خرجت الأم بطفلها الرضيع المريض للمستشفي ومعها طفلها محمود ذو العشر سنوات ليُعينها علي الطريق بينما الأب ذهب إلي عمله وفي الطريق للمستشفي وبينما تعبر كوبري الساحل لم تجد محمود في يدها. معقول أين ذهب؟ . المفاجأة المروعة غرق محمود من فتحة موجودة في منتصف الكوبري !! اشتدت الصدمة علي الأم وعلي الأب الذي ذهب يبحث عن جثة ابنه في النيل فوجده رافعاً يديه يشكو إلي الله ظلم كل مسئول في مصر. نعم من حق محمود وهو بين يدي الله أن يشكو إلي الله كل مسئول. ألم يقل سيدنا أمير المومنين الخليفة العادل عمر بن الخطاب لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن أسأل عنها والذي تعثر وغرق طفل إنسان وليس بغلة يامسئولين وسوف يحاسبكم الله جميعاً ولن تفلتوا من عقاب الله. لقد شعر كثير من المصريين أن الطفل الغريق محمود هو ابنه فمنهم من دعي علي الظالم المهمل ومنهم من دعي لوالديه ومنهم من قال حسبنا الله ونعم الوكيل. نعم حسبنا الله ونعم الوكيل فالفوضي عامة والمظالم كثيرة وحال مصر يشبه في الفوضي والظلم والاهمال حال العبارة السلام 98 تكاثرت بها العيوب والمفاسد حتي غرقت في حادثة مروعة لم ولن ينساها المصريون أبدأ ونحن ندعو الله ألا تغرق مصر أبداً ونموذج كوبري الساحل يشبه إلي حد ما حال مصر فالكوبري تشابكت فيه المسئولية الإدارية والفنية والأمنية والكل يتهرب من المسئولية ويلقيها علي الآخر. وما يحدث علي الكوبري حدث عنه والأحرج منه تعمد إطفاء أعمدة الإنارة وهي من الأسباب التي تسببت في غرق الطفل بسبب الظلام علي الكوبري ولم يشملها التحقيق ولقد شاهدت بعيني أصحاب عربات حمص الشام وهم يتعمدون إطفاء أعمدة الإنارة لماذا؟ هل تعرفون لماذ؟ لأن في السهرة مساء يجتمع مدمنو المخدرات وحتي لا يراهم أحد تطفئ الأنوار. ومن اللافت أن علي الكوبري توجد سيارة شرطة لا تتحرك أربعة وعشرين ساعة ويحدث أكثر من هذا أمام أعينهم ومن حال كوبري الساحل إلي حال مصر لا تجد إلا التشابه فالأنوار تطفأ عمداً عن البلطجية وأصحاب النفوذ تحت سمع وبصر المسئولين وبمعاونة بعضهم ولاتضاء أنوار العدل والقانون إلا علي الغلابة والفقراء والضعفاء. ويحضرني هنا حديث الرسول صلي الله عليه وسلم أنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والمقصود بالشريف هنا أصحاب النفوذ في المجتمع وما أكثر السارقين الذين سرقوا مال الشعب وحرية الشعب وحقوق الشعب ولم يقم عليهم الحد ولم يعرف القانون لهم الطريق ولم تطأ قدماهم السجون ولا النيابات، وما أكثر الضعفاء الذين حبسوا بسبب كلمة حق أو مخالفة بسيطة لقد انتشر الفساد والرشوة والظلم وأيضاً الفجور في المعصية المعنوي والمادي علناً بدون حياء ولا استخفاء، بل أصبح هو المعروف ووسيلة الحياة ومن يعارض من المصلحين الظلم والفساد حباً في مصر وحرصاً علي مصر يتعرض للقهر والاعتقال والظلم، وما يحدث في مصر يحتاج وقفة حاسمة وحتمية إصلاح للبلد من الفساد وإلا صدق فينا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «توشك القري أن تخرب وهي عامرة قيل: وكيف تخرب وهي عامرة؟ قال: إذا علا فجارها علي أبرارها وساد القبيلة منافقوها». نعم فمصر تكاد تخرب وتغرق بسبب سطوة الفجار المفسدين وسيطرتهم وهذه سنة الله في الحياة، وآخر عجائب الفساد والظلم في مصر هي الدعوة لإطلاق النار علي المتظاهرين الذين يعبرون عن رأيهم بطريقة سلمية!!! وتبقي كلمة عتاب لفضيلة المفتي. أولاً- أين فتواك فيما يتعلق بالدعوي لقتل المتظاهرين هل يجوز قتل الناس هكذا بدون تحقيق ولا قضاء؟ ثانياً -ما حكم تستر المسئولين علي المسئول المرتشي بالمرسيدس؟ ثالثاً- أين تعزيتك لأهل الطفل محمود الذي غرق وهو ابن العاشرة وقد عزيت في حفيد الرئيس بكلمات أدمعت القلوب وحيرت العقول وهذا واجبك بالطبع وحق التعزية واجب نعرفه كمسلمين لبعضنا البعض لا ننكره، ومحمود من أسرة فقيرة جداً لم يجد أحدًا يعزي أمه المكلومة وأبله الحزين لأنهم فقراء غلابة.. اللهم يا مالك يوم الدين انصر المستضعفين المظلومين.