.. «تشرشل» كان من أبرز نواب حزب المحافظين في البرلمان البريطاني، وكان دائم الخلاف مع زعيم الحزب مستر «ستانلي بلدوين»، وكان تشرشل يهاجمه بعنف، ويكتب مقالات في صحف الحزب منددًا بمواقفه، وسياساته.. ولم يفُصل تشرشل واستمر حتي أصبح زعيمًا للمحافظين. .. «لاتلي» كان زعيمًا للعمال، وكان «ويلسون» نائبًا عماليًا، يخالف «لاتلي» ويعارضه في الحزب والوزارة وفي البرلمان، لم يُفصل «لا تلي» النائب ويلسون، ولم يجتمع حزب العمال ليقرر إخراجه من البرلمان، بل ظل ويلسون يناضل ويعارض، حتي أصبح زعيمًا عظيمًا لحزب العمال. .. تذكرت هذه النماذج -وغيرها- وأنا أتابع معركة إقصاء الزميل النائب المحترم محمد عبد العليم داود من داخل المجلس وحزب الوفد الذي قضي فيه عبد العليم أكثر من ربع قرن. .. محمد عبد العليم داود نائب مكافح لم يرث دائرته عن والده ولم يهده حزبه دائرة سهلة ولم يكن يومًا بعضًا من اتفاق يسمح له أن يتساند إلي غير جهده وعمله وارتباطه بالناس. .. بدأ عبد العليم رحلته بأعمال إدارية بجريدة الوفد إبان تأسيسها 1984م وصعد السلم درجة درجة، حتي دخل عالم الصحافة كمحرر صحفي نال احترام الجميع لغزارة جهده ونظافة يده وشجاعة قلمه الذي حمله إلي عضوية نقابة الصحفيين بعد أن استكمل دراساته العليا. .. ترشح محمد عبد العليم في دائرة فوه ومطوبس الشهيرة والكبيرة من حيث تعدادها وغزارة مشاكلها واكتسح عبد العليم الانتخابات البرلمانية في دورة عام 2000 ثم في دورة 2005 وكان دائمًا صوتًا للشرفاء والفقراء وللوطنية بالفطرة. كان دائمًا مهمومًا بقضايا دائرته، خاصة المياه والصرف الصحي والبطالة ومشاكل صناعات الكليم وغيرها من الصناعات المحلية بفوه.. ولم تشغله هذه الهموم المحلية عن قضايا الوطن الأم، فكان دائمًا -ومازال- الصوت الذي يلغي أصوات من لا صوت لهم.. .. لن أنسي أبداً موقف النائب الشجاع محمد عبد العليم داود عندما بادر في بداية جلسة استقبال الرئيس عام 2007 بالصياح في مواجهة الرئيس ليطالبه بالإفراج الفوري عني مما كان يمكن أن يقود عبد العليم للجنة القيم وبعدها لخارج البرلمان والحزب الذي ينتمي إليه. .. دائمًا ما كان يؤخذ علي محمد عبد العليم أنه خارج السيطرة وصوته من عقله وضميره، حيث يأتي الالتزام الحزبي بعد الالتزام الوطني والأخلاقي في رجولة وثبات نادر قاده لمشاكل عديدة داخل البرلمان وداخل الوفد في مراحله المختلفة، الدكتور نعمان جمعه ثم مصطفي الطويل ثم أباظة. .. لا أود أن أتدخل في شأن داخلي للوفد وإن كانت الاعتبارات التاريخية والعلاقات الشخصية داخل الحزب الأم للأحزاب الليبرالية المصرية تحملني علي أن أدعو كل الأطراف، وفي مقدمتهم الصديق الدكتور محمود أباظة للم الشمل وعدم التفريط في نائب بإخلاص وحب محمد عبد العليم لحزبه ووطنه. .. وبالطبع أنا لست ضد أن تحكم الأحزاب قواعد ولوائح تضبط التناغم الحزبي وتتصدي للتجاوزات الحزبية، لكننا نأمل أن تكون هذه المحاسبة في داخل البيت الواحد وبروح التواصل، لا التقاطع. ..لن أوجه هذه النصيحة لزملائي في حزب الوفد، ولا أوجهها لزملائي في الغد، ولكن لنفسي أولاً!! فعلينا جميعًا أن نبادر بفتح صفحات جديدة. .. لا تخش أبدًا علي حزب يملك شجاعة أن يراجع نفسه ومواقفه، أن يحافظ علي القواعد والمبادئ، واللوائح والتقاليد وأن يحافظ أيضًا علي أبناء هذا الحزب المخلصين له.. .. هذه نصيحتي لزملائي في الوفد والغد ولنفسي أولاً..