادث تصادم في الهرم    واشنطن: نرفض مساواة المحكمة الجنائية الدولية بين إسرائيل وحماس    خط ملاحى جديد بين ميناء الإسكندرية وإيطاليا.. تفاصيل    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    مصطفى أبوزيد: احتياطات مصر النقدية وصلت إلى أكثر 45 مليار دولار فى 2018    7 مسلسلات وفيلم حصيلة أعمال سمير غانم مع ابنتيه دنيا وايمي    الخميس آخر يوم فى الموجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تبشر المواطنين    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    اتحاد منتجي الدواجن: السوق محكمة والسعر يحدده العرض والطلب    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    الاحتلال يعتقل الأسيرة المحررة "ياسمين تيسير" من قرية الجلمة شمال جنين    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    إصابة شخصين في حريق شب بمزرعة بالفيوم    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    وزير الرياضة يهنئ منتخب مصر بتأهله إلي دور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    على باب الوزير    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    تكريم نيللي كريم ومدحت العدل وطه دسوقي من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلمي النمنم يكتب : الوحدة الوطنية ليست بالسرقة العلمية
نشر في الدستور الأصلي يوم 30 - 04 - 2010

تقرير اللجنة العلمية أكد أن قضية عصام عبدالله محض سرقة بامتياز وليست طائفية كما يروج مفارقة.. الدكتور حسن حنفي الأقرب للسلفيين تعاطف معه ومراد وهبة القبطي أكد واقعة السرقة مفاجأة.. الباحث القبطي «المضطهد» بسبب ديانته عمل مراسلاً لصحيفة «المسلمون» الممولة من التيار الوهابي
الوحدة الوطنية ليست بالسرقة العلمية
ذات صباح توجه العاملون بالمؤسسة إلي «شباك الصرف» لقبض رواتبهم، فأمهلهم الموظف عدة دقائق حتي يراجع بعض أوراقه، لكن الدقائق طالت وامتدت إلي أربعين، توتر الموظف وتصبب عرقاً، ومن جانبهم بدأ العاملون في الهمهمة وتناثرت كلمات كثيرة، تم علي إثرها وصول مدير الأمن والمدير المالي بالمؤسسة، وبدأت عملية مراجعة لما في الخزانة، وتبين أن عهدة الموظف بها نقص يقدر بمبلغ 17.500 جنيه، تم إثبات الواقعة، وكان لابد أن يتم إبلاغ النيابة العامة أو تحويل الملف علي الأقل للشئون القانونية، لكن ظهر بعض أدعياء الحكمة يطالبون بالتريث، فالموظف مسيحي وإذا تم تحويله إلي النيابة العامة ومن ثم فصله وربما سجنه، سوف يُفهم في جو الاحتقان الطائفي علي أنه اضطهاد لقبطي، في المقابل رأي أحد الشبان بالمؤسسة ضرورة إعمال القانون للنهاية، حفاظاً علي قواعد العمل، ومنعاً لتكرارها، لكن انتصر أدعياء الحكمة، وفرضت إتاوة علي العاملين بأن يتبرع كل منهم بمبلغ عشرة جنيهات لصالح زميلهم، وأمكن بذلك جمع حوالي 11 ألف جنيه، وفي النهاية تم تسوية الموضوع كله واكتفي بإقصاء ذلك الموظف عن موقعه ونقل بموقع آخر داخل المؤسسة نفسها ومازال بها حتي هذه اللحظة.
