الطب بالفرنساوى بجامعة القاهرة    كامل الوزير يتفقد الخط الثاني للقطار الكهربائي السريع    إسلام عفيفى يكتب: فاسدون حيثما حلّوا    غزة تحاصر إسرائيل    الأهلي بطلا لكأس الكؤوس الإفريقية للمرة الخامسة في تاريخه    استقبال حافل لفيلم "الحياة بعد سهام" في عرضه الأول بمسابقة ACID بمهرجان كان السينمائي    بسبب توتنهام.. مدرب كريستال بالاس يكشف حقيقة رحيله نهاية الموسم    أسعار مواد البناء مساء اليوم الجمعة 23 مايو 2025    اليونيسيف: الأزمة الإنسانية فى غزة تعصف بالطفولة وتتطلب تدخلاً عاجلاً    موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد.. تعرف على حالة الطقس المتوقعة غدا    تسيير قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء بشمال سيناء    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    الترجي التونسي يحصد برونزية بطولة أبطال الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    تراجع أسهم وول ستريت والأسواق الأوروبية وأبل عقب أحدث تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية    كم تبلغ قيمة جوائز كأس العرب 2025؟    محافظ البحيرة: إزالة 16 حالة تعدي على أملاك الدولة بالموجة ال 26    ضبط كيان صناعي مخالف بالباجور وتحريز 11 طن أسمدة ومخصبات زراعية مغشوشة    عاجل|بوتين: مستقبل صناعة السلاح الروسية واعد.. واهتمام عالمي متزايد بتجربتنا العسكرية    يختتم دورته ال 78 غدا.. 15فيلمًا تشكل موجة جديدة للسينما على شاشة مهرجان كان    من مصر إلى إفريقيا.. بعثات تجارية تفتح آفاق التعاون الاقتصادي    مستشفى الحوض المرصود يطلق يوما علميآ بمشاركة 200 طبيب.. و5 عيادات تجميلية جديدة    بين الفرص والمخاطر| هل الدعم النفسي بالذكاء الاصطناعي آمن؟    القاهرة 36 درجة.. الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد غدًا    أمين اتحاد دول حوض النيل يدعو للاستثمار في أفريقيا |خاص    بث مباشر نهائي كأس مصر سيدات - الأهلي (1)-(0) دجلة.. جووول أشرقت تسجل الأول    حزب الإصلاح والنهضة: نؤيد استقرار النظام النيابي وندعو لتعزيز العدالة في الانتخابات المقبلة    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    تقديم الخدمة الطبية ل 1460 مواطنًا وتحويل 3 حالات للمستشفيات بدمياط    الزمالك يعلن جاهزيته للرد على المحكمة الرياضية بعدم تطبيق اللوائح فى أزمة مباراة القمة    ندوة توعوية موسعة لهيئة التأمين الصحي الشامل مع القطاع الطبي الخاص بأسوان    المشاط: الاستقرار الاقتصادي ضرورة لدفع النمو لكنه لا يكفي بدون إصلاحات لتمكين القطاع الخاص    جوارديولا: مواجهة فولهام معقدة.. وهدفنا حسم التأهل الأوروبى    أحمد غزي يروج لشخصيته في مسلسل مملكة الحرير    قصور الثقافة تعرض مسرحية تك تك بوم على مسرح الأنفوشي    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    بدون خبرة.. "الكهرباء" تُعلن عن تعيينات جديدة -(تفاصيل)    ضبط مدير مسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    "نجوم الساحل" يتذيل شباك التذاكر    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    وزير الزراعة يعلن توريد 3.2 مليون طن من القمح المحلي    زلزال بقوة 5.7 درجة يدمر 140 منزلا فى جزيرة سومطرة الإندونيسية    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    الهلال يفاوض أوسيمين    ترامب وهارفارد.. كواليس مواجهة محتدمة تهدد مستقبل الطلاب الدوليين    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    مصادر عسكرية يمينة: مقتل وإصابة العشرات فى انفجارات في صنعاء وسط تكتّم الحوثيين    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد مصطفى موسى يكتب: دب «متجرد» ونمر «متمرد»
نشر في الدستور الأصلي يوم 24 - 06 - 2013

اسمه دب «الكسلان»، وهو أبلد الحيوانات قاطبةً، ويسمى أيضًا بالداب، له «بوز» ذو أنف، كأنف الكلاب، ووجهه إجمالًا، يشبه وجوه سباع البحر، ويبلغ وزنه نحو مائة كيلوجرام، مخالبه طويلة حادة، وغذاؤه الرئيسي، براعم وأوراق الأشجار، وقد يأكل الحشرات والسحالي، والقوارض الصغيرة.

