فتاة جميلة، ناجحة في عملها بمجال الدعاية والإعلان، استطاعت تكوين ثروة وعلاقات ضخمة بعد أن وهبت نفسها لعملها فقط، عملا بنصيحة والدتها التي أخلصت لوالدها فخانها وتزوج عليها، فجأة تستيقظ لتجد نفسها زوجة وربة منزل لأسرة مكونة من زوج و3 أطفال، بخلاف طفل رابع في الطريق، فكيف حدث ذلك؟ ومتى؟ وإلى أين ستسير الأحداث ب"نبيلة الحلواني" بعد هذه المفاجأة الغريبة التي ستقلب مسار حياتها رأسا على عقب؟! جميعها تساؤلات سيجيبك عليها فيلم "الآنسة مامي" عبر أحداثه الكوميدية التي تنتمي إلى نوعية أفلام الأسرة أو ال"فاميلي فيلم"، التي تألقت فيها ياسمين عبد العزيز، لتضمن لنفسها ملعبا تلعب فيه بمفردها دونا عن باقي فنانات جيلها، أو باقي الفنانات اللاتي ظهرن بعدها، لتخوض البطولة النسائية دون أي قلق أو خوف من الأفلام المنافسة، التي تختلف دوما عنها في الشكل والمضمون، وهكذا حجزت لنفسها مكانا متميزا من خلال أفلامها السابقة. اللافت للانتباه ها هنا أن أفلام ياسمين، رغم سطحية بعض مشاهدها البعيدة عن المنطق والعقل أحيانا، لكنها تريد من خلالها أن تقول شيئا أو توجه رسالة، دون أن تكتفي بالبهجة والكوميديا فقط مثلما يفعل غيرها. فبعد أن ناقشت أزمة مربيات الأطفال والتفكك الأسري في "الدادة دودي"، وأحلام البنات البريئة التي يغتالها شباب طائش ورجال بلا ضمير في "الثلاثة يشتغلونها"، عادت ياسمين في "الآنسة مامي" لتناقش أزمة الفتاة الطموحة، التي تعتقد أن نجاحها العملي والحفاظ على جمالها ومظهرها الاجتماعي يغنياها عن الزواج والإنجاب، ودخول نفس الدوامة التي تعاني منها غالبية النساء في مصر والوطن العربي، بخلاف أزمة الحوار والتفاهم بين الزوج والزوجة في المسائل التي تختلف حولها وجهات النظر، وكيف يحقق كل منهما طموحه دون أن يؤثر ذلك على البيت والأطفال، لكنها تدرك في النهاية أن "الست مالهاش غير جوزها وعيالها في المقام الأول بحياتها". لكن ذكاء ياسمين يجعلها تدرك جيدا كيف تخوض تجربة البطولة السينمائية، ومناقشة القضية التي تريد طرحها في أي وقت، ما دامت تملك أدوات نجاحها الكامنة في الأطفال، وتعرف كيف توظفهم جيدا في جذب الجمهور إلى شباك التذاكر. فرغم أنها لعبت دور الفتاة ال"فيديت"، الجميلة، الرومانسية، خفيفة الظل في "1\8 دستة أشرار"، وبرعت في هذا الدور، لكنها تدرك جيدا أن كل هذا ليس كافيا حين تتحمل البطولة ويحسب الفيلم باسمها أمام الجمهور، حيث لا غنى عن الأطفال بمختلف أعمارهم وقتها، لتوظفهم في قضية فيلمها وتستفاد منهم في جذب كل أفراد الأسرة، لا سيما الأسر التي تملك عددا من الأطفال وتريد تسليتهم بفيلم جديد يمثل بالنسبة إليهم خروجة ممتعة في العيد، أو حتى أي ثنائي عاطفي يريدان دخول فيلم نظيف محترم، يتضمن كوميديا محترمة ومشاهد راقية لا تخدش حياء المشاهدين بالقول أو الفعل، وهكذا استطاعت ياسمين على مدار أفلامها أن تربي "زبون" يظل محجوزا باسمها في أي وقت تطرح فيه أعمالها، ما دامت تلعب في هذا الملعب وحدها. ومثلما حشدت ياسمين في فيلميها السابقين كل ما تستطيع استغلاله في صنع النجاح وتحقيق الإيرادات، سواء الأطفال، أو استغلال منى زكي أو أحمد عز في