سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 6 يوليو 2025    في جولة ميدانية بمركز شباب منفلوط.. محافظ أسيوط يوجه بسرعة استكمال المشروعات وتفعيل دور المؤسسات الشبابية    وزير الري يتابع موقف مشروعات حماية الشواطئ المصرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط    تخصيص 316 قطعة أرض لمن تم توفيق أوضاعهم بمنطقة الرابية في الشروق    الكابينيت الإسرائيلي يقرر تخصيص مناطق لتوزيع المساعدات جنوب غزة    البث الإسرائيلية: نتنياهو وجه بالاستمرار في دفع سكان غزة للجنوب وفصلهم عن حماس    موسيالا قد يخضع لجراحة في أمريكا للاشتباه بكسر في الساق    في الذكرى الأولى لرحيله| أحمد رفعت.. سقوط وعودة للحياة وموت مفاجئ    كهرباء الإسماعيلية يضم أوناجم لاعب الزمالك السابق    تداول أسئلة وإجابات امتحان الرياضة البحتة على صفحات الغش بعد ساعة من بدء اللجان    عذبه بالضرب المبرح 3 أيام.. مصرع طفل علي يد والده في الفيوم    السيطرة على حريق بمنزلين عشوائيين في طوخ دون خسائر بشرية    تعرف على إيرادات أمس لفيلم "أحمد وأحمد"    من البحيرة إلى الجيزة.. مهرجان دمنهور للكاريكاتير يقدم الفن كأداة تمكين نسوي‬    الصحة تنظم برنامجا تدريبيا متقدما في أساسيات الجراحة لتعزيز كفاءة الأطباء الشباب    اللواء محمد إبراهيم الدويرى ل"صوت الأمة": الحرب الإسرائيلية الإيرانية كانت مواجهة عسكرية حتمية.. والقضية الفلسطينية الضحية الأولى    حملات مرورية على الطرق السريعة لرصد المخالفات بالقاهرة والجيزة    رغم تلقي اللاعب العديد من العروض .. الأهلى يرفض ضغوط وسام أبو علي للتراجع عن دفع 10 ملايين دولار للرحيل    اختبارات القدرات 2025 .. اعرف مكان اختبارات كليات الفنون الجميلة حسب محافظتك    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة بداية الأسبوع    روسيا: الحوار مع واشنطن جار ولا موعد جديدا للمحادثات.. بايدن وأوباما دمرا علاقات البلدين    السلطات الأمريكية: ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في تكساس إلى 50 قتيلا على الأقل    مصرع وإصابة 20 شخص في تصادم مروع على الطريق الإقليمي بالمنوفية    وداع مهيب.. المئات يشيعون جثمان سائق «الإقليمي» عبده عبد الجليل    مدارس النيل تُعلن انطلاق مهرجان مدرسي العام المقبل.. صور    خمسة لصحة عقلك| كيف تكتشف حقيقة الشائعات في 10 خطوات؟    عمرو الدجوي ينعى شقيقه الراحل بكلمات مؤثرة    دعاء الفجر | اللهم ارزقني سعادة لا شقاء بعدها    برلماني أوكراني: واشنطن لن تدعم زيلينسكي في حالة اندلاع اضطرابات شعبية    إصابة 14 شخصًا في حادث انقلاب ميكروباص بالدقهلية    كيف حمت مصر المواطن من ضرر سد النهضة ؟ خبير يكشف    اللجنة القانونية ب"العدل": استكمال أوراق مرشحينا بالقاهرة.. وتقديمها خلال يومين    بالدش البارد ورمي الأدوية.. السقا يكشف تفاصيل تعديل سلوك أحمد فهمي لإنقاذ فيلمهما الجديد    "هاتوا استشاري يشوف الطريق".. عمرو أديب يرد على مقترح وزير النقل    طارق الشناوي يشيد بمخرج مسلسل "فات الميعاد": نجاح يعيده إلى بؤرة الخريطة    ماسك يُغيّر موقفه من ترامب و يُحذر: العجز الأمريكي يهدد بإفلاس وشيك    "زيزو كان بيمثل قبل القمة".. مصطفى يونس يكشف كواليس مثيرة عن توقعيه للأهلى    حدث منتصف الليل| 300 ألف جنيه لأسرة كل متوفى بحادث الإقليمي.. وإرجاء إضراب المحامين    يتم تحديده فيما بعد.. «المحامين»: إرجاء تنفيذ الإضراب العام لموعد لاحق    ياسر ريان: نجلى من أفضل المهاجمين.. مصطفى شلبي يشبه بن شرقي    إبراهيم صلاح: شيكابالا خرج من الباب الكبير    «فخور بك.. والرحلة لم تنتهي بعد».. رسالة فينجاد ل شيكابالا بعد اعتزاله    بعد ظهوره العائلي.. طارق الشناوي: الزعيم لا يزال في قلب الجمهور    «وصمة عار».. مصطفى يونس يهاجم «الدراع اليمين في الأهلي» ويكشف تفاصيل مفاجئة    صدق أو لا تصدق.. ميسي يُهدي هدفا لمنافسه بتمريرة كارثية "فيديو"    متى تعلن نتائج التعليم الفني 2025 الدور الأول بالاسم ورقم الجلوس؟.. آخر المستجدات والرابط الرسمي    آل البيت أهل الشرف والمكانة    في عطلة الصاغة.. سعر الذهب وعيار 21 اليوم الأحد 6 يوليو 2025    ابتعد عنها في الطقس الحار.. 5 مشروبات باردة ترفع الكوليسترول وتضر القلب    مهمة لتفادي الأمراض.. الطريقة الصحيحة لتنظيف الفواكه والخضروات من الجراثيم والمبيدات    "أنا بغلط... وبأندم... وبرجع أكرر! أعمل إيه؟"    محافظ الغربية يعقد اجتماعًا عاجلًا لتيسير إجراءات الكشف الطبي للطلاب الجدد    قبل مناقشته غدًا.. تعرف على الجهات التي يسري عليها قانون تنظيم المهن الطبية    4 أبراج «قوتهم في هدوئهم»: شخصياتهم قيادية يفهمون طبائع البشر وكلامهم قليل    يُكفر ذنوب سنة كاملة.. ياسمين الحصري تكشف فضل صيام يوم عاشوراء (فيديو)    «أفريكسيم بنك» يدعم شركات المقاولات المصرية لاقتناص مشروعات ب 6 مليارات دولار    مسيرة حافلة بالعطاء تدفع 8 سيدات لاقتناص جائزة «الإنجاز مدى الحياة» في نسختها الأولى    فيتامين الجمال، 10 مصادر طبيعية للبيوتين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيسي: أمريكا ساندت أنظمة ديكتاتورية للحفاظ على مصالحها فى المنطقة

