التسجيل يعود إلى لقاء بين عبد الله وأعضاء النيابة الجدد بمركز الدراسات القضائية فى ديسمبر الماضى بعد توليه المنصب بأيام لسماع التسجيل الصوتي من هنا نشرت لجنة شباب القضاة والنيابة العامة على صفحتها على «فيسبوك» تسجيلا صوتيا مهما للغاية للمستشار طلعت عبد الله النائب العام -المطعون فى شرعيته- وهو يلقى محاضرة بمركز الدراسات القضائية لأعضاء النيابة الجدد. التسجيل الصوتى حمل عديدا من المفاجآت التى تمثل اعترافا صريحا من النائب العام بأن عزل المستشار عبد المجيد محمود النائب العام السابق غير قانونى، حيث أقر عبد الله أمام أعضاء النيابة العامة أن عزل محمود من منصبه كان به تجاوز ومساس باستقلال القضاء، إلا أنه أصبح أمرا واقعا، وأنه لم يكن يرغب ولا يسعى لذلك المنصب، وإنما كان يجب عليه من واقع المسؤولية قبول المنصب حتى نعبر هذه المرحلة، حسب وصفه.
التسجيل الصوتى الذى يرجع تاريخه إلى 25 ديسمبر 2012 كان عبارة عن لقاء بين المستشار طلعت عبد الله وأعضاء النيابة الجدد بمركز الدراسات القضائية التابع لوزارة العدل، حيث ألقى عبد الله محاضرة أمام أعضاء النيابة، ثم فتح الباب لهم لتوجيه الأسئلة، التى كانت أسئلة «نارية» ضد عبد الله وضد قبوله هذا المنصب، و«الدستور الأصلي» تنشر نص تفريغ التسجيل فى ما يتعلق بالجزء الخاص بعزل النائب العام المستشار عبد المجيد محمود.
المستشار طلعت عبد الله فى إجابته عن سؤال من أحد أعضاء النيابة حول عزل النائب العام: عزل النائب العام كان فيه تجاوز ومساس بالسلطة القضائية، إلا أنه كان أمرا واقعا.
أحد أعضاء النيابة: لم يتم أخذ رأى مجلس القضاء الأعلى فى تعيين نائب عام جديد؟
المستشار طلعت عبد الله: «من وجهه نظرى أن تعيين النائب العام تم وفقا لقانون السلطة القضائية بقرار جمهورى دون استشارة مجلس القضاء الأعلى. طول عمر النائب العام يعين بهذه الطريقة، بقرار من رئيس الجمهورية.. لكن لا يتم عزله.. وعزل النائب العام كان به تجاوز، هى مرحلة انتقالية، ثم ما نصبو إليه جميعا أن تعيين النائب العام يحاط بضمانات لم تكن موجودة فى قانون السلطة القضائية، وفعلا بترشيح من مجلس القضاء الأعلى يختار من بين ثلاثة، إنما قبل ذلك لم يكن النائب العام يعين إلا بقرار جمهورى منفرد من بين مستشارى النقض أو مستشارى الاستئناف».
وتابع عبد الله فى إجابته: «لم يكن تعيينى بدعة، لكن عزل المستشار عبد المجيد محمود هو الذى حمل تجاوزا، إلا أن رئيس الجمهورية اضطر إليه، وإن أخطأ فى هذا، لكنه أصبح أمرا واقعا».
وتطرق عبد الله فى إجابته إلى الخطوات التصعيدية التى اتخذها القضاة ضد تعيينه وضد الإعلان الدستورى الصادر فى نوفمبر 2012، التى كان من أبرزها تعليق العمل بالمحاكم، وقال «الحل ليس فى مقاطعة القضاة للعمل أو مقاطعة الاستفتاء.. الناس ليس لها ذنب.. هذا الوباء بدأ ينتقل تدريجيا من الجمعيات العمومية للمحاكم إلى محكمة النقض.. وهذه نقطة سوداء فى تاريخ محكمة النقض.. أنا لا أتصور إطلاقا أن محكمة النقض بجلالها وقدرها وتاريخها العظيم تقرر تعليق جلساتها.. لأنه لا ذنب للطاعن ولا جمهور المتقاضين ولا المحامين فى هذا الأمر.. أيوة عبر عن رأيك.. لكن ما ذنب الراجل المحبوس».
