صرّح المستشار الدكتور عبد المجيد محمود -النائب العام- بأن تمسّكه بموقعه الوظيفي ليس طمعا منه في المنصب أو غيره من المناصب، وإنما يأتي دفاعا عن الحصانة القضائية التي يُقرّرها الدستور والإعلان الدستوري وقانون السلطة القضائية لكل رجال القضاء وضمانا للحقوق والحريات، ومنعا لتدخّل السلطة التنفيذية في شئون القضاء والقضاة، وحرصا منه على العدالة والسلطة القضائية برمتها؛ وذلك على حد قوله. وقال النائب العام -في بيان له منذ قليل اليوم (الجمعة) سرد خلاله التفاصيل الكاملة لمحاولات عزله من منصبه- إنه لم يتقدّم باستقالته مطلقا، مشدّدا على أنه باقٍ في عمله طبقا لقانون السلطة القضائية الذي ينصّ على عدم جواز عزل النائب العام أو نقله من وظيفته إلا بناءً على طلبه، وأن خدمته لا تنتهي إلا ببلوغ سن التقاعد، لافتا النظر إلى أنه لم تصدر عنه أي موافقات من أي نوع للعمل كسفير لمصر في الفاتيكان؛ وذلك وفقا لما ورد بالمصري اليوم. وكشف النائب العام النقاب عن تفاصيل الأزمة، موضّحا: "تلقّيت اتصالات هاتفية حملت تهديدات لي بصورة مباشرة وغير مباشرة، للاستقالة من منصبي"، مشيرا إلى أنه قد تمّ الاتصال به تليفونيا ظهر أمس (الخميس) من جانب المستشار أحمد مكي وزير العدل وحسام الغرياني رئيس محكمة النقض السابق؛ حيث أبلغاه بأنهما يتصلان به من مقر رئاسة الجمهورية. وأضاف: "وزير العدل أبلغني صراحة بأن التظاهرات التي ستخرج في كل محافظات مصر يوم الجمعة سوف تطالب بإقالتي من منصبي كنائب عام، وأنه يجب عليّ أن أترك منصبي على الفور، كما اقترح وزير العدل أن أعود للعمل في المحاكم لحين تدبير منصب كريم لي؛ خصوصا أنه لم يكن هناك سوى منصب رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وأن الوزير يرفض هذا المنصب لأنه غير لائق للنائب العام". وشدّد النائب العام على رفضه القاطع والصريح لعزله من منصبه وهو ما أبلغه للوزير، فما كان من مكي إلا أن أبلغه بأن المستشار الغرياني سيقوم بالاتصال للحديث معه في هذا الشأن. وأكّد محمود تلقّيه اتصالا بالفعل من جانب المستشار الغرياني قائلا: "أبلغني الغرياني بضرورة الرحيل والموافقة على منصب سفير مصر بالفاتيكان، لكني كرّرت رفضي التام لترك منصبي، لكن الغرياني أبلغني بصورة حملت تهديدا مباشرا لي بخطورة التظاهرات المرتقبة". وأردف: "صرّح لي الغرياني بأن المتظاهرين من الممكن أن يتوافدوا على مكتبي، وأن يقوموا بالاعتداء عليّ على نحو ما جرى مع المرحوم المستشار عبد الرازق السنهوري، رئيس مجلس الدولة الأسبق". وأوضح النائب العام أنه أبلغ الغرياني بأن في ذلك الحديث "تهديدا مباشرا له لا يقبله على وجه الإطلاق"، وأنه -أي محمود- قال له: "ليكن ما يكون، وبإمكانكم تعديل قانون السلطة القضائية بمرسوم بقانون من رئيس الدولة في شأن منصب النائب العام، لكن الغرياني رفض هذا الاقتراح، متعللا بأن في ذلك مساس بالسلطة القضائية، وانتهت المكالمة". وأشار النائب العام إلى أنه غير مسئول عن إصدار قرار تعيينه سفيرا للفاتيكان بناء على أي فهم خاطئ، مشيرا إلى أنه أكّد صراحة خلال الاتصالات الهاتفية التي أجراها معه المستشاران مكي والغرياني، أنه يرفض ترك منصبه، وأنه لن يصدر موافقة مسبقة في شأن أي أمر، مشدّدا على أنه أعلن خلال الحوار الذي دار معهما تمسّكه بالحصانة القضائية المقرّرة قانونا لجميع القضاة. وأكمل: "من المثير للدهشة والاستغراب وغير المقبول في ذات الوقت، أن قادة الدفاع عن السلطة القضائية وقادة تيار الاستقلال داخل القضاء هم مَن يتحدّثون مع رئيس الجمهورية في شأن كيفية عزل النائب العام". وعبّر النائب العام عن رفضه التام لأي تهديدات أو تصريحات غير مسئولة تتضمّن تجاوزا في الأسلوب؛ سواء لشخصه أو لصفته، لافتا النظر إلى أن هذه التهديدات التي تصدر من بعض قادة جماعة الإخوان المسلمين الذين اعتادوا ذلك، لن تنال من تمسّكه بالشرعية وسيادة القانون؛ وذلك حسب قوله. وأضاف أنه يستند إلى تأييد جميع زملائه من أعضاء الهيئات القضائية ورجال القضاء والفكر والثقافة؛ خصوصا أن هذه التصريحات المسيئة له تخلط بين دور النيابة العامة وقضاة التحقيق في وقائع قضية "موقعة الجمل" التي لم تباشرها النيابة العامة، كما أنها تنال من هيئة المحكمة التي أصدرت الحكم. وكان الرئيس الدكتور محمد مرسي قد أصدر قراره أمس بتعيين المستشار عبد المجيد محمود -النائب العام- سفيرا لمصر في الفاتيكان، وهو ما يعني تخلّيه عن منصبه كنائب عام؛ وذلك في أول رد فعل رئاسي على حكم محكمة جنايات القاهرة ببراءة جميع المتهمين في قضية قتل المتظاهرين السلميين والمعروفة إعلاميا ب"موقعة الجمل".