عمرو حافظ اليوم تطلّ شمس مصر الحارقة على عباد الله لتوقظهم وتبشّرهم، إنه أول يوم في شهر رمضان الكريم، وهو أول رمضان نعرفه أحرارا، أول رمضان نعرفه ونحن نملك رئيسا حرا منتخبا بإرادة الشعب التي تزيّنت في تلك الصناديق الشفافة. اليوم نعرف رمضانا نعتكف فيه جهرا دون أن نخشى بالطو مخبر أمن دولة اعتاد أن يعاقبنا كلما تجاوزنا حدودنا المرسومة في علاقاتنا برب الكون عزّ وجل، اليوم تُطلق موائد الإفطار الخيرية خالصة لوجه الله وليس لوجه الحزب الوطني ورجاله ووليّهم المُلهم المخلوع الذي لم يطبّق المعنى الحرفي لاسمه إلا على حاشيته وزبانيته. اليوم تستجاب دعواتنا وابتهالاتنا ودموعنا؛ لأنها استوفت شرط التوكّل وليس التواكل.. اليوم ندعي لمصر وقد فعلنا ما علينا وننتظر الإجابة والاستجابة.. اليوم ندعي دعاء القوي الذي غيّر ما بنفسه وينتظر أن يغيّر الله ما هو فيه، وليس دعاء المستضعف المقهور الذي ينتظر دائما المعجزة في زمن نضبت فيه المعجزات. اليوم سأتذكّر في صلاة التراويح وبينما الأجواء الروجانية الرمضانية تهفهف عليّ من كل شبر من مسجدي المفضّل، وبعد الدعاء لوالديّ ومصر والمسلمين، سأتذكّر شباب في مثل عمري قبلوا أن يُسقطوا زهرة عمرهم اليانعة حتى يمرّ خريف القهر والظلم والاستبداد تمهيدا للربيع، ربيع مصري نصلّي فيه أحرارا ونخشع خلاله لله وحده، الله الواحد الحق، وليس لمتألّهي الظلم والاستعباد. سأتذكّرك يا "بنونة" في صلاتي، وأسأل الله أن يهديني كوخا صغيرا بجوار قصرك في جنة الخلد، سأدعو الله لك يا "سالي" بأن تستمتعي بتلك المكانة المقدسة التي أحتسب أن الله عز وجل قد منحك إياها، سأشكرك في سري يا "خالد" الذكر و"سعيد" الحظ، سأشكرك يا "مينا" على هدية الحرية، سأتعلّم من شجاعتك وتفانيك يا دكتور "علاء"، وسأسأل الله خاتمة مماثلة لخاتمتك يا شيخنا الجليل يا "عماد" الحرية و"عفت" الدين. أرجوك اجعل من هذا الشهر رمضان حقيقي لا يسبّح فيه العباد إلا بحمد الله وليس بحمد الفرعون وزبانيته، لقد كفرنا بالكفر وسأمنا عبادة أصنام السياسة؛ فأعد إلينا كرامتنا، لا تفسد صيامنا ببهدلة المواصلات، ولا تضع علينا فرحة إفطارنا بضيق ذات اليد وفقر الحال. اجعلنا نفطر كراما على العباد أذلاء إلى الله وليس على عبيده، اجعل من أذان المغرب لحظة سعادة بصيام كريم وإفطار أكرم دون أن نتذكّر فقرنا بمجرد النظر إلى مائدتنا. اعتقل همومنا وأطلق سراح عزتنا وسعادتنا، ابطش بيد من حديد على كل مَن سيقطع الطريق على القطارات التي ستنقلنا إلى أهلنا في رمضان، وبعد أن تبطش بهم تذكّر أن الفقر هو مَن ساقهم للجرم؛ فاقتل فقرهم قبل جرمهم. لا أنشد فيك ملاكا طاهرا سيدي الرئيس، ولا ماردا خارقا، ولكن أذكّرك بأنك قوي بإرادتنا وبشرعيتنا، محميّ بأجسادنا، ممثّل لرغبتنا، مجسّد لطموحاتنا؛ فاجعل من رمضان هذا العام جائزة الصيام، صيام أعوام طويلة عن الحرية ويسر الحال والكرامة، فأعدّ لنا مائدة إفطار مُطعّمة بتلك الأصناف التي لطالمنا حُرمنا منها. مصر كلها معزومة على مائدتك؛ فأرجوك لا تردّنا خائبين!!