صورة مما كتبه الدكتور مراد وهبة حول أبحاث عصام عبد الله هذه قضية فساد. بدلا من يتم وضعها في نصابها القانوني وتناقش داخل الجامعة مكانها المناسب، استغلتها اطراف لتتحول إلي قضية " اضطهاد ديني". وبدلا من تتحول القضية إلي قضية »سرقة علمية«تحولت إلي قضية »دينية« ..طائفية! وبدلا من أن يعترف الأستاذ بما جاء في التقارير العلمية .. استغل البعض كونه قبطيا ، وتم تصوير الأمر وكأن هناك مؤامرة تحاك ضده حتي لا يصل إلي رئاسة قسم الفلسفة في كلية الآداب! أي أننا امام قضية شخصية قد تتسبب في إشعال النار في وطن بأكمله ، وبدلا من أن يتم وضع القضية في إطارها المناسب وضعت القضية في إطار " الفتنة" بين أبناء الوطن التي تناضل قطاعات بأكملها من المصريين من أجل دفنها! أطراف القضية عديدون. الطرف الأول هو الدكتور عصام عبد الله إسكندر الأستاذ المساعد بقسم الفلسفة جامعة عين شمس. الطرف الثاني : عشرات الباحثين (أحياء واموات) .. أخذ الدكتور عصام من أبحاثهم مقاطع كاملة ونسبها إلي نفسه! الطرف الثالث أوراق القضية ...والتقارير العلمية الخاصة بها. ولكن ماذا تقول التقارير العلمية؟ في أكتوبر 2007 تقدم الدكتور عصام عبدالله بسبعة أبحاث للترقي إلي درجة أستاذ في الفلسفة، خمسة أساسية واثنين احتياطيين، وهي : العقيدة المجردة في الفكر الغربي الحديث، المقومات الفلسفية للتسامح الثقافي، جاك دريدا: ثورة الإختلاف والتفكيك، تجليات العنف في الفكر المعاصر، اجتياز المناهجية: بسراب نيكولسكو نموذجا، "تجليات الآخر في فلسفة ما بعد الحداثة .. ليفيناس نموذجا" ، وأخيرا "العولمة وتآكل المفهوم التقليدي للدولة القومية". في يناير 2008 قامت لجنة التحكيم المنبثقة من اللجنة العلمية التي ضمت الدكتور حسن حنفي. الدكتور مراد وهبة، والدكتورة قدرية إسماعيل بمناقشة الأبحاث. وخلصت إلي أنها أبحاث ضعيفة لا يستحق صاحبها الترقية.. وقد اكتشفت الدكتورة قدرية أن الدكتور عصام قد قام بالنقل الحرفي من 14 مصدرا ومرجعا بدون إشارة. أعادت الكلية نتيجة الفحص إلي لجنة الترقيات طالبة منها إعادة التحقق فيما نسب إلي د. عصام من سرقات، وهو إجراء غير مألوف في مسيرة العمل بلجان الترقيات. قامت لجنة الترقيات بتوزيع كل المستندات والوثائق علي أعضائها فأكدت الدكتورة قدرية واقعة السرقة، كما قدم الدكتور مراد وهبة تقريرا أكد فيه أن "الوثائق كلها منقولة بدون تصرف وحتي في حالة التصرف الضيق فالتصرف يأتي مضادا للنص الأصلي، وكل هذا النقل يتم دون أيه إشارة إلي المصدر ، الأمر الذي تنتفي فيه الأمانة العلمية التي هي سمة أساسية للأستاذ". وأكد وهبة أن اللجنة قد خاطبت عميد الكلية بتقريرها القاضي بأنه لا يرقي إلي درجة أستاذ وأن "تقارير الفاحصين اعتبرت انتاجه متضمنا سرقات علمية مما يتنافي مع الأمانة العلمية", وقد وقعت اللجنة العلمية بكامل أعضائها الثمانية علي هذا التقرير، بما فيهم الدكتور حسن حنفي! ولكن الدكتور حسن حنفي عاد وأرسل رسالة إلي عميد الكلية- قال فيها أن الأمر لا يرقي للسرقة ولكن "مجرد سوء استخدام في التوثيق"! شكل رئيس الجامعة لجنة جديدة من ثلاثة أساتذة: محمد مهران، رمضان بسطاويسي، سامية عبد الرحمن للتأكد من صحة تقرير اللجنة العلمية، فانتهت اللجنة إلي تأييد قرار اللجنة الأولي. بمراجعة الأبحاث التي تقدم بها الدكتور عصام تبين أنه قام بسرقة فقرات مطولة من كتب الدكتور زكريا إبراهيم بدون اشارة، بل وسرق من كتاب الدكتور مراد وهبة " ملاك الحقيقة المطلقة"، وكذلك من كتاب "صور دريدا..