محافظ جنوب سيناء خلال لقاؤه «الجبهة»: المواطن السيناوي في قلب الأولويات    رئيس جامعة المنصورة يشارك في «تنمية مهارات قيادات الصف الثاني»    النواب يوافق علي موازنة مديريات الشباب.. وصبحي : صيانة الملاعب أولوية    الصين صدرت 242 ألف سيارة تجارية في الربع الأول من 2025    وزير التعليم يستقبل الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك    ماكرون يهدد بعقوبات جديدة ضد روسيا حال رفض وقف إطلاق النار    النحاس: حققنا هدفنا بالفوز على سيراميكا    غلق وتشميع ومحاضر.. حملة مكبرة لإزالة التعديات والمخالفات بحدائق الأهرام    بيلا حديد تتألق بالأسود علي السجادة الحمراء للدورة 78 من مهرجان كان (صور)    ليوناردو دي كابريو يسلم دي نيرو السعفة الذهبية ب مهرجان كان السينمائي    نصائح للتغلب على الحر والنوم بعمق    وكيل الصحة بالمنوفية يتفقد القومسيون الطبي لبحث تطوير الخدمات    مسؤول روسي: الهدف الرئيسي لمحادثات إسطنبول إرساء سلام مستدام في أوكرانيا    د. أسامة السعيد يكتب: ساعات فى رحاب المجد    هل الصور الفوتوغرافية في البيوت تمنع دخول الملائكة ؟ أمين الفتوى يجيب    كان بيجمع بطاطس.. غرق شاب أثناء عمله بالمنوفية    وزير خارجية سوريا: رفع ترامب العقوبات عن بلادنا نقطة تحول محورية    محافظ الدقهلية: 1457 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية الخليج مركز المنصورة    الصحة العالمية تحذر من عجز أعداد الممرضين في إقليم شرق المتوسط    إلهام شاهين تشارك جمهورها صورًا من على شاطئ البحر في لبنان    رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج يشكر مصر على استضافة البطولة الإفريقية    وكيل وزارة الصحة يعقد اجتماعًا مع لجنة المعايشة بمستشفى سفاجا المركزي    المرأة الوحيدة في استقبال ترامب.. من هي الأميرة السعودية ريما بنت بندر؟    بعد الفوز على سيراميكا.. ماذا يحتاج الأهلي لاقتناص لقب الدوري؟    جامعة برج العرب التكنولوجية تنظم الملتقى الثاني لكليات العلوم الصحية التطبيقية    سن الأضحية من الخروف والماعز والبقر.. يكشف عنها الأزهر للفتوى    مسعود معلوف: الذكاء الاصطناعى والطاقة أهم الاستثمار بين أمريكا والسعودية    «كان يا ما كان في غزة» ينطلق في عرضه العالمي الأول من مهرجان كان السينمائي    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    قرار عاجل من المحكمة في إعادة إجراءات محاكمة متهمين بأحداث شغب السلام    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    بهاء أبوشقة للمشاركين فى منحة ناصر للقيادة الدولية: انقلوا لبلادكم أن مصر واحة الأمن والأمان    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    بالصور- مصادرة مكبرات صوت الباعة الجائلين في بورسعيد    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    مجلس الشيوخ يفتح أبوابه لشباب العالم ويؤكد أن مصر قلب الجنوب النابض    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    استلام 145 ألف طن من القمح المحلى بمواقع التخزين بالصوامع والشون فى بنى سويف    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    محافظ أسيوط يتفقد تدريب 60 فتاة على صناعة التللي بالمجمع الحرفي في الشامية بساحل سليم    ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي ترامب لدى وصوله إلى الرياض    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    صحة غزة: شهيدان فلسطينيان إثر قصف إسرائيلي استهدف مجمع ناصر الطبي    الملالي لاعب أنجيه الفرنسي معروض على الزمالك.. وطلباته المالية تتخطى مليون دولار    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    تشكيل المصري المتوقع لمواجهة فاركو بالدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. هشام عبد الصبور شاهين يكتب: الفول والهالوك والزقوم..!

