لماذا قبضوا على نخنوخ؟؟ ليوضحوا معزّته في قلوب المصريين.. لماذا حبسوا نخنوخ؟ لينفجر طوفان الحنان والعواطف الجياشة، ويظهر أهل البر والإحسان، ونكتشف أن في بلدنا أولياء صالحين يفعلون الخير في السر ولا تعلم شمالهم ما تنفق يمينهم.. صبري حلمي نخنوخ رجل أسطوري بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. لو كانت كمية الصور التي تُنشر له يوميا مع مشاهير مصر ونخبها مش فوتوشوب يبقى الراجل ده فعلا أسطورة.. ولو كان نجح في إنه يلوي عنق الإعلام المصري بالكامل لصالحه، ويصبح حدث إلقاء القبض عليه مناسبة للإشادة والتلميع والتذكير بأمجاده وبره وإحسانه يبقى فعلا راجل أسطورة.. الغريب أن كل هؤلاء الفنانين والإعلاميين الذين جمعتهم صور ومواقف وذكريات بنخنوخ، وهبّوا للدفاع عنه والتغزّل في لون عينيه، لم يشيروا من قريب أو بعيد من قبل بهذه العلاقة الخاصة والمتميزة؛ ربما لأن الظروف التي جمعتهم به كانت في حاجة إلى السرية التامة.. لا أدري مدى صحة الربط بين الجرائم الغامضة التي تحدث بين الحين والآخر بحق فنانين وملحنين وحركات من دي بقصائد الشعر التي يلهج بها آخرون في حق رجل "بيساعد الناس".. فما هي أوجه مساعدة نخنوخ للفنانين؟ وما الخدمات التي يقدّمها لهم على المستوى المهني والإنساني؟؟ وما السر الذي يجعل نخنوخ وأقاربه وجوها إعلامية مميزة، في فقرات مخصصة لهم دون ضجيج كما أشار البعض؟ وما سر الهوا الذي أصبح ببلاش لتلقي اتصالات عشاق نخنوخ.. الرجل يأخذ مساحة أكبر من تلك التي يحظى بها أحمد زويل.. وفيلته أكبر من مدينة زويل العلمية، وعلاقاته واتصالاته وفريقه الاستشاري تفوق به على الرئيس مرسي.. قضية نخنوخ تكشف ما يحدث في العوالم السفلى.. مصر التي تدار في أوكار البلطجية.. المرأة الضعيفة التي تبحث عمن تشتكي زوجها له بعد الله فيدلونها على نخنوخ.. تذهب إليه وتقيم في الفيلا عدة أيام حتى يربّي لها زوجها.. المرشح الذي يبحث عن نجاح مضمون دون الحاجة للشعب، فيذهب إلى نخنوخ ويدفع المعلوم ليحصل على المقعد البرلماني الحصين.. الفنان الذي يريد أن يربي زميلا يضايقه، فيذهب إلى نخنوخ لنسمع تاني يوم في الأخبار عن العثور على جثة فلان أو فلانة مذبوحة في شقتها أو خطف الملحن الفلاني أو... أو.... هل كل هذه حقائق أم مجرد تخمينات أم أحاديث خرافة لا علاقة لها بالواقع؟ النيابة تحقق والعدالة ستأخذ مجراها.. والثابت أن نخنوخ تعدى مواصفات البلطجي إلى الشخصية العامة أو بالتحديد الشخصية الخاصة جدا.. VIP من نوع آخر.. ملك غير متوج، ورئيس ظل، ومحرك خفي لكل الأحداث تقريبا.. الثابت أيضا أن نخنوخ متهم، وهو ما يبدو أن إعلامنا يتجاهله في تغطيته للحدث، فهو يفتح الباب للمتهم متجاهلا ما قامت به الشرطة حين ألقت القبض عليه، وما وجدوه من أدلة عينية وما لديهم من أدلة الاتصالات بشخصيات قيادية في النظام السابق.. كأن كل ذلك لا يقنع إعلاما ضالا وجد الأمر فرصة فقط للإشادة بالمجرم؛ لأنه لا يريد أن يُفرض عليه من المجرم ومن البريء.. فإعلام اليوم هو من يصنع المجرم وهو من يخلق الضحية.. الحدث يكشف أيضا قدرة الفلول على صنع رأي عام.. بدليل نجاح حملة التعاطف مع نخنوخ بصورة كبيرة، وتفرغ الكثيرين للدفاع عنه والحكي في إنجازاته وتجلياته.. تحذير: المسار ينحرف.. استباق التحقيقات، والترحيب بالشائعات، وفتح المنابر الإعلامية على مصاريعها لأنصار النظام السابق يمهّد لإعادة إنتاج هذا النظام، ويكرّس لوجوده، ويضغط على التحركات الإصلاحية التي بدأت تسري في مختلف المواقع.. الإعلام يلعب دورا خطيرا في الثورة المضادة، وقدرته على إخفاء ميوله تتراجع تدريجيا.. ومطلوب مزيد من الوعي عبر الشك في كل كلمة وكل صورة وكل خبر لم يتوثق من عدة مصادر، وملاحقة الكاذبين، وفضح المتآمرين، وتحكيم العقل، والإصرار على تحقيق مطالب الدولة الحديثة من حرية تداول المعلومات والشفافية في كل القطاعات.. نخنوخ ليس مجرد بلطجي.. ومن الغباء ألا ننجح من خلاله في تصفية كاملة للطرف الثالث.