في الشهر التالي مباشرة، تكرر المشهد، ولكن بطريقة مختلفة، ففي شباك الصرف الذي يتولي صرف رواتب السادة الإداريين صاح الموظف: «من فضلكم لا توجد رواتب لديّ»، تصوروه يلقي بنكتة أو يمارس «هزاراً ثقيلاً»، لكنه كان جاداً تماماً، وأكمل بأعلي صوته «لدي 21 ألف جنيه نقص في العهدة»، فرد عليه أحدهم: يعني إيه؟، فقال بالحرف: «أنا حرامي وسرقتهم، تفضلوا وأبلغوا النيابة العامة ووزارة الداخلية وكل الجهات الرسمية»، وعلي الفور اندفع رئيس مجلس الإدارة ووقع قراراً بتحويله إلي النيابة العامة، وشرع في اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه موظف لديه يعترف بالسرقة، خرج ذلك الموظف إلي الممر الذي يسير فيه الجميع وتوجه إلي مكتب رئيس مجلس الإدارة وخلع قميصه وراح يصرخ في الرجل ويضرب المكتب بيديه: «هو علشان أنا مسلم أروح النيابة والسجن.. أروح أغير ديني يا كفرة يا...».. حدث لغط وهرج ومرج، وخرج صاحبنا من مكتب رئيس مجلس الإدارة متوجهاً إلي زاوية للصلاة بالمؤسسة وأخذ يصيح مردداً كلمات بالمعني نفسه، تدخل أدعياء الحكمة راجية رئيس المؤسسة التريث وهم سوف يقنعون «الولد» برد المبلغ، لكنه لم يرد مليماً، ومر الأمر بسلام ونقل هذا الموظف إلي إدارة الأمن بالمؤسسة.
هذه الواقعة جرت بالكامل سنة 1997 داخل مؤسسة مصرية عريقة، وطرفاها الأساسيان مازالا في موقعيهما داخل المؤسسة.
تذكرت هذه الواقعة وأنا أتابع اللغط الذي يدور داخل قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة عين شمس، لغط عنوانه «فساد أكاديمي وتهرؤ إداري وتراجع علمي».. والحكاية أنه وقع في يدي مؤخراً كتاب عن الفكر الشرقي القديم، ومكتوب علي غلافه أنه من تأليف د. جمال المرزوق الأستاذ المساعد بالقسم لكن الكتاب يقوم علي تصوير صفحات بأكملها من مرجعين قديمين، وعرضت الأمر في تقرير إخباري بمجلة «المصور»، وكان لابد أن أتابع أصداء ذلك النشر وما ترتب عليه، هل اتخذت الكلية ومن قبلها القسم أي إجراء تجاه ذلك الأستاذ المساعد؟ هل تحركت إدارة الجامعة؟ لكن لا شيء.. لا شيء بالمرة.. وقال لي أستاذ قديم بالقسم نفسه: إشمعني د. جمال وهل كان قد اتخذ شيء تجاه د. عصام عبدالله؟ وكنت أنا نفسي الذي نشر واقعة د. عصام عبدالله منذ أكثر من 6 أشهر ب«المصور»، ثم يتصاعد ويعود من جديد موضوع د. عصام، لكن هذه المرة يثار علي أنه مضطهد، ومنعت ترقيته لا لشيء إلا لأنه قبطي..!.
وهذا أمر مثير للدهشة، ذلك أنه في العموم هناك تجاهل للأقباط في المواقع القيادية بالجامعة، أقصد منصب رئيس الجامعة ونواب رئيس الجامعة، وكذا العمداء.. ولا أعرف بالضبط هل السبب في ذلك موقف طائفي أم أن عنصر «الشللية» يتحكم في الأمر..؟ لكن بإزاء هذا التجاهل للأقباط فإن الإدارة تنتقي قبطياً هنا وآخر هناك تدلله وتمنحه فوق ما يستحق وربما ما لا يستحق، لتنفي بذلك عن نفسها تهمة تجاهل الأقباط، أو ربما بإبراز من لا يستحق أو أكثر مما يستحق سيكون فيه رسالة ما، مفادها: «انظروا نحن نجاملهم!!» ومازلت أذكر جيداً حين واجه ترشيح أستاذي وصديقي الراحل د. يونان لبيب رزق لجائزة الدولة مشكلة، أن أثرت هذا الأمر وجاءني الرد سريعاً: لكننا رشحنا (....) وهو اسم لا يتمتع بإنجاز علمي حقيقي ويثير استياء المصريين عموماً، مسلمين وأقباطاً.
وأظن أن د. عصام عبدالله، أحد الذين جرت مجاملتهم في الجامعة، هو نال الليسانس والماجستير والدكتوراه من جامعة إقليمية، وعُين في سوهاج، ولم تجر العادة أن يعين بالجامعات الأم (القاهرة وعين شمس) تحديداً من تخرج في جامعة إقليمية، ولا ينتقل مدرس أو أستاذ من جامعة إقليمية إلي القاهرة أو عين شمس.. القانون لا يمنع لكن العرف والتقاليد الجامعية تحول، وأظن أن هذه القاعدة جري الخروج عليها في حالة د. عصام عبدالله، ومازال هناك في جامعة عين شمس من يعتبر تعيين أحد من جامعات الأقاليم بجامعتهم سقطة أكاديمية.