فى عام 2006، كتب العميد (آنذاك) عبد الفتاح السيسى، فى أثناء بعثة تدريبية فى كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكى، ورقة بحثية هامة . الورقة التى تقع فى 13 صفحة تعد بمثابة دليل إرشادى مختصر إلى كل من يسعى للوصول إلى لمحة من فكر الجنرال الذى سيصبح بعد بضع سنوات حديث العالم وبطلا قوميًّا فى بلاده بعد أن نجح فى أن يعيد إلى قواتها المسلحة رونقها، ويجدد ثقة الشعب بها، بانحيازها إلى إرادة ملايين المصريين فى الثالث من يوليو 2013، وإسدال الستار على حكم جماعة الإخوان المسلمين الاستبدادى. وإلى جانب شخصية مؤلفها، الذى يقود الآن واحدًا من أقوى وأعرق جيوش الشرق الأوسط، فإن الورقة البحثية التى تضعها «التحرير» بين يدى قارئها العزيز، تكتسب أهميتها الكبيرة من موضوع البحث، وهو بعنوان «مستقبل الديمقراطية فى الشرق الأوسط». وفى وقت تموج فيه المنطقة بتغييرات سياسية واجتماعية هائلة فى أعقاب احتجاجات ما عرف ب«الربيع العربى» تقدم هذه الورقة إضاءات حول أفكار القائد العام للقوات المسلحة حول الديمقراطية وفرص نجاحها فى منطقة بمثل هذا الكم الهائل من التحديات والتعقيدات السياسية والدينية والاجتماعية، وكذلك الدور الذى يتصور أن تلعبه القوات المسلحة فى ظل نظام حكم ديمقراطى، فضلا عن رؤيته لتعامل القوى الغربية خصوصًا الولايات المتحدة مع عمليات الانتقال إلى الديمقراطية فى المنطقة. وربما تجدر الإشارة إلى جرأة الطرح بالنظر إلى حساسية الموضوع الشديدة وتوقيته فقد صدر فى وقت كان نظام الرئيس السابق حسنى مبارك فى أوج قوته. وكل ما سبق ربما يسهم برسم صورة أكثر وضوحًا لجانب غير مطروق من الشخصية الأكثر نفوذًا فى أكبر بلد عربى.

