علي خلاف فيلميه السابقين أوقات فراغ و الماجيك«، خاض المخرج محمد مصطفى تجربة جديدة مع الخالدين، الصاوى وصالح، فى فيلم االحرامى والعبيط»، لم يسلم الفيلم من سهام النقد بعد أن أتهمه البعض بأنه هندى النكهة، كما لم ينأ عن التفسير السياسى الذى رآه البعض بين الكادرات ووسط الحوار الدرامى للعمل. بين عالم صلاح رواسى البلطجى، وفتحى العبيط، كان الحوار مع المخرج محمد مصطفى. فى البداية، استخدمت طريقة سرد غير معتادة سينمائية عندما جعلت بطل العمل اصلاح روسىب يخاطب الكاميرا ويخبر الجمهور بالقصة المقدم على مشاهدتها؟ - ببساطة شديدة رغبت فى إخبار الجمهور إننا نرغب فى سرد حكاية، وحاولت كسر الإيهام مع المشاهد لأننى لا ارغب أن يتوحد مع الأبطال، وان ينظر إلى القصة من الخارج دون تقمص أو معايشة مع الشخصيات، فجاءت فكرة أن يتواصل زروسىس مع الكاميرا من وقت لآخر بشكل فكاهى وكوميدى، وحتى نكسر الإيهام تماما مع الجمهور. ولماذا لم ترغب فى توحد الجمهور مع أبطالك؟ لأننى لا أتمنى لنفسى أو لأى شخص أن يكون فى موقف مثل هذه الشخصيات شديدة السوء، ولأنه عندما نكون خارج المشكلة يمكننا أن نفكر فى الأمر بطريقة أفضل، ويمكن فى هذه الحالة الخروج بحل للمشكلة أو المأساة التى يعانيها أبطال الفيلم. كل شخصيات فيلمك تعانى من تشوهات نفسية وإجتماعية عنيفة، بلا وجود لشخصيات إيجابية على الإطلاق؟ - أعتقد أننا وصلنا إلى هذه المرحلة، وأنا كنت حريص على إيصال تلك الرسالة بأن المجتمع المصر وصل إلى هذه المرحلة من الإنهيار الأخلاقى والقيمى، وأصبحت البلطجة هى اللغة الرسمية للشارع المصرى، وكل من يشاهد برامج التوك شو أو يقرأ الصحف والمجلات أو حتى يمشى فى شوارع مصر يتأكد أننا أصبحنا فى قلب الهاوية، كم من مرة تشاهد معركة فى الشارع بين فريقين وترى بعينك الأسلحة المشهرة ويكون السبب تافهة فى النهاية، كل المجتمع أصبح يعيش فى ضغط بالغ، الجميع أصبح يفترض سوء الظن فى الآخر، والجميع مدان إلى أن تثبت براءته. شخصية البلطجى ظهر لها فى النهاية ملمح إيجابى، عندما قرر ألا يقتل العبيط؟ - لا توجد شخصية شريرة بشكل كامل أو بريئة حتى المنتهى، شخصية البلطجى فى النهاية أحست بجميل العبيط، وأختار ألا يقتله بل التضحية بالفتاة التى خدعته حتى وإن خسر بعض المال فى سبيل ذلك. والبلطجى فى النهاية لديه حس الجدعنة والشهامة، وهو ما وضح فى النهاية، فهو مارس فعل الإنتقام ولم يمارس فعل التوبة أو الرحمة. فى الفيلم قيلت عبارة العبط فى البلد دى أكتر من الفراخ .. تعليقك؟! لا اعنى بالطبع كل الشعب المصرى، لكن نسبة كبيرة من المصريين تنطبق عليهم هذه الجملة، وربما تنطبق أيضا على الحرامى، نصف البلد احرامىب أصبح يسعى إلى سرقة النصف الآخر االعبيط»، والفيلم فى النهاية تنطبق عليه عبارة اشر البلية ما يضحكب وهو ما نواجه يوميا فى حياتنا من كوميديا سوداء. أمتلكت فى فيلم نجمين هما الخالدين، الصاوى وصالح، وهما من أكثر الممثلين تميزا وقدرة إبداعية فى مجال التمثيل، كيف تعاملت معهم أثناء التصوير؟ - التعامل معهم كان بمنتهى الأحتراف، بمعنى أنهم موهوبان فنيا إلى جانب إدراكهم للمهنة وقواعدها، ونحن عقدنا العديد من جلسات العمل قبل التصوير، وتناقشنا بشكل مطول عن الشخصيات وتركيبتها، والخالدين استوعبا الفيلم بشكل أكثر من رائع قبل التصوير، وأثناء التصوير فوجئت على المستوى الشخصى بالأداء التمثيلى، وأضافا كثيرا للشخصيات، وربما الصداقة التى تجمعهما منذ سنوات كثيرة ساهمت فى ذلك وفى الكثير من الأحيان كانا الأثنان يقومان بتوجيه بعضهما البعض من أجل تحسين آداة الآخر. رأى البعض أن روبى لم تكن فى مستواها التمثيلى المعتاد؟ - اعتقد أنها كان يجب أن تظهر الشخصية وكأنها محايدة، بمعنى أنها لا تدفعك لأن تحبها ولا يمكن أن تكرهها، وفى النهاية هى الشخصية التى تضحى بها حتى لا تغضب الجمهور بشكل كبير. الفيلم يتعرض لأكثر من مشكلة ربما نتعرض لها يوميا دون إنتباه، مثل الشخصيات المعدمة التى تسكن الشوارع وأسفل الكبارى، أو قضية بيع الأعضاء؟ - هؤلاء الناس فى الشوارع يعانون من أمراض عقلية، وبالتالى هم مرضى يستحقون العلاج والعطف والرحمة لا القسوة والتأفف، والنظر إليهم وكأنهم كومة من القمامة. لماذا لا يتخيل أحد كيف كانت حياة هذا الشخص قبل أن يسكن الشارع، هل كانت له أسرة وزوجة وأولاد، هل كان يعمل فى مهنة محترمة، وكيف وصل به الحال إلى الشارع. وهولاء الذين يفترشون الشوارع هم أكثر الناس عرضه لسرقة الأعضاء البشرية التى نقرأ عنها فى الصحف والمجلات بشكل دائم، ولا نجد أيضا من يتدخل لحسم المشكلة. مشهد النهاية، حين يقدم االعبيطب على قتل االحرامىب أعلى هضبة المقطم، فسره الكثيرون بأكثر من تفسير، كيف ترى هذا الأختلاف؟ - أعتقد أن هذا هو معنى الفن فى النهاية، فحين تجد أكثر من تفسير ورؤية نقدية للمشهد فأنا اعتبر هذا نجاحا للعمل، والمقطم كنت فقط ارغب فى شجرة ميتة وتنظر إلى القاهرة كلها وكأنها مدفونة فى التراب. ومن فسر المشهد برؤية سياسية، فكل له الحق فى قراءة المشهد وفقا لثقافته وأيدلوجيته وتذوقه الفنى، العمل الفنى له جماليات مشتركة يمكن للجميع الاتفاق عليه وجماليات أخرى يفهمها البعض وفقا لرؤيته الخاصة.