الأدوار الشرفية، جاء الدور هذه المرة على حسن الرداد ك "جان" له معجباته ومحبوه، ومحمد لطفي وسليمان عيد وهشام إسماعيل وانتصار، كطاقات كوميدية قادرة على انتزاع ضحكات الجمهور، ومعهم في ذلك إيمان السيد التي كانت فاكهة الفيلم، وأكثرهم قدرة على انتزاع ضحكات الجمهور ورسم البسمة على ملامحه كلما ظهرت، وسعد الصغير كضيف شرف، لكنه يظهر بوضوح فى التريللر لمخاطبة الطبقة الشعبية، وهالة فاخر وأحمد فؤاد سليم اسمين لهما ثقلهما وخبرتهما، ومعهما الطفل سولي الذي ظهر من قبل مع كريم عبد العزيز في "فاصل ونعود" ومع أحمد عز في "حلم عزيز"، والطفلة حنين التي ظهرت في العديد من الإعلانات، بجانب كليب "قطر الحياة" مع أحمد مكي. أما ياسمين نفسها فلجأت في هذا الفيلم بجانب خفة ظلها ومرونة جسدها، إلى الخلطة التركي التي غزت مجتمعاتنا العربية، فتراها شديدة الاهتمام بجمالها ومظهرها، مع وجود بعض المشاهد الرومانسية الجميلة، والديكورات المتميزة بشكل مريح للعين والنفس الذي ينسي المُشاهد ولو لدقائق ذلك الواقع القميء الذي غزاه القبح في حياتنا العادية. لكن يعاب على الفيلم الاستسهال واللامنطق في بعض مشاهده، خصوصا المشاهد التي تمثل فيها "ياسمين- نبيلة" مصممة الإعلانات أنها تتحدث في الهاتف مع عملاء وهميين يريدون شراء أفكارها بأسعار غالية، لتستفز عملاء الشركة وتحثهم على سرعة إتمام الصفقة، والتعاقد بأغلى سعر قبل أن تذهب إلى عملاء منافسين، وهو خطأ درامي يتحمله المؤلف خالد جلال، لكنه من ناحية أخرى استطاع أن يكتب فيلما صعبا يحمل الفكرة الراقية، والمتعة، والكوميديا. بجانب عدم توظيف بعض الفنانين بما يتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم، وكأن الهدف من وجودهم هو حشدهم في الأفيش والتريللر فقط دون استغلالهم في الفيلم كما ينبغي، فتشعر أن هالة فاخر ليست موجودة على الإطلاق، وكذا انتصار، بينما جاء وجود محمد لطفي باهتا مهزوزا، بشكل يقلل منهم ولا يضيف إليهم. كما أخطأ المخرج وائل إحسان في تكرار بعض الكادرات وال "انسرتات" في أكثر من مشهد، مثل الفوتو مونتاج في اللمة الأسرية وتبادل المزاح والمرح بين أفراد الأسرة في أكثر من مشهد بطريقة مكررة، مع الاعتراف بقدراته الإخراجية المتميزة في باقي المشاهد الكوميدية التي حملت بصمته المميزة، بطريقة تجعلك تعرف أن هذا الفيلم من إخراجه حتى وإن لم تشاهد اسمه على الأفيش أو في التريللر. في حين أبدعت الاستايلست مها بركة في اختيار الأزياء المناسبة، وتألق فراس سعيد في الديكورات. كلمة أخيرة "الآنسة مامي" ليس بالفيلم ال "واو" الذي يبهرك ويظل في عقلك لفترة طويلة، لكنه في النهاية فيلما جيدا يصلح لكل أفراد الأسرة، ويحاول أن يتضمن فكرة جادة رغم جرعة الكوميديا والمرح، كما أنه يصلح لقضاء وقت ممتع مع الأهل أو الأصدقاء، دون أن تجرح أذنك كلمة خارجة أو مشهد إباحي ساخن، وكل هذا يجعله على الأقل جديرا بأن تدخله دون أن تندم على سعر التذكرة، خصوصا إذا ما نظرت إلى بعض أفلام الموسم وعلى رأسها "عبده موتة" و"مهمة في فيلم قديم"، والغريب أن جميعهم يحمل توقيع عائلة السبكي، التي تفسد وتصلح وتصدّر المتعة والإسفاف في وقت واحد!