السلام عليكم.. أنا شاب عمري 27 سنة عندي مشكلة.. أنا مكسور.. مش عارف أعيش، لقيت نفسي ضحية لظروف أنا عمري ما كنت عاوز أعيش فيها، والدي ماكانش بينزلني الشارع وكان بيخاف عليّ جامد، وكان بيضربني كتير فحصلت لي عقدة. والدي كان مدرس وكل اللي كان بيضربهم في المدرسة كانوا يضربوني في الشارع، فاقتصرت إني مانزلش الشارع ولا أعرف صحاب، أنا حساس جدا وباحاسب على كل كلمة باقولها، لدرجة إن ده أثّر بالسلب عليّ في حياتي، خلاني باتكسف أكلم شاب أو أكلم بنت، وأنا عايش في بيت طويل عريض بالشرك مع أهلي وأمي واتنين بنات، دايما واخدني الراجل بتاعهم، لدرجة إنهم مشيّلني فوق طاقتي في الأوامر والاعتماد عليّ، أنا مش شغال بالمناسبة لأني مش لاقي فرصة عمل، بس أنا باخاف أوي من بره، باخاف من الناس، باخاف من التعامل مع البشر. ماباعرفش أضرب ولا أخش خناقات، يمكن أنا قبل ما آجي الموقع ده حسبتها مرة واتنين وتلاتة، كنت بالاقي البنت تحب تعرف الشاب اللي مقطع السمكة وديلها، بس أنا ماليش في ده مع إني على خُلُق ومتربي بس مكسور من جوايا، وحاسس إن دي مسببة لي مشكلة مع إخواتي، اشتريت كلب ولقيت نفسي باقعد معاه وقت أكتر ما باقعد مع أهل بيتي، وداخل على مرحلة إني ممكن أصاب بكتمة، ماتكلمش خالص مع أي حد.. أعمل إيه علشان أخرج من اللي أنا فيه ده؟ bestmasry
أخي الكريم، ما أنت فيه هو نتاج ما مررت به سابقا من نمط تربوي خاطئ يُعرف بنمط الحماية الزائدة، وفي هذا النمط نجد أن الوالدين يكونان في حالة خوف كبير على الابن من شدة حبهما له، فقد يكون الابن الوحيد مع فتيات، أو ابنا جاء بعد فترة كبيرة من الانتظار، أو ابنا له طبيعة مرضية خاصة، فنجدهما يعبران عن حبهما وخوفهما الشديد في صورة منع له لكل ما يتصورون أنه قد يسبب له أذى جسديا، أو أذى نفسيا، فيمنعانه من اللعب في الشارع مثلا حتى لا يسمع ألفاظا سيئة، ويتعرض لأحاديث سيئة، وكذلك حتى لا يتم ضربه من أقرانه، ولا يركب دراجة لأنها قد تؤذيه لو وقع من فوقها، ولا يتأرجح على درجات السلم حتى لا يقع فتكسر ساقه، ولو خرج تظل الأم في حالة قلق تقف بجانب النافذة حتى تراه عائدا، ويخافا عليه من التعامل مع البشر حتى لا يؤذونه أو يجرحونه. بالطبع أنا سردت لك أقصى درجات هذا النمط والذي قد يختلف في درجاته بين الأسر، إلا أنه في النهاية يعطينا في الغالب نفس الشخصية، وهذه الشخصية تكون شخصية هشة ضعيفة لم تعرف للحياة سوى وجه واحد فقط بشكل واحد فقط حسب ما تم تقديمه من الوالدين، فلا خبرة في البشر وأنواعهم، ولا خبرة في العلاقات وكيفية بنائها وحل مشكلاتها، ولا خبرة عن الحياة والتي بالطبع ليست شكلا واحدا ولا لونا واحدا، فيكون شخصا في الغالب منعزلا، يشعر بالخوف والقلق من التعامل مع من لم يتعامل معهم طوال حياته، ويكون متعثرا في العلاقات في الغالب، ويفرح الأهل به رغم كل هذا القصور الشديد الذي ترسخ في شخصيته، لأنه في نظرهم الشخص الملاك الهائل، أو كما يقولون في لغتنا العامية "قطة مغمضة". ويتفاخرون بأنه ليس له أي تجارب سيئة، وأنه صاحب خلق رفيع يحتاج إلى من يفهمه ويقدره ويتمكن من التعامل معه بنفس الرُقي! كما أن هذا الشخص يكون أمام طريقين في الغالب وجدناهما، الأول: شخص منقاد لآخر، يسمع له ويمشي وراءه لأنه هو الذي يعرف ويعلم أكثر منه في كل أمور الحياة، ويظل هكذا في كل شئونه غالبا، وحتى في الزواج نجده يركن لاختيار والدته، ووالده، أو أيهما، لأنهما هما الأعلم بمصلحته وما يناسبه، وفي الغالب دون وعي من الأم تختار له شخصية تقوده لتحمل عبئه من بعدها، فحين يتعرف على فتاة ويدخل بيتها يكون النموذج المتعارف عليه عاميا ب"ابن أمه". ويكون منقادا في الغالب لرأي وفكر وقرار الزوجة التي أخذت نفس مهام الأم، وفي تلك الزيجة يكون هناك مشكلات متعددة لا مجال لسردها الآن، أما النموذج الثاني: فهو النموذج المتمرد، حيث