أعلن الجيش الإسرائيلي مؤخرا عن رفع حالة التأهب القصوى بين قواته لمواجهة أي تداعيات قد تنتج بسبب الأوضاع في سوريا، ولا يخفى على أحد قلق الكيان الصهيوني من مصير مخزون الأسلحة الكيماوية والصواريخ التي تمتلكها سوريا عقب سقوط الأسد الذي يبدو أنه أصبح وشيكا. وفي هذا الإطار أشار رون بن ياشي خبير الشئون العربية بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إلى أن مقرات شعبة الاستخبارات العسكرية بجيش الاحتلال الإسرائيلي وقيادة القوات الجوية الإسرائيلية، أصبحت لا تنطفئ الأنوار بها حتى ساعات الليل المتأخرة، حيث تشهد اجتماعات ومناقشات مستمرة لبحث تطورات الوضع في سوريا، كما أن جميع وحدات الجيش الإسرائيلي -وليس فقط قيادة المنطقة الشمالية- أصبحت في حالة تأهب دائم. ويقول بن ياشي في مقاله المنشور في مساء الثاني والعشرين من الشهر الجاري إنه على الرغم من أن إسرائيل موضوعة بين مأزقين، فمن جهة ترى أن إضعاف نظام بشار الأسد يصب في مصلحتها لأنه سيضعف المحور الإيراني في المنطقة، وفي الوقت نفسه تخشى من تداعيات سقوط هذا النظام على أمنها ومستقبلها، لذا اتخذت تل أبيب قرارا بعدم التدخل في مجريات الشأن السوري إلا إذا واجهت خطرا فوريا وملحا نتيجة ما يجري هناك. ويدعي بن ياشي أن إسرائيل تخشى من حدوث ثلاثة سيناريوهات في سوريا، كل واحد منهم قد يمثل كارثة على الكيان الصهيوني. السيناريو الأول: نتيجة أن النظام السوري أصبح يشعر أن أيامه باتت معدودة فقد يتخذ قرارا يتوافق مع المثل القائل "عليّ وعلى أعدائي"، ويقوم بشن هجوم صاروخي مكثف على إسرائيل. ويزعم المحلل الإسرائيلي أن النظام السوري من مصلحته في الوقت الحالي القيام بعمل كهذا حتى يجمع حوله بعض القطاعات المدنية والعسكرية التي ما تزال تؤيده ويخشى من أن تنشق عنه بمرور الوقت، وظنًا من الأسد أن خطوة كهذه سيسجلها التاريخ لصالحه وأن صفحات التاريخ ستكتب أنه في أوج محنته، فإنه لم ينسَ واجبه وألحق بالعدو الصهيوني خسائر بشرية ومادية بالغة، بحسب المحلل الإسرائيلي. السيناريو الثاني: أن يقرر نظام بشار الأسد تسليم حزب الله -سواء على الأراضي السورية أو اللبنانية- الرءوس الناسفة الكيماوية والبيولوجية لكي يقوم حزب الله بتركيبها في الصواريخ التي يمتلكها وينشرها على الأراضي اللبنانية، ويزعم بن ياشي أن الأمر لن يتوقف حينها على رءوس قتالية كيماوية، بل قد يشتمل أيضا على مواد كيماوية وبيولوجية مثل الإنثركس أو كميات ضخمة من المواد الخام التي يمكن استخدامها في إنتاج أسلحة غير تقليدية. السيناريو الثالث: أن يسلم النظام السوري لحزب الله أسلحة تؤدي إلى تغيير موازين القوى مع إسرائيل، أي أن يتسلم حزب الله كميات ضخمة من صواريخ أرض-أرض باليستيه طراز سكاد D ومنصات إطلاق صواريخ متحركة، وصواريخ مضادة للطائرات طراز SA-6 وSA-8 علاوة على أنواع أخرى أحدث مثل طراز SA-17 وSA-22 التي يصل مداها إلى أكثر من 700 كم، بالإضافة إلى صواريخ أرض-بحر طويلة المدى، وتتميز بالدقة في إصابة الهدف طراز ياخونت الروسية الصنع التي يصل مداها إلى 300 كم، أي في مقدورها الوصول إلى أي هدف في إسرائيل. ويشير الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي إلى أن حزب الله يمكنه نصب هذه الصواريخ في شمال لبنان وضرب أي نقطة في إسرائيل بواسطتها، وحينها لن تتمكن القوات الجوية الإسرائيلية من الوصول إليها لتدميرها بسبب طول المسافة، بالإضافة إلى أن الطائرات العسكرية الإسرائيلية لن تتمتع بحرية الطيران حتى فوق المجال الجوي الإسرائيلي بسبب تهديد هذه الصواريخ وخطورتها، كما أن صواريخ ياخونت البحرية ستشكل خطورة كبيرة ليس فقط على السفن الحربية الإسرائيلية، بل أيضا على الموانئ الإسرائيلية ومواقع القوات البحرية وآبار استخراج الغاز الطبيعي البحرية الإسرائيلية. هذا ويوضح الكاتب الإسرائيلي بن ياشي أن من وجهة النظر الإسرائيلية فإن وقوع تلك السيناريوهات الثلاث أو أحدها هو بمثابة اجتياز للخطوط الحمراء، ويستوجب ردا قاسيا من الكيان الصهيوني، رغم أن هذا الأمر سيكون له عواقب غير جيدة على إسرائيل. حيث يزعم بن ياشي أن أي عملية إسرائيلية ضد سوريا في الوقت الراهن قد تؤدي إلى وقف القتال الدائر في سوريا حالاً وتوحد الشعب الثوري مع النظام وتوقف الثوار عن القتال، لمواجهة الخطر الخارجي المحدّق على البلاد، بالإضافة إلى أن الدول العربية التي تنتقد النظام السوري الحالي قد تقف بجانبه وتسانده ضد العدوان الإسرائيلي. وعلى المستوى الدولي فسيقوم المجتمع الدولي بإدانة إسرائيل واتهامها بإثارة القلاقل والاضطرابات في المنطقة وإشعالها. كما أن عملية إسرائيلية كهذه ضد سوريا من شأنها أن تورط تل أبيب في مواجهات ضخمة مع كل من حزب الله وحماس وإيران في وقت غير مناسب، حيث إن رد الفعل المصري ضد أي مواجهات قد تنشب بين إسرائيل وجيرانها أصبح غير متوقع لدى القيادة الإسرائيلية بعد تغير نظام الحكم في القاهرة، ولذلك كله يؤكد بن ياشي أن غالبية القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية ترى أنه لا يجب على إسرائيل التدخل مطلقا فيما يجري في سوريا.