نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    يبدأ التسجيل اليوم.. المستندات المطلوبة للتقديم بوظيفة معلم رياضيات بالأزهر    نائب رئيس جامعة دمنهور تفتتح معرض منتجات الطلاب ضمن مبادرة «إنتاجك إبداعك»    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 15 مايو بسوق العبور للجملة    هبوط كبير في أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس.. أدنى مستوى منذ 30 يومًا    لأول مرة، جيتور تستعد لإطلاق X70 Plus المجمعة محليا بالسوق المصري    استشهاد 27 فلسطينيا بقصف إسرائيلي على خانيوس وارتفاع عدد الضحايا خلال 24 ساعة إلى أكثر من 110 شهداء    100 شهيد في 24 ساعة.. حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على خان يونس    إيران تُحدد شروطها للاتفاق النووي مع أمريكا.. ما هي؟    قناة مفتوحة نتقل مباراة مصر والمغرب في نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للشباب اليوم    لايف.. تليفزيون "اليوم السابع" يكشف حقيقة فيديو حريق كورنيش مصر القديمة    السيطرة على حريق كورنيش النيل بالملك الصالح    مصر.. أمة السينما العربية الناجحة، سميح ساويرس وعمرو منسي في ندوة بمهرجان كان السينمائي    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    مصر تتصدر منافسات ثالث أيام بطولة إفريقيا للمضمار.. برصيد 30 ميداليات    واشنطن بوست: زيلينسكي اعترض على إرسال وفده إلى إسطنبول    لطلبة الشهادة الاعدادية 2025.. موعد امتحانات النقل والشهادة بمحافظة الوادى الجديد    صام "مو" وفاق مبابي، حلم الحذاء الذهبي يتلاشى عن محمد صلاح    الكشف عن نظام المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا 2025-2026    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    الدكتور حسام موافي يكشف 4 أسباب للأنيميا تهدد حياة الإنسان (فيديو)    المجلس الرئاسي الليبي يعلن وقف إطلاق النار في طرابلس    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    مصرع وإصابة 17 شخصاً في حادثي سير بالفيوم    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    موجة شديدة الحرارة يعقبها انخفاض.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الأيام المقبلة    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    وزير الخارجية: الرئيس السيسي يقود جهودًا دبلوماسية لوقف العدوان على غزة وإيصال المساعدات    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    مصرع بطل مصر في كمال الأجسام إثر حادث تصادم بالتجمع الخامس.. ماذا حدث ؟    مصرع رجل وزوجته في حادث تصادم سيارتين أجرة ونقل على طريق طنطا- كفرالشيخ    بريمونتادا +90 أمام مايوركا.. ريال مدريد يؤجل احتفالات برشلونة في الدوري الإسباني    وصول حسام البدري والفوج الأول من الرياضيين المصريين إلى القاهرة    خالد بيبو: حمزة علاء تهرب من تجديد عقده مع الأهلي    رئيس الوزراء القطري: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلاق النار في غزة    "أول واحدة آمنت بيا".. محمد رمضان يكشف أهم مكالمة هاتفية في حياته    وفاة الفنان السوري أديب قدورة بطل فيلم "الفهد"    تبرعت بمنزلها لتحفيظ كتاب الله بالمجان.. وفاة الشيخة «محاسن» أقدم محفظة قرآن بالمنيا    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    عدد أيام إجازات المرأة وفقًا لقانون العمل الجديد    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    ترامب ل أمير قطر: لدينا أفضل المعدات العسكرية وأنتم تشترون الكثير منها    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    حجز الحكم على قهوجى متهم بقتل شخص فى أوسيم