يسرني عدم الاعتذار عن كتابة مقالي هذا اليوم؛ احتجاجا على احتجاج بعض كبار الصحفيين على ممارسة مجلس الشورى مهامه الدستورية في تعيين رؤساء الصحف القومية.. فهمت حاجة؟ أبسطها لك.. فاجأتنا بعض الجرائد والصحف "المستقلة" بمساحات بيضاء فيها اعتذارات عن عدم الكتابة، والسبب "سيطرة الإخوان على الصحافة"، والذي تجلّى في تعيين محمد بديع رئيسا لمؤسسة الأهرام، ومحمود غزلان رئيسا لمجلس إدارة أخبار اليوم، وتغيير اسم روزاليوسف إلى روزالخيرت!! لي مع المعترضين على قرار مجلس الشورى عدة أسئلة جادة أرجو أن أحصل على إجابات واضحة عنها: 1- هل ما قام به مجلس الشورى يخرج عن صميم اختصاصاته، ويتعدى حدود صلاحياته بتعيين رؤساء تحرير الصحف القومية؟ إذا كان مجلس الشورى قد تجاوز صلاحياته بشِلِن، فأرجو أن يتم إبلاغ المحكمة الدستورية وهي لا تتأخر، فربما تعلن حكمها قبل الفطار بأن القرار باطل باطل باطل! 2- هل ما قام به مجلس الشورى الحالي يخالف العرف الذي اعتدناه جميعا؛ حيث يقوم مجلس الشورى باستمرار بتعيين رؤساء الصحف القومية؟ وأذكّر أصحابي وأساتذتي -لا ماحدش من أستاذتي اعترض على القرار- بأن صفوت الشريف كان يعيّن رؤساء تحرير الصحف القومية براحته وعلى مزاجه، بما لا يجعلني أحتاج إلى مزيد شرح وأنتم أهل الصنعة.. 3- هل كانت الصحف القومية أفضل حالا قبل تغيير القيادات؟ بمعنى هل كنتم راضين عن السياسات التحريرية والمالية والفنية في المؤسسات القومية قبل التغيير، أم الاعتراض فقط على التدخل في تغيير القيادات؟ أظن أن أحدا من كبار الصحف "المستقلة" لم يكن راضيا بحال عن سياسات المؤسسات الصحفية القومية -أو هكذا سيقول حتى لا يُتهم في وطنيته- فإذا كان التغيير قادما لا محالة فأي شكل أفضل من وضع معايير محايدة يقوم بها مجلس منتخب من ملايين المصريين اللي هم بيشتروا، وفي إطار ما يكفله له الدستور، ثم يتم فتح باب الترشح، ثم تقوم لجنة محايدة ونزيهة بنظر مدى ملاءمة المترشحين للمعايير المطلوبة ثم تخرج النتيجة بكل شفافية.. 4- الاتهام الجزافي ب"سيطرة الإخوان على الصحافة" هل كان نتيجة للقرار أم كان معدّا سلفا؟ بمعنى هل تقبلون الحوار حول مدى سيطرة الإخوان على الأسماء الجديدة أم إنكم لم تضيعوا أوقاتكم أصلا في معرفة الأسماء، وكان المبرر جاهزا أن الإخوان يسعون للسيطرة وتقييد حرية الصحافة وتكميم حرية الإبداع وغلق منافذ الرأي، وكأن الشلة السابقة كانت فاتحة حرية الإبداع ع البحري، وفاتحة شبابيك الرأي مفندقة!! 5- هل أصبح الإخوان أكثر ذكاء بحيث يسيطرون على الصحافة من خلال الريموت كنترول؛ فلا توجد في الأسماء وجوه إخوانية مخيفة تدعم الزعم بسيطرتهم على هذه المؤسسات، وهل كان للإخوان وجود بارز أصلا في المؤسسات الصحفية القومية التي يختار رؤساؤها من أبنائها؟ وهل تدخّل الإخوان باختيار نقيب للصحفيين ينتمي إليهم أصلا لتكون تهمة السيطرة منطقية؟ 6- لماذا يأتي الاعتراض على تعيين رؤساء تحرير الصحف القومية من قلب الصحافة "المستقلة".. هل غضبا لزملاء المهنة؟ أم إن دهاليز المهنة مفتوحة على بعضها من جوه؟ أم إن الصحافة الخاصة تخشى أن يصيبها الدور؟ يا باشا براحتك ما دام بفلوسك ما حدش يقدر يكلمك.. ده إذا كان عكاشة بيعمل اللي هو عايزه بفلوسه! أجمل شيء في قرار مجلس الشورى ليس تخليصنا من عصابات مبارك ومافيا الإعلانات والكروش الجاثمة على صدر السلطة الرابعة.. ولا بأن تكون الشفافية هي المعيار والاختيار عبر معايير واضحة وحيادية لا عبر وساطات ومحسوبيات وولاءات وشللية نعرفها جميعا.. لكن الأفضل أنه أراحنا من كثير من الضجيج اليومي، وأعطانا راحة ولو ليوم واحد من صداع كل يوم؛ فالصفحات البيضاء أمتع وأفيد وأبلغ وأصدق بكثير مما يُكتب فيها كل يوم!