لا تفارقه التلقائية فى الحديث، كما لا تفارقه الصراحة عند الإجابة عن أى سؤال حتى لو كان محرجا، معيار النجاح بالنسبة له ليس حجم الإيرادات التى يحصدها، ولكن بمدى تقديم شخصية من وحى المجتمع وتعبر عنه، ومن هذا المنطلق خرج علينا بشخصية «صلاح روسى»، البلطجى الذى يفرض سطوته على المحيطين به ويسعى لاستغلال فتحى «العبيط» بسرقة عينيه. وذلك من خلال فيلم «الحرامى والعبيط»، الذى يعرض حاليا، وفى هذا الفيلم يخوض الفنان خالد صالح مباراة سينمائية مع صديقه خالد الصاوى بمشاهد حملت إسقاطات كثيرة على الواقع الحالى.
فى الحوار التالى يتحدث الصاوى عن فيلمه والنجومية الزائفة عند البعض وحال السينما..
● لماذا تم تقسيم الواقع فى الفيلم إلى «حرامى وعبيط»؟ المسألة ليست كذلك ولكنها تتصل بتقسيم السيد والعبد، وهى ليست قدرية، فهناك أناس يمشون وراء أطماعهم وشرورهم، وفى الأمثال الشعبية نقول «يا فرعون ايش فرعنك.. ملقتش حد يلمنى»، فلو أحد انساق للشر بداخله واستغل قوته البدنية أو غيرها من أشكال القوة وفى ذات الوقت لم يجد أحدا يتصدى لشره، فعندئذ سيكون هناك الطرفان الحرامى والعبيط.. السيد والعبد، فبالسكوت والتنازل عن الحقوق تصبح هناك فرصة لأن يوجد عبد وسيد عليه.
● شخصية «الحرامى» يظهر عليها المجهود البدنى والنفسى الكبير.. حدثنى عنها؟ أفضل دائما العمل بشكل متعاون فلا أحب الانفصال بين الممثل وباقى فريق العمل، فهى أشبه بمباراة الكرة، ولو انفصل الممثل عنها سيصبح الفيلم مجرد ذريعة للممثل أنه يظهر لمجرد الظهور على الشاشة حينها سيشعر به المتفرج، وعلى الفنان أن يقاوم الكبر بداخله، ويأخذ بتوجيهات المخرج حتى لو كان مخرج لأول مرة؛ ولابد أن يفهم الفنان أن زملاءه شركاء فى العمل، وهذه ليست «جدعنة» منه ولكنه ذكاء فى رأيى أما غير ذلك فهو غباء بالتأكيد.
ففى «الحرامى والعبيط» ظللنا مدة طويلة نعمل على الفيلم رغم تأجيله لفترة وكنا نعمل سويا وبتوجيه المؤلف والمخرج لأنه مايسترو العمل، فأنا أقترح فى كثير من الأوقات، خاصة أنه كانت هناك مواطن صعوبة وخصوصا انفصال روسى عن الأحداث وحديثه المباشر إلى الكاميرا، وهذه القماشة جعلتنى أفكر فى أن صلاح روسى لازم يبقى شكله مميزا وغريبا.
● هل الشخصية مقتبسة من الواقع؟ استوحيت شكل صلاح روسى بعد أن كنت فى طريقى بالشارع ووقف بجانب السيارة موتوسيكل يستقله اثنان وتظهر عليهما ملامح البلطجة وأخذا يضايقان المارة فى الشارع كله، وكان شكلهما مثل روسى، ومن هنا اقتبست شكله، وشعرت أنه «فرحان بنفسه أوى وحاسس إنه جان»، وهذه هى مواصفات روسى بالضبط، ويتبين هذا فى جملة قالها عندما فقد عينه، حيث قال: «فين الستات اللى كانت بتموت عليك؟!»، وحتى أحمد عبدالله المؤلف سمى الشخصية صلاح روسى انطلاقا من اسم لاعب الكرة الشهير باولو روسى الذى اشتهر بوسامته.
● هل صحيح أن نهاية الفيلم تم تغييرها أكثر من مرة؟ اعذرينى، أنا لا أريد الحديث عن نهاية الفيلم أبدا لأنها أهم مشهد فيه ويلخص العمل كله.
● من كلامك السابق هناك تأكيد أن النجومية تفرض كثيرا على صاحبها؟ نعم بالطبع، فمع الأسف كثير من النجوم ينظرون للجانب الذى فيه ميزة ولا يلقون بالا للجزء الذى يشتمل على المسئولية، فالنجومية أنك تنجح فى مهنتك كفنان والسوق يطلبك وفرصك تتعدد، وهذا يأتى بناء على ارتفاع القاعدة الجماهيرية، وعلى الفنان أن يدرك أن الجمهور لم يحبه لأنه فذ أو «مفيش زيه» لكن لأنه قدم أعمالا عجبت الناس.