إلى 13 يوليو    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    وكيل صحة الدقهلية يشيد بجهود الآطقم الطبية والإدارية في شربين    محافظ الدقهلية: لن أترك ملفا دون حل وأؤمن بأن الإعلام شريك أساسى فى خدمة المواطن    حقيقة مفاوضات الأهلي مع عمر فايد لضمه قبل كأس العالم للأندية    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    توسعات ل«إيجاس وهاربور إنرجي» في استكشاف الغاز ب«حقل دسوق»    أخبار × 24 ساعة.. مجلس الوزراء: رسوم عبور قناة السويس تُحصل بالعملات الأجنبية    الخارجية الأمريكية: ترامب يريد تحسن الوضع الإنسانى المتفاقم فى قطاع غزة    وكيل تموين الإسماعيلية تتفقد صوامع القمح بالقنطرة شرق    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    «الرقابة الصحية» تشارك بالنسخة الأولى من المعرض العربي للاستدامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا لو.. غنت أم كلثوم بوس الواوا! (1)
نشر في بص وطل يوم 01 - 10 - 2009

ها هي أم كلثوم ورفاق مشوارها الفني المتألق، بكل مواهبهم العبقرية، وقدراتهم الفنية الفذة، يعودون إلى الألفية الثالثة، بما أتت به إلينا من نجمات "السيليكون"، ومطربات الواوا، ونجوم الجيل وجمهورهم المغمى عليه طول الوقت.. فما التغيير الذي سيطرأ على هذه الشخصيات؟ وكيف سيجاري كل منهم سمات عصرنا الحديث؟ تابع أحداث العدد الجديد، وغنّي وهيص وقاتل بكل كيانك من أجل "أم كلثوم" أو ضدها.. مش فارقة كتير!
انطلق هزيم الرعد بقوة، في سماء قصر كوكب الشرق "أم كلثوم"، لتستيقظ من أحلاها نومة، وتفرك عينيها بقلق شديد، زاد من حدته أن عينيها الشمال -خير اللهم اجعله خير- كانت بترف، وما إن أضاءت حجرتها، ووجدت ريسيفر الدش، والتليفزيون ال"LCD" أبو 42 بوصة، حتى هبدت على صدرها مذعورة، وانتفضت في مكانها وهي تلقي لحافها السميك، وتصيح بلهجة حملت كل توتر الدنيا:
إيه اللى جاب أجهزة التصنت دي هنا.. ما فيش غيرها.. هي "منيرة المهدية" اللي عايزة تعرف آخر أخباري علشان تحرق ألحاني وأغنياتي، وتضربني في السوق.. لكن ده بعدها.. أنا كوكب الشرق والأجر على الله.
وفجأة فتحت الخادمة الفلبينية الباب، وقالت ل"أم كلثوم" بلهجة ناعسة مكسّرة مثل تلك التي يتحدث بها الفلبينيون:
إنتي مش كنتي ناما.. خير يا سيت.. هناك حاجة؟
فنظرت لها "أم كلثوم" بدهشة شديدة، وتساءلت:
ناما إيه وحاجة مين؟ إنتي مين يا ولية؟ وفين البت "نجية" الخدامة بتاعتي؟
فقالت لها الخادمة بتلقائية شديدة، وبنفس اللهجة العربية المكسّرة:
"نجية دي" كان زماااااان.. دلوقتي فيه فلبينية.
فضربت أم كلثوم كفاً بكف، وقالت في ضجر:
لا حول ولا قوة إلا بالله.. حتى "نجية" طفشت وجت مكانها الفلبينية.. دي أكيد مؤامرة جماعية.
فقالت لها الخادمة الفلبينية بلهجة تفيض بالغباء وعدم الفهم:
هناك حاجة يا سيت؟
فنظرت لها "أم كلثوم" شذراً وصاحت في غضب:
اللهم طولك يا روح.. كلميني يا بنتي زي ما باكلمك أنا أعصابي مش ناقصة.. إيه اللي جاب أجهزة التصنت دي هنا؟
وبنفس نظرة الغباء وعدم الفهم، وبلهجتها العربية المكسرة تساءلت الخادمة:
ماذا؟
عندها ضغطت "أم كلثوم" على أسنانها لتتمالك أعصابها وهي تشير لشاشة ال"LCD" وريسيفر الدش متسائلة:
الأجهزة الغريبة دي جت هنا إزاي وبتعمل إيه؟
فنظرت الخادمة للأجهزة -ولا داعي أن أكرر، بنفس نظرة الغباء وعدم الفهم وبلهجتها العربية المكسرة- وقالت:
آآآآآآآآآآآع ع ع.. إنه الدش
فتساءلت "أم كلثوم" في دهشة ممزوجة بالغيظ:
دش؟ حد قال لكم إني هاستحمى في أوضة النوم يا أغبيا؟ إيه التهريج ده.. روحي رجعيهم الحمام
فقالت لها الخادمة بحيرة:
أتقصدين الدابليو سي؟
فقالت لها "أم كلثوم" وهي تحاول أن تتمالك أعصابها:
أيوه يا اختي الدابليو سي.