مقالات في التفكيك" الذي ترجمه حسام نايل. المفاجأة أيضا قيامه بالسرقة من تلميذته نشوي صلاح الدين التي أشرف علي رسالتها للدكتورة تحت عنوان "كانطية ما بعد الحداثة عند ليوتار" ونقل فقرات وصفحات كاملة من رسالتها في بحثه "تجليات الآخر في فلسفة ما بعد الحداثة". عندما قارنت الدكتورة نشوي البحث والرسالة تقدمت إلي الجامعة بشكوي ضد الأستاذ أكدت فيها "قيام الدكتور المذكور بالنقل حرفيا وبدون توثيق ومستخدما مراجعي الأجنبية" ... ورصدت نقل عشر صفحات بأكملها مع الإشارة إلي رسالتها في هامش واحد فقط! المفارقة أن الدكتور عصام ترك ال" 13" باحثا الذين اقتبس من ابحاثهم.. واعتبر أن (القرار الوزاري رقم 2031 بتاريخ 1 أكتوبر 2004 ، بشأن قواعد تشكيل والإجراءات المنظمة لسير العمل باللجان العلمية الدائمة أتاحت المادة 16 من القرار أحقية المشرف ان يتقدم ببحوث مستخلصة من الرسائل التي يشرف عليها، اشترط القرار أن يكون إشرافه استمر لأكثر من نصف مدة البحث داخل البلاد ، وهو ما ينطبق قانونا علي الدكتور عصام في إشرافه علي رسالة الدكتورة نشوي) ... الدكتور ينسي هنا أن القرار يتكلم عن بحوث مستخلصة من الرسائل، لا منقولة منها. بعبارة أخري يتيح له الاستفادة من "نتائج الدراسة" التي توصل إليها تلميذه لا أن ينقل نقلا حرفيا فقرات وصفحات كاملة بدون إشارة، أو حتي بإشارة! كما أنه لا ينطبق بالتأكيد علي 13 بحثا وكتابا آخرين "استفاد" بهذه الطريقة منها! المدهش أنه لم تتم معاقبة الباحث علي جريمته الواضحة ..بل تم في نفس الفترة" اختياره لتولي منصب إداري بالجامعة كمدير مركز الحضارات والدراسات المستقبلية"! وإحكاما للأمر..تم ادعاء أن الدكتورة نشوي تمُت بصلة قرابة للدكتور عبد الأحد جمال الدين ومن هنا جاء تعاطف رئيس الجامعة معها ضد أستاذها! كان يمكن أن ينتهي الأمر عند هذا الحد، فالقضية قضية سرقة علمية... واضحة ، قد تحدث كل يوم، وقد تمر أيضا بدون عقاب.. كما أن هذه ليست المرة الأولي التي يتهم فيها الدكتور عصام بالسرقة العلمية فقد واجه التهمة ذاتها عام 2000. عندما اتهمته الدكتورة عطيات أبو السعود مدرس الفلسفة بكلية الآداب جامعة حلوان بنقل فقرات كاملة من كتابها "الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ" الذي صدر عام 1997 ووضعها في دراسة له عنوانها " اليوتوبيا وما بعد الحداثة" الذي نشرته مجلة آفاق فكرية".. أي أن ما قام به عصام ليس جديدا عليه! الجديد هو استغلال "الدين".. فعندما لم يجد الدكتور عصام استجابة.. اعتبر أن الأمر مؤامرة لحرمانه من رئاسة قسم الفلسفة بالجامعة لكونه قبطيا. وللأسف استجابت يوم الثلاثاء الماضي بعض المنظمات القبطية في اوروبا والتي أصدرت بيانا ... تدين فيه اختلاق "وقائع غير صحيحة للطعن في قيمته العلمية وللنيل من سيرته الشخصية وإبعادة عن رئاسة القسم". وطالب البيان بمحاكمة الدكتور عبد الأحد جمال الدين باعتباره خالا "متخيلا" أو "منتحلا" للدكتورة نشوي التي قدمت الشكوي ضد الدكتور عصام! العجيب أن البيان طالب بإحالة القضية إلي النائب العام... وهو مطلب يؤيده الجميع بحثا عن الحقيقة الواضحة إذ أن الدكتورة نشوي تبدي اندهاشها في رد نُشر علي موقع "مصريون ضد التمييز الديني- مارد": "لم أتصور أن يرتبط اسمي بقضية بصدد الأقباط إلا في إطار الدفاع عن حقوقهم المشروعة.. الحكاية مدهشة بالفعل لأنها ليست قضية اضطهاد ديني... كما أراد الدكتور أن يجعلها. إذ أن هناك عشرات بل مئات من قضايا الاضطهاد التي تستحق التوقف أمامها ومواجهتها بحسم. وربما تستحق أيضا أن يصدر اتحاد المنظمات القبطية البيانات بشأنها.. بل سيوقع ويؤيد هذه البيانات كل من يريد لهذا الوطن أن يستمر بغض النظر عن ديانته! رحمة يا سادة بالقضايا الجادة فلا يمكن أن يكون كل شيء قابلا لأن يستغل لتحقيق مصالح شخصية، ليتها كانت مشروعة.. عزيزي الأستاذ القبطي، الرحمة بأقباط مصر" هكذا تصرخ الدكتورة نشوي.... ونحن معها! حاولنا الحصول علي رد الدكتور عصام عبد الله علي التقارير الجامعية التي بحوزتنا ولكنه رفض الحديث لأخبار الأدب " حتي يقول القانون كلمته" صمت الدكتور عصام يطرح سؤالاً هاماً: هل يؤيد البيانات التي تري أن القضية لها أبعاد طائفية؟!