الذين يرتكبون إثماً ويخجلون منه أو يخافون من غضب الناس وسخطهم عليهم... يطلقون علي جريمتهم اسما مستعاراً، فإذا كانت الجريمة هي الاتجار في المخدرات مثلاً أطلق التاجر علي المخدرات كلمة «بضاعة »... حتي يفهم المستمع أن هذا الرجل يتاجر في بضاعة مشروعة مثل الأقمشة أو الخرداوات... وإذا كانت الجريمة أشد استخدمت العصابة اسما كودياً مثل «سيكو سيكو» أو «عفريت نص الليل» وهكذا.... وتحاول الحكومة في مصر أن تطلق علي الجدار العازل الذي يتم الإعداد لبنائه بين أرض مصر العربية التي تصوم رمضان وبين شعب غزة الذي يصوم معها في رمضان أيضاً... تطلق الحكومة المصرية علي هذا الجدار اسم «العمليات الإنشائية»... وإذا سألتهم عن معني هذه العمليات وفقاً للرسومات المتفق عليها بين أمريكا وإسرائيل وحكومة مصر... قالوا لك إنها مجرد سور حديدي غير قابل للكسر وبسمك كبير وبعمق أكبر، وعلي امتداد أكثر من ثلاثين كيلو متراً طولياً... فإذا ما قلت لهم إنه بذلك يكون جداراً عازلاً مثل الجدار الصهيوني قالوا لك «خسئت» و«ثكلتك أمك» قل عمليات إنشائية ولا تقل جداراً عازلاً، وأصبحت كلمة «عملية إنشائية» هي الاسم الكودي لحصار أهل غزة... وذلك ببناء جدار أسود من الجدار الذي بناه الصهاينة لمحاصرة الشعب الفلسطيني... وهذا الجدار العازل سيسيء لمصر وحكومتها لأنه سيظل هو موضوع حكايات المستقبل ما بين نشرة الأخبار التي تحكي خبراً عن محاولة تفجير الجدار العازل أو عن عملية فدائية... ولا مانع من أن تعقد القنوات الفضائية ندوات تحليلية حول أثر الجدار العازل في زيادة عدد الوفيات من الشعب العربي في غزة... كما فعل وزير الري الإثيوبي في حواره مع جريدة «الأهرام» وهو يعلق علي زيارة أحد المسئولين الصهاينة لإثيوبيا، فقال ما معناه إن الذي يقيم علاقات مع إسرائيل ويتاجر معهم هي مصر... وليست إثيوبيا... ومن هنا فيحق لنا أن نسأل ونناقش في أمر بناء الجدار العازل بين حدود مصر وفلسطين... وما الذي يمكن أن يقال من حساد مصر... والحاقدين عليها وعلي تاريخها العسكري المشرف... فإذا كان الأمن القومي هو الهدف محل الحماية... فالأمن القومي علي عيني وعلي رأسي، وهو أمن قومي وزي الفل وتعتبر مصر من ناحية الحفاظ علي الأمن القومي من الدول الأولي في العالم... بل تفوقت في هذا العلم علي دول كانت متخصصة في هذا الشأن مثل الهند وباكستان... لكن الحساد والحاقدين يا سادة سوف يتلسنون بأن هذا الجدار هو لحصار شعب غزة بالمشاركة مع إسرائيل. إن هذا الجدار العازل يا سادة هو الذي سيمنع الطعام عن شعب غزة وهو الذي سيعطي للمنظمات الدولية ومنظمات الإغاثة الإنسانية أداة الاستهزاء والتنديد بدولة مصر وحكومتها.. بل إني أعتقد أن الحكومات والدول التي لم تساند الشعب الفلسطيني إلا بالكلام بينما هي في الحقيقة تمارس عملها وكأنها إحدي الولاياتالأمريكية، هذه الدول ستكون هي أول من يندد ويزايد علي هذا الجدار... ومن الجدير بالذكر أن المقاومة الفلسطينية لن تموت بمثل هذا الجدار، فالمسألة بالعقل... واحسبوها.. فما دام الشعب الفلسطيني في غزة قد صمد أمام الدبابات الصهيونية والطائرات الأمريكية والقنابل المحرمة... رغم أن الحكومات العربية لم تقف معه.. فكيف سيؤثر فيه هذا الجدار حتي لو منع الجدار ما يقرب من 60% من أغذية غزة... ذلك أنه شعب ضد الفناء يا سادة. وقد قرأت لأحد الساسة الصهاينة حديثاً في جريدة بريطانية، وكان الحديث قبل الاعتداء الصهيوني علي غزة قال فيه إن إسرائيل تواجه كتكوتاً لا ريش له - ويقصد المقاومة - وسنعطيكم جثته هدية للغرب والعرب علي السواء، إلا أن الجريدة عادت بعد انسحاب إسرائيل وهي مهزومة من غزة فكتبت مقالاً افتتاحيا بعنوان... «أين جثة الكتكوت يا مستر ديفيد» ولقد تأكدنا أن الله يقدم للكتكوت الضعيف ما يعجب له النسر آكل اللحوم، ويبدو أن إسرائيل والحكومات العربية وأمريكا وغيرهم لم يسمعوا عن الكتكوت المفترس... فيروي أن رجلاً أراد التخلص من كتكوت صغير... لينهي مشكلته مع هذا الكتكوت العجيب... فقد كان الرجل كلما وضعه مع ديك هندي أو مهجن علي الطريقة الإسرائيلية أو حتي غربي التربية... ضربه الكتكوت وقضي علي الديك في ثانية مهما كان حجم الديك، فألقي الرجل بالكتكوت في الصحراء ليقتله بلا ماء ولا طعام... ثم ذهب إليه بعد ثلاثة أيام... فوجده ممدداً في الصحراء وتحوم حوله النسور والصقور... فاقترب الرجل من الكتكوت بعد أن أبعد النسور وذلك ليدفنه... فما إن أمسك به حتي صرخ فيه الكتكوت.... «كده.. بوظت علينا الكمين» وعجبي