السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. باختصار شديد حاسة إن واحدة زيي المفروض مش تعيش أو زي ما باسمع من زميلاتي: "إنتي عايشة ليه؟!!". حاسة إني عندي اكتئاب وبقيت مصدر كآبة وزهق لزميلاتي، وبصراحة باتكسف أتكلم مع أي حد حتى إخواتي، ومش بحب اشتكي.
أنا كانت مش بتفارقني الابتسامة، وخفيفة بكل المقاييس.. المهم توفيت ماما -الله يرحمها- وكانت كل حياتي منذ أربعة شهور، وبعدها اكتشفت حاجة مهمة جدا؛ وهي إني ماعنديش أي أصدقاء، ولا حتى علاقة عاطفية رغم إن عندي 22 سنة.
أنا عايشة مع بابا؛ ولكن أنا مش في دماغه أصلا، وأخواتي كلهم أكبر مني ومتجوزين، بصراحة بتكسف أحكي لحد مشكلاتي؛ وخاصة إنهم رغم أني أصغرهم إلا أنهم اعتبروني مكان ماما الله يرحمها، يعني يتصلوا هما يشتكوا من أولادهم أو مشكلاتهم الشخصية، وبالاقي إنه مش من الذوق أني أزيد حملهم.
ممكن يمر عليّ اليوم وماتكلمش كلمة واحدة، وده بعد ما موبايلي كان دايما بيرن؛ لكن دلوقتي ممكن يفصل ومش آخد بالي؛ لإن ماحدش بيطمن عليّ.
أصلا ماكانش حد بيطمن عليّ غير ماما الله يرحمها؛ لكن أخواتي بيتصلوا بيّ لما يكونوا محتاجين حاجة.. المهم كل اللي قالقني دلوقتي إني أعيش وأموت وحيدة، ومش يكون ليّ أصحاب، وطبعا خلاص فقدت الأمل إنه يكون ليّ أي علاقة عاطفية؛ لأني عارفة إني كئيبة.
أنا في آخر سنة في الجامعة، وبصراحة خلاص لولا رحمة ربنا عليّ وإني ملتزمة نوعا ما كنت انتحرت.
أنا تقريبا بقيت مابنامش باليومين، وخلاص حاسة إني قربت أتجنن؛ وخاصة إن حتى الدموع عندنا ممنوعة؛ لإن بابا مش بيحب النكد، ومش بيحب حتى إني أعبر عن مشاعر الحزن اللي جوايا، أنا باقفل حجرتي عليّ، وأفضل أبكي بالساعات.
ادعوا ليّ يا أخواتي في الله.. وآسفة إني طولت عليكم، وجزاكم الله كل الخير على مجهودكم.
Ms egypt all
تقولين إنك أصبحت مصدر كآبة وزهق لكل من حولك، وتتساءلين مع زملائك "إنتي عايشة ليه؟!" .
إن ارتباطك القوى بوالدتك -رحمها الله- هو الذي غرس في ذهنك هذه الأفكار الاكتئابية، ويتضح من رسالتك أنك لم تنجحي في إقامة علاقات إيجابية مع أشخاص آخرين، كزملاء الدراسة أو الجيران أو الأقارب أو حتى الإخوة.
واكتفيت بعلاقتك بها هي فقط؛ حيث أغرقتك بالحب والحنان والعطاء اللا محدود؛ فتمسكت بها دون غيرها من البشر، مع أنه من المفروض أن تتمتعي بدرجة من الاستقلال عنها بمجرد دخولك مرحلة المراهقة؛ حيث يتجه المرء إلى الأقران لتكوين علاقات اجتماعية جديدة، مبنية على الندية والأخذ والعطاء والشدّ والجذب، ومستقلة عن الأسرة والأم التي عودتنا على أن تعطي ولا تأخذ.
لقد اعتمدت على العلاقة الوطيدة بأمك، واكتفيت بها كمصدر للراحة والسعادة، وتحمل المسئولية عنك وبوفاتها اهتزت أركان حياتك.
لقد وضعتي البيض كله في سلة واحدة يا عزيزتي، وبوقوع هذه السلة اهتزت أركان حياتك، ولم يعد في ذهنك من أفكار سوى الشكوى ممن أهملوك، ولم يعطك الاهتمام الذي تعودت عليه منها رحمها الله، بداية من والدك ومرورا بإخوتك وزملائك في الجامعة، ولم يعد لك من شيء تحتمي به سوى "الحزن عليها"، فتمسكت به ولم تفكري في شيء غيره، وأصبحت الدنيا في عينك مجموعة من الإحباطات والمشكلات وقفت أمامها مكتوفة الإيدي، تجأرين بالشكوى ولا من مجيب.
تقربي من والدك واجلسي معه، وتحدثي في أي موضوع عام بعيد عن والدتك؛ مثل: الدراسة، أو المواصلات، أو أحوال الطقس... وغيرها من الموضوعات التي تأخذكما بعيدا عن الحزن والنكد.
ابتسمي أنت في وجهه وتقربي منه؛ فالبر يكون بالوالد أيضا وليس بالوالدة فقط، وافتحي معه صفحة جديدة، واهتمي به، وحاولي إرضاءه بكل الوسائل. كفي عن اتهامك له بأنك "مش في دماغه"؛ فمن المفروض أنك بلغت درجة من النضج تؤهلك للبدء وعدم الوقوف مكتوفة الأيدي دامعة العينين، تنتظرين منه أن يشاركك الحزن على والدتك.
اعرضي عليه الخروج معه لأي مكان لزيارة إخوتك أو أقاربكم أو التنزه معه في أي مكان عام، أو حتى مشاركته الفرجة على التلفاز، وحكاوي الفضائيات التي لا حصر لها.
إن لوالدك كل الحق في البعد عن الحزن والغم الذي لا يفيد.
لماذا لا تستردي ابتسامتك المفقودة؟ أين إيمانك؟
لله ما أعطى ولله ما أخذ وهو سبحانه يبتلينا بفقد الأعزاء؛ ليختبر إيماننا بقضائه، وعلينا أن نرضى ونقول: "الحمد لله" بكل جوارحنا، وننظر لبقية نعمه علينا ونذكرها؛ حتى لا يتسلل الشيطان إلينا، ويفعل فعله بنا.
إن حزنك هذا يعني إنكارك لبقية النعم التي أنعمها الله عليك، فمجرد وجود والدك معك نعمة، ووجودك في الكلية نعمة، وصحتك نعمة، وجدران المنزل التي تحميك نعمة، وعيناك نعمة... وغيرها كثير.
احضري فورا قلم وورقة، واكتبي فيها تلك النعم التي حُرم منها كثيرون غيرك، وقولي الحمد لله.. وهنا سوف تستعيدين راحتك النفسية وسعادتك التي سرقها منك الحزن على والدتك، الذي جعلك تنظرين للجميع بهذه النظارة السوداء.