السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا عندي مشكلة مع والدي، وتقريبا عمري ما اتكلمت فيها مع حد علشان ماهزّش صورته. أنا عندي 22 سنة، لسه متخرجة من سنة.. كان دايما نفسي أتخرج علشان أعتمد على نفسي، وكنت باشتغل من وأنا طالبة عشان أنا مصاريفي كتير شوية فقلت أساعد والدي فيها. ومن بعد ما اشتغلت والدي اتغيّر معايا جدا، بقى عايزني أنا اللي أجيب كل حاجة لنفسي ومش عاوز هو يدفع لي مليم واحد، أنا من نفسي أول ما اشتغلت قررت إني أعمل كده، بس إن هو يعمل كده معايا دي حاجة وجعتني أوي. أنا ليّ أخ وأخت أصغر مني، ومع العلم إن ظروف والدي ولله الحمد كويسة جدا، من بعد ما اشتغلت بشهر كان العيد الكبير وهو اشترى لأمي وأخويا وأختي لبس العيد وأنا لأ. أنا مش بابص للماديات، بس اللي أنا حسيته ساعتها إن عنصر الأمان اللي في حياتي بقى مش موجود، بمعنى أوضح حسيت باليتم ورحت ساعتها الشغل مشي وأنا باعيط، من ساعة الموقف ده وأنا غصب عني بقيت باشيل منه كتير أوي. واللي بيساعد على كده إن أمي بتحكي لي من غير ما تقصد الكلام اللي بيقوله عني، يعني هي بتقول له دي لسه مرتبها بسيط والمفروض تساعدها لحد ما تقف على رجليها وبعدين سيبها، هو يزعق لها ويقول لها إني كبرت والمفروض أعتمد على نفسي، وكلام من ده كتير. يعني هو عاوزني آكل وأشرب لأن أنا شغلي 10 ساعات يا دوبك بآجي على النوم، واللبس والمواصلات، وكمان أجهّز نفسي، طيب إزاي؟! وأنا مصاريف إخواتي مش كتير أوي يعني للدرجة. بجد مابقيتش قادرة، أنا ممكن يعدي عليّ 3 أيام من غير ما أشوفه رغم إنه بيبقى في الصالة وأنا في الأوضة، وكمان هو مش ممانع إني أسافر أي دولة عربية علشان أكوّن نفسي وأسافر لوحدي، مفيش مشاكل! مش عارفة أعمل إيه، أنا بافكر أعيش لوحدي ما دام كده كده أنا مسئولة عن نفسي، وفيه مشكلة إنه هو خلاني أشيل فلوس في البنك، وأنا عملت كارت ATM من غير ما يعرف ولما باحتاج فلوس بآخد من حسابه، لأن كذا مرة لما كنت باطلب منه فلوس بيقول لي إنتي موظفة اصرفي على نفسك فباضطر آخد من الفلوس دي. أنا عارفة إني كده باسرقه بس بجد غصب عني، حاسة إني ماليش ظهر، وماتطلبوش إني أتكلم معاه وأحاوره، أنا عمري ما كان فيه مناقشات بيني وبين والدي، رغم إن وأنا طفلة كنت قريبة أوي منه، ولحد وقت قريب ماحدش بيخاف عليه أو بيحبه أدي أنا، يا ريت تساعدوني.. آسفة للإطالة، وشكرا.
Mona_moh
صديقتنا العزيزة.. أقدّر ما تشعرين به، وما تعانيه من شعور بالإهمال والعزلة، ولكني أتوقع أنك ناضجة وذكية وشفافة بحيث تلتمسين لوالدك العذر فيما يفعل، أنا واثق أنّك تقدّرين وتبحثين عن عذر له ليعاملك بهذه الطريقة، ولو لم تكوني على هذا القدر من الفهم والتربية لما أرسلتِ مشكلتك إلينا تبحثين عن حل يريح ضميرك وقلبك ويطمئنك على حب والدك لك.. وأنا أحب أن أطمئنك أن والدك يحبك، بل ويحرص على مصلحتك ويرى فيك ميزة ليست لأخويك الأصغر، وهي أنّك قوية وتستطيعين تحمل مسئولياتك، ويدرك أنك واعية وجديرة بالاحترام والتقدير، كل هذا ربما لا يقال، ربما لغياب حالة الحوار الأسري في بيتك، ولكنه بالتأكيد موجود، بل أصارحك بأنه ربما يفخر بك بين أصدقائه، وربما يشعر بأن لك مكانة كبيرة في الأسرة، وتطمئنينه أنه أفلح في تربيتك وما تحمّله من أجل تعليمك وتربيتك.. بدايةً.. حب الأب لأولاده شيء لا يحتاج إلى دليل أو تأكيد، لأنها فطرة فطر الله الناس عليها، والخارج عن هذه