ذكرت مجلة «رؤي» السعودية في عددها الأخير أنها تلقت اتصالاً من سيدة أعمال سعودية (33عاماً) من سكان مدينة جدة بغية نشر إعلان بالمجلة تطلب فيه السيدة رجلاً يتزوجها. وذكرت في الإعلان أنها علي استعداد لدفع مبلغ خمسة ملايين ريال سعودي لمن يقع اختيارها عليه من بين المتقدمين. أضافت المجلة أن السيدة أوضحت أن همّ الزواج يعتبر الهاجس الأوحد بالنسبة لها كونها لم توفق في الاختيار حينما تزوجت في المرة الأولي، ونشرت علي لسان السيدة أنها لا يهمها كون الزوج يبحث عن مالها أو لا، لكنها تبحث عن رجل يقدر العشرة الزوجية، وأبدت استعدادها لأن تتزوجه مسياراً وأن تدفع له 5 ملايين ريال وتسكنه معها في فيلتها الخاصة شريطة أن يوافق علي جميع الشروط التي ذكرت أنها سوف تطلعه عليها لاحقاً!. طبعاً لا يثير الدهشة أن المجلة تلقت آلاف المكالمات والفاكسات والرسائل التي أبدي أصحابها استعدادهم الزواج من السيدة. ولم تكن المجلة وحدها التي تلقت الطلبات وإنما انهمرت علي الصحف والمجلات الخليجية الاتصالات بغية إيصال أصحابها بالسيدة المذكورة في حالة معرفتهم بها، وبالطبع لم تفوت الصحف الفرصة وإنما أجرت استطلاعاً بين الحالات المتقدمة أسفر عن نتائج مدهشة فبعض المتقدمين كانوا شباباً صغيراً في أوائل العشرينيات وبعضهم كانوا شيوخاً فوق الستين، وبين من تقدموا كان هناك ثلاثة إخوة ووالدهم عرضوا أن تختار واحداً منهم وعندما سألوا الأب عن موقف زوجته من الأمر أوضح أن القرار تم اتخاذه بالإجماع داخل الأسرة وأن زوجته موافقة ومرحبة!. وهناك اتصالات وردت من سيدات طلبن خطبة السيدة لبعولهن وقد ذكرن أنهن لا يشعرن بأي غيرة لكنهن يرغبن في إسعاد امرأة مثلهن تعاني الوحدة!. إلي هذا الحد وصل الأمر، ولا أستبعد أن تحمل الطلبات التي ما زالت تتواصل مفارقات مبكية علي الانقلاب الذي حدث في القيم والمعايير ودعائم الأسرة، والرغبة المتوحشة التي تملكت الناس في حيازة المال من أي طريق، إذ إن أحداً من المتقدمين لم يسأل عن شكل السيدة ومواصفاتها أوعن طباعها وسلوكها..كل هذا لم يهم وإنما فلوسها فقط هي التي أسالت لعاب الرجال وأبناءهم وزوجاتهم!. ولا أدري والحال هكذا ما الذي يمنع هذه السيدة لو أرادت أن تتسلي من أن تضيف شرطاً جديداً في طلبها وهو أن يطلق الرجل زوجته إن كان متزوجاً وأن يتبرأ من أبنائه ويهجرهم، ولا بأس لو أرادت المزيد من العبث أن تطلب ممن أراد أن يفوز بها أن يقف في جمع من الناس ويقول لهم بصوت جهوري:«أنا مرة». وليس عندي شك في أنها ستحصل علي آلاف الراغبين في القيام بكل ما تطلب مهما بلغت غرابته وشذوذه. ولعله من المفارقات العجيبة أنني قرأت هذا الخبر في مجلة الخليج الإماراتية وإلي جواره مباشرة خبراً آخر لا يقل إدهاشاً ولكن في الاتجاه المعاكس. الخبر الآخر يقول:«يرفض جائزة مليون دولار» وتفصيلاته تقول إن باحثاً روسياً اسمه «جريجوري بيرلمان» قد تمكن من حل أحجية في الرياضيات عمرها قرن من الزمان بالغة الصعوبة ورفض تسلم مليون دولار قيمة جائزته التي رصدها معهد الرياضيات البحتة بالولايات المتحدة لمن ينجح في حلها. ولم يكتف بيرلمان برفض تسلم المليون دولار وإنما قام بنشر حله الصحيح عبر شبكة الإنترنت ليتعرف عليه الجميع، واعتبر نفسه غير محتاج للأموال فلديه كل ما يكفيه، وذلك علي الرغم من أنه يقيم في شقة متواضعة ليس بها سوي سرير وطاولة وكرسي بأحد الأحياء الفقيرة بمدينة سان بطرسبرج. وكان بيرلمان قد امتنع قبل ذلك عن حضور حفل منحه ميدالية العلوم من الاتحاد الدولي لعلماء الرياضيات في مدريد. وقد علق علي رفضه الميدالية والتكريم والمليون دولار بقوله:لست مغرماً بالمال أوالشهرة ولا أرغب أن أكون مثل الحيوان الذي يتفرج عليه الجميع بحديقة الحيوانات. أردت بهذا أن أعرض الفرق بين الصلابة والتماسك النفسي والشرف عند رجل نظر إلي الحياة فرآها علي حقيقتها: حصاد الهشيم وقبض الريح، وبين آخرين تتملكهم الرخاوة والتهروء النفسي وعدم الممانعة في إظهار حيوانيتهم علي الملأ..في سبيل المال!.