هناك نماذج كثيرة نراها حولنا كل يوم.. أن ترى شخصاً انهمك في العمل إلى الدرجة التي جعلته بلا أصدقاء.. بلا زواج.. بلا راحة بال أو استمتاع بالحياة.. فهو أكثر عرضة لأمراض القلب وتصلّب الشرايين وضغط الدم والسكر بسبب الضغوط. الأهم من النجاح: أن نتوقف قليلاً ونستمتع بهذا النجاح.. ولكي نفعل هذا يمكننا القيام بهذه الأفكار البسيطة: 1- غيّر الاعتقادات السلبية: هل تؤمن أن الشخص الناجح لابد أن يكون مشغولاً جداً؟ ربما تكون هذه الفكرة هي السبب الحقيقي الذي يدفعك لهذا النمط من الحياة.. فقد أقنعت عقلك اللاواعي أن الانشغال الشديد من صفات الشخص الناجح؛ فأصبح هذا أسلوب حياتك بطريقة لاواعية.. فكلما وجدت نفسك مشغولاً جداً؛ كلما شعرت في داخلك أنك شخص ناجح وأنك تسير في الطريق السليم! غيّر أفكارك السلبية.. وضع صورة جديدة في مخيّلتك لمثلك الأعلى الناجح.. فهو يجد وقتاً لكل شيء، ومكتبه مرتّب، وتفكيره منظّم، ولديه وقت فراغ للاستمتاع بالحياة خارج نطاق العمل.. بالتأكيد ستجد هذا النموذج وسط من تعرفهم أو يمكنك أن تجده.
2- راحة: هل تغلق هاتفك المحمول (الخاص بالعمل) في يوم الإجازة؟ من المهم أن تخصص وقتاً مقدساً للراحة.. وقتاً لا تفعل فيه أي شيء ولا تشغل بالك بأية مشاكل.. خصّص وقتاً كافياً للنوم يومياً، ولا تهمل هذا؛ لأنه يؤثر جداً على أدائك طوال اليوم.. مارس التأمل أو اليوجا، وإن كنت لم تقرأ ما كتبناه عنهما في مقالات سابقة؛ فيكفيك التالي: روّق دماغك، وريّح بالك وما تفكرش في أي حاجة خالص! هذا ما يحاول ممارسو اليوجا والتأمل فعله ببساطة.
3- الأكل: ربما يحدث الإرهاق بسرعة؛ لأن العناصر الغذائية غير متوازنة.. يمكنك التنويع في مصادر الغذاء بدلاً من الاعتماد فقط على الكربوهيدرات كما نفعل غالباً، كما يمكن الاستعانة بمكملات غذائية (فيتامينات) بعد استشارة الطبيب.. لا مانع من هذا أبدًا.
4- التفكير: لا تفكر في الأشياء الخارجة عن سيطرتك.. ركّز فقط في الجانب الذي عليك إنجازه ودع النتيجة تحدث وحدها بعد ذلك.. مثال: من المهم أن تفكّر وتشغل بالك بالامتحان كي يدفعك هذا للمذاكرة بإخلاص.. لكن بعد الامتحان: لماذا تظل قلقاً وتفكر في النتيجة ليل نهار؟ لقد أديت الجانب المطلوب منك بالفعل؛ لكن التفكير بعد الامتحان (أو حتى مراجعة الامتحان) لن يفيدا شيئاً! وبالمثل يمكنك أن تفكر كثيراً في المقابلة الشخصية كي تستعد لها.. لكن بعد انتهائها ما فائدة القلق؟ هذا القلق قد يعيق حياتك ويجعلك عاجزاً عن التركيز في نشاطات أخرى قد تكون ذات فائدة حقيقية لك لو ركزت فيها. ما أقصده هو: أن تتوقف عن التفكير في الأشياء التي فات أوانها أو التي ليست في يدك.. وركّز فقط في الأشياء التي في إمكانك فعلها... أو بمعنى آخر: اعمل اللي عليك وسيب الباقي على ربنا.
5- إدارة الوقت: قد يكون وقتك مشحوناً طوال الوقت نتيجة لسوء تنظيم الوقت؛ يمكنك هنا أن تقوم بأشياء متعددة منها: للعمل وقت محدد: بعد انتهاء فترة العمل الرسمية لا تسمح لنفسك بالتفكير -مجرد التفكير- في العمل ومشاكله وهمومه.. فهذه التفاصيل مكانها في مكتبك؛ فلا تأخذها معك في المنزل. التفويض: لا تقم بكل شيء بنفسك.. هناك من يمكنه أن ينوب عنك في هذا (مثال: فاتورة التليفون ممكن البواب هو اللي يدفعها لو وقتك ضيق!) الأولويات: قم بالأهم أولاً، والذي يدرّ عليك أكبر نفع ممكن على المدى البعيد.. لا تنشغل بصغائر الأمور التي تعطّل وقتك ولن تفيدك كثيراً. احذر المقاطعات: كثير من الناس يقاطعونك أثناء العمل أو تجد اتصالات هاتفية غير مهمة تشتت تركيزك.. ضع نظاماً واضحاً لإبعاد الناس عنك وقت العمل.. ولاحظ أن الذي يكلّمك وقت العمل يفعل هذا؛ لأنه وجدك تشجّعه على هذا السلوك، وتترك عملك ببساطة لتتحدث معه.
6- التركيز: اعرف ما هو هدفك، واسع إليه.. هذه أول خطوة كي تبعد عن نفسك الأنشطة التي تشتتك وتضيع وقتك، ولن تصبّ في اتجاه تحقيق هدفك في النهاية.. فلو كنت تريد أن تكون مديراً ناجحاً -مثلاً- فلا تضيّع وقتك في أنشطة وظيفية أخرى تستنزف وقتك وتركيزك واهتمامك، ولن تصل بك إلى هذا الهدف في النهاية.
7- الرفاهية: متى ذهبت للسنيما آخر مرة؟ ما هي آخر مسرحية شاهدتها؟ متى سافرت في إجازة للاستجمام؟ من المهم أن نركز في الرفاهية على عكس ما هو شائع في ثقافتنا من احتقار وسائل التسلية.. ومن فضلك لا تقل لي (يا عم ما حدش معاه فلوس للحاجات دي!) لأن المسرحيات في الهناجر والأحداث الثقافية، والعروض الموسيقية في الساقية ومراكز الثقافة وكذلك المعارض الفنية.. إلخ، كلها أشياء لن تكلّفك الكثير.. لو قررت الاستمتاع بوقتك فهذا ما ستفعله.. حتى وإن كان الجلوس في المنزل وقراءة كتاب لطيف أو مقابلة الأصدقاء والحديث في كلام فارغ! يمكننا أن نتكلم كثيراً عن أهمية إدارة الضغوط؛ بدلاً من الاستسلام ببساطة للاحتراق النفسي. من المهم أن نعرف جيداً أن الأهم من النجاح هو: الاستمتاع بهذا النجاح.. لأننا نعيش في الدنيا مرة واحدة فقط.. فلماذا لا تكون أروع حياة ممكنة؟