إغلاق كامل للمحلات التجارية بالمنطقة.. والأمن ينفى ضبط مسلحين قادمين من الصعيد النيابة تستعجل تقرير المعمل الجنائى عن الحرائق.. والمحافظ: تعويضات لذوى الضحايا قطاع المعاهد الأزهرية يبعث بلجنة تحقيق لمعاينة الرسومات سبب الأزمة.. و«بيت العائلة» يشرف على تحقيقات النيابة
حالة من الهدوء الحذر سادت مدينة الخصوص أمس، عقب الأحداث الدامية التى بدأت بالمدينة بين المسلمين والمسيحيين أول من أمس، إلا أنه سُمع دوى إطلاق نار بين الحين والآخر من مجهولين فى محيط كنيسة مارجرجس صباح أمس، دون تحديد مصدر إطلاق النيران أو الطرف الذى يطلقه.
الطرفان من مسلمى ومسيحيى المنطقة تبادلوا الاتهامات بأن الطرف الآخر وراء إطلاق النار، فى الوقت الذى تؤكد فيه أجهزة الأمن عدم صحة الواقعة، و«أهابت بطرفى المشكلة عدم الانسياق وراء الشائعات ومثيرى الشغب، الذين يحاولون إشعال الفتنة من جديد».
الركود سيطر على المنطقة، حيث استمر إغلاق المحلات التجارية، بينما قام عدد من أصحاب المحلات بإخلائها من البضائع، خوفا من عمليات نهب وسلب، وسيطرت أيضا حالة من الترقب على الأهالى مع بدء تشييع جنازات القتلى المسيحيين من داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
ناظر المعهد الأزهرى عبد الجواد محمد حسن وشيخ المعهد سعيد عبد الفتاح، أفادا أن المعهد لم يتلق أى إخطار بغلق المعهد وأن الدراسة مستمرة وأن الأزهر بعيد كل البعد عن هذه الأحداث وهيئة التدريس بكامل طاقتها موجودة بالمعهد رغم عدم وجود الطلبة بالمعهد، حيث إن أولياء الأمور خافوا عليهم من الأحداث الجارية، وقال: منذ الصباح جاء نحو 120 طالبا من إجمالى 645 طالبا بالمعهد، مما اضطرّنا إلى التنبيه عبر مكبرات الصوت فى أنحاء المنطقة بأن الدراسة سوف تبدأ من الإثنين، مشيرا إلى أن رئيس قطاع المعاهد الأزهرية قرر تشكيل لجنة تحقيق من القطاع وصلت للمعهد بالفعل، وبدأت التحقيق فى الواقعة ومعاينة ما تبقى من الرسومات سبب الأزمة.
من جانبه قرر اللواء أحمد حلمى مساعد الوزير لمصلحة الأمن العام بتكليف اللواء محمود يسرى مدير الأمن بزيادة الحراسات الأمنية بمنطقة الحادثة، خصوصا المنطقة المحيطة بكنيسة مارجرجس تطبيقا لشرط جلسة الصلح التى شهدتها المنطقة بحضور الدكتور محمود عزب ممثل شيخ الأزهر وتفريق المواطنين الموجودين فى محيط الكنيسة.
وترددت أنباء عن ضبط سيارة نصف نقل قادمة من إحدى محافظات الصعيد محملة بأكثر من 20 شخصا يحملون البنادق الآلية متجهة إلى مدينة الخصوص، وهو الأمر الذى نفاه اللواء محمود يسرى مدير الأمن، مؤكدا أن «المنطقة تعج بالشائعات المغرضة التى تهدف إلى زعزعة الأمن العام وإيقاظ الفتنة من جديد»، وجدد مدير الأمن نفيه التام وجود عمليات تهجير لأسر مسيحية بالمنطقة على خلفية الأحداث، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية بالقليوبية تمكنت من تحديد شخصية مرتكبى الأحداث والمحرضين عليها، وأنه تم إرجاء عمليات القبض عليهم لحين عقد جلسة الصلح النهائية بعد أسبوع من الآن، وقال مدير الأمن «تم تفريق الإخوة الأقباط من حول الكنيسة بتدخل من قيادات الكنيسة وتمت زيادة الحراسات الأمنية حولها، وكذا 12 كنيسة أخرى بمنطقة الخصوص، وأصدرنا تعليمات لكل الأقسام الشرطية بتعزيز حراسات الكنائس فى مختلف أنحاء المحافظة لتأمينها وسط حالة الترقب التى تسود المحافظة بعد الأحداث».
من جانبه وجه الدكتور عادل زايد محافظ القليوبية، تعازيه لكل ضحايا الحادثة مسلمين ومسيحيين، مؤكدا أنه لا فرق بين مسلم ومسيحى، فجميعنا نسيج واحد، مشيرا إلى أن المحافظة بصدد تقديم مساعدات لأُسر الضحايا من الطرفين، ولكن بعد انتهاء تحقيقات النيابة وتحديد الجناة والمحرضين. وقال زايد إنه على اتصال مستمر بكل الأطراف المختلفة لحل الأزمة ونزع فتيل الفتنة.
