شاهدنا بالأمس الفيديو الذي تم بثه على شاشات التليفزيون للجنود السبعة المختطفين في سيناء، وهم مكبلون الأيدي معصوبو الأعين يطالبون الرئيس محمد مرسي بالتحرك لإنقاذهم، وذلك بتنفيذ مطالب الخاطفين، وهي الإفراج عن المعتقلين السياسيين من أهل سيناء، وعلى رأسهم الشيخ حمادة أبو شيتة أحد القيادات المهمة بتنظيم الجهاد. من وجهة نظري الشخصية، أن هذا الفيديو -مع تصديقي لخطف الجنود وتعاطفي معهم- مجرد "تمثيلية هزلية" تتم من قبل الخاطفين لتنفيذ مطالبهم.. بمعنى أنني لم أصدق للحظة تعرض جنودنا للتعذيب من قبل الخاطفين.. فأسلوب مناشدتهم للرئيس لم يكن واقعيا ولم أشعر أنهم في حالة يرثى لها.. فمظهرهم طبيعي ولا تظهر على وجوههم أي آثار للتعذيب.. وهذا شيء مطمئن أنهم بخير وتمكّن ذويهم من الاطمئنان عليهم، فعلى الرغم من تفطر قلوبهم على فراقهم على الأقل تأكدوا من بقاء أبنائهم على قيد الحياة. كل ما شعرت به عندما رأيت هذا الفيديو هو الإهانة.. نعم شعرت بالإهانة الشديدة عندما رأيته -على الرغم من عدم تصديقي لأداء الجنود، فمن الواضح أنه تم إرغامهم على قول الكذب- فأنا لا أقبل على الإطلاق ولا أعتقد أن أي مصري يحب بلده سيقبل أن يحدث ذلك لأي مصري أيا كان.. لا أقبل أن يتم تقييد مصري وتعذيبه لمجرد مطالب فئوية.. لم نكن نرى مثل هذه الأفعال في بلدنا من قبل.. رأيناها فقط في البلاد التي يتفشى فيها الإرهاب ويتخذ تنظيم القاعدة فيها ملاذا.. هل وصلنا إلى هذا الحد من انعدام الأمن والأمان؟ هل أصبح تنفيذ مطالبنا يتم عبر اختطاف إخواننا وتعذيبهم؟ لن أبكي على اللبن المسكوب ولن أبث رسائل تشاؤمية.. ولكن أنا الآن أفكر في حل لهذا المأزق.. وأتساءل: هل عندما يتم التفاوض مع المختطفين وتنفيذ مطالبهم بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ستنتهي المشكلة؟ وما الذي يضمن لنا عدم تكرار هذا الفعل مرة أخرى عندما تظهر مطالب جديدة، ويصبح اختطاف المصريين لتنفيذ المطالب الفئوية "أسلوب حياة" في المرحلة القادمة. وعلى الجانب الآخر.. هل إذا لم يتم التفاوض مع الخاطفين سيتم تعذيب الجنود وقتلهم أم سيتم الإفراج عنهم؟ أكاد أجزم أنني على يقين -وأكرر هذه وجهة نظري- أنه إذا تم التفاوض مع الخاطفين وتنفيذ مطالبهم ستتكرر هذه العملية في الفترة القادمة كثيرا، وسيصبح خطف المصريين وتعذيبهم مباح لتحقيق أي مطالب فئوية.. إذن ما الحل؟ هل نخضع للخاطفين ونقبل بمفاوضتهم للإفراج عن الجنود؟ أم نعتبرهم شهداء ونحتسبهم عند الله؟ ولا نقبل بالمفاوضات مع مثل هؤلاء؟ وحديثي الآن إلى الرئيس محمد مرسي ومؤسسات الدولة؟ لماذا تعجزون عن وجود حل لهذا المأزق؟ لقاءات واجتماعات وقرارات ولا نرى أفعالا على أرض الواقع؟ خمسة أيام مرّت على خطف الجنود وقلوب ذويهم تتفطّر دما عليهم ولم يتم تحريرهم؟ لماذا لا يتم تطهير البؤر الإرهابية بسيناء والقضاء عليهم؟ لماذا.. ولماذا.. ولماذا..؟ أسئلة تدور داخلي وداخل كل مصري الآن ومن حقهم معرفة إجابتها. - يا سيادة الرئيس.. كفانا لقاءات واجتماعات وقرارات لا تفيد؛ نريد تحركا سريعا على أرض الواقع للإفراج عن الجنود ولكن دون الخضوع للخاطفين. - يا سيادة الرئيس.. اضمن لنا أنه إذا تم التفاوض مع الخاطفين وتنفيذ مطالبهم لن نرى مثل هذه العمليات تتكرر في الفترة القادمة. - يا سيادة الرئيس.. إذا لم تجد حلا غير اعتبار الجنود شهداء حفاظا على أرواح غيرهم من المصريين، وحفاظا على تكرار مثل هذا العمل الإجرامي مرة أخرى فاعتبرهم شهداء، مع تمنياتي أن يكون هذا الحل هو آخر ما يمكن الوصول إليه بعد استنفاد كل المحاولات. - يا سيادة الرئيس.. متى سنرى معاملة كريمة للمصريين سواء على مستوى العمل أو المسكن أو المأكل أو الملبس أو المرور أو.. أو..؟ أين الوعود التي وعدتنا ولم تتحقق؟ في النهاية أتمنى أن تمر هذه الأزمة بسلام وأن يعود جنودنا إلى أهلهم سالمين ودون أي خسائر.. ووالله ما زلت متفائلة رغم اليأس الذي يحيط بنا.. وأرى أن بلادنا ستصبح أفضل من السابق وستمر هذه الفترة وسنصل بها إلى بر الأمان.