بسم الله الرحمن الرحيم.. سؤالي: هل يحق لزوجي إنه يتجوز بأخرى مع العلم إني لست مقصّرة بأي حق من حقوقه، وهو يشهد بذلك وبيقول إنه لو لف الدنيا كلها مش هيلاقي ظفري.. هو عنده 37 سنة وأنا عندي 32 سنة وعندنا طفل عمره سنتين وواخدين بعض عن حب؛ والكل كان بيحسدنا على حبنا، ولما اتجوز بأخرى كان الكل بيسأله مش دي الإنسانة اللي إنت كنت بتقول عنها لو لفيت الدنيا كلها مش هتلاقي زيها؟! بيقول وأنا ما زلت باقول كده ومافيش فيها أي عيب ولا مقصّرة إطلاقا، بس هاتجوز علشان ربنا بيقول كده وبس، وأهله كلهم رافضين موضوع زواجه ده وبيقولوا لي اصبري هيرجع وهيندم أشد الندم، وهي والدها بيصرف عليها وابنها بياخد نفقة من أبوه. يا ريت تعرّفوني إذا كان من حقه فعلا يتجوز دون أي سبب، مع العلم إنه دلوقتي بيقول إنه كل ما بيبص في عيوني بيحس بظلمه ليّ، وبيقول لي أنا واثق تماما إن زواجي الآخر ده هينتهي، بس اصبري.
mbolbol
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صديقة "بص وطل" العزيزة.. أما بعد، ليس ما يقوله زوجك صديقتي: "بس هاتجوز علشان ربنا بيقول كده" حقيقي، فربنا عز وجل صديقتي لم يقل بتعدد الزوجات، وزوجك هو الذي يخدع نفسه ويخدعك بهذا القول. فالزواج أصلا صديقتي في شرع الله إباحة، يعني اللي عاوز يتجوز فله ثوابه في أنه يحصن نفسه من الزنى سواء بالبصر أو بغيره، ومن لا يتزوج فلا ذنب عليه، فالزواج ليس فرضا مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج. حتى فريضة الزكاة والحج شرطها الله عز وجل بالقدرة، أي من ملك نصاب الزكاة، يعني أن يصل نقود الرجل المدّخرة تبلغ نصابا يستحق زكاة، فإذا لم تصل نصابا فلا زكاة، كذلك الحج لمن استطاع إليه سبيلا، ومن لم يستطع فلا حج عليه. الخلاصة صديقتي إن الفروض اللي ربنا قال عليها عشان نتبعها ليس منها الزواج لا لمرة ولا لعدد من المرات. أما قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}، فمعناها صديقتي إباحة التعدد في اليتامى اللاتي يأكلن من أموال الرجل ويعيشن في بيته، فيمكن بدل من أن يكنّ حراما أن يتزوج منهن الرجل لأنهن في بيته، وهو طبيعي ينفق عليهن لأنهن يتامى، ومع ذلك اشترطت الآية العدل، فإن لم يعدل أو خاف عدم العدل فواحدة ويترك اليتامى للزواج من غيره.. هذا صديقتي تفسير الآية التي فسرها أمثال زوجك على مزاجه. فمعنى التعدد لا يكون إلا بشروطه وأسبابه، وأهم أسبابه صديقتي أن لا يشبع الزوج من زوجته جنسيا فيحتاج زوجة ثانية تكفيه حاجته بدلا من الزنى، ويكون على الشروط الآتية: العدل في المسكن، العدل في المعيشة، العدل في الإنفاق، كذلك العدل في عدد الليالي التي يقضيها الزوج عند كل زوجة من زوجاته، بمعنى أن لا تأخذ واحدة أكثر من الثانية ولو ليلة تكون من حق زوجة يعطيها للأخرى لأنها مثلا حائض أو لديها سبب يمنعها من النوم من الزوج، فالحديث الشريف يقول: "للرجل من زوجته كل شيء في حال الحيض إلا الإيلاج"، بمعنى الدخول إلى مكان الدم، حيث الآية الكريمة تمنع جماع الحائض لأن دم الحيض فاسد وهو أذى، وذلك لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}. فهل زوجك صديقتي يخاف على نفسه الفتنة من الوقوع في الزنى؟ بمعنى هل لا يشبع زوجك من علاقته الزوجية بك، لذا سيتزوج ليستمتع بجسدين وبعلاقتين حميمتين بدلا من واحدة؟ وهل يملك زوجك من المال ما يجعل به لزوجته الثانية سكنا مثل سكنك، ويفرشه مثل فرش بيتك وينفق عليها مثل نفقته عليك؟ أم سيكون الغربال الجديد له شدة وسيميل إلى الجديدة وينسى حقك الشرعي وحق ابنك؟ أم سيكون لك وستكون الثانية محطة راحة لما يحب يرتاح يروح لها؟ ونصيحتي لكِ صديقتي أن تقولي لزوجك إن الله عز وجل الذي يتحجج به جعل لكل شيء حدا، بمعنى فاصل يفصل بين الحلال والحرام، وقال عز وجل على هذه الحدود: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}، يعني من الآخر يفهم زوجك أنه ما دام يعرف ربه في حق له ليس فرضا، إنما حق بحاجة ماسة وهي كما سبق القول إنه يحتاج إلى امرأة أخرى تشبع شهوته لأنك رغم ما يقول لست كافية، فهل سيعدل؟ وكيف سيعدل والله عز وجل يقول: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً}. راجعيه بكلام الله وبخوفك عليه من غضب ربه الذي أعطاه نعمة الصحة التي تمكّنه من الزواج بك وبأخرى، وأعطاه نعمة المال لينفق عليك وعلى الأخرى، وقولي له إن تعدد الزوجات يلزمه حاجة ماسة لا بد وأن أعلمها لأوافق لك على الزواج، فلا يصح أن تتزوج لمرة ثانية وتأتي لي بضرة تشاركني فيك دون موافقتي، ثم هل يمكنك العدل الذي قال به رب العالمين، أم ستتحدى ربك وتظلم نفسك فيمنعك ربك نعمه التي لم ترعها، وبدل من أن تحل العدل ظلمت نفسك وستظلمني وستظلم واحدة ثالثة. ثم تأكدي أنه يقيم كل فروض الله الواجبة مثل الصلوات لوقتها والصيام في رمضان وغيره، فإذا كانت فروض الله كلها ما شاء الله تامة، يبقى ممكن يفعل المباح ويتزوج اثنتين وثلاثة وأربعة إن أحب، ولكن بالشروط وإلا سيكون من الآثم قلبه الذي يعاقبه الله في الدنيا والآخرة.