فهزت الخادمة رأسها، وهي تقول باستنكار:
إنه خطر على هذه الأجهزة يا سيدتي.. ثم إنها أجهزة مستوردة ولا يسري عليها ضمان توشيبا العربي فالتزمي الهدوء وكوني مهدية!
هنا انفجرت "أم كلثوم" وأخرجت كل غيظها المكتوم، وهي تحمل الخادمة الفلبينية وتقول وهي تتجه بها نحو الشرفة:
يبقى إنتي الجاسوسة اللي شغالة مع "منيرة المهدية".. أنا لازم أرميكي من البلكونة يا ملعونة!
عندها حاولت الخادمة الفلبينية التملص، وهي تحرك ساقيها وتستغيث بلكنتها العربية المكسّرة:
الحقووووني ي ي ي.. النجدة
وفجأة أمسكت الخادمة بجهاز التليفزيون كآخر أمل لها في الحياة، لتسقط هي و"أم كلثوم" أرضاً، وما إن لامست أصابعها -بحركة لا إرادية- أزرار التلفاز أثناء سقوطها، حتى اشتغل الجهاز المضبوط على قناة "مزيكا"، وظهرت على شاشته "منيرة المهدية" وهي تلعب على عجلة كهربية للتخسيس، وتتحرك عليها ببطء وهي تغني قائلة: "طب ليه بيداري كده، ولا هو داري كده، ولا أنا دراي كده، ولا أنا ده.. ليه يحيرني وليه بيهجرني أنا، ولا باجيش على باله كده"؛ بينما نظرت "أم كلثوم" للتلفاز غير مصدقة عينيها، وتأملت اسم مخرج الكليب وقالت مذهولة:
هي وصلت للدرجة دي؟ "منيرة" جابت الإمكانيات دي منين؟ وإيه اللي نفخها كده؟ دي كانت مشفوطة وما فيهاش.. ويطلع مين اللي اسمه د.شريف صبري ده؟ ودكتوراه إيه دي اللى تخليه يخرج فيلم بالشكل ده؟
فهزت الخادمة كتفيها ببساطة وتلقائية وهي تقول بنفس عربيتها الجريحة:
في الحكيكة إنه ليس فيلماً يا سيت.. إنه الفيديو الكليب
فعقدت "أم كلثوم" حاجبيها بشدة، وقالت بنبرة غاضبة كادت تخرج من أنفها:
كليب؟ وكمان بتقولي كليب؟.. والله لأربيكي إنتي و"منيرة المهدية" في يوم واحد يا ولاد الكليبات.
ثم هزت "أم كلثوم" وسطها بطريقة تسخر فيها من كليب "منيرة" وهي تقول بغيظ:
بقى دي آخرتها يا زمن؟ قال إيه.. ليه بيداري كده ولا هو داري كده وأنا ما لي يابا هئ.. تطلع إيه هئ دي؟.. إلا ما وردت علينا في السلم الموسيقي.. جاك خابط في نافوخك.. هئ لما تاخدك يا بعيدة.
ثم التقطت "أم كلثوم" نفساً عميقاً وهي تقول بانتقام:
أنا لازم أصعّد اللي بيحصل ده لأعلى المستويات.. اطلبي لي يا بت مجلس قيادة الثورة.
