أ ش أ اعتبر الكاتب الأمريكي توماس فريدمان أنه ليس بالضرورة أن يكون انتخاب محمد مرسى –مرشح الإخوان المسلمين- كرئيس لمصر بداية لنهاية اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين إسرائيل ومصر، وقد يكون بداية لسلام حقيقي. وقال فريدمان -في سياق مقال للرأي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اليوم (الأربعاء)- "إنه فى الحقيقة قد يكون بداية في واقع الأمر لسلام حقيقي بين الشعبين الإسرائيلي والمصري بدلا مما كان لدينا من سلام بارد ورسمي بين إسرائيل وفرعون مصري وحيد"، وأضاف "إنه من أجل تحقيق ذلك يتعين على كلا الجانبين تغيير بعض السلوكيات الراسخة بعمق وسريعا". ووجه الكاتب الأمريكي دعوة للاستغناء عن بعض الهراء أولا، قائلا: "هناك عبارات تسمعها من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومختلف المحللين اليمينيين مثل "كما أخبرناكم، الفكرة هى أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما كان بإمكانه بطريقة أو بأخرى إنقاذ الرئيس المخلوع حسني مبارك وأنه كان ساذجا جدا لدرجة عدم القيام بذلك والنتيجة الحتمية هي أن الإخوان المسلمين وصلوا للحكم". وتابع فريدمان "إن السذاجة هي التفكير في أنه نظرا للسهولة الشديدة التي تجدها إسرائيل في أن تمتلك سلاما مع ديكتاتور مثل مبارك وليس 80 مليون مصري وأن هذا الديكتاتور قد يبقى تحت السيطرة في مصر للأبد"، مشيرا إلى ضرورة التخلص من مثل هذا الحديث عن السذاجة. وأعرب فريدمان عن تقديره الحقيقي للقلق الذي يشعر به الإسرائيليون وهم يرون جيرانهم ينفجرون داخليا، لكنه أوضح أنه من الصادم أيضا أن الذين ادعوا لفترة طويلة جدا أن السلام سيحدث فقط إذا أصبح العرب ديمقراطيين، يعلنون الآن أن المشكلة مع العرب هي أنهم أصبحوا ديمقراطيين وذلك له أسبابه. وأشار فريدمان إلى أن إسرائيل دولة ذات سيادة أعادت إنتاج تقليد التحالف الرأسي اليهودي القديم حتى عهد قريب مع الدول العربية، فقد كانوا يعتقدون أنه في حالة امتلاكهم لعلاقة مع مبارك أو ملك الأردن فإن لديهم كل ما يحتاجونه إلا أنه بمجرد انهيار السلطوية وبدء عملية تطبيق الديمقراطية، فإن النموذج الرأسي ينتهي وندخل في فترة النماذج الأفقية التي تكون آراء الشعوب -في مثل هذا الوضع، العرب العاديين- مهمة. وأوضح الكاتب الأمريكي توماس فريدمان -في سياق مقاله الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"- إنه نتيجة لذلك "يتعين على إسرائيل أن تجعل رجل الشارع لا يخشاها فقط بل يفهمها أيضا"، معتبرا أن هذا ليس بالسهل كما أنه ليس بالمستحيل أيضا. وأكد فريدمان أنه لا يعلم ما إذا كانت القيادة الفلسطينية الحالية يمكن أن تكون شريكا من أجل سلام آمن يقوم على حل الدولتين مع إسرائيل، لكنه أشار إلى أن ما هو على يقين منه هو حاجة إسرائيل لأن تكون أكثر نشاطا في اختبار ما إذا كان ذلك ممكنا لأن البديل هو حل دولة واحدة سيكون بمثابة وفاة إسرائيل كديمقراطية يهودية وأمر مهلك للسلام مع مصر ديمقراطية. وقال فريدمان إن إيران تعد إسلاما سياسيا في السلطة بنفط يساعدها على تحمل الضغوط والتناقضات، وأضاف: "إن مصر على عكس دول أخرى سيكون فيها إسلام سياسي بدون نفط، إلا أنه لا يمكنها النجاة دون سياحة واستثمار أجنبي ومساعدة على خلق الوظائف والمدارس والفرص لإرضاء الشباب المصري الذي أطلق ثورة". وتابع فريدمان أن الولاياتالمتحدة أيضا لا يمكنها ولا يجب أن تمنح الإخوان المسلمين نفس الصفقة التي منحتها لمبارك ألا وهى اعتقال وتعذيب من نريد من الجهاديين في مقابل سلام بارد مع إسرائيل وعدم وجود نظام دولة داخليا. وقال فريدمان إن مرسي سيكون تحت ضغط هائل لاتباع طريق تركيا وليس طالبان، مشيرا إلى أنه لا يعلم ما إذا كان سينفذ الرئيس المصري ذلك. ولفت الكاتب الأمريكي إلى أنه يتعين على مرسي فهم أنه يمتلك ورقة قوية تتمثل في أن الإسرائيليين سيقدرون جدا سلاما حقيقيا مع مصر يقوده الإخوان المسلمون وهو ما قد يعني سلاما مع العالم الإسلامي ونهاية حقيقية للنزاع، وأوضح فريدمان أن هذا ربما يكون أكثر الأهداف بعيدة المنال، مشيرا إلى عدم معرفته بما إذا كان سيحفز هذه العملية بطريقة ما أو لا. واختتم الكاتب الأمريكي مقاله بالإشارة إلى انتهاء عصر مبارك وأنه مع هيمنة الإخوان المسلمين على مصر وسياسة إسرائيلية يسيطر عليها الوطنيون الدينيون المحافظون، فإن كلاهما سيغير سلوكه من أجل شرعية كامب ديفيد للشعبين أو أنها ستصبح تدريجيا لا تتمتع بمقومات الاستمرار.