أشهد أنك كنت من أهم مفاتيح تفتح وعيي و تثقيفي ، عشقت أدبك مبكرا .. قرأت البصائر في المصائر و التجليات و كل مرة أبكي معك عما حدث ..
و لكنك أفزعتني اليوم بما كتبت عن الدكتور البرادعي ..
كيف أن الغيطاني / الجواهرجي .. الذي يسبر الأغوار و يغوص في عمق التركيبة الإنسانية ليصف الجواهر ، محللا عبقريا .. يصل إلي شخصية بحجم و تأثير و خطورة الدكتور البرادعي و خاصةً في هذه اللحظة الدقيقة بكل معني الكلمة .. بل الفريدة في الدقة و الخطورة ، ثم يتحدث كما يتحدث عوام الناس .. عن إنه " راجل قليط" .. لا يلقي السلام علي حرس الكومباوند !..رجل ينفذ مخططات الغرب !! رجل يقاتل من أجل العفو عن المعزول ، رجل ساهم في تدمير العراق..
رجل لم يتوقف يوم وصوله للمطار ليصافح 4000 مستقبل له يدا بيد بل " إتخض" و ركب سيارته !
ثم تقول أنه لم يشارك في مسيرات !! بل شارك و حوصر و اترش بالماء و الغاز يوم جمعة الغضب و أُحتجز بجامع الإستقامة و لم يحرره ألا المسيرات الحاشده الغاضبة ..
تقول أنه بلا دور في 30 يونيو ؟! ربما ، لكن ظهوره بجوار شيخ الازهر و البابا تواضروس بعد بيان الفريق السيسي ، كان رسالة واضحة المعني ، للعالم كله بأن ما حدث في مصر هو ثورة إنسانية ، و ها هو الحاصل علي نوبل يقدمها للمجتمع الدولي ..
أما موضوع المصالحة مع التيار الديني المتطرف الذي يعتمد علي الارهاب ، فهذه لم أسمعها كما يسمعها من يرفض البرادعي لله في الله .. الرجل يتحدث عن بداية سياسية شاملة جميع المصريين من أقصي اليمين لأقصي اليسار بدون إقصاء و لكن علي أرضية دستورية خراسانية ثابتة تسمح بل تحمي تداول السلطة ..و حرية الإعتقاد و تجريم فرض الرأي بالعنف .
يا استاذي الجليل .. انت تقول بثقة مطلقة أن الدكتور البرادعي يهدم الثورة المصرية .. حسناً .. أين برهانك؟ أين دليلك؟ لا يملك الأدلة علي ذلك أي شخص غير الفريق السيسي شخصيا .. فإذا كان السيسي يعلم ذلك فلماذا يوافق علي التعامل و التعاون معه ؟!
أستطيع أن أفهم كيف و لماذا و متي قبل السيسي العمل مع المعزول .. لقد صبر الرجل و تحمل فوق طاقة البشر من غباء و غطرسة و تآمر مكشوف ، تحينا لفرصة التخلص من ذلك كله ، وكان أيضا عاجزا عن التصرف إلا بالتفويض الشعبي الهائل ليس في 26 يوليو بل في 30 يونيو .. و ثبت لنا جليا أن للمعزول عصابات مسلحة و ظيهر دولي ضخم يدافع عنه بإستماتة ، لكن كيف أفهم أن يقبل التعاون مع ذلك القليط؟!هل للبرادعي مليشيات تهدد مصر ؟ أجبرت السيسي علي الرضوخ ؟!
لقد عارضت و رفضت كثيرا من مواقف الدكتور البرادعي ..و كثيرون مثلي .. لكن علي أرضية صلبة أيضا .. إنتقدت البطئ و التراخي و تأخير تأسيس الحزب و ضعف الحزب أيضا .. لكن كيف أتهمه بتهمة العمل عمدا علي هدم مصر و ثورتها و شعبها للغرب و للاخوان بدون بينة ؟!
سبب إعتراضي و رفضي لمقالكم .. هو أنني علي يقين أن الغيطاني قادر علي سبر الاغوار و إلتقاط الجواهر .. لكنك هذه المرة .. إكتفيت بكلام مرسل علي رجل يخوض معركة دولية مستعملا و مستغلا كل علاقته و ثقله الدولي من أجل مصر .