محمد خضير "لن تحكم القاعدة الشعبية بلادها إلا إذا استطاعت خلق مجالس ثورية في مواقع العمل والسكن.. مجالس عمّالية ومحلية تنقل الثورة من المطالبة للفعل"... هذا ما أكّده الفنان خالد الصاوي في حواره مع "بص وطل"، عندما سألناه عن الاحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخرا، والوقفات الاحتجاجية المطالبة بإقالة وزير الثقافة، كما أعلن عن آرائه ومواقفه في العديد من الأزمات السياسية والفنية، والتي تعرفونها في السطور التالية... لك موقف معارض مِن نظام الرئيس محمد مرسي، ختمته بتوقيعك استمارة "تمرّد"؛ فعلى أي أساس تناهض النظام الحالي؟ نحن أمام سُلطة مستمرّة في توطيد دعائمها بجميع مؤسسات الدولة، ومِن ضمن الأسباب التي قامت من أجلها الثورة هو إعادة هيكلة الدولة، وتغيير طريقة بناء المجتمع بالشكل الذي اعتدناه في النظام السابق، ولسنا في حاجة لهذه الدولة القديمة وأعمدتها المتآكلة؛ فالثورة قامت من أجل الإصلاح والتغيير الشامل، ومع الأسف الشديد هذا لم يحدث حتى الآن، وما زال الحزب الوطني هو الحاكم، ولكن في ثوب الإخوان والحرية والعدالة. اعْتَبر البعض دعوتك للتوقيع استمارات تمرّد بأنها نوع من التهديد، بعدما قلت إن تمرّد هي الحركة السلمية الأخيرة أو فالبديل مُر؟ ليس تهديدا، وإنما نوع من التوعية بتراكم الأخطاء؛ فالمقصود بالبديل المرّ هو البلطجة السياسية. لماذا تُنادي دائما بإلغاء وزارتَي الثقافة والإعلام؟ لأنني لا أُؤمن بوزارة للثقافة أو للإعلام، وأرى أن وجودهما في الأنظمة الشمولية يهدف إلى السيطرة على أذهان الناس، وتوجيه الرأي العام، لكني أؤمن بوجود مجالس قومية متخصّصة تقوم بحفظ التراث المصري وتفعيله ونشر الوعي الجماهيري، وليس بطريقة الأشخاص المجنّدين في الوزارات لخدمة النظام، ولا نريد وزارة ثقافة وإعلام، بل نريد تقليص ميزانيتهما وتحويلهما لمن يهتمّ بالبحث والتراث، بعد أن تحوّل كل منهما إلى مرتع كبير للمتكسّبين والمتعيّشين، ولا يُقدّمان خدمة ثقافية حقيقية ولا إعلاما حكوميا حرّا أو مستقلا. وماذا عن موقفك بالنسبة لوزير الثقافة الحالي، وما يُثار حوله حاليا من احتجاجات واعتصامات؟ الوزير الحالي جاء من خارج السياق، من اللامكان، وربما كان له دور أكاديمي، لكن على الساحة الثقافية فليس له دور، ولم يكن له دور لولا أنه من رجال الإخوان. على الرغم من انتمائك لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي؛ فإنك ترفض المشاركة في الحياة النيابية؟ من الصعب أن أرشّح نفسي لعضوية البرلمان؛ لأن القصة البرلمانية باتت فاشلة على مستوى العالم، وأنا ضد نظرية المؤامرة أمام المرشّح "إنهم ينتخبوه وبعد ذلك يشيلوه من البرلمان"، لكني مع فكرة المجالس القاعدية المكوّنة من الأهالي داخل مجالس العمل، وأن يكون المجتمع كله فعّالا ليُخرج أشكالا نيابية فعّالة قادرة على بناء المجتمع من أسفل. في نظرك.. ما هو السيناريو المتوقّع ل30 يونيو القادم؟ كل مَن يدّعي أنه قادر على التنبّؤ فهو مخطئ؛ لأن الصورة غير واضحة المعالم، ولم تتوفّر لها الخيوط حتى الآن؛ فمثلا تتوقّع نزول حشود عديدة لأرض الميدان، لكنها من الممكن أن تغيّر اتجاهها في آخر لحظة، وترفض أصلا النزول من المنزل والعكس؛ فالسيناريوهات كثيرة أمام هذه الدوّامة الكبيرة التي ضمّت مؤخرا تركيا بعد سوريا وتونس، ونحن كمصر في محور هذه الدوّامة، وأتمنّى أن يكون 30 يونيو يوما عالميا، ولكن بشكل متحضّر. على ذكر الثورات وما يحدث بتركيا.. نشرت على صفحتك بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك كلاما يقول: "لو سمحت وبكل أدب لو حضرتك من أنصار أردوغان وحزبه أو نهضة تونس أو أي نظام يدور في ذات الفلك، اخرج من قائمة أصدقائي؛ لأن صداقتنا صارت مستحيلة"؟ لأني أشارك في النشاط الاجتماعي منذ أكثر من 17 عاما، ودائم الصدام مع الجماعات الإسلامية منذ عام 1984، وبدأت الحركة ب50 من اليسار الاشتراكي واليسار القومي، وفي أحداث 1985 خرجت علينا هذه الجماعات لتُحاول فرض نفسها على الساحة؛ فأنا أُعارض جميع الأنظمة التي تعطّل حركة البلاد نحو التغيير، وكتبت هذا الكلام لكل مَن يدّعي البطولة. كان لك صرخة مدوّية وتمنّيت الموت قبل أن تسمع خبر خطف الجنود المصريين؟ بكل تأكيد.. صرخت وتمنّيت أن أموت قبل أن يصلني هذا الخبر المفزع والمحزن؛ لأنها محاولة لزعزعة قدرات جيشنا، وقد عايشت النكسة وأنا عندي 4 سنين، وكانت المرة الأولى والوحيدة التي شاهدت فيها والدي يبكي، وشرح لي ماذا تعني مصر لإسرائيل، وما هي المخطّطات التي تقوم بها مع قوى التحالف، لدرجة أنني تحمّست أن أُشارك في أرض المعركة، وألتحق بإحدى الكليات العسكرية، وأن أنضمّ لضبّاط الصاعقة حتى أُمحي وجود هذا التحالف نهائيا، لكن عندما التحقت بالثانوية العامة تبدّلت أحلامي وتغيّرت، وتمنّيت أن أكون عضوا فعّالا وثوريا بعيدا عن أرض القتال الميداني؛ فنحن أمام مهزلة أننا نقوم بثورة تقلب موازين العالم، ثم تكون النتيجة السلبية هي خطف الجنود. الصاوي: أتمنّى أن يكون 30 يونيو يوما عالميا وردّ على لسانك في فيلمك الأخير "الحرامي والعبيط" جملة "مافيش أكتر من العبط في مصر"؛ فهل لها دلالة معيّنة؟ بالنسبة لي لا توجد أي حقائق، وكلها أمور نسبية، وأي جملة تَرِد على لسان أي شخصية في عمل فني تعبّر عن الشخصية فقط، وليست بالضرورة أنها تُلقي الضوء أو تُشير إلى أشياء بعينها. سبق وأن قلت إن فكرة الحكي والسرد والتعريف بالشخصيات قبل الدخول في تتابع الأحداث تكون سلاحا ذا حدين، ولكنك فعلت ذلك في "الحرامي والعبيط"؟ ما قمنا به في الفيلم كان شيئا جديدا وغير مألوف، وقرّرنا أن نغامر ونخاطر بطريقة السرد هذه؛ لأن المشاهد تعوّد السرد العادي، ويُؤخذ على كثير من المنتجين أنهم يخشون المغامرة، والمؤلف أحمد عبد الله جريء في كتاباته، وفي كل عمل يُقدّمه يعتمد على الافتكاسات الجديدة. كيف توصّلت لشكل وأداء البلطجي "صلاح روسي" في الفيلم، وهل هي نفس طبيعة البلطجي في الشارع المصري؟ بحكم أنني عشت في جميع الأحياء الشعبية من السيدة زينب والحسين... وغيرها من هذه الأماكن، اكتشفت طبيعة البلطجي وطريقته، بالإضافة إلى بعض الفيديوهات على اليوتيوب، وقمت بخلط كل هذه المقادير مع خلطة المؤلف؛ فخرجت شخصية صلاح البلطجي اللى "قلبه ميّت". ننتقل إلى الدراما التليفزيونية ومسلسلك الجديد "على كف عفريت" الذي عرض على قناة مشفّرة؛ فهل حصدت نجاحه؟ بالطبع لا.. ونجاحه الحقيقي في العرض الرمضاني الجماهيري؛ لأن عرضه على قناة مشفّرة يجعله غير متاح للجميع، وعندما يعرض على باقي القنوات الفضائية البعيدة عن الحزم المشفّرة؛ فستتاح له الفرصة أن تراه نسبة كبيرة من الجمهور. تُشارك الفنان كريم عبد العزيز بطولة فيلم "الفيل الأزرق".. حدّثنا عن دورك فيه؟ انتهيت تقريبا من تصوير 75 % مِن مشاهدي، وأجسّد من خلاله شخصية مريض نفسي، وهو مِن أصعب الأدوار التي قدّمتها، ومذاكرة هذه الشخصية كانت في قمة "البواخة"؛ لأنني شاهدت العديد من الحالات المؤلمة، وأتمنّى أن أنتهي منه بسرعة حتى لا أصاب بالمرض. "عشرين سنة أفوكاتو للمظاليم، ولا عمره قِبِل من الجعان مليم".. باعتبارك خريج حقوق كيف اتجهت للمجال الفني؟ اشتغلت بالمحاماة لعدة سنوات، وعندما تخرّجت كانت بدايتي في مكتب والدي، واشتغلت بالمحاماة حتى قيّدت بجدول الاستئناف، ثمّ التحقت بمعهد التمثيل.