لا يمكن فهم الديمقراطية فى الشرق الأوسط بعيدًا عن فهم فكرة الخلافة

تتناول هذه الورقة تأثير عملية الدمقرطة فى الشرق الأوسط. وسوف تقيم الظروف الاستراتيجية والسياسية الحالية فى الشرق الأوسط وتسلط الضوء على التحديات والميزات لشكل ديمقراطى من الحكم. ستتضمن المجالات التى تم تناولها: المفاهيم المختلفة بين الثقافات الشرق أوسطية والغربية، وتأثيرات الفقر وعدم كفاية التعليم، والدين وغياب الرؤية الاستراتيجية، والطبيعة السيكولوجية للشعوب والحكومات، والمخاطر الكامنة للديمقراطيات الجديدة. سوف تختم هذه الورقة بتناول مستقبل الديمقراطية فى الشرق الأوسط.

يعتبر الشرق الأوسط أحد أهم مناطق العالم. الشرق الأوسط هو مهد الديانات الثلاث الكبرى، بما فيها الإسلام والمسيحية واليهودية. وتأثير الثقافة الدينية للبيئة واضح فى ثقافة شعوب الشرق الأوسط، وهو واحد من العوامل المهمة التى تؤثر فى سياسات المنطقة. وبسبب طبيعة الثقافة الشرق أوسطية، لا بد للمرء أن يأخذ بعين الاعتبار الطبيعة المتدينة للشعوب عند إجراء المفاوضات الدبلوماسية ووضع السياسات. ومن منظور اقتصادى، يتمتع الشرق الأوسط باحتياطيات ضخمة من النفط والغاز الطبيعى التى توفر الكثير من احتياجات العالم من الطاقة. وبسبب هذا، فإن القوى العظمى العالمية تواصل التركيز على المنطقة وتحاول التأثير والهيمنة عليها للحفاظ على متطلباتهم من الطاقة اللازمة لحيوية الاقتصاد فى بلادهم. ونتيجة لهذا فإن الشرق الأوسط واقع تحت ضغوط مستمرة لإرضاء أجندات العديد من الدول التى ربما لا تتوافق مع احتياجات أو رغبات شعوب الشرق الأوسط. وفضلًا عن هذا، فإنه على الصعيد الجغرافى، ومن منظور عالمى، يعد الشرق الأوسط منطقة استراتيجية بسبب قناة السويس ومضايق هرمز وباب المندب. هذه كلها طرق ملاحية وحيوية لأى اعتبارات عسكرية. وقد اجتمعت الطبيعة الاستراتيجية للمنطقة مع الطبيعة الدينية لتخلق بيئة تمثل تحديات أمام تأسيس حكم ديمقراطى فى أنحاء المنطقة فى المدى القريب. الصراع العربى الإسرائيلى يزيد كذلك من تعقيد تطور الديمقراطية. فالصراع ليس فلسطينيًّا-إسرائيليًّا خالصًا، بل هو صراع يؤثر على العرب جميعًا فى الشرق الأوسط. وحقيقة أن إسرائيل تمثل المصالح الغربية تثير الشكوك فى أوساط العرب بشأن الطبيعة الحقيقية للديمقراطية. هذا بدوره، من شأنه إبطاء ظهور الديمقراطية فى الشرق الأوسط وربما يبرر نوعًا من الديمقراطية يعكس بشكل حقيقى مصالح الشرق الأوسط وربما يحمل القليل من التشابه مع الديمقراطية الغربية.