فهرشت الخادمة رأسها وهي تتساءل ببلاهتها المعهودة وعربيتها المكسّرة:
مجلس كيادة الثورة؟.. هو جروب جديد على الفيس بوك يا سيدتي؟
فانفجرت فيها "أم كلثوم" قائلة بغضب شديد:
فيس إيه، الله يقرفك يا خاينة الوطنية يا عديمة الاشتراكية.. باقول لك مجلس قيادة الثورة بتاع جمال.
ارتسم الرعب على ملامح الخادمة وتثاقلت الحروف على لسانها وهي تتساءل:
أتقصدين السيد جمال رئيس لجنة السياسات؟
فقاطعتها "أم كلثوم" بصيحة هادرة:
رئيس لجنة إيه يا أم جهل.. ده زعيم الأمة بحالها
فوجمت الخادمة الفلبينية وارتسمت الصدمة على ملامحها وهي تردد بصدمة:
إذن لقد انتصر التوريث.
وقبل أن تتم الخادمة صيحتها إذ بطرقات قوية عنيفة تهز باب المنزل، قبل أن يكسره أحدهم، وتجد "أم كلثوم" نفسها أمام مجموعة من قوات الأمن المركزي، ليقول أعلاهم رتبة:
مين اللي كان بيتكلم عن التوريث؟!
فأشارت "أم كلثوم" بطرف إصبعها إلى الخادمة، وقد تجمدت الأحرف على لسانها من فرط الرعب؛ فإذا بالعساكر يخرجون عصيهم ويحيطون بالخادمة قبل أن يقول أعلاهم رتبة:
هاتوها!
ورغم بكاء الخادمة وتوسلاتها إلا أن شبح ابتسامة ساخرة تراقص على فم "أم كلثوم" وهي تقول للضابط:
البت دي عميلة وبتاخد تمويل من بره، وبتنتمي لتنظيم سري تتزعمه "منيرة المهدية" ودكتور "شريف صبري"!!
فنظر لها الضابط باستنكار شديد، وقال بامتعاض:
تقصدي دكتور "شريف صبري" مخرج الكليبات اللي اكتشف "منيرة المهدية"؟!
فهزت "أم كلثوم" رأسها بالإيجاب وهي تقول:
هو بعينه يا افندم!
لكن الضابط هز رأسه بقوة وصاح فيها:
إوعى تقول لي كده لاحبسك.. ده مخرج الحملات الإعلامية للحزب الوطني الديمقراطي.. يعني راجل وطني وبيطنطن.. فاهمة ولا لأ.
فابتسمت "أم كلثوم" ابتسامة متوترة وقالت بلهجة من يحاول تلطيف الموقف:
أصلي يا باشا.. أنا كنت بس باختبر وطنيتك وأشوف الحكومة شايفة شغلها ولا لأ.. وأنا مالي يابا هئ.
فنظر لها الضابط نظرة متفحصة غاصت فى أعمق أعماقها، قبل أن يصطحب الخادمة، التي حاولت المقاومة وأمسكت ريموت الريسيفر وألقته على القوّات، فتم الانتقال من قناة "مزيكا" إلى قناة "روتانا سينما"، قبل أن يمسك الضابط الخادمة من شعرها ويقول بغلظة:
مع أمن الدولة.. مش هتقدري تغمضي عينيكي
ثم اصطحب الخادمة لينصرف ومعه باقي القوات، وما إن غادر المنزل حتى صاحت "أم كلثوم" في غيظ:
بقى بتتحامى في مجلس قيادة الثورة يا "شريف" يا "صبري" وبتخلي واحدة زي "منيرة المهدية" تتنطط عليّ.. وحياة أمي ما هاسيبكم.
ومن خلفها، وعلى قناة "روتانا" كانت المفاجأة الكبرى..
الشنيعة..
المريعة.