تتميز أشجار النخيل على كل أنواع النبات والشجر بميزة فريدة؛ أنها إن قطعت رأسها ماتت، أما أنواع الشجر الأخرى فإنها إن قطعت رؤوسها تنبت أغصانها مرة أخرى،

ومن أنواع النبات المعروفة فى مصر شجيرة الهالوك، وهى نبت طفيلى ينبت دائما بجوار أعواد الفول، أوراقه خطافية خضراء، تتعلق بساق وأوراق شجيرة الفول، تغتذي على غذائها وتمتص حياتها حتى تضعف وتهوي وتهلك فى مكانها، ومن هنا جاءت تسمية (الهالوك)، إذ إنه يقضي على محصول الفول بإهلاك شجيراته، وليس من سبيل إلى مكافحته إلا بنزع الشجيرات من جذورها وإحراقها.


شجرة أخرى لم نرها، وندعو الله ألا نراها أبدا، تلك هى شجرة الزقوم، يقول عنها القرآن: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ) – الصافات 64 و65 ، ويبدو من هاتين الصفتين أنها شجرة جهنمية بشعة،

فثمارها تطل من أكمامها كرؤوس الشياطين ! وهى تنبت أصلا فى قاع جهنم ! وكلتاهما صفة لا يمكن تخيلها، فليس من بني الإنسان واحد رأى أصل الجحيم وبالتالي لم ير شجرة الزقوم، ولا نعرف طبعا كيف تبدو رؤوس الشياطين، ولكن الصورة القرآنية ذكرت هذا الوصف لبيان مدى بشاعة الجحيم وفظاعة طعام أهل النار، وكما أن لأهل الجنة شجرهم وفاكهتهم وأعنابهم فى الجنة، فأهل النار أيضا لهم شجرهم؛ زقوم له ثمر كرؤوس الشياطين..


هذه المقدمة عن بعض أنواع الشجر أمهد بها للإفصاح عن أمنيتي، كنت أتمنى أن يكون نظام الرئيس مبارك نخلة؛ إن قطعت رأسها ماتت، لكنني صدمت كما صدم غيري أنه شجرة زقوم، غرست شتلاتها منذ ثلاثين عاما،

وتطرح الآن كل يوم شياطين فساد، وبرغم قطع رأسها (ظاهريا)، ولأنها ليست نخلة؛ فقد تولت أغصانها الجهنمية إكمال المهمة الشيطانية؛ إفشال الثورة على رأس الشجرة، فإعلام الزقوم ومليارات الزقوم وبلطجية الزقوم ورعاة شجرة الزقوم، جميعهم يقومون بمهمتهم خير قيام، في رعاية الشجرة وريها وتضميد جراحها لتقوم مرة أخرى (بالسلامة)، فتؤدي دورها المرسوم لها في إفشال الثورة.
وأفاق الشعب المصري على حقل فوله، وقد تهالكت أشجاره، واحترق زرعه، وراح محصوله، وأدرك أن فسائل الهالوك الشيطانية ما هي إلا امتداد طبيعي لفروع وثمار الزقوم المباركية،

نمت وترعرعت على أعواد الفول المصري، فتعلقت بسيقانه وأوراقه، وغرست أطراف أوراقها الخطافية فى عروقه، امتصت غذاءه ودماءه، حتى اشتد عودها، وتحولت الفسائل أشجارا هائلة تغتذي على دمائنا، وتعتني بإفقارنا، وتصح بإمراضنا، وتحيا بموتنا، وبهذه الطريقة المقيتة شقت شجرة الزقوم تربة حياتنا وأرض بلادنا، فكانت رؤوس الشياطين فسادا أزكمت رائحته الأنوف فى كل مناحي الحياة.


ومما لا شك فيه أن منا من حاول مرارا قطع رؤوس شياطين الفساد، ومنا من ساندها ورواها، وأكثرنا تقبل وجودها فى حياته ورتب أموره على التعايش بها ومعها، فكان من نتائج هذا التعايش أن سمينا الأشياء بغير أسمائها الحقيقية، مارسنا الرشوة صغيرة أو كبيرة وأسميناها (شايا وتفتيح دماغ وتمشية حال)، ووقفنا جميعنا نتفرج على بلادنا تباع مصانعها وأراضيها وشواطئها كأن الأمر لا يعنينا، وأطلقنا على هذه الخيانة كما قيل لنا (خصخصة واستثمارا)، ومارسنا الوساطة والمحسوبية على كل مستويات حياتنا،

ودعوناها (مصلحة ومتمشيش غير كده وشوف نفسك)، وفي ذات الوقت الذي سعينا فيه إلى توريث أبنائنا وظائفنا؛ أنكرنا على الرئيس السابق أن يورث ابنه وظيفته، وضيعنا أوقاتنا أمام قنوات الإعلام الترفيهي التافه، وسمينا العهر والمجون فنا، ومشاهدة مباريات كرة القدم رياضة، والسمسرة والعمولات عملا وعرقا، والتهجم على القيم والمبادئ إبداعا، والنكات الجنسية والإفيهات أسميناها كوميديا، والممثل المتسلق ولاعب الكرة والراقصة اللولبية أصبحوا نجوما، وأسمينا إقامة منتجعات الجولف وحمامات السباحة تنمية، وهكذا ...


فلما قامت الثورة، وقطعت البلاد شوطا لا بأس به في طريق الديمقراطية، خرج علينا منظرو المرحلة المباركية بنفس هيئاتهم الزقومية الهالوكية في وجود ذات المعتقدات القديمة، والفساد المستشري، ليئدوا كل محاولة للإصلاح، فعشنا وشفنا، وأضفنا إلى قاموس مسمياتنا المغلوطة قائمة أخرى، المولوتوف والخرطوش والسنج والآلي سمات أساسية (للمظاهرات السلمية)، قطع الطرق وتعطيل مصالح الناس (تعبير عن الرأي وحرية)، الإضراب عن العمل وحرق المصنع وتهديد أصحابه (حق من حقوق العامل)،

قلة الأدب والتجريح واتهام الناس بالباطل (حرية)، إطلاق الإشاعات ونشر التقارير المزورة في الإعلام من سمات (الإعلام الحر)، التشنيع والشتيمة على صفحات الجرائد (حرية صحافة)، افتعال الأزمات والقضاء على السياحة ومهاجمة الفنادق (وطنية)، تطفيش المستثمرين بافتعال الأزمات والفوضى الأمنية في الشارع، وإطلاق أيدي البلطجية والقتلة واللصوص، مع إضراب شرطة مبارك (استكمال أهداف الثورة)، تأليب الجيش للانقلاب على نظام الحكم (العسكرة أحسن من الأخونة)، وهكذا...
إننا يجب أن نعترف أمام أنفسنا وأمام التاريخ أننا نحن الذين صنعنا الطاغية، صنعناه بسكوتنا وخضوعنا ثلاثين عاما، صنعناه بموافقتنا ومباركتنا وممارساتنا، صنعناه بأن استسلمت أعواد الفول فى حقولنا لهالوكه فاغتذى على دمائنا، وتعملق حتى أصبحت شجرات فساده زقوما، أطلت رؤوسه الشيطانية فى دقائق حياتنا، وتعصف الآن بحاضرنا ومستقبل أبنائنا.. فهل نيأس من الإصلاح ؟


إن الموقف الآن في مصر شبيه بالموقف الذي يصفه القرآن: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين) – يوسف 110، صورة بليغة تصور مدى الكرب والبلاء، والحرج والضيق الذي يصيب الرسل في دعوتهم، إلى حد أن ييأسوا من انتصارهم ! الحق الذي يدعون إليه تتضاءل قدرته أمام قوة الباطل، والباطل تتزايد سطوته وسيطرته، ويبطش ويغدر ويطغى، ويتضاءل الأمل في نفوس (الرسل)، المؤيَّدين من ربهم، ما أعجب وأكرب هذه اللحظة ! وحين تضيق الاحتمالات ويختنق أهل الحق؛ في هذه اللحظة الفارقة يأتي نصر الله لمن نصره فينجيهم، وينال المجرمون جزاءهم..


إننا لن نيأس من الإصلاح أبدا، فأشجار الفول أعلنت تمردها على شجر الهالوك، وثارت على زقوم الشياطين، وهي تنتظر نصر الله، (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) - الحج 40 .. إسلمي يا مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.