قامت صحيفة معاريف العبرية في ملحقها الأسبوعي باستطلاع رأي أربعة من قادة المنطقة الشمالية العسكرية الإسرائيلية السابقين، وهم اللواء أفيجدور بن جال، واللواء أوري أور، واللواء يوسي بلد، واللواء عميرام ليفون، بشأن ما يجري في سوريا وتأثير ذلك على الدولة العبرية وتوقعاتهم بشأن ما بعد بشار الأسد. وأكد اللواء أفيجدور بن جال أن إسرائيل تواجه حاليا مشكلة شديدة التعقيد، فالحدود الإسرائيلية-السورية التي كانت حتى وقت قريب أكثر حدود إسرائيل هدوءًا، أصبحت حدودا مشتعلة، لذا يقول اللواء بن جال إنه لو كان قائدا للمنطقة الشمالية في الوقت الحالي لقام بمتابعة كل ما يتعلق بمخزون الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها الأسد متابعة استخباراتية دقيقة، ولقام بعمل تقديرات وضع لمحاولة توقع من الذي سيسيطر على تلك الأسلحة مستقبلا، وذلك لأنه يرى أن تلك الأسلحة الكيماوية تمثل تهديدا خطيرا على الكيان الصهيوني، والأمر ليس بمزحة، علاوة على أن وصول تلك الأسلحة الكيماوية إلى يد حزب الله أو تنظيم القاعدة مثله مثل امتلاك إيران للقنبلة الذرية. وأضاف اللواء بن جال أنه يجب على إسرائيل توجيه ضربة -سواء أكانت جوية أو برية- ضد الأسلحة النووية السورية في حال خروج تلك الأسلحة عن سيطرة النظام السوري وانتقالها إلى لبنان. في المقابل يزعم اللواء أوري أور أنه غير منزعج من الأسلحة الكيماوية السورية، لأن الجيش السوري طوال الوقت يمتلك أسلحة كيماوية، لأنها أسهل أسلحة دمار شامل يمكن تطويرها، كما أنه غير منزعج أيضا من وصول تلك الأسلحة الكيماوية إلى حزب الله، لأنه يرى أن حزب الله ليس معنيًّا بالدخول في حرب مع إسرائيل حاليا، بسبب وجود أولويات أخرى لحزب الله حاليا تفرضها الأوضاع في سوريا. في الوقت نفسه، يقول اللواء يوسي بلد إنه يجب على تل أبيب العمل على ألا تصل الأسلحة الكيماوية السورية إلى حزب الله أو غيره لأن إسرائيل غير مستعدة للتعايش مع وجود تهديد كيماوي عليها، بينما نجد أن اللواء عميرام ليفون أقل قلقا منه، ويتفق مع رؤية اللواء أوري أور، حيث يزعم أن الخوف من الأسلحة الكيماوية موجود بشكل دائم لدى إسرائيل، إلا أن حزب الله لا يريد هذا السلاح في الوقت الحالي، وغير معني بشن هجوم كيماوي عليها، فإسرائيل الآن لم تعد العدو الرئيسي لحزب الله، بل أن هذه المنظمة اللبنانية كل ما يعنيها الآن هو مساعدة وإنقاذ الطائفة الشيعية وليس محاربة إسرائيل، لذا يرى يوسي بلد أن إسرائيل ارتكبت خطأ كبيرا عندما طرحت قضية الأسلحة الكيماوية، وأنها بذلك ساعدت الأسد على إظهار قدراته أمام الثوار، وعلى هذا الأساس يطالب اللواء بلد المسئولين الإسرائيليين بالتزام الصمت في الوقت الحالي. ويضيف ليفون أنه لا يمكن لإسرائيل أن تلعب على جميع الأطراف، بل عليها أن تقرر ما الأفضل لها: هل الأفضل لها أن تكون سوريا قوية وتمتلك مختلف أنواع الأسلحة وتكون تحت حكم بشار والعلويين، أم أن تكون دولة ضعيفة نتيجة الاقتتال الدائر ولكنها محكومة من قبل المذهب السني الأقل ارتباطا بإيران؟ وللإجابة على هذا السؤال يقول إنه يجب أن نعلم أن إيران لا تشكل خطرا فعليا على إسرائيل، حتى وإن امتلكت طهران أسلحة نووية فإن خطرا لن يكون موجها في الحقيقة نحو إسرائيل بل نحو دول الخليج العربي، ونحو الدول التي تعتمد على النفط الخليجي. ويتابع ليفون وجهة نظره بأنه يجب التفريق بين القضية الإيرانية والقضية السورية، فكل منهما تختلف عن الأخرى، وصحيح أنه عندما كان النظام السوري مستقرا كان محورا تضمن سوريا وحزب الله وإيران، ولكن الأمر الآن مختلفا، لأن عدم استقرار نظام الأسد في الوقت الحالي لن يصب في صالح إسرائيل، بحسب قوله. بينما يرد اللواء بن جال بأن إسرائيل لديها مشكلة في ترتيب الأولويات، ففي الوقت الذي توجه فيه تل أبيب جل تركيزها نحو إيران، ظهر فجأة تهديد من ناحية سوريا، الأمر الذي وضع إسرائيل في موقف معقد لم تشهد مثله منذ سنوات طويلة، فإيران تمتلك برنامجا نوويا، وسوريا على وشك الانهيار، ومستقبل الأردن غير واضح. ويؤكد الجنرال الإسرائيلي أن سقوط نظام بشار الأسد سيمثل المشكلة رقم واحد بالنسبة إلى إسرائيل. ماذا بعد الأسد؟ أظهر التقرير المنشور بصحيفة معاريف وجود تباين في وجهات نظر قادة المنطقة الشمالية العسكرية السابقين بشأن مستقبل نظام الأسد، حيث يؤكد اللواء بن جال أنه كان يرغب في رؤية بشار الأسد باقيا قي السلطة لسنوات طويلة أخرى، وأضاف أنه يؤيد عدم سقوط بشار الأسد لأن إسرائيل أقامت تعايشا ثنائيا وحالة من السلام مع بشار وأيضا مع والده حافظ الأسد، وأنه لا أحد في إسرائيل يعلم ما سيحدث عندما يسقط نظام الأسد. وأكد بن جال أن إسرائيل لا تعرف كيف تعيش بسلام مع الشعوب العربية، ولكنها كانت تعرف كيف تعيش بسلام مع الزعماء العرب، وتعرف كيف ترتب الأمور مع هؤلاء الحكام، ولكنه يشير إلى أن هذا الوضع تغير هو الآخر الآن، حيث إن عددا من الدول العربية وصل إلى السلطة بها الإخوان المسلمون، وهم -حسب قوله- يختلفون عن الحكام العرب السابقين الذين كانت إسرائيل تعرف كيف تبرم معهم معاهدات سلام. هذا ويتوقع اللواء بن جال أن يحاول حزب البعث التضحية ببشار الأسد من أجل إنقاذ الطائفة العلوية، من خلال الدفع بشخصية أخرى من داخل الحزب تكون أكثر اعتدالا وقبولا لدى السنة ليحل محل بشار. في المقابل أكّد اللواء يوسي بلد أنه توقع بالفعل قبل عدة أشهر أن عملية إسقاط الأسد ستكون عملية طويلة المدى.