***
أخذ موسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب" يلعب على العود ببراعة منقطعة النظير، وأصابعه تمازج الأوتار وتمتزج معها في وصلة فنية بهرت كل المستمعين إليه على قناة "روتانا" في البرنامج الشهير الذي تقدمه الإعلامية "هالة سرحان"، وهو يغني بصوته الحنون الدافئ، وبلحن هادئ تماما:
العنب العنب العنب
بينما أخذت "هالة سرحان" تتمايل مع الجمهور الموجود في الاستوديو على اللحن الكلاسيكي المعزوف، وصوت "عبد الوهاب" الهادئ، الذي يدندن على العود قائلاً:
أحمر.. العنب.. أخضر.. العنب.. ينفع في شتا أو صيف..
وفجأة خرج "عبد الوهاب" عن وقاره، وتمت شخلعة اللحن تماماً وهو يردد بسرعة شديدة:
تعالى.. تعالى.. تعالى.. تعالى
وكذا خرج الجميع عن تشجيعهم الهادئ، وأخذت البنات الموديلز يتراقصن؛ بينما يصفق الشباب بشدة، ومعهم دكتورة "هالة سرحان" تصفق وتشجع، قبل أن يعود "عبد الوهاب" من جديد لوقاره وهدوئه، ويهدأ جو الصخب تماماً في الاستوديو، وهو ينهي وصلته الغنائية قائلاً:
يا لييييييييييييييل
عندها أخذت "هالة سرحان" تصفق بشدة، وهي تنظر للجمهور حتى تستحثه على التصفيق قائلة:
برافو يا جماعة.. ولا إيه يا جماعة هاهاهاها... ما تصقفوا بقى يا جماعة هاهاهاها
فدوى التصفيق الحار؛ بينما هز "عبد الوهاب" رأسه في وقار، وقال بنبرة صوته الرخيمة المميزة، وهدوئه المعهود:
ممنون جداً يا جماعة.. حقيقي متشكر
فنظرت له "هالة سرحان" بخبث، وقالت بطريقتها المعهودة التي تضع فاصلاً زمنيا طويلا بين كل كلمة وما بعدها:
و.. بعد أن استمعنا.. إلى وصلة موسيقار الأجيال الموسيقية.. دعونا ندخل فى عمق الحوار.. ونسأله.. مجموعة.. من الأسئلة الساخنة.. سؤالنا الأول هو.. هل صحيح ما يتردد حول نية "عبد الوهاب" في الترشح لانتخابات نقابة المهن الموسيقية؟
يضحك عبد الوهاب ضحكته البطيئة الهادئة ويقول:
هأ.. هأ.. هأ.. من غرابة القدر وصدفه العجيبة.. إنى صحيت من النوم مرة.. شعرت إنه من واجبي أن أرشح نفسي لأرفع الظلم عن كل إخواني الموسيقيين.. من أصغر عامل لأكبر ملحن ومطرب.. وبمناسبة سؤالك يا دكتورة "هالة" أنا هاعلن في برنامجك، ولأول مرة؛ برنامجي الانتخابي اللي هانزل بيه قصاد "أم كلثوم" في الانتخابات الجاية.
ثم أخرج "عبد الوهاب" من جيب بدلته ورقة مطوية، فردها أمامه وبدأ يقرأها بصوت عالٍ:
جمهوري العزيز.. من أجل المزيد من الديكروماطية الغنائية قررت أرشح نفسي لمنصب نقيب الموسيقيين بالصلاة ع النبي وخليها على الله.. وإن شاء الله بدون مقاطعة لو فزت بالمنصب ده أوعدكم بالآتي:
1. هنزرع المزيد من أنواع الفاكهة في مزارعنا قصدي شرايطنا وأغنياتنا.. ما هو برضه بصراحة ما يرضيش ربنا، يعني نصيّت العنب والموز والبلح وننسى الكيوي والكنتالوب والمانجو والبطيخ.. أنا شخصياً كيفي القصب.. فمن حقي وحق كل مستمع إننا نلاقي أغنية تروي عطشنا وتدينا النكهة اللي بندور عليها.