وتمت مجاملة د. عصام عبدالله، مرة أخري أثناء ترقيته إلي أستاذ مساعد، فقد تقدم ببحث رأت د. عطيات أبوالسعود الأستاذ بجامعة حلوان أنه «نقل» صفحات كاملة من كتاب لها دون إشارة.. كتابها حمل عنوان «الأمل واليوتوبيا في فلسفة أرنست بلوخ»، وهو في الأصل رسالتها للدكتوراه سنة 1994، والبحث الذي اعتمد عليه قيد بعنوان «اليوتوبيا وما بعد الحداثة».. وتقدمت د. عطيات بشكوي إلي لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلي للثقافة، وكان مقررها محمود أمين العالم، وتم التحقيق في الشكوي وثبتت صحة اتهام د. عطيات وأراد العالم تصعيد الأمر إلي المجلس الأعلي للجامعات، لكن تم الاكتفاء بإبلاغ عميد كلية الآداب آنذاك د. رأفت عبدالحميد، الذي أبلغ القسم لكن القسم اعتبر ذلك تدخلاً من المجلس الأعلي في أمور سيادية، ونشر زميلنا الراحل فتحي عامر الموضوع برمته في جريدة «العربي الناصري» عدد 2 أبريل 2000، بعنوان «الأمانة العلمية في مهب الريح.. دكتورة تتهم زميلها بالنقل الحرفي من أبحاثها..»، ولم يرد د. عصام علي اتهام د. عطيات حتي هذه اللحظة، رغم مرور أكثر من عشر سنوات.
ومؤخراً صارحتني د. عطيات أنه وصلها تهديد «مبطن» من أحد المقربين من عصام أنها إذا لم تتوقف، فسوف يتم إيذاؤها في حياتها الشخصية.. ونحن في مجتمع ذكوري يسهل عليه إيذاء المرأة وامتهانها.
وجاءت واقعة الأستاذية وتقدم د. عصام للترقية، وقام بتحكيم الأبحاث ثلاثة من الأساتذة هم د. مراد وهبة ود. قدرية إسماعيل ود. حسن حنفي، وقد انتهوا جميعاً إلي أن «د. عصام» نقل من أبحاث ودراسات أخري، دون أن يوثق ذلك، أي يشير إلي المصادر في الهامش، وقد اعتبرت د. قدرية ذلك مساساً بالأمانة العلمية أو سرقة، وبالمعني الدارج في الامتحانات غش والطالب الغشاش ينال صفراً، لكن التقرير الخطير فعلاً هو ما قدمه د. مراد وهبة، فهو بخبرته الفكرية العميقة توصل إلي أن الباحث ينقل دون تصرف، أي ينقل حرفياً، وفي بعض الحالات يقوم بالتصرف فيأتي المعني مناقضاً للمعني الأصلي، وهذا يعني عدم دراية بالنصوص التي يتم النقل عنها، ولن أستفيض في ذلك، أما د. حسن حنفي، فقد اتفق هو الآخر أن الباحث نقل عن آخرين ولم يقم بالتوثيق، لكنه لا يعتبر ذلك سرقة علمية.. وهذه قضية علمية تحتاج مناقشة بالفعل، هل يمكن لباحث أن ينقل فقرات بأكملها دون الإشارة إلي المصدر الذي نقل عنه، ولا غضاضة علمية في ذلك..؟!.. أياً كان الأمر فقد انتهت اللجنة العلمية إلي عدم أحقية د. عصام في الترقية.. وكان لابد لرئيس الجامعة أن يعتمد التقرير النهائي وقرار اللجنة العلمية، وقد تأخر اعتماد رئيس الجامعة فانطلقت الشائعات وقتها أن رئيس الجامعة لن يعتمد القرار لأنه أي رئيس الجامعة هو ود. عصام زميلان في عضوية الحزب الوطني.. ولا أدري هل تجمعهما تلك الزمالة..؟ وعموماً فإن عضوية الحزب لا تحمي دائماً صاحبها إن ارتكب خطأ.. ولنتذكر الكثير من الوقائع آخرها واقعة نائب القمار، لكن في النهاية اعتمد رئيس الجامعة وقتها د. أحمد زكي بدر، قراراً للجنة العلمية وأحال د. عصام إلي التحقيق أمام وكيل كلية الحقوق، والإحالة للتحقيق ليست للترقية أو عدم الترقية، فتلك قضية حُسمت، لكن التحقيق في مثل هذه الحالة يكون لتحديد هل يعد عدم الترقية كافياً أم أن السرقة العلمية تستحق عقاباً أكبر؟، وهو الإحالة إلي مجلس التأديب، وهناك سوابق عديدة كذلك في جامعة الإسكندرية تقدم أستاذ مساعد في قسم اللغة العربية بكلية التربية للترقية، وتبين أنه نقل دون أن يوثق أو سرق، فحجبت الترقية وأحيل إلي مجلس تأديب، فقرر فصله من الجامعة تأسياً علي أن السرقة بحد ذاتها جريمة مخالفة للشرف، وهناك رئيس قسم بإحدي كليات جامعة عين شمس أحيل الصيف الماضي إلي محكمة الجنايات لأنه تستر علي جريمة سرقة علمية وتزوير في رسالة جامعية.
المشكلة أن التحقيق تباطأ داخل الجامعة، ولم تعلن نتيجته، في الوقت نفسه كانت د. نشوي محرم المدرس بقسم الفلسفة وذكرت د. قدرية إسماعيل أن رسالتها للدكتوراه من بين الأعمال العلمية التي نقل عنها ولم يوثق د. عصام، تقدمت بشكوي إلي رئيس الجامعة ترجوه اتخاذ اللازم تجاه ما تعرضت له، ولم يتم تحريك شكواها.. وبعد مرور شهور اتصلت بمسئول داخل الجامعة استفسر عن موقف عصام من التحقيق وموقف شكوي نشوي، فقال بالحرف: «نعمل إيه د. عصام مالي الدنيا كلام إن إحنا مضطهدينه علشان هو قبطي».. وقلت له: «إن ذلك أدعي للتعجيل بإنهاء التحقيق وإثبات شكوي د. نشوي، وفي القانون متسع للجميع.. وأتصور أن خبرة الجامعة بالسرقات العلمية تقوم علي أنه إذا اكتشفت الأمر تتم معاقبة السارق بالحد الأدني للسرقة وهو وقف الترقية، ذلك أن الكهنوت الجامعي يري أن إخراج أي أمر يتعلق بالجامعة ولو إلي القضاء يعد تشهيراً أو إساءة لسمعة الجامعة».
ما يعنيني أكثر هنا هو شكوي د. نشوي، ذلك أن بعض الأساتذة يتصورون أن الجهد العلمي لتلاميذهم وتلميذاتهم مباح لهم، يسطون عليه ويأخذونه في دراسات ينسبونها إلي أنفسهم، وليس من حق التلميذ أن يحتج أو يغضب، بل إن بعضهم يعد ذلك تكريماً للتلميذ، لذا فإن إعلان التلميذ للشكوي أو القول إن أستاذه نقل عنه هو نوع من سوء الأدب والجحود ، ولذا مازلت أتمني علي رئيس جامعة عين شمس أن ينظر في شكوي د. نشوي.
وهناك عدة تساؤلات وملاحظات في اللغط الدائر حول موضوع د. عصام عبدالله الآن.. أوجزها علي النحو التالي:
أولاً: يركز المتعاطفون مع د. عصام علي تقرير د. قدرية ويتجاهلون تقرير د. مراد وهبة، رغم أن تقرير الأخير أقسي علي عصام من الناحية العلمية والأكاديمية.. تري هل لأن الإشارة إلي تقرير د. مراد يمكن أن يسقط نهائياً ذريعة أنه مضطهد لكونه قبطي؟ دكتور مراد علماني وهو قبل ذلك مسيحي وبالمعني الأول لن يقدم الانتماء الديني أو الطائفي علي الانتماء العقلاني والعلمي، وبالمعني الثاني لن يضطهد مسيحياً.