وتابع: «عبر عن رأيك بلا مقاطعة للجلسات أو تعطيل العمل.. تقابل الجريمة بجريمة ليه؟.. ما تقابلها بتعبير عن الرأى أو مقابلات مع رئيس الجمهورية، وفد يلتقى رئيس الجمهورية ويعرض مطالبه ويناشده لو معترض على حاجة.. إنما تقابل جريمة بجريمة أخرى.. ربنا قال (ولا تزر وازرة وزر أخرى)...مش معنى إن واحد ارتكب جريمة فى حقك تروح مرتكب جرم فى حقه وفى حق آخرين».
سؤال من أحد أعضاء النيابة: قلت مشكورا إن تعيين النائب العام من الرئيس ليس بدعة، وإن العزل أصبح أمرا واقعا.. كيف ندافع عن استقلال القضاء.. خصوصا مع وجود الإعلان الدستورى؟
المستشار طلعت عبد الله: «مافيش شك إن الإعلان الدستورى فيه تجاوز، إلا أن الظروف اقتضت أن أتحمل المسؤولية، والمنصب غير مرتبط بأشخاص، وديه مسؤولية حتى لو فيه تجاوز، كان على تحمل المسؤولية لحين العبور من هذه المرحلة».
أحد أعضاء النيابة: ماذا كان يحدث لو رفضت المنصب؟
المستشار طلعت عبد الله: «هيحصل خلو للمنصب وتحدث أزمة غير عادية».
أحد أعضاء النيابة: ممكن تقول إنك موجود بصفة مؤقتة فى منصب النائب العام، وماينفعش تستمر فى هذا المنصب بالشكل ده لحين ما نشوف حل؟
المستشار طلعت عبد الله: «إذا اتفق بين الجميع على أن أتقدم باستقالتى سأتقدم باستقالتى.. أنا غير متمسك بهذا المنصب إطلاقا ولم أسع له.. وإذا اتفق فعلا مستقبلا على هذه الصياغة وحدث توافق بين السلطات التشريعية والقضائية ليس عندى مشكلة». أحد أعضاء النيابة: ممكن تكون على رأس مبادرة ونطرح هذا الأمر؟
المستشار طلعت عبد الله: «مايجراش حاجة.. وبعدين هو سيادة المستشار عبد المجيد محمود قدم طلب للعودة إلى المحكمة وصدر قرار جمهورى بعودته.. الدستور عالج هذه المسألة فى طريقة اختيار النائب العام.. إذا رأت القوى الموجودة والسلطات الموجودة ذلك أنا موافق على الصيغة ديه».
وتابع: «من حيث المبدأ الدستور حسم هذه المسألة.. مسألة التعيين وعدم العزل.. خلاص السلطة التشريعية مش هتكون فى إيد واحد عشان يعزل.. ده حصل عشان السلطة فى إيد فرد.. قد يكون اضطر إليها اضطرارا، وأصدر هذا القرار عن طريق مستشاريه أو عن أى طريق.. المهم النتيجة كانت سيئة طبعا.. لكن هى مرحلة مؤقتة وهنتجاوزها بوجود دستور دائم.. اللى هو أعطى حصانة للنيابة العامة والنائب العام، وطريقة تعيينه أفضل 100 مرة مما كانت فى قانون السلطة القضائية ودون استشارة مجلس القضاء الأعلى».
أحد أعضاء النيابة: قلت إن تعيين النائب العام وعزل النائب العام السابق هو أمر واقع، يعنى إيه أمر واقع؟
المستشار طلعت عبد الله: «أمر قد وقع بالإعلان الدستورى الذى صدر».
كان هذا هو النص التسجيلى للمستشار طلعت عبد الله النائب العام فى أثناء لقائه مع أعضاء النيابة العامة بمركز الدراسات القضائية فى 25 ديسمبر الماضى، ونحن نذكره به اليوم، فإذا كان يرى أن عزل عبد المجيد محمود به تجاوز، فلماذا يتخذ كل هذه الإجراءات الآن حين صدر حكم قضائى بأحقيته فى عودته إلى منصبه؟
وإذا كان قد قال إنه لا يرغب فى المنصب، فلماذا لا يتركه؟ ألم يطالب أعضاء النيابة باستقالته رافضين العمل معه مرارا وتكرارا، فلماذا يتشبث الآن بموقعه؟