2. بالنسبة للإخوة السواقين اللي بيحبوا يسمعوا الكاسيت ع الصحراوي والمحور والدائري وفي الآخر بيعملوا حوادث وما يلاقوش إسعاف تعبّرهم.. ما تخافوش يا جماعة.. كله تحت السيطرة.. إن شاء الله لما نكسب هنعبي لهم أغاني ضد الخدش والتعاوير علشان تبوس الواوا وتلين الواوا وتخيط الواوا كمان لو لزم الأمر.
3. هنزود المزيد من الأغاني اللي بتدعو لصلة الرحم وتدعم الروابط الأسرية.. يعني المطرب الفاضل اللي غنى "أبو أمك" هنجيبه يغني أخو أمك وأخت أمك وما فيش مانع من جوز أمك.. ده حتى الشاعر الكبير اللي أنا مش فاكر اسمه كان كاتب عصيدة بيقول في مطلعها: قف لجوز أمك وفّه التبجيلا.. كاد جوز أمك أن يكون صامولة.
4. وانطلاقاً من دور النقابة الجوهري المحوري الأمامي الخلفي لمحو الأمية.. قررنا نكرم الأخت الفاضلة "بوسي سمير" على دورها الوطني العظيم في حث الناس على التعليم.. من خلال أغنيتها الهادفة: "حط النقط على الحروف".. وربنا يقدرنا على تبني كل المواهب اللي على شاكلتها ونحط النقط على الحروف العربي والإنجليزي والصيني والهندي، وبالمرة نزود ثقافة السادة المستمعين.
وما إن فرغ "عبد الوهاب" من قراءة برنامجه الانتخابي، حتى دوى التصفيق حاراً عنيفاً، لدرجة أن دكتورة "هالة سرحان" قد ذرفت الدموع وهي تقول بصوت مبحوح من التأثر:
هايل يا افندم.. أنا وكل السادة المستمعين معاك بقلوبنا لغاية ما تفوز بمنصب النقيب.
***
لم تتمالك "أم كلثوم" أعصابها وهي تشاهد مفاجأة "عبد الوهاب" على "روتانا" وتأييد "هالة سرحان" له؛ فخلعت نعلها وألقته بعنف نحو الشاشة ال"LCD" لتحطمها تحطيماً وهي تصيح في عنف واستنكار:
وأنت كمان يا "عب وهاب"؟ أنا هلاقيها منك ولا من "منيرة المهدية"، ولا البت الفلبينية مقصوفة الرقبة؟ الله يخرب بيوتكم كلكم.
وفجأة دوى رنين هاتفها المحمول بنغمة حقيقية لإحدى أغنيات "أم كلثوم" التي تقول فيها "رجعوني عنيك لأيامي اللي راحوا.. جيت اطلع قدام تاني لقيت الطريق واقف"، فنظرت للمحمول في شك وهي تغمغم:
وده يطلع إيه ده كمان؟ الصابونة بتاعة الدش؟
لكنها قرأت المعوذتين، واستعاذت بالله من الشيطان الرجيم وهي تمسك الموبايل وتنظر لشاشته المضيئة في توجس، فوجدت جملة تقول: "لديك مكالمة فيديو من نجم الجيل"، فضغطت على كلمة "إجابة" وهي تقول:
خير اللهم أجعله خير
فإذا بصورة "عبد الحليم حافظ" تظهر لديها على شاشة الموبايل، وهو يقول برقته وطيبته المعهودة:
أيوه يا "أم كلثوم".. إزيك يا حبيبتي.. أنا "عبد الحليم حافظ"!
فنظرت للموبايل بدهشة، وهي تشاهد "عبد الحليم حافظ" وقد رفع شعره "إسبايكي" بالسيشوار، وجاءت معظم خصلاته للأمام؛ خاصة جانبي شعره؛ بينما ارتدى حظاظة ضخمة في يده، وعلى صدره ذي الشعر الضخم الكثيف ظهرت سلسلة كبيرة بعد أن فتح تقريباً كل أزرار القميص، فأخذت "أم كلثوم" تتأمل صورته بصدمة ودهشة عجيبة، ثم قالت بضيق:
إيه اللي أنت عامله في نفسك ده يا "عبد الحليم".. أنت مربي شعر صدرك علشان تتخانق بيه ولا إيه؟ بجد أنا زعلانة منك آخر حاجة.. إيه اللي جرى لك.. من ساعة ما سميت نفسك "نجم الجيل"، وكل حاجة فيك اتغيرت.. شوية تأجر بنات علشان تعيط وتصوت وتترمى عليك في الحفلات، وشوية تلبس زي مايكل جاكسون وتقول إنك كنت هتغني معاه دويتو.. خيبت أملي فيك يا واد.. الأصول يسموك شعر الصدر حسين باللي أنت عامله في نفسك ده.