يتمرد في فترة من الفترات حين يشعر بأنه يختلف عن الناس، ولا يعرف أي شيء عن أي شيء، ولا يتمكن من اختيارات طبيعية له في الحياة، فيتمرد ويضرب بكل القيود والأوامر عرض الحائط، وغالبا ما يحدث ذلك في مرحلة المراهقة، ومع الأسف هذا النموذج نجده يقوم بتجربة كل ما كان ممنوعا فيقع في التدخين وسوء الصحبة، وقد يقع في أكثر من ذلك، ناهيك بخسارة العلاقة بينه وبين أبويه. ولكنني أتمنى منك أنت أن تكون من النموذج الثالث الذي فهم ووعي وتحمل مسئولية تغيير نفسه بنفسه، فهناك قصص نجاح خرجت عن هذين النموذجين المشهورين، وتمكنوا من تربية أنفسهم بأنفسهم! فأنت الآن أمام اختبار جاد وحقيقي لك في الحياة، فأنت تحتاج أن تكون أكثر رجولة واستقلالية واعتمادا على ذاتك، ولكن ليس بالهروب والاستسلام كما تفعل الآن، فتتجرع آلامك وحدك ويملأ رأسك أفكار سلبية تحبطك وتسبب لك الاكتئاب والعزلة، وليس بالتمرد وكسر القوانين والشجار مع أهلك، فكلاهما لم يحل المشكلة بل زادها سوءا، لذا عليك أن تدرب نفسك على عدة أمور مهمة، منها تدريبات سلوكية وأخرى تدريبات ذهنية وسأسردها لك في شكل نقاط، كلما ضعفت أو شعرت بغزو الأفكار السلبية لك، كأنك فاشل أو لست رجلا بشكل كافٍ أو أنك ضعيف، تذكرتها واستوعبت حقيقتها بصدق داخلك وصدقتها حتى تتمكن من التغيير الفعلي: * والديك أحباك بصدق وخافا عليك كثيرا، فعذرهما معهما رغم تقصيرهما في طريقة التربية السليمة.. فسامحهما وحاول أن تتفهم طريقة تفكيرهما التي ورثاها، أو تصوراها أنها تحميك من الأذى. * الحياة ليست لونا واحدا فهي ليست السعادة المستمرة للبعض، وليست جهنم الحمراء دوما للبعض، فهي أيام تتفاوت، فيها متع وفيها تحديات كل حسب شخصيته وطريقة تفكيره، وطريقة تعامله مع أحداثها السيئة والجيدة. * ما فاتنا من التربية لا يجوز أن نجعله الشماعة المنصوبة دوما لنعلق عليها تنصّلنا من تحمل مسئولياتنا، فأنت رجل في ال27 من عمرك.
* الرجولة ليست صوتا غليظا وقدرة على الضرب والإيذاء، فالحياة ليست معركة بين وحوش، ولكن الرجولة مروءة، شجاعة، قدرة على اتخاذ قرارات وتحمل نتائجها، مبادرة، قدوة، احتواء، مسئولية.. إلخ. * ستجلس في مقعد التلميذ من جديد لتتعلم كيف تفهم نفسك وكيف تفهم مشاعرك، وكيف تتعرف على الشخصيات ومفتاح الدخول لها، وتتعلم كيف تبني علاقة، وتتعلم كيف تعتمد على نفسك في تطوير نفسك، كل هذا ليس صعبا ولا ثقيلا ولكنه يحتاج إلى جهد فتقرأ فيه وتتعلمه، وتحصّله من دورات، وتدريبات، وانخراط متدرج في الحياة وعمل "بروفات" متكررة ومتدرجة لتساعد نفسك على الإنجاز. * ارصد أفكارك السلبية وناقشها بمنطق، حتى تتمكن من الرد عليها وقهرها بأفكار إيجابية، فمثلا "أنا ضعيف" فكرة سلبية خاطئة، فبدلا منها ناقش ما هي القوة، أهي قوة البدن؟ أم قوة الشخصية؟ أم قوة الصراحة والمواجهة؟ أم جميعها؟ ثم كيف تحقق أنواع تلك القوى وتتدرب عليها؟ ثم هل سأحتاج من يساعدني في ذلك؟ مثل من؟ وكيف سيساعدني؟ هل هناك شخص أثق فيه وفي عقله؟ أم سأحتاج إلى التواصل مع مرشد نفسي يساعدني؟ وهكذا فتشعر بأن فكرة ضعفك المفروغ منها والتي ليس لها حل قد تغيرت، ولتساعد نفسك بكتابة مشاعرك وتحليلها، وعمل بروفة لك في العلاقات من أقاربك ثم توسع قليلا، أو في البحث عن أي عمل يجعلك تشعر بأنك موجود، وهكذا. * استعن بالله تعالى واقترب منه واطلب منه العون، ولا تترك نفسك نهبا للأفكار السلبية فهي عدوك الأول والأخير، ولا تيأس من مرات الفشل فسوف تتكرر، ولكن إنجازاتك حتى لو كانت بسيطة بتراكمها ستجد الأمر يختلف، وحينها ستكتشف أن العلاقة مع الفتيات ليست معضلة كما تراها الآن، وأن فكرة الفتيات تريد الشاب "المقطع السمكة وديلها" فكرة ليست صحيحة، لأن فيها تعميم، والتعميم هو أول أصابع اتهام الفكرة بأنها حتما خطأ، فقد يكون هناك نوعية من تلك الفتيات ولكن ليس كلهن.