ورغم أن الشرق الأوسط فى بداية مرحلة انتقال إلى أشكال من الحكم الديمقراطى، فإنه لا تزال هناك أنظمة ديكتاتورية وسلطوية باقية. وإلى جانب التوترات الموجودة أصلًا فى الشرق الأوسط بسبب الصراعات فى العراق، وأفغانستان والصراع المحيط بإسرائيل، فإن المناخ المناسب لمزيد من التطور الديمقراطى سوف يصبح أكثر توترا. إن الصراع والتوتر القائم بحاجة إلى أن يتم حله قبل أن تصبح الديمقراطية مقبولة تمامًا لدى شعوب المنطقة.

فى العلن، يزعم العديد من القادة السلطويين أنهم يؤيدون المثل والأشكال الديمقراطية للحكم، لكنهم ينظرون بحذر إلى التنازل لجمهور الناخبين عن السيطرة على أنظمتهم. وهناك بعض الأسباب الصائبة لهذا الأمر. أولا، أن العديد من الدول ليست منظمة بطريقة تسمح لها بدعم شكل ديمقراطى للحكم. والأهم من ذلك أن هناك مخاوف أمنية لدى الدول، سواء على الصعيد الداخلى أو الخارجى. والكثير من قوات الشرطة والقوات المسلحة فى هذه البلدان موالية للحزب الحاكم. وإذا ما تطورت الديمقراطية مع دوائر شعبية مختلفة، فليس ثمة ضمانة على أن الشرطة والجيش سيدعمان الأحزاب الحاكمة الناشئة. إن قوات الأمن لبلد ما بحاجة جوهرية إلى تطوير ثقافة تظهر التزامًا تجاه الأمة لا تجاه حزب حاكم. سوف يسلتزم هذا وقتًا لتثقيف السكان وكذلك تطوير عمليات ديمقراطية يكون من شأنها تمكين الديمقراطية من ترسيخ أقدامها.

لقد كانت أمريكا قوة دفع فى الشرق الأوسط فى ما يخص دعم المصالح القومية للولايات المتحدة. وضمن جهودها لتحقيق ذلك، ساندت أمريكا أنظمة غير ديمقراطية وبعض الأنظمة التى لم تكن بالضرورة تحظى بالاحترام فى الشرق الأوسط. الأمثلة تتضمن نظام دول الخليج والسعودية ونظام صدام حسين والمغرب والجزائر، إلخ. ونتيجة لهذا، فإن الكثيرين فى الشرق الأوسط يشككون فى دوافع الولايات المتحدة ورغبتها فى تأسيس الديمقراطية فى الشرق الأوسط الآن. هل الانتقال إلى الديمقراطية هو فى مصلحة الولايات المتحدة فى المقام الأول، أم أنه فى مصلحة دول الشرق الأوسط؟ إن التطور الديمقراطى فى الشرق الأوسط لن يظهر بسهولة إذا كان إطلاق الديمقراطية فى المنطقة ينظر إليه على أنه تحرك من جانب الولايات المتحدة لدعم مصالحها الشخصية. وهناك قلق أيضا لأن تكون الحرب العالمية على الإرهاب مجرد قناع لتأسيس ديمقراطية غربية فى الشرق الأوسط. إن نجاح الديمقراطية فى الشرق الأوسط يستلزم لها أن تعكس مصالح المنطقة لا الولايات المتحدة فقط. وفضلًا عن هذا، فإن الديمقراطية لا بد أن تكون مفيدة لشعوب الشرق الأوسط، بأن تظهر الاحترام للطبيعة والثقافة الدينية وكذلك تحسين ظروف البسطاء.