يضحك "عبد الحليم" بشدة، ويقول بلهجة ساخرة:
وفيها إيه بس يا "أم كلثوم".. ما أنا كنت زمان مطول شعري وعامله مكواة على جنب، وبالبس بنطلونات شارلستون، وقمصان مشجرة، وما حدش كان بيقول حاجة وكانت الناس فرحانة بي.. والبنات كده كده طول عمرها وهي بتحبني وتترمي عليّ في المسرح، وبرضه كانوا بيجيبوا قلوب ودباديب.. الظاهر إن القلوب والدباديب ظاهرة تاريخية من زمان وإحنا ما نعرفش.. وبعدين ما تنسيش إني لما مُت قبل كده -الله يرحمني- في السبعينيات، بنات كتير زعلت عليّ ورموا نفسهم من البلكونات وقت الجنازة.. قولي لي بقى إن دول كمان كنت مأجرهم.. هأجر واحدة ترمي نفسها عليّ في جنازتي إزاي بذمتك ودينك؟ اديني عقلك.
انطلقت ضحكة مجلجلة من "أم كلثوم"، وهي تقول ضاحكة:
عموما فيك الخير يا واد.. بس قول لي.. يطلع إيه البتاع اللي إنت بتكلمني عليه ده؟
يضحك "عبد الحيلم" ويقول:
لحقتي تنسي؟.. ده التليفون المحمول اللي بكاميرتين 10 ميجا بكسل، اللي كنتي طلبتي مني أجيب لك واحد منه في رحلتي الأخيرة ل"لندن" وأنا باتعالج هناك من إنفلونزا الخنازير.. تقدري من خلاله تفتحي الماسنجر، وتخشّي ع ال"youtube" والفيس بوك، وتنزّلي أحدث النغمات والرنات المجسمة والحقيقية.
فغرت "أم كلثوم" فاها، وهي تقول ذاهلة:
إيه فين مين؟ أنا مش فاهمة حاجة!
فوجم "عبد الحليم"، وخيبة الأمل والخنقة ترتسم على ملامحه، وهو يتمتم في سره غاضباً:
Oh Shit.. أنا اصطبحت بوشّ مين النهارده يا ربي!
ثم ارتسمت ابتسامة تمثيلية على ملامحه، حاول أن يخفي من خلالها غضبه الدفين، وهو يقول:
فكك من حوار الموبايل والفيديو كول دلوقتي ونبقى نتكلم فيهم بعدين.. أنا باكلمك علشان القنبلة اللي فجرها "عبد الوهاب" دلوقتي على قناة "روتانا".. إحنا مش لازم نسكت.
فانحدرت دمعة ساخنة من عين "أم كلثوم" وهي تقول بحزن وقد تهدج صوتها:
أنا اتظلمت كتير.. وشفت قسوة كتير.. أنا لازم أذلّهم.. وأسهر دمعهم
فابتلع "عبد الحليم" ريقه ببطء، واتسعت عيناه وهو يقول ببطء، بطريقته المعهودة:
ما تخافيش يا "أم كلثوم".. أنا عندي ليكي.. خطة جهنمية

وما إن بدأ في حكي خطته؛ حتى تهللت أسارير "أم كلثوم"، وظلت ابتسامتها تتسع، وتنتشر، وتتوغل، وتستمر..
وتستمر..
وتستمر.
انتهى الجزء الأول بحمد الله
وطبيعي يعني يكون فيه جزء تاني إن شاء الله *(حقيقة علمية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.