لمدة نحو ساعة، تابعت فيلمًا وثائقيًا، يصور حياة ذاك الكائن، الذي يستوطن أمريكا الشمالية، ويبدد أكثر من ثلثي حياته نائمًا، متخذًا وضعية الخفافيش، رأسه للأسفل ورجلاه للأعلى، مُعلّقًا بفرع شجرة متين، يغط في سبات عميق، ولا ينزل من على الشجرة، إلا مرة أسبوعيًا لقضاء حاجته.

شعره أشعث قذر، تعيث فيه حشرات تمص الدم، ليس يزعجه وجودها، وتنمو وقتما ترتفع الرطوبة، في فروته بكتيريا ما، يلعقها فيقتات عليها، وهي تكسوه لونًا أخضر، ما يسهل عليه التخفي بين أوراق الشجر، والتماهي في بيئة الغابات.

تحمل أنثاه مرةً كل عام، وتلد حيوانًا واحدًا، لكن قد يحدث أن لا تجد الأنثى ذكرًا، بسبب كسلها في السعي إليه، ويبقى الوليد، لمدة نحو عام متعلقًا بأمه، ولربما يسقط إلى الأرض، فيموت ليس بفعل الارتطام، وإنما لأن الأم، تتقاعس عن النزول لنجدته، من فرط كسلها أيضًا!

قلما يظفر الصيادون به، لأن طبيعته الساكنة الخاملة، لا تلفت الأنظار إليه، وإذا حدث أن أُصيب بطلق ناري، يتشبث بغصنه، فيبقى الحيوان النافق، فوق شجرته، حتى يتعفن ثم يتحلل، أو تأكله النسور والصقور، أو القطط البرية، وما على شاكلتها.

لزج متردد، يستغرق في النزول والصعود، وقتًا يكفي للوصول إلى القمر، بواسطة «توك توك»، يتخذ القرار ثم يتراجع عنه، حركته ذات إيقاع ثابت رتيب، يشبك مخلبه الأمامي الأيمن، في سيقان الشجر، ثم يتراجع قليلًا، فيشبك ذات المخلب ثانيةً، ومن ثم يستوثق من أن مخلبه، قد تشابك مع الحراشف، وقشرة اللحاء كما ينبغي، ولا بأس من أن يستوثق مجددًا، وبعد برهة ليست بالقصيرة، يلتقط خلالها أنفاسه، يكرر ذات الحركة، فيشبك مخلبه الأمامي الأيسر، ثم يجر رجليه وئيدًا، فيتحرك بضعة سنتميترات، لا أكثر.

في المشهد الأخير، من الفيلم، يلمح نمر رشيق شاب، «الكسلان» إذا يتسلق كعادته متثاقلًا، فتستيقظ كل حواسه، يلبي نداء غريزته، غريزة الافتراس، لكن البليد، لا يغير من إيقاعه المعتاد.

الصياد المحترف، يتحرك بثبات، متوجهًا إلى الشجرة، عيناه الحادتان تركزان على الهدف، واثق الخطوة يمشي ملكًا، أما «الكسلان» فمن جهته، يتسلق كعادته ببطء قاتل، خطواته تتثاءب، وحركاته تتلعثم تتنطع، فيما الهلاك به يحدق، ومنه يدنو.

النمر يصعد نشيطًا، وقد دنا من مؤخرة «الفريسة».. و«الكسلان» مايزال يمد يدا ثم يردها، حتى يصير فكا النمر، قاب قوسين أو أدنى منه، لكنه يبدو غير مكترث.. يتحرك كما بهلوان مبتدئ في سيرك، يمشي لأول مرة على الحبل.. وما هي إلا وثبة هينة، حتى نشبت الأنياب الحادة الماضية، في لحم مؤخرة الفريسة.

عكس المتوقع، وضد قوانين الطبيعة، لم يبدِ «البليد»، رد فعل مناسب.. كل ما بدر منه، أن اكتفى بأن يرمي نظرة شمعية، بلا روح، إلى قاتله، نظرة خالية من الخوف أو الغضب أو التحدي أو الألم أو الحزن أو اليأس أو حتى الاعتراض.. كان «متجردًا» من المشاعر، لا «يتمرد» حتى على موته.. وبعد النظرة الشمعية، عاد يتسلق، كأن شيئًا لم يكن، بنفس الإيقاع المضجر، غير أنه لم يستطع أن يتقدم قيد أنملة، إذ أصبحت ذرعاه عاجزتين على رفع وزنه، مضافًا إليه وزن النمر، الذي ضغط بأقصى ما يملك فكاه من قوة، فأصبح معلقًا بأسنانه، في المؤخرة الطرية، يتأرجح في الهواء.

وما هي إلا خمس دقائق، أو يزيد قليلًا، حتى كانت قوى «الكسلان» قد استنزفت، فتهاوى ساقطًا من على الشجرة، وتخضبت أنياب الصياد بدماء الفريسة، وهكذا جاءت النهاية منطقية، تتسق مع قوانين الصراع، أي صراع، بين اليقظة والحيوية والتوثب، والبلادة والكسل والتجرد من الأحاسيس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.