اشادت ان باترسون السفيرة الامريكية لدى مصر بجهود الصحفيين المصريين من اجل حرية الصحافة فى مصر وقالت فى كلمتها امام مؤتمر نماذج تنظيم البث الإعلام الذى نظمته الجامعة الأمريكية بالقاهرة اليوم الاحد انه انه لا توجد مسالة اكثر اهمية فى مصر فى الوقت الحالى من التحديات التي تواجه الصحافة، لأن وسائل الإعلام الحرة هي السبيل الوحيد لإظهار قضايا الديمقراطية وحلها... واكدت باترسون ان الصحفيين المصريين اظهروا - وحتى قبل ثورة 25 يناير،- شجاعة هائلة يومياً في نضالهم من أجل تعزيز العملية الديمقراطية في البلاد. وكما تابع العالم، فقد ساعدت تقاريرهم الإعلامية المتزامنة وتحليلاتهم واختراقاتهم الصحفية على فتح صفحة جديدة واعدة في التاريخ المصري.
واضافت السفيرة الامريكية خلال المؤتمر ان هؤلاء الصحفيين تعاملوا وعلى مدي عامين منذ قيام الثورة، - مثل كل المصريين - مع ساحة سياسية تغيرت بشكل درامي.. وقد أدت عملية التطور السريع في البلاد إلى تقديم تحديات وفرص جديدة للعاملين في الإعلام..
وقالت السفيرة باترسون ان أحد القيادات المصرية في مجال حقوق الإنسان اكد لها أن جميع قضايا حقوق الإنسان في مصر قيد المناقشة الآن من حقوق المرأة، والحق في ممارسة المعتقدات الدينية، وحقوق العمال.. وتعد حرية وسائل الإعلام هي الأهم، لأنه من خلال الإعلام فقط يمكننا أن نكتشف ما الذي يجري في المجالات الأخري.
اوضحت ان المصريين باختلاف معتقداتهم وخلفياتهم وتنوعها اطلقوا العديد من المحطات التلفزيونية والصحف الجديدة.. كما شهدت المنشورات القائمة تطوراً متأثرةً بروح الديمقراطية والشفافية. كما أصبحت المناقشات الحية التي يجريها الإعلاميون المصريون جزءا لا غنى عنه من التحول الديمقراطي في البلد.
وقالت ان باترسون ان البعض اعرب عن القلق من أن الإفراط في في حرية التعبير تعد خطراً قائلة ولقد رأينا هذه المخاوف تتجسد في شكل قوانين تجرم "إهانة" أشخاص ومؤسسات.
واعربت عن اعتقادها بأنه من المهم أن نتذكر أن الفارق بين تعليق ناقد وبين إهانة شرف أو كرامة فرد ما هي مسألة تقديرية تخضع لنظرة المتلقي.
واشارت الى ان الديمقراطيات الناجحة وجدت أنه نظراً لكون هذا الفارق أمراً نسبياً ونظراً لأن حرية التعبير هي حق أساسي، فإنه من الأفضل دوماً ان نتجاوز ونسمح بحرية التعبير حتى وإن وجد البعض بها إهانة بدلاً من محاولة قمع هذه الحرية.. اضافت ان أولئك، الذين يجدون أنفسهم أمام الرأي العام، مثلها، من الأفضل لهم أن يعملوا على " اكتساب جلود أكثر سمكاً بدلاً من إضاعة الوقت والموارد في مقاضاة ناقديهم".
وقالت انه وفى الولاياتالمتحدة ، لدينا تقليد ممتد وملحوظ من السخرية من قادتنا، بداية من رسوم الكاريكاتير السياسية في الماضي إلى برامج الكوميديا المسائية في الوقت الحاضر موضحة ان هذا الأمر ينقل رسالة سياسية مهمة، أيضا، وهي أن قادتنا والشخصيات العامة لا ينبغي أن يأخذوا أنفسهم على محمل الجد بشكل مبالغ فيه، وأنه لا يوجد أحد فوق الحق في النقد بل وحتى الاستهزاء، وأنهم جزء من المجتمع الأوسع.