بينما واصل حسن عبد المعطى وكيل نيابة الخصوص بإشراف أحمد عيسى، مدير النيابة، والمستشار حاتم الزياتى المحامى العام لنيابات شمال القليوبية، التحقيق فى أحداث الخصوص، حيث استمع لأقوال المصابين وأُسر القتلى وقرر استعجال تقارير المعمل الجنائى لمعرفة سبب الحرائق وسرعة إجراء التحريات وضبط وإحضار المتهمين فى الأحداث.
الجلسة التى جمعت كل الأطراف، من الكنيسة والأزهر والأحزاب الإسلامية وكبار شخصيات الخصوص، مساء أمس، انتهت إلى إشراف «بيت العائلة»، المكون من أعضاء من الأزهر والكنيسة، على التحقيقات التى تقوم بها الجهات المختصة، وخرج بعدها القمص سوريال جبرائيل راعى كنيسة مارجرجس ليخطب فى الشباب القبطى لمدة نصف الساعة متواصلة، وسط صيحات وهتافات الأقباط «بالروح بالدم نفديك يا صليب»، و«لينا رب اسمه الكريم»، و«حق الشهداء لازم يرجع فورا»، «هى هى المسرحية من أسوان لاسْكندرية والقبطى هو الضحية»، و«كل مرة يقولوا آسفين واحنا اللى بنشيل الطين».
القمص يونان قال لجموع الحاضرين إنه «كان من السهل عليه أن يحمل سلاحا ويقف وقت الأحداث، فالجميع يعرفه منذ الصغر بأنه لا يخشى أحدا مهما كان»، مطالبا أبناءه بأن يتبنوا لغة العقل والاحترام فى التعبير عن غضبهم حتى لا يقعوا فى الكمين، على حد وصفه.
وفى تصريحات ل«الدستور الأصلي»، قال مصدر كنسى بالكنيسة، فضل عدم نشر اسمه: «الإخوان عندهم أزمة سياسية يحاولون إخفاءها بخلق مشكلة أمنية تلهى الرأى العام عن المشكلات السياسية فى البلاد».
سكرتير عام حزب المصريين الأحرار محمد الكومى، التقط طرف الحديث من المصدر، معلقا «أقول للإخوان المسلمين لن تفلح الخطة، العبوا غيرها».. واستطرد «السلفيون هم الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين.. الحزب حذر الأجهزة المسؤولة من محاولات إثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين»، معتبرا أنه تم اختيار منطقة الخصوص تحديدا لطبيعة مكانها وعدد سكانها البالغ مليونى مواطن، نصفهم من الأقباط.
وسادت حالة من الحزن داخل منازل ضحايا الحادثة، حيث رفض أهل القتيل المسلم التحدث لوسائل الإعلام، مؤكدين انتظارهم نتائج التحقيقات والقبض على قاتل نجلهم، بينما تجمع العشرات من الأهالى أمام منازل القتلى المسيحيين لتقديم واجب العزاء بعد تشييع الجثث.
وفى منزل إحدى ضحايا الأقباط ويدعى عصام تادروس، أفاد شقيقه أسامة أن عصام كان العائل الأول للأسرة، وعن الواقعة قال إنه هو وشقيقه عقب عودتهما من العمل سمعا بالأحداث فهرعا إلى كنيسة مارجرجس التى تبعد خطوات عن منزلهما لحماية الكنيسة، بعد أن ترددت أنباء عن قيام أحد مشايخ المساجد بالمنطقة بالنداء فى الميكروفونات لحث المسلمين على الخروج للقصاص من قتلة الشاب المسلم ومهاجمة الكنائس ومحال الأقباط، وفى أثناء وقوفنا أمام الكنيسة فوجئنا بإطلاق نيران كثيفة وفجأة بدأ الأمن بإلقاء القنابل المسيلة للدموع لنفاجأ بسقوط ضحايا، من بينهم شقيقا عصام، واتهم أسامة الأمن بالتقاعس عن حماية الأقباط، مطالبا الرئيس مرسى وحكومته ووزير داخليته بالإعلان بشفافية عن المتورطين فى الحادثة من الطرفين وتقديمهم للمحاكمة.
وفى منزل ضحية قبطى آخر، هو مرقص كمال الشهير بماركو، أكدت زوجته إنجى مترى «أنها وزوجها ونجلها كانوا مقيمين عند والدتها بعين شمس، غائبين عن المنطقة لمدة 20 يوما، ولم يرجعوا إلا قبل الحادثة بساعات ليخطف الموت مرقص»، وتضيف «رجعنا يوم الحادثة فسمع زوجى أن الكنيسة بتتحرق فنزل لا يحمل شيئا بنية حماية بيت ربنا فانهمرت عليه طلقات الرصاص من كل اتجاه»، مشيرة إلى أنها سمعت أن من كانوا يطلقون النيران ملثمون يركبون الموتوسيكلات ولا يعلم هويتهم أحد، وفجأة علمت أنه توفى وتم نقل جثته لمستشفى المطرية مع آخرين»، وأكدت أن ما يشاع عن أن المسيحيين كانوا يحملون الأسلحة أمر مغلوط، مطالبة المسؤولين بإعلان كل الحقائق حول الحادثة.