السلام عليكم.. باحييكم على مجهودكم الرائع ده، وعايزة أسأل عن حاجتين وترد عليّ فيهم د. أميرة بدران بعد إذنكم: أولا: إزاي أنظّم وقتي؟ ثانيا: هي العيوب اللي في شخصيتي ممكن أغيّرها ولا لو حاولت فيها يبقى باضيع وقت؟ أنا باسأل عن الموضوع ده عشان أنا خجولة وضعيفة الشخصية وماعنديش ذكاء اجتماعي تقريبا، وحساسة جدا زيادة عن اللزوم وماعنديش ثقة في نفسي وهادية قوي، مابعرفش أشخط ولا أضرب، وكسولة ونظام نومي ملخبط ومابعرفش أنظّم وقتي، ونظري ضعيف شوية وتركيزي ضعيف ومعنديش سرعة بديهة. مع العلم إني بحب اللغة العربية جدا وكنت شاطرة جدا في النحو وأنا طالبة، هل كل الصفات دي ينفع معاها أشتغل مدرّسة؟ علما بأني خريجة كلية التربية قسم اللغة العربية، ومنذ تخرجي عام 2008 وأنا أعمل أمينة مكتبة عشان ماكانش فيه عجز في تخصصي في ذلك الوقت. مشكلتي إني محتارة أحوّل تدريس ولا لأ؛ يعني الصفات اللي في شخصيتي اللي ذكرتها في أول الرسالة دي إزاي أقدر معاها إني أشرح قدام موجّه جاي يقيّم أدائي؟ ولا إزاي أسيطر على الفصل؟ ولا أتصرف في أي موقف عارض يواجهني؟ ممكن تسألوني إيه اللي مضايقك من المكتبة، أقولكم رغم إني مرتاحة جدا في المكتبة بس حاسة إني ناقصني حاجة مش لاقية نفسي فيها، وإني مهما عملت مش هابقى زي اللي تخصصه وثائق ومكتبات، رغم إن الموجّهة لما بتيجي لي بتشكر في شغلي، بس حاسة إني مابعرفش في المكتبة غير شغل السجلّات والشغل الفردي، أما الشغل اللي فيه مواجهة مع الطلبة زي المسابقات مثلا مش كويسة فيه. وبرضه مستخسرة السنين اللي درست فيها العربي دي تروح هباء. وخايفة برضه لو حوّلت تدريس إني أتأزم نفسيا من عدم قدرتي على تطويع عيوبي، بحيث لا تؤثر عليّ بالسلب وتمنعني من تحقيق ذاتي في التدريس. بالله عليكي يا د. أميرة شوري عليّ أعمل إيه، ممكن أتغير ولا ده كلام مثالي مش واقعي؟ ممكن أتغلب إزاي على عيوبي دي؟ وأقدر أشتغل مدرّسة ولا لأ؟ ولو صعب الكلام ده يحصل قولي لي أعمل إيه عشان أتغلّب على إحساسي بالنقص والغيرة لما بشوف زمايلي ناجحين في شغلهم في مجال تخصصهم. بالله عليكي ردي في أسرع وقت.
marmar.h
أهلا وسهلا بك يا صديقتي، وأشكرك على ثقتك في وأرجو أن أكون عند ظنك في، والحقيقة أن المشكلة لا تتعلق بالتدريس أو عدم التدريس. فالتدريس ما هو إلا بروفة للتغيير أو مكان للتدريب على التغيير، فالحياة عموما لا تظل على وتيرة واحدة، ولن تظل على وتيرة واحدة، وستمرين حتما بالمواقف التي تخافين منها وتشعرين فيها بالضعف، فلو هربتِ من المواجهة بعملك بالمكتبة، فكيف ستكون الحال لو مرض أحد أبويك واحتاج الموقف إلى قوة شخصية ونفسية مستقرة؟ ما الذي سيحدث حين تضطرين في يوم ما إلى مواجهة أحد لأمر حدث معك في الشارع؟ ما الذي سيحدث لو حكمت ظروفك أو ظروف غياب زميلاتك فقمت بالمسابقات رغما عن أنفك؟ فكما قلت لك القصة ليست قصة تدريس، وإن اعترفت أنه سيكون تدريبا شاقا لك، ولا أنصحك بالبدء بالتدريس دفعة واحدة، ولكن اجعليه الهدف الكبير لك الذي يوصلك إلى الهدف الأصلي وهو التغيير، على أن يسبقه تدريبات تؤهلك لخوض تجربة التدريس. فصعوبة التغيير عموما تكمن في الجهل بمعرفة الجوانب السيئة للوضع الحالي الذي يعيش فيه الشخص، والجهل كذلك بالجوانب الإيجابية للوضع الجديد بعد التغيير، ويعوق التغيير كذلك أن الشخص يكون قد ألف عادات وسلوكيات تؤثر على تفكيره وتصرفاته التي تريحه في الوضع الحالي، ولكن في لحظات الصدق يعرف أنه غير مرتاح فيكون من المهم العمل على مواجهة تلك العادات بإرادة ورغبة حقيقيتين. والدليل على وجود رغبة لديك في التغيير هو إرسالك لرسالتك تطلبين فيها "كيفية" التغيير، أما عن سؤال هل التغيير يحدث، فطبعا يحدث ولكن بعدة شروط، على رأسها الرغبة الحقيقية في التغيير من داخلك، ثم دفع ثمن التغيير والذي سيكون وقتا وجهدا ومثابرة، والبداية