ثانياً: هل التركيز علي د. قدرية وحدها، وكذلك د. نشوي وحدها، من بين الآخرين، هو استمرار للنظرة الذكورية التي تحقر من شأن المرأة، وتري أنه ليس لها أن تحكم علي الذكر أو تقول رأياً فيه، فضلاً عن أن تتهمه في أمانته العلمية وأخلاقه الأكاديمية، فإذا تجاسرت وأدلت برأي أو شكت يتم إشهار الأسلحة الذكورية التقليدية في مواجهتها، ولنتذكر واقعة د. عطيات سنة 2000 مع د. عصام، وللتذكرة فقد اتهم د. حسام نايل بجامعة حلوان، د. عصام عبدالله أنه أخذ من كتابه الذي ترجمه «صور دريدا» ووضع اسمه عليه، ومازال د. حسام يردد ذلك، ولم يتفوه د. عصام برد.
ثالثاً: لماذا صمت د. عصام ثم خرج إلي العلن وعن السياق الأكاديمي بعد أكثر من 6 أشهر علي الواقعة، لماذا لم يلجأ مباشرة إلي القضاء الإداري من يومها، خاصة أن اللجان العلمية لا يجوز الطعن علي عملها قضائياً بعد مرور فترة معينة، هل انتظر خروج د. أحمد بدر من الجامعة ومجيء رئيس جديد؟، وكما هي العادة يكون الرئيس الجديد علي استعداد لتجريح سلفه أو تجريف ما قام به؟ أم أن الظروف التي تمر بها الدولة من استعداد للانتخابات، تكون فيها الدولة أكثر ميلاً للمهادنة وتحقيق بعض الرغبات و....
رابعاً: أبدي د. حسن حنفي تعاطفاً مع د. عصام، وهو أي د. حنفي في نظر فريق من المفكرين مثل د. مراد وهبة ود. جابر عصفور، ينتمي إلي الظلاميين وبلغة مخففة هو أقرب إلي السلفيين، وتعاطفه هذا ينفي أن تكون أزمة عصام طائفية، هي أزمة علمية بامتياز، ويجب التعامل معها علمياً وأكاديمياً وليس طائفياً.
خامساً: من خبرتي بمثل هذه الحالات أن من يتهم بالسرقة العلمية لا يعترف أبداً بما ارتكبه ولا يقر أنه نقل من الآخرين بلا توثيق. ذات مرة وقف أستاذ مساعد متهم بالسرقة أمام مجلس التأديب ليقول لهم إن القضية تم ترتيبها له لأنه ناصري، رغم أنه كان قد سرق كتاباً بأكمله من أستاذ الأدب العربي بجامعة «تل أبيب»، وآخر في جامعة طنطا ادعي أنه ينكل به لأنه وفدي.. وثالثاً ورابعاً قالوا إنهم منعوا من الترقية لأنهم إسلاميون.. وجديد د. عصام أنه يدخل «التأقبط» سراً لعدم ترقيته.
سادساً: لو صح أن هناك اضطهاداً للأقباط فلن يمارس ذلك مع د. عصام عبدالله، فهو في بداية حياته كان يراسل من القاهرة جريدة «المسلمون» التي كانت تصدرها من لندن مؤسسة الشرق الأوسط السعودية، وكانت جريدة تقوم علي نشر الفكر الوهابي السلفي، وكان المسلمون المستنيرون يرفضون العمل بها أو الكتابة لها، أقصد أن د. عصام يمكن أن يكون أقرب إلي المتأسلمين.
انتقدت من قبل عدم وجود رئيس جامعة قبطي وطالبت من قبل بضرورة تأسيس معهد أو مركز أبحاث للدراسات القبطية بالجامعة، ومركزاً مدنياً يدرس مرحلة مهمة في تاريخ مصر الثقافي والحضاري.. لكن بالدرجة نفسها يجب التصدي للتأقبط داخل الجامعة.. التأسلم خطر وكارثة علي الجامعة، وكذلك التأقبط.. فالجامعة، كما قال سعد زغلول يوماً: «دينها العلم».. العلم فقط، وليذهب المتأسلمون والمتأقبطون خارج الجامعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.