واضافت ان التغيرات العميقة التي شهدتها مصر رفعت توقعات الناس بشأن وسائل الإعلام. وان الناس يرغبون في في معرفة وقائع حقيقية، موضوعات موثقة خضعت للبحث، وتحقيقات صحفية تتحدى السلطات لمتابعة التزاماتها.. وقالت انهم على حق للمطالبة بهذه الأمور. اكدت ان الديمقراطية السليمة يجب أن تتضمن وسائل إعلام ذات مهنية وأخلاقية وموثوق بها ووسائل إعلام يمكن الاعتماد عليها في القيام بواجبها بدلاً من اختلاق الوقائع.
وقالت ان هناك دائماً مكانا لما نسميه في الولاياتالمتحدة "الصحافة الصفراء".. وبالتأكيد تعتبر القصص الخاصة بالأطباق الطائرة، والنميمة حول المشاهير، والأنظمة الغذائية المبتكرة من الموضوعات المسلّية.
وفى مصر يميل هذا النوع من الصحافة أيضا إلى نظريات المؤامرة، التي تنطوي في كثير من الأحيان على دور للولايات المتحدة. ولذا نعمل دائماً على الاتصال بالصحفيين ورؤساء التحرير الذين يختلقون قصصاً عن الولاياتالمتحدة ونخاطبهم هم ومحرريهم، ونتطلع إلى أن يؤدي نضج الجمهور إلى المطالبة بمعايير صحفية عالية على نحو متزايد.
واضافت ان تقارير صحافة "التابلويد" لا يمكنها أن ترضي شهية الشعوب التي تحررت حديثاً والمتعطشة إلى معرفة حقيقة ما يجري في بلادها وفي العالم.
وقالت السفيرة الامريكية ان باترسون ان خلاصة القول هي أن على الصحافة المصرية أن تطور نفسها إذا أرادت أن تستمر وأن تحظي بالاهتمام.. ولا يمكن للصحفيين أن يدعون المتظاهرين إلى الإنخراط في أعمال العنف التي تعمل على تقويض اقتصادهم، ولا يمكن لهم أن يكذبوا على الجمهور لمجرد خدمة مصالحهم الخاصة فهذا السلوك يجب يلقى إدانة من المشاهدين والقراء، مع توجيه الشكوى لأصحاب وسائل الإعلام والمعلنين لديهم.
واوضحت انه ولإبراز الحاجة إلى الإصلاح، دعونا ننظر إلى ما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية فقد شهدنا قضايا يتم رفعها في المحاكم ضد الصحفيين لمجرد تعبيرهم عما يدور بأذهانهم كما شهدنا محاولات مقلقة جداً لتخويف الصحفيين من خلال الإحاطة باستديوهاتهم في مدينة الإنتاج الإعلامي مع استجابة محدودة من السلطات.
وقالت " وقد أخبرني صحفي بارز طيب السمعة قبل يومين أنه تم رفع 200 دعوى ضد وسيلته الإعلامية" معتبرة ان ذلك" تحرش واضح وإلهاء لوسائل الإعلام عن القيام بدورها المهم" .
اوضحت ان كل هذا قد أحبط الجمهور وأصبح من الصعب جداً على الكثير من الصحفيين المتميزين في مصر أن تصل أصواتهم وترتفع فوق ضجيج في الخلفية من الأكاذيب والشائعات وعدم الثقة.
واضافت ان الأخلاق والمهنية والعمل الجاد - هذه هي الأدوات التي يجب على وسائل الإعلام المصرية أن توظفها لاستعادة ثقة الجمهور.. وتنخرط كل ديمقراطية في نقاش متواصل حول حدود حرية التعبير، وتعريف التجاوزات مثل التشهير والتحريض على العنف.
