أحمد وفا - أ ش أ يصادف اليوم (الجمعة) الذكرى ال95 لوعد جيمس آرثر بلفور -وزير الخارجية البريطاني- لليهود بإنشاء وطن لهم على الأرض الفلسطينية، وهو ما عُرِف تاريخيا باسم "وعد بلفور" الذي حوّل الشعب الفلسطيني إلى لاجئين في دول شتى من العالم. ولم يكن في فلسطين من اليهود عند صدور الوعد البريطاني سوى خمسين ألفا، في حين كان عدد سكان فلسطين من العرب في ذلك الوقت يُناهز 650 ألفا من المواطنين. وفي مثل هذه اليوم قبل 95 عاما أصدر بلفور تصريحا مكتوبا وجّهه باسم الحكومة البريطانية إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد -أحد زعماء الحركة الصهيونية- يتعهد فيه بإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين". الفلسطينيون يُطالبون في هذه الذكرى الأليمة بالتوحّد وإنهاء الانقسام الذي أدّى إلى إضعاف الاهتمام بقضيتهم، في الوقت الذي يُنفّذ فيه الاحتلال الإسرائيلي سياسات فرض الأمر الواقع، ويقتطع يوما بعد الآخر أجزاءً جديدة من الأرض الفلسطينية عبر سياسيات الاستيطان والتهويد. فقد طالبت منظّمة التحرير الفلسطينية بتوحيد الصف والانحياز إلى مصالح الشعب؛ لمواجهة التحديات والمخطّطات التصفوية، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وتوفير حل عادل لقضية اللاجئين. وحمّلت منظمة التحرير بريطانيا المسئولية السياسية والأخلاقية عن بقاء الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال الوحيد المتبقّي في العالم؛ بسبب الجرم الإنساني التاريخي الذي ارتكبته بإصدار وعد بلفور بمخالفة صارخة لقواعد القانون الدولي والإنسانية. وأضافت: "آن الأوان للمجتمع الدولي -وعلى رأسه بريطانيا- أن يلعب دورا فاعلا، ويُقدّم مبادرات جدية وملموسة لتصحيح الخطأ التاريخي الذي اقترفته بريطانيا بحقّ الشعب الفلسطيني الذي ما زال يدفع ثمن تواطؤ المجتمع الدولي بالكارثة الإنسانية والسياسية التي حلّت به، وأدت إلى اقتلاعه وتهجيره من وطنه وإحلال شعب آخر محلّه". وتابعت: "أقلّ ما يمكن أن تقدّمه بريطانيا ودول العالم هو تقديم الاعتذار عمّا لحق بالشعب الفلسطيني من ظلم تاريخي، وتقديم الدعم المادي والمعنوي له من خلال تمكينه من استعادة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرّف، ودعم التصويت لصالح دولة فلسطين بصفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الحالي". أما حركة المقاومة الإسلامية "حماس" فجدّدت في ذكرى وعد بلفور تمسّكها بكل حقوق الشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة، ورفضها لكل المشاريع الهزيلة وعلى رأسها مشاريع التهجير والتوطين. وقالت: "لن نرضى عن فلسطين بديلا، ووجودنا في أي مكان في العالم محطة على طريق العودة"، مؤكّدة أن إكرام اللاجئين الفلسطينيين وإقرار حقوقهم المدنية في مخيّمات اللاجئين واجب على الدول المضيفة لهم. وأكّدت حماس -في بيان لها بهذا الصدد- مضيّها في طريق الجهاد والمقاومة حتى تحرير كل التراب الفلسطيني، مهما كلّفها ذلك من ثمن وتضحيات، وقالت: "العدو لا يفهم إلا لغة القوة، ولا مستقبل للاحتلال على الأرض الفلسطينية"، ودعت حماس إلى إجراء حوار وطني شامل، كما طالبت بتشكيل شبكة أمان قوية وفاعلة ومؤثّرة يدعّمون بموجبها الشعب الفلسطيني ويدافعون عنه ويُعزّزون صموده، وأن يكون عنوان المرحلة المقبلة "الصراع من أجل فلسطين ومن أجل القدس ورفع الشرعية عن الاحتلال". ومن جانبها، قالت حركة فتح إن حق الشعب الفلسطيني في وطنه وأرضه لا يسقط بالتقادم، أو بفرض أمر واقع بقوة السلاح والاحتلال الاستعماري. وأضافت فتح: "الشعب الفلسطيني كان على أرضه منذ فجر التاريخ، وما زال متجذّرا وسيبقى فيها، وعليها سيكون كحقيقة أزلية". أما لجان المقاومة الفلسطينية؛ فقالت إن وعد بلفور كان الخطوة الأكثر وضوحا في انحياز وتآمر النظام العالمي في ذلك الوقت وعلى رأسه بريطانيا إلى اليهود. وأكّدت لجان المقاومة أن خيار الجهاد والمقاومة هو الطريق لاسترجاع كامل الأراضي الفلسطينية من النهر إلى البحر، وطالبت بالتوحّد في خندق المقاومة، والاتفاق على كلمة سواء وتوحيد الجهود والسواعد في المعركة مع العدو. وبعد مرور 95 عاما، ما زال الفلسطينيون مشرّدين بلا دولة، وما زال الاحتلال يُمارس جرائمة الوحشية ضد الشعب الأعزل وسط صمت دولي، بل وتأييد من قِبل بعض الدول الغربية لإسرائيل التي تمدّها بالدعم المالي والعسكري، لكنّ الفلسطينيين لم ييأسوا أبدا من أن يُقيموا دولتهم من جديد بعد تحريرها من الغاصبين.