الصحيحة ستكون في معرفتك بأن لديك ما يعرف بسمات الشخصية التجنبية وهي تتمثل في: - تتميز بالكف الاجتماعي والإحساس بضعف الكفاءة مع وجود حساسية زائدة لنقد الآخرين. - يتجنب المهن التي تتطلب احتكاكا اجتماعيا لخوفهم من النقد والرفض وعدم الاستحسان. - لا يميل إلى مخالطة الآخرين إن لم يتأكد أنهم يحبونه. - يظهر إحجاما عن العلاقات الحميمة لأنه يخشى أن يُجرح شعوره أو يسخر منه. - في المواقف الإنسانية الجديدة عليه يصبح معوقا بسبب شعوره بعدم الكفاءة. - يشعر أنه أقل من الآخرين، وسخيف، وغير لبق. - يمتنع عن المواقف التي تتطلب بعض المغامرة، أو يمتنع عن الاشتراك في الأنشطة الجديدة لأنها قد تظهر ارتباكه. ولذلك هناك العديد من الأعراض المصاحبة لوجود تلك السمات، وعلى رأسها الاكتئاب والقلق، حيث إن من أعراض الاكتئاب ضعف التركيز والكسل الذي تعانين منه، وبعض المخاوف المرضية، ومنها خوفك من وجودك وسط جمع (التلاميذ). لذا تعالي نتحدث الآن عن العلاج، حيث إن نقطة بدايته ستكون برفع الثقة بالنفس، والثقة بالنفس يتم بناؤها بتدرج والحمد لله أنها أمر مكتسب وليس موروثا، فلا يوجد إنسان يولد واثقا بنفسه، والثقة بالنفس تحتاج أول ما تحتاج إلى حوار داخلي إيجابي، وهي أصعب مرحلة، فالشخص الضعيف الثقة تعوّد أن يتحدث لنفسه حديثا مخزيا محبطا، فيه لوم وتأنيب بل ويصل إلى الشتم والسب والكراهية! فالتحول للحديث الإيجابي الذي يركز على التفاؤل وإعطاء المُهل والرفق حين الخطأ يحتاج إلى التدريب والتكرار لاكتساب مهارة التفاؤل ومن ثم التغيير، فأول عدو سيحتاج منك إلى معركة هو هذا الحديث الخطير، وحتى تكتسبينه عليك بالتركيز مع نفسك لتتمكني من متابعة هذا الحديث لتبديله حتى تتعودي على الإيجابية. فكلما تحدثت لنفسك كالسابق بأنك ضعيفة وستفشلين بدّليها بلا لست ضعيفة، أنا فقط أحتاج إلى تعلم بعض المهارات، وأنك لن تنجحي من أول مرة وهذا طبيعي، وأنك ستتعلمين من أخطائك وتتفادينها في المرات القادمة... إلخ، وهكذا، وحددي بعد ذلك أهدافا بسيطة للغاية وسهلة لتنفيذها في أي مساحة، وليكن في حوار مع إحدى صديقاتك في موضوع بسيط، ويا حبذا لو قرأتِ فيه قبل الحديث معها أو تعرّفت عليه، فسيزيد ذلك من ثقتك في نفسك، أو في علاقتك مع أحد أفراد أسرتك، أو في علاقتك مع الله سبحانه، فكلما أنجزت أي أهداف تضعينها في أمر من الأمور حتى لو بسيطة للغاية سيحفزك ذلك كثيرا على أن تكون الأهداف متتابعة ومستمرة، وستكون سهلة لأنك تبدئين بأمور بسيطة، واقرئي في الثقة بالنفس وستعرفين عجبا، كأن تعرفي أنها عدوى تصيب من يقترب ممن يثق بنفسه! وهذه الخطوات ستحتاج إلى جهد ووقت ومثابرة، وبعد فترة من الإنجازات ستجدين في نفسك قدرة على القيام بالمزيد، فقومي مع نفسك أو مع من تثقين بتمثيل دور المعلمة بكل التفاصيل، بداية بماذا سترتدين وكيف ستسيرين حتى الفصل، وماذا ستكتبين في الكشكول الخاص بك، وما هو الدرس، وكيف ستدخلين الفصل، وكيف ستشرحين هذا الجزء، وتخيلي ردود أفعال التلاميذ وتدربي على التصرف المقبول، ثم التصرف الجيد، ثم التصرف المناسب. وطبعا هذا التدريب سيأخذ وقتا وجهدا ولن تتمكني من القيام بهذا التدريب بأكمله هكذا في مرة، ولكن جزّئيه على مرات بحيث كل مرة تتعاملين مع جزء معين، ولو وجدت في نفسك رهبة شديدة وعدم قدرة على القيام بهذه الطرق الذاتية فلا تبخلي على نفسك بالتواصل مع متخصص نفسي يساعدك على اكتساب المهارات التعبيرية والمهارات الاجتماعية، بقدر من التفصيل والتدرج اللذين يناسبان قدراتك، خصوصا أنه سيقوم بالعلاج المعرفي السلوكي الذي منه سيضع يده على حقيقة الأفكار التي تحتاج إلى تعديل، وبالتالي تؤثر على مشاعرك وتصرفاتك. كما أن العلاج سيتضمن العلاج الذي يخص إزالة الحساسية التي تعانين منها، فلتبدئي قدر طاقتك وبعزم شديد، وإن لم تتمكني فلا ضير من وجود مساعد يأخذ بيدك.