● لكن كثيرين لا يعوون تلك المعادلة؟ هذه من الأخطاء التى يقع فيها بعض الفنانين، وأحب أضيف جزءا مهما أن الفنان الواعى هو من يعمل على الdeal طويل المدى، بمعنى أن لو هناك فنان وسيم فلن يظل طوال العمر لأنه سيكبر فى السن، وبالتأكيد لابد أن يصنع لنفسه منذ البداية القماشة العريضة التى تسمح له بتقديم مختلف الأدوار ويكون وقتها عمل حساب الزمن والسن، والحمد لله أنا أعمل على المدى الطويل لأنه الأهم.
● لكن النجومية للأسف تتحول عند البعض ل«الشخصنة»؟ هذا ما أقصده، فمن ظنوا أن النجومية والفيلم الحلو يتلخص فى شخصه هو فقط، فإنه يتعرض لصدمات قوية جدا لأنه متصور أن أى فيلم يعمله لازم ينجح بغض النظر عن كل العوامل المؤثرة فى نجاح أى فيلم، وهذه الأسباب تختلف من فيلم لآخر، وقد شاهدنا نجوما يدمرون أنفسهم.
وأضاف: الجمهور حر، فالسينما فى النهاية وسيلة ترفيه بالنسبة لها، والفنانون يجب عليهم ألا يتصوروا أنهم أعظم الكائنات، فالفنان فى النهاية سلعة وما يقدمه أيضا سلعة، ولذلك أقول لأى فنان «خليك متواضعا واعرف أن السلعة التى تقدمها أكيد فيها عيب»، وهذا ليس معناه أن ييأس النجم عند فشل عمل معين له ويظن أن «الدنيا خربت» أو يتهم الجمهور أنه «ما بيفهمش»، فهذا خطأ كبير جدا، فالعلاقة بين الفيلم والجمهور أشبه بالعلاقة بين العريس والعروسة عندما لا يحدث القبول والتوافق».
● وماذا عن الإيرادات.. ألا تفكر فيها؟ كيف لا أفكر بها، فالإيرادات تفرق فى أجرى كفنان، وهى السبب فى عيشتى وحياتى، ولكن فى النهاية لا أحب أبدا أن أقدم عملا يحصد إيرادات ضخمة ولكنه عكس قناعاتى، فالفلوس مهمة طبعا ولكن بشروط وبالطريقة التى لا تجعل الفنان عبدا للإيرادات، فحتى المنتجون شركات هادفة للربح أحيانا لا يقدمون أعمالا معينة رغم علمهم أنها ستحصد إيرادات ضخمة، لأنها عكس قناعاتهم، ويقولك صورتى أمام أولادى أهم من الإيرادات، ومخطئ من يظن أن همهم الأول الإيرادات.
● هل وجود خالد صالح خلق تحديا أكبر فى العمل؟ أنا أعمل حسابا لأى ممثل أعمل معه، وخاصة لو من العيار الثقيل، فقد أخرجت له فى بعض العروض المسرحية التى قدمناها سويا، وخالد لازم «يتعمل حسابه وإنت بتمثل أمامه»، ولكن فى النهاية بطريقة التعاون، وأشبه الأمر بأبوتريكة وبركات فلا يستطيع أحد منهما النجاح بدون معاونة الآخر.
● هل ترى أن نزول الفيلم بالتزامن مع الامتحانات ممكن أن يظلمه؟ أثق جدا فى أحمد السبكى وخصوصا فى توقيت العرض، فهو من المنتجين الذين أتأكد أنه سيطرح الفيلم فى توقيت مناسب له، لأنه من المنتجين «اللى قلبهم أوى على أفلامهم»، وبحس إن الفيلم «له أب»، عكس بعض المنتجين الذين أقلق جدا عندما أعمل معهم، بالإضافة إلى أن السبكى «كلمته واحدة» ولا يعود فيما قاله، وبعدين لو جئنا للحق متى سنطرح الفيلم؟، فقد تم تأجيله كثيرا.
● تقول هذا رغم طرح الفيلم بالتزامن أيضا مع فيلمى مكى وسعد؟ التنافس طبيعى فى مهنتنا، ولازم نأخذ الموضوع بسلاسة بدون «نفسنة» على بعض، ومن يفعل هذا عمره قصير جدا فى المهنة، وفى الحقيقة لا أحب التدخل فى عمل الآخرين، فلا يوجد مبرر لأن أقلق على الفيلم وخصوصا مع السبكى.
● تمردت.. فما الدافع لديك للتوقيع على «تمرد»؟ رد ضاحكا: آه فعلا اتمردت وسعيد بها، ففى رأيى هى خطوة لها مؤشر قوى أن هناك عددا كبيرا من الناس ليست راضية عن النظام الحالى منذ البداية من ساعة الإعلان الدستورى ثم ما حدث عند قصر الاتحادية،والفشل الذى نعيشه.