من المعايير الأساسية لاختبار الديمقراطية فى الشرق الأوسط كيفية تبلورها فى العراق. هل ستسمح أمريكا بأن يتطور العراق من تلقاء ذاته كبلد ديمقراطى أم أنها ستحاول صياغة الديمقراطية فى شكل من أشكال الحكم موال للغرب؟

على سبيل المثال، من المرجح أن تصبح الجماعات الإسلامية المختلفة (الإخوان المسلمون، والجماعات الشيعية وغيرها) ككيانات حاكمة فى أشكال ديمقراطية من الحكم. وإذا ما تم النظر إلى العراق على أنه دمية أمريكية، فإن البلدان الأخرى ربما لا تجد حافزًا للتحرك باتجاه الديمقراطية، وإذا ما فعلوا ذلك، فهل ستكون أمريكا مستعدة لقبول الديمقراطيات فى الشرق الأوسط بأشكالها الخاصة للحكم، التى ربما، وربما لا، تكون متعاطفة مع المصالح الغربية، خصوصًا فى السنوات الأولى للديمقراطية فى الشرق الأوسط.

إن رغبات وحاجات سكان هذه البلدان بحاجة لأخذها فى الاعتبار. هل هم فعلا يريدون الديمقراطية وهل هم مستعدون لتغيير أساليبهم لتأسيسها والعمل على نجاحها؟ إن تغيير الثقافة السياسية هو عملية صعبة دائما. القول بأن الديمقراطية شكل مفضل للحكم شىء، والتكيف مع متطلباتها وقبول بعض المخاطر المرتبطة بها شىء مختلف تمامًا. والتاريخ أظهر على سبيل المثال أنه فى السنوات العشر الأولى لديمقراطية جديدة، يكون من المرجح أن ينشب صراع سواء خارجيًّا أو داخليًّا، بينما تنضج الديمقراطية الجديدة. ولا بد للأشخاص الذين يشكلون هذه الديمقراطيات أن يكونوا ملتزمين بالنموذج الديمقراطى، ولا بد أن يتوافر لديهم الاستعداد للتغلب على التحديات والعمل من خلالها.

إن تغيير النظم السياسية من الحكم السلطوى إلى الحكم الديمقراطى لن يكون كافيًّا ببساطة لبناء ديمقراطية جديدة. ستتأثر بذلك النظم الاقتصادية والدينية والتعليمية والإعلامية والأمنية والقانونية. ونتيجة لهذا، فسيتطلب الأمر وقتًا لكى يتكيف الناس والأنظمة فى بلد على الشكل الجديد للحكم ونظام السوق الحر الذى سينشأ عنه. والأكثر من هذا، أن الدول الديمقراطية القائمة ستحتاج إلى أن تكون داعمة وصبورة على الديمقراطية الناشئة الجديدة. وفى رأيى أن الديمقراطية بحاجة إلى مناخ مثل وضع اقتصادى معقول، وشعب متعلم، وفهم معتدل للقضايا الدينية وفى النهاية حد أدنى من الاعتراف بتداول السلطة من جانب الأنظمة الحاكمة. وبالنظر إلى أن دول الشرق الأوسط لديها قاعدة جماهيرية متدينة قوية، فمن المهم بالنسبة إلى القادة الإسلاميين أن يقنعوا شعوب الشق الأوسط بأن الديمقراطية جيدة للبلد، وليست فى صراع مع المثل الإسلامية المعتدلة. هذا النوع من الدعم الشعبى من القادة الدينيين يمكن أن يسهم فى بناء دعم قوى لتأسيس النظم الديمقراطية والتغيير الذى سيصاحب عملية الانتقال.