الفطرة هو من يطالب بالقرائن والأدلة، أما الأصل فهو أن والدا طبيعيا كوالدك لم يكن بينك وبينه شيء حتى تتغير عاطفته تجاهك.. والأمر كله محصور في أسلوب تربية، وطريقة حياة وتنظيم بيت.. أبوكِ لما رآكِ كبرتِ واستطعتِ أن تعتمدي على نفسك ربما تنفس الصعداء والتفت إلى أخويك الصغيرين لأنهما أحوج إلى إنفاقه منك، فقد وضعك على أول الطريق، وتأكد من حسن تصرفك واعتمادك على نفسك، وقد بذل في تربيتك وتعليمك مجهودا كبيرا بشهادتك أنتِ.. ولذا وجد أنه قد أوفاكِ حقك، وبرّ بك كما يجب، فلتتحملي أنتِ مسئولياتك إذن.. وما يؤكد نظرته تلك هو أنه أعطاكِ مالا لتودعيه البنك باسمه ولو كانت المخاوف التي تحكينها عنه صحيحة لما ائتمنك أنت على مال لن ينفقه عليك، ولو لم يكن واثقا في حسن تصرفك وقدرتك على إدارة الأمور لما ألقى إليك بما لديه من مدّخر للمستقبل.. هناك آباء بالفعل هذه طريقتهم وهذه نظرتهم للحياة، بل إن منهم من يطالب ابنته أو ابنه بالإنفاق معه على الأسرة والمساهمة في تعليم إخوته أو تدبير مصروف البيت، وإن كنت أرى أن تخلّيه عن إشعارك بحنان الأبوة تصرّف لم يوفق فيه، لكن نلتمس له العذر بصعوبة الحياة وتسارعها وجري الكل وراءها بما قد تهمل لأجله المشاعر والعواطف بحجة أنها بالتأكيد موجودة.. ما يجب عليك فعله أن تتأكدي أن والدك يحبك ولا يفرّق بينك وبين أخويك في المعاملة اللهم إلا بمنطق الحاجة، فهما بالفعل أحوج إليه منك، ووالدتك كذلك، ولو ضُيّق عليه أكثر لاستثنى والدتك من كثير من متطلباتها ليلبّي متطلبات الصغيرين، ولو كانت والدتك امرأة عاملة لربما خففت عنه من الحمل أيضا، فلا داعي لتفكري في أمور تشغلك وتقلق قلبك وهي من كيد الشيطان أقرب.. اعذري والدك فربما لديه مشروعات لا بد أن تُنجز، ربما عليه ديون لا تعلمينها أو يفكر في خطوة لمستقبلكم دون أن يخبرك، أو لديه مشكلات خاصة في عمله.. التمسي له العذر وتأكدي من حبه لك.. أما ما ألومك فيه وبشدة فهو ما وصفته أنتِ ب"السرقة" فهذا لا يجوز، ولا يصح ولا يرضي الله، فهي سرقة بالفعل، وإن كان الموقف الشرعي يحتاج إلى تفصيل لأن هناك شواهد على مبدأ "كُلِي وولدك بالمعروف"، ولكن حتى الأخذ من مال الزوج للإنفاق دون علمه له ضوابط وشروط لا بد من توافرها لا أظنها تتوفر في حالتك ومع والدك.. فتوبي إلى الله وحاولي أن تُرجعي ما أخذتِه دون علمه وبسرعة حتى لا يكتشف شيئا كهذا.. وكان أولى بك بدلا من أن تخوني أمانته وتمدي يدك لما ليس لك، أن تقولي له إنك تريدين كذا وكذا، ووقتها يكون صاحب الحرية في التصرف في ماله، حسب حاجتك الحقيقية وحسب رؤيته للأمر.. وما أطالبك به بشدة هو أن تفتحي مع والدك قناة اتصال، لا بد أن يكون بينكما حوار وحوار دافئ من القلب إلى القلب، فهو والدك الذي ربّاكِ وعلّمك وحلم لك بالمستقبل الجميل، وهيأ لك الظروف لتكوني سعيدة، فلا يجب أن تقابلي ذلك بالإنكار ولو بالتجنب.. يجب أن تدخلي في حضنه وتسكني قلبه وتحكي له ما بك وما يشغل بالك، فهو أبوكِ أحن إنسان عليك وأحب إنسان إليك؛ يجب أن يكون رفيقك وصديقك وصدقيني لن تجدي أحرص على مصلحتك منه، ولا أكثر اهتماما لأمرك منه، فهذه فطرة.. ارشدي يا صديقتنا ولا تدّعي الشيطان يتسلل إلى قلبك وعقلك بما يسوئك ويشوه صفاءك النفسي، وأحبي والدك وأقبلي على أسرتك بقلب صافٍ وحب كبير، وأبعدي الظنون عن عقلك واطردي السوء من حياتك، فحياتك جميلة تستحق منك أن تسعدي وتمنحي الحب لمن يستحقه..