قال الدكتور أحمد عكاشة -أستاذ الطب النفسي- إن كثرة حوادث الموت في مصر تسبّبت في حالة إحباط بين المصريين، وشعور بالمرارة وفقدان للرغبة في الحياة. وأضاف أن إحساس الولاء أصبح غائبا عن المصريين بسبب المناخ السيئ في البلاد، وأن الذين يخرجون في تظاهرات للدفاع عن النظام ولاؤهم للتيارات الإسلامية وليس لمصر، مستنكرا عدم الاهتمام الإعلامي بشهداء الشرطة الذين يُقتلون ولا أحد يتذكّرهم، وهذا ما يعزّز إحساس عدم الولاء. وواصل أستاذ الطب النفسي: "مافيش ثورة بتظهر نتيجتها بسنة أو اتنين؛ لكن المصريين استعجلوا النتائج، وتخيّلوا أنها سوف تُؤتي ثمارها فورا، والنظام الموجود حاليا هو امتداد للنظام القديم، وعقدة الزنزانة مشكلتهم".
وتابع عكاشة أن حالات الانحراف الأخلاقي التي انتشرت في مصر سببها ترسيخ فكرة الضعف في النفوس في بداية النشأة؛ من خلال إنفاق الأموال حتى يمرّ الأولاد من مراحلهم الدراسية دون جهد، وبالتالي ينشئون ولديهم إحساس بعدم القدرة على النجاح. ونفى أن يكون هناك ما يُسمّى ب"النفس الثورية"، وقال إن هناك نوادي للضحك، متمنيا أن يكون ذلك في مصر، وقال إن الناس في هذه النوادي يضحكون دون سبب، وهو ما يغيّر من فسيولوجية الإنسان؛ فالسعادة معدية وكذلك النكد والاكتئاب. ونصح عكاشة أنه في ظلّ عدم وجود أمل في تغيير الدولة؛ فيمكن تغيير النسيج الاجتماعي المحيط بنا، ونجلس مع بعض أكثر من مشاهدة التليفزيون؛ لأن المصريين أصبح لديهم حالة تبلّد قوية. وقال عكاشة إن الإسرائيليين يعذّبون الفلسطينيين، وحركتَي فتح وحماس بدورهما توحّدتا مع هذا الفعل، وأصبحتا تعذّبان مع مَن يختلفون معهما، وهو ما حدث في مصر أيضا؛ حيث أصبح لدى البعض رغبة في الانتقام من المجتمع بسبب ما تعرّضوا له. وتابع أن مصر تحتاج منظومة لأشخاص لديهم مرونة وغير مألوفين يتمكّنون من اتخاذ قرارات غير مألوفة؛ لأن أوقات المحن تحتاج إلى أشخاص غير تقليديين، ومن الأفضل أن يكونوا شبابا؛ لأن الأشخاص الأكبر سنا ليس لديهم مرونة. وأعرب عكاشة عن اعتقاده بأن المصريين ليس لديهم عقل جمعي متمتعا بالثقافة العلمية التي تؤمن بالانضباط في العمل ودقة المواعيد، ولا يشعرون أنهم يعملون من أجل مصر لأن هذا العقل الجمعي غير موجود؛ بل إن هناك عقلا فرديا. وأكّد أن الخلل عند المصريين نابع من عدم وجود توازن بين قدراتهم والفرص التي يحصلون عليها، وهو ما يؤثّر على الصحة المصرية، ويضرّ بالصحة النفسية، ويؤدّي إلى انسحابه من الحياة وتزداد رغبته في الموت. وكروشتة للسعادة؛ نصح عكاشة المصريين بالعمل والإنجاز؛ لأنه يحسّن من الصحة النفسية بصورة أكبر، متمنيا على الدولة أن تتجه إلى الأمن لكل المصريين حتى تتحقق النهضة.