محافظ أسيوط يتفقد عملية التصويت بلجان الدائرة الثالثة بجولة الإعادة (فيديو)    تجربة رائدة لدمج التعليم بالإنتاج فى كفرالشيخ |أرباح مليونية بالمدارس الزراعية    عبدالحليم قنديل: الملك فاروق كان "ملك كوتشينة" وسلّم سيادة مصر ل6 دبابات إنجليزية    خفض الفائدة الأمريكية يضغط على عوائد النقد.. ومستثمرون يبحثون عن فرص بديلة    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    خبير نووي: الأوروبيون فقدوا أدوات الضغط وإيران تتحرك بحرية في ملف التخصيب    اليابان ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلاند    آرسنال يستعيد صدارة الدوري الإنجليزي بثنائية ضد برايتون    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مُسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    انطلاق مباراة تنزانيا وأوغندا في كأس أمم إفريقيا 2025    رونالدو يقود النصر لاكتساح الأخدود بثلاثية في دوري روشن    وزير الشباب ومحافظ القاهرة يشهدان ختام نهائي دوري القهاوي للطاولة والدومينو    ضبط سائق خالف تعريفة الركوب بسوهاج    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    «روح ومحبة» فى القومى للحضارة    إبراهيم عيسى يصل العرض الخاص لفيلمه الجديد الملحد    باحثة فلكية: 2026 سنة الحصان النارى وحظوظ للجميع بدرجات متفاوتة    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    وزير الإسكان يتفقد مشروع "حدائق تلال الفسطاط" بمحافظة القاهرة    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    ياسين منصور يسلط الضوء على دور العقارات والسياحة المتكاملة فى تعزيز الاقتصاد المصرى    شعبة المستوردين: المشروعات القومية تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح والأرز في مصر    رونالدو يقود النصر أمام الأخدود في الجولة 11 من دوري روشن السعودي    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    ترامب يطالب بكشف "الملفات السوداء" لإبستين ويتهم الديمقراطيين بالتورط    زواج نيللي كريم وشريف سلامة.. شائعة أم حقيقة؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    علاج حرقة المعدة المستمرة بالمنزل، ومتى تتحول إلى مرض مزمن؟    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    محافظ البحيرة تتفقد لجان انتخابات النواب.. وتؤكد على الحياد أمام جميع المرشحين    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    انطلاق مباراة بنين وبوتسوانا بأمم أفريقيا 2025    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    تطورات الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    محافظ بني سويف يُكلف رئيس المدينة بمتابعة إصلاح كسر مياه وإعادة الحركة المرورية بعد سقوط شجرة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحب في زمن الثورة
نشر في بص وطل يوم 10 - 06 - 2013

فاكرة اليوم ده.. الصدفة هي اللي جمعتنا، اتنين لابسين أسود في عز الحر واقفين قدام البحر وضهرهم للشارع، في إيديهم يافطات فيها اتنين من شعارات الثورة، كان بعيد عني بكام متر، حلقتين في سلسلة بشرية طويلة، معقودة حوالين البحر، بس أنا كنت حاسة بمجال طاقته حواليّ، أكتر من الشخص التاني اللي واقف على يميني، لما زهقت من شيل اليافطة، قررت أشبكها بدبوس على ضهري للناس تقراها، أصل البحر عارف كل حاجة، مش محتاج يعني نقول له إن "الثورة مستمرة"، أو "لا لحكم العسكر"، أو "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" أو "إننا مكملين"، البحر عارف كل حاجة، الناس هي اللي محتاجة تعرف.
ندهته، فابتسم وقرب، خلعت دبوس من الطرحة وطلبت منه يعلق الورقة على ضهري، ضحك وقال لي إنها فكرة حلوة، فعلا شبك اليافطة وسألني إذا معايا دبوس تاني، وطلب مني أعمل الشيء نفسه، عملته وماعرفش ليه حسيت إني عاوزة أحضنه من ضهره، شكرني ورجع مكانه، فاكرة اليوم ده..
بعد شوية.. جه اتنين حبّيبة وقعدوا على الصخرة اللي قدامنا، بعيد عننا بكام متر، إحنا كنا على الكورنيش وهما تحت عند الشط، قعدوا من غير ما ياخدوا بالهم على صخرة مكتوب عليها في مواجهتنا "أترضاه لأختك!".. كانوا قريبين، ماكنتش عارفة هما بيتهامسوا ولا بيخطفوا بوسات سريعة قدام البحر.