اضافت السفيرة الامريكية ان باترسون انها تعرف أن القرارات الخاصة بما نسميه الأخلاق العامة، والبذاءة، وإهانة المعتقداتهم الدينية هي قرارات صعبة للغاية ولقد تمت مناقشتها في محاكمنا ومجالسنا التشريعية لسنوات. وفي الولاياتالمتحدة، لم يكن سعينا لتحقيق التوازن بين الحرية والمسؤولية أمراً سهلا. ونحن لسنا على صواب دائماً. ولكن الاعتراف بأن هذا النضال يجب أن يحدث، والتفاني لضمان تقديم خدمة جيدة للجمهور، يسهم في الممارسة المسؤولة للصحافة. هذا هو المسار الذي آمل أن يسير عليه الجيل الصاعد من الإعلاميين المصريين في قيادة زملائهم والجمهور.
وتساءلت باترسون فى كلمتها عما اذا كان هناك دور للحكومة ينبغي عليها القيام به؟
وأجابت .. "بالتأكيد " يمكن للحكومة تلبية توقعات الجمهور من خلال ضمان التنظيم الذي يعزز التفكير والمعايير المهنية الشفافة التي تحظى بقبول على نطاق واسع ولكن الإفراط في التنظيم قد يكون أسوأ من غياب التنظيم على الإطلاق. يمكن للحكومة أن تمثل الشعب، لكن لا يمكنها أن تدعي معرفة إجابات كل الأسئلة.
وقالت انه وبشكل عام، ينبغي ألا تمارس الحكومة في ملكية وتشغيل وسائل الإعلام، والتجربة تدل على أنه من المستحيل تقريبا لوسائل الإعلام المملوكة للحكومة أن تحافظ على استقلال السياسة التحريرية الضرورية لاعتبارها مصادر موثوق بها للأخبار والتحليلات.
اشارت الى انه ولمنظمات المجتمع المدني أيضا دورا هاما لتؤديه.. وفي كثير من البلدان، هناك منظمات خاصة تكون بمثابة الرقيب للصحافة والحكومة. كما تشجع المؤسسات الصحفية المرموقة العاملين بها على ممارسة أعلى المعايير المهنية.. وكذلك تدعم النقابات والجمعيات المهنية الصحافية معايير غير رسمية للسلوك، ليلتزم أعضاؤها بها.. ولبعض هذه التنظيمات لجان من شأنها معالجة الشكاوى من السلوك غير المهني ضد أعضاءها وتصدر أحكام غير ملزمة.
واشارت باترسون الى ان الولاياتالمتحدة شهدت في السنوات الأخيرة خلافات حول ما إذا كان استخدام المال - لا سيما في الحملات السياسية – هو شكل من أشكال التعبير، وما إذا كان ينبغي إجبار الصحفيين على الكشف عن مصادر معلوماتهم، وعما إذا كانت محطات التلفزيون تتحمل مسئولة إذا ما خالف ضيوفها قوانين الآداب العامة.
وقالت ان كل هذه الموضوعات ليست موضوعات بسيطة وبالتالي لا توجد إجابات صائبة بشكل واضح.. وقد دفعت تجربة الولاياتالمتحدة في هذا المجال مجتمعنا نحو وسائل الإعلام المملوكة للقطاع الخاص التي يتم تنظيمها من جانب قوى السوق التنافسية.. وكل بلد يحقق التوازن الذي يتفق مع تاريخه وثقافته وقيمه. ولكن في النظام ديمقراطي، تقل أهمية إيجاد الأجوبة بالمقارنة بضمان وجود مساحة لمناقشات قوية وصريحة.
ووجهت باترسون التحية للجامعة الأمريكية بالقاهرة لتنظيم واستضافة هذا المؤتمر الحيوي. معربة عن الثقة بأنه - من خلال وضع المصلحة العامة فوق الطموحات الشخصية وأجندات الأحزاب السياسية – سيستطيع الإعلاميون المصريون بالتعاون مع الحكومة، من إعادة تنشيط الصحافة هنا، لتستعيد قوتها، وتصبح مصدراً موثوق به