أنا عندي 26 سنة على قدر من الجمال، مشكلتي بدأت لما ارتبط بي الإنسان الغلط، كان جاري، وبنيت عليه أحلامي كفارس يخطفني على حصان جميل إلى دنيا كلها حب وسعادة، لكن بعد مرور سنتين من علاقتنا، كل يوم أكتشف فيه حاجة المفروض تبعدني عنه، لكني كنت متشبثة بيه. أحلامي اللي مالهاش أي مكان بعلاقتنا، مع الأسف كان بيمد إيده عليّ بمنتهى الغشم وكنت باسامح من مجرد كلمة حلوة، لحد الآن مش عارفة ليه؟ أنا واثقة إنه حبني أوي بس أخلاقه كانت وحشة، حقيقي اتعذبت معاه كتير.. كنت رافضة إني أعيش تجربة جديدة خاصة إنه كان أول حب، لحد ما في يوم سافر إنجلترا فضل هناك 9 أشهر، في أولهم كنت حاسة بالوحدة والفراغ والملل والاشتياق الرهيب إليه.. رغم كل اللي شفته منه، وكل ما يقرب ينزل يتولد جوايا خوف فظيع ممزوج بفرحة.
في لحظة حسيت إني لازم أهرب من نفسي ومن الدنيا كلها، كنت رافضة أرجع ذليلة تاني له، حالة حب فاشلة مهينة لي، وماكانش فيه قدامي غير حد طيب حنين بيحترمني أوي بيخاف علي وبيحاول بكل الطرق يسعدني، فقررت إني أتجوزه، ويوم جوازي كان تاني يوم من رجوع جاري.. رحت الكوافير ومنه على شقتي، يومها عريسي ماباتش معايا؛ لأنه طبعًا متجوز وعنده ولدين متجوزين وعمره 55 سنة.
كل ده كان مش مهم، كان أهم شيء إني أهرب من مواجهات الحب الفاشل.. أيوه كنت باهرب؛ لأني كنت خايفة تتسلب إرادتي وأرجع تاني، ومرت سنة على جوازي لا كنت باخرج ولا باعيش سني، كنت دايما راضية ولو بوقت بسيط معاه وباقي اليوم لوحدي مع ذكرياتي.
السنة دي كنت عايشة مع نفسي باحاول أصلحها، بس فجأة لقيت نفسي حامل، وقتها عرفت إن في حياتي زوج عمره 55 سنة وإن جوايا خوف من الأيام اللي جاية، خوف عليّ وعلى اللي في بطني، ومن الأيام.. أنا بقالي سنة ماباخرجش من البيت، بقالي سنة من معاملة زوجي الطيبة لي ماكنتش حاسة بوجوده، بس الآن أنا مش عارفة، حاسة إني مش سعيدة أو ناقصني حاجة مهمة أوي.. يمكن الوحدة؟! يمكن الحرمان؟! يمكن الخوف؟! مش عارفة إيه سبب الإحساس ده؟!
عاوزة حد يقول لي أبدأ منين، من كوني امرأة ولها أحاسيسها ورغبتها بمشاركة حد تعيش معاه سنها؟ ولا من كوني زوجة واختارت زوجها وده نصيبها ولازم ترضى؟ ولا من كوني هابقى أمّ وأكرس حياتي لابني وبس؟ أنا تايهة ومحتاجة نصيحة؛ لأنه في الآخر مش عاوزة أحس بالظلم تاني.. إحساس لعين.
SHRYFAW
يحرضنا الشيطان دائما على معصية الله ونكران نعمته علينا، فلقد نجاك الله من الوقوع مع جارك العدواني الفظ وأهداكِ زوجا طيبا عشت معه حياة هادئة ومحترمة ونسيت معاناتك وآلامك لمدة سنة كاملة تنعمين بالهدوء والسكينة، وفجأة وخزك الشيطان ليعكر عليك صفو حياتك وينسف سعادتك مع زوجك وطفلك المنتظر فأوقعك في حيرة زائفة جعلتك تنسين ما تتمتعين به من الهدوء والاستقرار وتبحثين عن النقائص الصغيرة وتكبرينها وتعانين منها.
إن السعادة لا يجلبها سن الشباب فقط, كما أن الكبار ليسوا دائما مصدرا للتعاسة والملل، فالمعيار الحقيقي لنجاح الزواج هو المودة والرحمة بين الزوجين.. وزوجك ووالد طفلك لم تذكري فيه عيوبا قط غير سنه الأكبر منك وأبنائه الكبار، فلم تعيبي عليه معاملته أو أخلاقه، وهذه عيوب لا تذكر بجوار عيوب ذلك الشاب الأهوج الذي كان يضربك قبل أن يرتبط بك والذي كنتِ واقعة في غرامه.
إن رحمة الله بك أبعدته عنك وأهداكِ الله هذا الزوج الطيب، فاطردي من رأسك هذه الأفكار البلهاء التي ينبهك الشيطان لها ويكبرها في دماغك ويعميك عن النعم التي ترفلين فيها مع زوجك.
فإذا كان زوجك الحالي يبتعد عنك بعض الأيام لأنه متزوج من أخرى، فإن كثيرا من الأزواج الشباب يبتعدون عن زوجاتهم بالشهور وربما السنين سعيا وراء الرزق لتغطية متطلبات الأسرة، وتترفق بهم زوجاتهم وتتحملن الفراق والوحدة لإنجاح الزواج والحفاظ على الأسرة والأبناء ولا يشعرن بالملل والضياع الذي يهيئه الشيطان لك.. فربما يوم واحد في الأسبوع يقضيه زوجك معك يشعرك بالراحة والطمأنينة والأمان أفضل من شهر تقضيه مع آخر تتجرعين فيه المذلة والإهانة وضياع الكرامة تحت مسمى الشباب ومعايشة السن الصغيرة وكسر الملل.. والمثل المصري الدارج يقول "قرد يسليني ولا غزال شارد".
ولتعلمي جيدا أن الملل الذي تشعرين به تعاني منه كثير من الزوجات اللاتي تزوجن شبابا صغارا أيضا وهذا لا يرجع إلى الزوج, بل يرجع إلى الزوجة التي استسلمت للفراغ ولم تشغل وقتها بما يفيدها ويفيد أسرتها، فإذا لم تتمكني من الالتحاق بأي عمل ما فيمكنك القيام بأي عمل مفيد وأنت في بيتك، كإعادة ترتيبه, إتقان أشغال الإبرة, الرسم, الديكور, القراءة, المشاركة في الأعمال الخيرية ومدّ يد العون إلى المحتاجين سواء كانوا كبارا يعانون من الوحدة أو المرض أو الفقر أو صغارا يحتاجون إلى الإرشاد والتوجيه.
تواصلي مع الأقارب والجيران وكوّني علاقات إيجابية جديدة مع الناس وانسي التفكير في نفسك؛ لأن مشكلات المرء تكثر دائما إذا ركّز تفكيره حول نفسه، حيث يتسع المجال أمام النفس الأمارة بالسوء لتتقاذفه مع وساوس الشيطان، فيقع فريسة للقلق والأمراض النفسية لا قدر الله.. ويقول الإمام علي رضي الله عنه "نفسك إذا لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل".