أختلف مع من رأي أن المرشد نافق الرئيس. بالعكس ماقاله المرشد يتسق تمامًا ولأول مرة مع أفكاره والأفكار القديمة لجماعة الإخوان المسلمين التي تقوم علي التراتب ... الذي يجعل الأعضاء يُقبّلون يد المرشد إعلانا لولاء سياسي وطاعة لزعامته. مرشد الإخوان المسلمين قال بالنص: «... نرجوه أن ينظر إلي أبنائه في السجون». المرشد محمد بديع قالها علي الهواء في حوار تليفزيوني،تعامل فيه كما لو كانت صورة الأب هي الصورة الطبيعية للرئيس. لم يبد المرشد مختلفاً عن «الصورة» التي يلح عليها مؤخراً أجنحة النظام الدينية والإعلامية. قال :«احترامنا لموقع الرئاسة نابعٌ من أن المصريين يحرصون علي أن يكون رئيسهم شخصيةً محترمةً؛ لهذا نطالبه بأن ينظر إلي أبنائه في السجون الذين ظلمتهم أجهزته الأمنية».المفاجأة ان المرشد لم يكن ينافق أو يغني أغنية في زفة الاحتفال بعودة الرئيس سالماً. المرشد مؤمن فعلاً بأن الرئيس هو «والد لهذا الشعب»... وقدم المرشد تصوره السياسي علي هيئة أمنيات ب «التخلي عن رئاسة الحزب الوطني.. لأن المصريين يريدون حقهم من أبيهم». جماعة الإخوان تقوم علي الولاء والطاعة. المرشد أب للتنظيم السياسي. وهذه نقطة لقاء نظام الجنرالات الذي يحكم فيه الجنرال المنتصر علي منافسيه... ويصبح هو الأب الذي عليه أن يقنع شعبه ببعض الإعلام والخطب الدينية و... هذا ما لا تختلف معه الجماعة ومرشدها. الإيمان بصورة الأب، هو ما يجعل منافسة الإخوان للنظام صراعًا علي أبوة المجتمع. الصراع علي الأبوة لم يمنع مرشد الإخوان من تحية الأب الحالي، مترجياً لنظرة عطف ، وليس مطالبًا بالحق المشروع في الاختلاف السياسي. الجماعة تساهم في إلغاء السياسة، وترفع الرئيس إلي قداسة البطريرك،المدعوم بخطاب ديني، رسمي ومعارض، يبعده عن تفاصيل الصراع حول التغيير. الجماعة مثل الكنيسة والأزهر، تنظيمات تمهد طرق الإقناع والسيطرة لصعود الجنرال الذي يستمد أبوته من قدرته علي اقتناص السلطة. الجناح الديني لا يصنع شرعية، لكنه يمنح لشرعية الجنرال الناجح في اقتناص السلطة... خطابًا ناعمًا يصعد بالرئيس درجات قداسة تتردد صداها في المسافة بين السياسة والدين. وستبقي الجماعة، في موقع «الوصيف المشاكس»، ينفي السياسة، ويعيدها إلي مرحلة العفو والغفران من الأب الحنون، بينما يطحن نشطاء التغيير في الشوارع وهم يطالبون بتغيير الأب... الخالد. الجماعة هي الوجه الآخر للنظام في تصورها موقع الرئيس.. الفارق بينهما أن الجماعة تمنحه شرعية دينية.. بينما الجنرال يحصل علي شرعيته من انتصاره علي منافسيه. ولهذا أختلف مع من رأي أن المرشد كان في وصلة نفاق للرئيس.