الوكالة الأمريكية: المؤسسة العسكرية تنتقد سياسات الإخوان بطريقة غير مباشرة وتصدر تهديدات مستترة فى تقرير بعنوان «الجيش المصرى يومئ بنفاد صبره من الرئيس الإسلامى وجماعته الإخوان المسلمين»، تحدثت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية عن دور المؤسسة العسكرية فى المرحلة العصيبة التى تمر بها مصر مؤخرا.
«أسوشيتد برس» قالت إن الجيش المصرى القوى بدأ يظهر إشارات نفاد صبر متزايدة تجاه القيادات الإسلامية فى البلد، حيث ينتقد سياساتهم بطريقة غير مباشرة، ويصدر تهديدات مستترة بأنه ربما يستولى على السلطة مرة أخرى.
أشارت الوكالة الأمريكية إلى أن التوترات الراهنة تثير شبح تدخل عسكرى آخر، تماما كما حدث فى 2011، عندما حل الجنرالات محل الزعيم المستبد حسنى مبارك بعدما اتخذوا جانب الثوار المعادين لنظام مبارك فى الثورة الشعبية التى استمرت 18 يوما. وأضافت أن الاضطرابات تتزامن مع شعور كثير من المصريين باليأس من نهاية وشيكة للمأزق السياسى المعقد بين الرئيس محمد مرسى وجماعته من ناحية، والمعارضة الليبرالية والعلمانية من ناحية أخرى.
وتابعت القول إن معركة شد الحبل بين الطرفين اندلعت على خلفية قاتمة من الاضطرابات المنتشرة وارتفاع معدل الجريمة وتدهور الاقتصاد.
نقلت الوكالة عن مايكل حنا، الخبير المصرى بمؤسسة «سنشرى فاونديشن»: «فى الجوهر، لن يسمح الجيش بتعرض الاستقرار الوطنى أو امتيازاته المؤسسية الخاصة إلى التهديد بسبب انهيار النسيج الاجتماعى المصرى أو بسبب حرب أهلية واسعة النطاق». مضيفا ل«أسوشيتد برس»: «هذا ليس جيشا أيديولوجيا أو جيشا يسعى إلى زعزعة استقرار الحكم المدنى، لكنه أيضا ليس جيشا يتقاعس فى الوقت الذى تصل فيه البلد نقطة اللا عودة فى الطريق إلى حرب أهلية».
«أسوشيتد برس» قالت إن آخر احتكاك بالجيش بدأ بشائعة أن مرسى يخطط لإقالة اللواء عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع وقائد الجيش، بسبب مقاومته لإخضاع الجيش تحت سطوة الحكومة التى يسيطر عليها الإخوان. كما أوضحت أن السيسى ربما أغضب مرسى الشهر الماضى عندما أشار إلى استعداد الجيش للتدخل، محذرا من أن الدولة قد تنهار فى حالة عدم التوصل إلى حل للأزمة السياسية. فضلا عن تحدثه عن المأزق الذى يواجه الجيش فى حماية منشآت الدولة فى المواقع المضطربة، حيث عزم على عدم إلحاق الضرر بالمحتجين السلميين.
أشارت الوكالة إلى تعليق استفزازى آخر للسيسى، قال فيه إن القوات المسلحة لن تسمح أبدا للإخوان أو أى جماعة أخرى بالسيطرة عليها، مشددا على الهوية الوطنية للجيش. ونقلت عن ياسر محرز، المتحدث باسم الإخوان، رفضه الادعاءات بأن الجماعة تسعى إلى إخضاع الجيش تحت سيطرتها، وقال: «هذا كلام قديم يتكرر كثيرا».
«أسوشيتد برس» قالت إنه ينظر إلى شائعة إقالة السيسى كبالون اختبار من قبل الإخوان لجس نبض الجيش والرأى العام. مشيرة إلى أن المؤسسة العسكرية لم تعلق رسميا على الشائعة، لكن انتشرت تصريحات لمصدر عسكرى لم يذكر اسمه هدد فيها بأن أى محاولة للتخلص من قيادات الجيش ستكون «انتحارا» للحكومة، كما تحدث عن غضب عارم داخل القوات المسلحة.
وتابعت الوكالة أن الموقف بدا خطيرا بشكل كاف، لدرجة أن مكتب مرسى أصدر بيانا وكأنه خطوة لتهدئة الجيش. مستطردة أن البيان الذى ألقى لائمة نشر الشائعات والأكاذيب على الإعلام، لم يكن كافيا لتهدئة التوتر.
نقلت «أسوشيتد برس» عن المحلل العسكرى واللواء المتقاعد محمد قدرى: «ربما ينكر الجانبان التوتر، لكن الجيش أوضح جيدا للرئاسة أن أى محاولة للتخلص من السيسى ستأتى بنتائج عكسية». مضيفا: «يدعون الحب والاحترام المتبادل، لكن ما يحدث لا يدل على هذا».
الجيش أهان مرسى أيضا عندما اختارت قيادات الجيش عدم تنفيذ حظر التجول الليلى الذى فرضه على 3 محافظات الشهر الماضى، حسب الوكالة. وفى تحد مباشر للرئيس، قال عديد من كبار القادة الميدانيين إنهم لن يستخدموا العنف ضد المدنيين فى محافظات القنال الثلاثة، كما أضافت «أسوشيتد برس».
كما وجه رئيس الأركان، صدقى صبحى، تحذيرا ضمنيا آخر لمرسى والإخوان هذا الأسبوع، وفقا للوكالة الأمريكية، حيث قال: «فى الوقت الذى لا ينخرط فيه الجيش حاليا فى السياسة، إلا أنه يضع نصب عينيه ما يحدث فى البلد، وإذا احتاج الشعب المصرى إلى القوات المسلحة فسيكون الجيش فى الشوارع فى أقل من ثانية». مضيفة أن صبحى أدلى بتصريحاته تلك فى الإمارات التى تتهم حكومتها الإخوان المصريين بالتدخل فى شؤونها، وألقت القبض على 11 مصريا هناك بسبب انتمائهم إلى الجماعة.
«أسوشيتد برس» أشارت إلى توضيح مرسى والإخوان لعدم رغبتهم فى رؤية الجيش يلعب أى دور سياسى، لكنهم لم يوقفوا السيسى عن دعوة قادة المعارضة والقادة الإسلاميين الموالين لمرسى لمحادثات غير رسمية لشجب الأزمة حول الإعلان الرئاسى الذى أصدره مرسى فى نوفمبر 2012. مضيفة أنه بعد ضغط من الإخوان، سحب السيسى دعوته بعد ساعات فقط من بداية الاجتماع.
وقالت إنه فى ظل الفوضى المتفشية فى البلاد، والهتافات التى تطالب بتدخل عسكرى فى أثناء الاحتجاجات، نتج عنها عودة خجولة. كما أشارت إلى أن المناخ السياسى المشحون والانهيار الاقتصادى ربما يجعلان تولى الجيش الحكم يبدو وكأنه تطور مرحب به فى بعض الزوايا المصرية، أو على الأقل شر لا بد منه ربما يخلص البلد.
تابعت «أسوشيتد برس» أن الجيش ربما لا يرغب فى إقحام نفسه مباشرة مرة أخرى فى السياسة أو الحكم، خصوصا أن هيبته شوهت بشكل سيئ بسبب الانتقادات اللاذعة لإدارته للمرحلة الانتقالية بعد مبارك.
