صارت «ست الحبايب» هي عنوان لأغنيات عيد الأم، الكل غني للأم «نجاة»، «شادية» «فوزي» إلا أن ست الحبايب بصوت «فايزة» وتلحين «عبد الوهاب» تقف علي القمة.. لو سألت عن السر وراء كل هذا النجاح سوف تأتي الإجابة قاطعة إنه الصدق وهي إجابة صحيحة بالطبع ولكنها إجابة عامة تصلح لكل شيء ولهذا فإنها لا تصلح لتحليل أي شيء.. ما السر إذن؟ إنها تلك الشفافية.. الحالة الإبداعية تبدأ كشرارة، ثم تنطلق بعيداً ربما تتناقص أيضاً عن نقطة البدء.. مثلاً «ست الحبايب» كما حكي لي شاعر الأغنية «حسين السيد» كان هو اسم الدلع الذي تصف به والدة «حسين السيد» ابنها فهي تناديه علي سبيل الدلال قائلة له «ست الحبايب»، وهو تعبير كما نري خاص جداً لن يستطيع أحد خارج نطاق أسرة «حسين السيد» أن يستوعبه ولا حتي يستسيغه.. في لحظة تذكر «حسين» والدته وأراد أن يكتب لها أغنية ووجد أن الخيط بدأ مع «ست الحبايب» فكانت الكلمات تنساب رغماً عنه إلي درجة أنه استدعي السيدة زوجته «د. نعيمة» أستاذة الأدب الفرنسي لكي تساعده في الكتابة لأن الأفكار كانت أسرع منه فكان يكتب شطرة وقبل أن ينتهي من الكتابة تأتي له الثانية فيسمعها إلي زوجته وهكذا كان زمن قراءة كلمات الأغنية أقل حتي من زمن كتابتها.. الشاعر «مرسي جميل عزيز» له أغنية للمطربة الشعبية «أحلام» لحنها «محمود الشريف» مطلعها يقول «توب الفرح يا توب» استلهم «مرسي» هذا التعبير من نداء كان ولا يزال شهيراً في الأحياء الشعبية حيث يقول الباعة «توم الخزين يا توم» وهكذا استطاع الشاعر أن يحيل «التوم» ورائحته المنفرة إلي حالة من البهجة والسعادة ممزوجة بالتأكيد برائحة الفل والياسمين.. الشاعر «مأمون الشناوي» لم يجد للتعبير عن هزيمة 67 إلا هذه الكلمات الفولكلورية «العتبة جزاز والسلم نايلو ف نايلو» للثلاثي المرح وتلحين «علي إسماعيل» لم تكن الأغنية في البداية إلا تعبيراً بدوياً يقال عن ليلة الدخلة إلا أنه بعد احتلال سيناء في الساعات الست ألحت علي «مأمون الشناوي» هذه الصورة التي تعني الاستسلام ولم تكتشفها الرقابة.. الشاعر «عبد المنعم السباعي» وكان ضابطاً في القوات المسلحة برتبة «رائد» وأحد رجال الصف الثاني في تنظيم الضباط الأحرار ولهذا أسندوا له بعد قيام الثورة منصب رئيس أركان الإذاعة؟! وكان في وقت ما مسئول عن الرسائل التي تصل إلي رئيس الجمهورية ولكن هناك من أفسد العلاقة بينه وبين الرئيس «جمال عبد الناصر» فاستقال من الإذاعة ومن مكتب الرئيس فكتب لعبد الناصر تلك الرسالة بصوت أم كلثوم «أروح لمين وأقول يا مين ينصفني منك»؟!