فيما يشبه الدراسات التحليلية، كتب "روعي نحمياس" المحلل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت الثلاثاء أن اليمن تحولت إلى ماعون للإرهاب العالمي، وأن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أسس حكمه أو وطّد قاعدته السلطوية في اليمن على أساس مساعدة تنظيم القاعدة والأقلية الشيعية له ولحكمه، وهما قد تحولا ضده وانقلبا عليه مؤخرا. قال نحمياس إن الإرهاب في اليمن لم يتوقف عند الحدود الجغرافية لليمن فقط، وإنما يمتد إلى الدول العربية والعالم ومن بينهم إسرائيل بالقطع، وبالتالي فإن تل أبيب تولي الأهمية لما يجري في اليمن من محاربة القوات اليمنية الحكومية للحوثيين؛ لأن إسرائيل ليست بعيدة عما يجري في اليمن، خاصة وأن القاعدة السنّية تحارب في اليمن بجانب إيران الشيعية في الوقت نفسه، حتى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعمق تدخّلها العسكري في اليمن بعد اكتشاف أن عمر عبد المطلب الذي حاول تفجير الطائرة الأمريكية التي أقلعت من هولندا لولاية ديترويت الأمريكية قبل أسبوع، كان قد تدرب على يد تنظيم القاعدة السنية باليمن، كما أن الأحداث الأخيرة باليمن أجبرت الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا على إغلاق سفارتيهما بصنعاء، ومن المحتمل أن تحذو حذوهما دول أوربية وعربية أخرى نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية في اليمن. وذكر الكاتب الإسرائيلي أن الحرب التي يديرها الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ضد الحوثيين في محافظة صعدة اليمنية منذ خمس سنوات كاملة لم تؤتِ ثمارها، خاصة وأن الوضع امتدّ للحدود الجنوبية للسعودية، ما أجبر الجيش الملكي السعودي على التدخل لفضّ الاشتباك، والقضاء على الحوثيين الذي يموَّلون من إيران مباشرة، حتى أن القوات اليمنية الحكومة تستمر في زيادة قواتها وعتادها العسكري للقضاء على الحوثيين بشكل تام، حيث سبق وأن قام صالح بضرب قواعد ومنافذ الحوثيين لأكثر من خمس سنوات كاملة، فضلا عن محاربته تنظيم القاعدة السني أيضا، ولأكثر من عام أيضا، في محاولة يمنية وعربية لاجتثاث القاعدة من الأراضي اليمنية. وأضاف نحمياس في دراسته المطوّلة أن صالح يعمل على تحويل اليمن -التي كانت تسمى باليمن السعيد أو جنة عدن في الأرض- ، إلى مأوى للإرهاب العالمي أو الجهاد العالمي ومقر للمتشددين والأصوليين من العالم، حيث كتب المحلل السياسي الإسرائيلي تحت عنوان "اليمن والقاعدة.. قصة حب"، أن الحكاية بين تنظيم القاعدة واليمنيين بدأت في عام 1994 بعد مرور أربع سنوات كاملة على توحد اليمن الجنوبية واليمن الشمالية تحت لواء أو رئاسة علي عبد الله صالح، انفجرت الخلافات بين اليمنيين مرة أخرى، وسمح عبد الله صالح بمساعدة من قبل تنظيم القاعدة الذي كان يتدرب آنذاك في اليمن، وخلال أربعة أشهر فقط نجح في القضاء على المتمردين أو الذين يريدون إسقاط الحكم وإسقاط الوحدة بين اليمن الشمالية والجنوبية، حيث سمح صالح لتنظيم القاعدة بالمكوث باليمن وأن يستمروا في دعمهم ومساعدتهم لقوات الشرطة اليمنية، وتحولت اليمن إلى مأوى للمهاجرين غير الشرعيين، وللمجاهدين من كافة أنحاء العالم، والذين توجّه عدد منهم إلى الجهاد في أفغانستان بعد ذلك، حتى وصل إلى اليمن في عام 1996 أسامة بن لادن ومعه منظمات الجهاد العالمي. وبعد العمل الإرهابي في اليمن ضد المدمرة الأمريكية كول في عام 2000 ومقتل 17 أمريكيا، وهو الإنجاز الحقيقي الكبير لتنظيم القاعدة في اليمن حتى الآن، بالتعاون مع منظمات جهادية صغيرة أيضا، حيث قاموا معا بعمليات إرهابية بعضها نجح والبعض الآخر فشل، مثل الهجوم على السفينة ليمبورج الفرنسية ناقلة النفط، حيث أوضح الكاتب أنه في سنوات التسعينيات من القرن الماضي كان قد أنشأ العديد من جماعات التفريخ التي خرجت من تنظيم القاعدة أو من تحت عباءة القاعدة في اليمن، مثل عبد المجيد الزنداني الذي استقطب آلاف الطلبة من كافة أنحاء العالم الذين يرغبون في تعلم الدين الإسلامي الصحيح وأدخلهم في تيار راديكالي متطرف، جزء منهم بقي في اليمن لسنوات طويلة، وجزء خرج للحرب في العراق وأفغانستان بجانب وجود أوروبيين وأمريكيين داخل هذه التنظيمات الإرهابية أيضا، ويبدو أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 كانت نقطة الخلاف الرئيسية والأولى والتي على أثرها حاول علي عبد الله صالح الهجوم على القاعدة في اليمن بمساعدة أمريكية، وتحذير منذ البداية بأن اليمن كانت مصنعا لتفريخ الإرهابيين للعالم، حيث استجاب الرئيس صالح إلى الضغوط والإغراءات الأمريكية بالمساعدات الأمريكية الاقتصادية عن مساعدة القاعدة التي بدأ يحاربها، خاصة بعد ما سببته عملية المدمرة كول لليمنيين أمام العالم، هو ما اعتبر بداية الانشقاق بين الحكومة اليمنية وتنظيم القاعدة. واعتبر الكاتب الإسرائيلي أن محاربة علي صالح للقاعدة في اليمن من استمرار عملها التفريخي في اليمن وتأسيس جماعات إرهابية أخرى، حتى أنها أقامت دولة إرهابية في قلب الجزيرة العربية، وتمكنت القاعدة من جذب الفارين من السعودية والعراق، والذين كانوا يعملون فيها لينضموا إلى لواء الإرهابيين في اليمن، وانتشرت هذه المجموعات للعمل في الصومال والقرن الإفريقي أيضا، لكن بدأت مشاكل الحوثيين في عام 2004 حيث حاربهم صالح الذي ينتمي إلى الزيديين أيضا، وبسرعة بدأت إيران في مساعدة الحوثيين الشيعة في اليمن، قبل تدهور الأوضاع الأمنية ضدهم من قبل الشرطة اليمنية، وبدأ السجال الإعلامي والسياسي بين الطرفين الإيراني واليمني خاصة بعد إلقاء اليمنيين القبض على سفينة أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى الحوثيين باليمن مؤخرا، مشيرا إلى وجود ثلاث جبهات معارضة يمنية، الأولى تنظيم القاعدة، والثانية الحوثيون، والجبهة المعارضة الثالثة تتمثل في متمردين من اليمن الجنوبية وهم ناشطون سياسيون رغم وحدة اليمن منذ عام 1990. يعتقد الكاتب الإسرائيلي أن ثمة ضغوطا كبيرة على الرئيس اليمني صالح سواء الفقر المدقع الذي تقع فيه نسبة كبيرة من اليمنيين، أو سيطرة القاعدة على أجزاء من الأراضي اليمنية وكذا الحوثيين، مشككا في مدى قدرة علي صالح في السيطرة على الأراضي اليمنية وعدم اهتزازه خلال الأعوام المقبلة، وذلك رغم تدخل الجيش السعودي في اليمن بالطائرات المقاتلة الحديثة، والتي تضرب الحوثيين في الجبال المرتفعة. ويخلص الكاتب الإسرائيلي من تلك الدراسة المطولة إلى تحول اليمن إلى مأوى للإرهاب، أو مقر للإرهاب الإقليمي مثل العراق وأفغانستان، واصفا الوضع في اليمن بالخطير، ويحتاج صالح إلى المساعدة الدولية، وربما ينفجر الوضع خلال سنوات قادمة؛ لأن صالح يحارب على أكثر من جبهة، ومن الممكن أن تمتد أحداها إلى أكثر من عام، كما أن الحكومة اليمنية لا يمكنها الصمود أمام أكثر من جبهة واحدة في وقت واحد، وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يجب أن يحدد موقفه من تقديم المساعدة إلى اليمنيين من عدمه. بيد أن المحلل السياسي للصحيفة العبرية قد قال بالنص: "إنه يجب أن نشعر بالقلق مما يجري في اليمن؛ لأن الإسلام الراديكالي يسيطر على اليمن ويتوحش في الشرق الأوسط، وربما يسقط الشرق الأوسط في أيدي الإسلام المتشدد سنيا أو شيعيا"!، وهو ما يدل على مدى اهتمام الإسرائيليين بما يجري في اليمن ويحاولون استغلاله لمصلحتهم بالتنديد ب"الإسلام المتشدد" وما يضمره من كره للإسرائيليين، ويحاولون تنبيه العالم بخطورة الإسلام على العالم، مشددا على ضرورة التدخل الدولي في اليمن للحد من النفوذ الإيراني وكذا لتحجيم القاعدة فيها!