وبسبب التغيير الذى سيكون مطلوبًا، والمتطلبات الزمنية المصاحبة له، لا يمكن للمرء أن يتوقع أن تتحول دول الشرق الأوسط سريعًا إلى شكل ديمقراطى من الحكم. ثمة تخوف فى الشرق الأوسط بأن الولايات المتحدة متعجلة فى دمقرطة الشرق الأوسط بناءً على أعمالها العدوانية فى العراق وأفغانستان وكذلك استراتيجيتها للقيام بأعمال وقائية إذا اختارت أن تفعل ذلك. إن التحرك بسرعة شديدة يمكن أن يؤثر على استقرار المنطقة، إذ سيتم النظر إلى الدوافع الأمريكية على أنها قائمة على المصالح الشخصية لأمريكا وليست داعمة لأسلوب الحياة فى الشرق الأوسط. ومن الأهمية بمكان أن تتحرك دول الشرق الأوسط باتجاه الديمقراطية. لكن الديمقراطيات الغربية ستكون بحاجة إلى أن تدعم وتقدم المساعدات الاقتصادية والتعليمية والتكنولوجية للمساعدة على تعزيز التنمية والتغيير.

قبل المضى لأبعد من ذلك، من المهم أن يكون هناك فهم لطريقة نظر البسطاء من الناس فى الشرق الأوسط إلى الديمقراطية. إن الديمقراطية، ككيان علمانى، من غير المرجح أن تحظى بتأييد الغالبية العظمى من شعوب الشرق الأوسط، وهم من المسلمين المتدينين. هناك، كما هو متعارف عليه، توتر بين الدول المسلمة فى ما يخص تأسيس أشكال ديمقراطية للحكم. من ناحية هناك هؤلاء الذين يعتقدون أن الديمقراطية يمكن أن تتعايش مع الطبيعة الدينية لمجتمعات الشرق الأوسط. غير أنه من ناحية أخرى هناك أيضا أولئك الذين يعتقدون أن الثقافة القبلية لدول الشرق الأوسط ربما لا تكون مناسبة للديمقراطية إذ ستنشأ العديد من العوامل. ستكون النتيجة مجتمعًا «مقسمًا» لا يمكن أن يتوحد بشكل مؤثر وهناك أيضا خطر لأن يؤثر ذلك على التماسك الذى أسهم فيه الدين الإسلامى. ورغم أن هذه المخاوف ماثلة، فالنسبة إلى الجزء الأكبر، تمثل روح الديمقراطية، أو الحكم الذاتى، عملًا إيجابيًّا طالما أنها تبنى البلد وتحافظ على القاعدة الدينية فى مواجهة الحط من قدر الدين وإثارة عدم الاستقرار. إن خلق هذا التوازن سيكون التحدى، تمامًا مثلما حاولت الديمقراطيات الغربية الحفاظ على الفصل بين الكنيسة والدولة. ما يشير إليه ذلك، هو أنه مع نمو الديمقراطية فى الشرق الأوسط، ليس من الضرورى أن تتطور وفق قالب غربى، بل إنها ستأخذ شكلها الخاص الممزوج بصلات دينية أقوى.

وليس إلى فهم الديمقراطية فى الشرق الأوسط سبيل من دون فهم فكرة الخلافة. تعود الخلافة إلى زمن النبى محمد. فى أثناء حياته وفترة السبعين سنة التى أعقبت الدولة النموذجية للخلافة التى وجدت كأسلوب حياة بين الناس وبين الهيئات الحاكمة. ينظر إلى هذه الفترة باعتبارها فترة خاصة وتعد الشكل المثالى للحكم وتعتبر على نطاق واسع هدف أى شكل جديد للحكم، تمامًا مثلما سعت الولايات المتحدة إلى تحقيق مثل «الحياة والحرية والبحث عن السعادة». ومن المنظور الشرق أوسطى، فإن الكلمات المحددة التى تحكم شكل ديمقراطيتهم من المرجح أن تعكس «النزاهة والعدالة والمساواة والوحدة وعمل الخير».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.