التفتّ براسك ناحيتي تشوف لو متابعة اللي بيحصل، ابتسمت لك ولفيت راسي ناحيتهم، يعني أيوه، جه راجل بدقن واضح إنه هزقهم، انكمشت البنت، ورد عليه الولد بجرأة وكأنه بيدافع عن حقه في الحب، صوت الرجل كان عالي، بس صوت البحر أعلى، أخد الولد بنته ومشي، وقعد مكانهم الراجل عشان يشوّه المشهد، أنا وأنت بصينا لبعض بحزن، قلت لك بعدها إني كان نفسي أروح آخد البنت في حضني، وأقول لها: "ماتزعليش، إنتي مش زي الحيوان ده ما قال عليكي! إنتي كويسة وجميلة ومن حقك تحبي"، قلت لي إنت كمان إنك كان نفسك تروح تحط إيدك على كتف الولد، وبرمشة عين تتفقوا وتنزلوا في الراجل أبو دقن ضرب، تاني يوم بعد الحوار ده، طلعت أنا وأنت في الفجرية، ومعانا علب الإسبراي، وعلى كل صخرة مكتوب عليها "أترضاه لأختك!" عملنا علامة غلط، وكتبنا و"إنت مال أهلك".
فاكرة فرحتنا وإحنا بنعمل كده، كنا بنمسح التشويه بتشويه جديد، بس إيه في إيدينا نعمله! البحر كان بيزمجر، تقريبا زعلان على صخوره وعلى لوحته اللي بوظناها، يومها واحد وقف قصادنا وقصاد ناس تانيين وبمنتهى البساطة إدانا ضهره وفتح سوستة بنطلونه وبال في البحر، ماحدش قاله بتعمل إيه، ولا أتراضاه لبحرك، ولا حتى ما ذنب البحر! اتعموا ساعتها واتخرسوا، أنا قلت بصوت عالي "أحيه" وإنت ضحكت لغاية ما وقعت على الأرض.
بعدها بدأنا نطلّع كل "أحيه" جوانا في الجرافيتي، و"إنت مال أمك" أتحولت لإبداعات، وصور شهدا، وشعارات، فضلنا سنة نجري في الشوارع سوا، ونقف نوزع منشورات سوا، ونعمل سلاسل بشرية سوا، ونوعي الناس سياسيا سوا، وكل مرة كنت بتمشي فيها قدامي، كنت باتمنى لو أحضنك من ضهرك، وأرجعك تاني، كنت أتمنى أبقى بحر بيرمي موجه العالي يكعبلك ويرجعك، أنا مانسيتش إننا رحنا العجمي، أنا اتناسيت يومها، لأني شفت في عيونك الراجل أبو دقن، بتاع أترضاه لأختك!
وانسحبت أول ما حسيت قد إيه إنت خايف ومتردد وحاسس بالذنب، أول مرة وقتها لما اديتني ضهرك ماحستش إني عاوزة أحضنه، حسيت إني عاوزاك تمشي، ومش عاوزة أشوفك تاني، لكن اتقابلنا تاني وتاني، على القهوة، وفي اجتماعات الحزب، وفي السلاسل، والمظاهرات، وسألتني وعملت ناسية ورجعنا نضحك، ونرسم جرافيتي، بس آخر مرة مديت لك إيدي باستمارة "تمرد"، قلت لي لأ، مش ماضي ومش نازل يوم 30، اندهشت! قلت لي خطبة طويلة عريضة عن إن الناس مايستاهلوش، وإننا بنضيع وقتنا، و.. و..
قلت لك إني مش باعمل كده علشان الناس، قلت لي: أومال عشان مين؟
رديت: لا يمكنك أن توقظ شخصا يدّعي أنه نائم.
قلت: مش فاهم.
اديتك ضهري ومشيت، دي الحاجة اللي لازم تفهمها لوحدك يا صديقي، إحنا عملنا كده علشان بعض، علشان البحر يفضل أزرق وما يتملاش بالدم، علشان الوطن والحب والمكتبة والقلعة، عشان نقعد سوا على التجارية نشرب شاي في هدوء واستمتاع، علشان نضحك من قلوبنا من غير ما حد يحاسبنا، عشان ماحدش يتحرش بيّ أو يوقفك ويهينك من غير سبب، إزاي نسيت؟
إمبارح كانت ذكرى وفاة خالد سعيد، نفس اليوم اللي جمعتنا فيه السلسلة البشرية على البحر من سنتين، ودلوقتي النور مقطوع، وصوت أصحاب المحلات المعترضين بتتسرب من شيش الشباك، وأنا قاعدة بافتكر كل اللي عملناه من وقت الثورة ما قامت، أنا مش زعلانة منك، أنا زعلانة عليك.
حلقة في السلسلة البشرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.