انكسار الشرطة وقيام الثورة أرجع اللواء منصور عيسوي -وزير الداخلية السابق- انكسار الجهاز الأمني في أي دولة إلى "فقدان ثقة الشعب بجهاز الشرطة حتى وإن لم تحدث حوادث عنف، ولن يستطيع الشرطي التعامل مع المواطن، أو أن يحدث هجوم كاسح على الشرطة كما حدث يوم 28 يناير من العام الماضي". وأكّد عيسوي أن "الثورة قامت لأن القانون في مصر كان غائبا ومُهدَرا أيام النظام السابق"، موضّحا أن الشرطة تدخّلت دائما أيام نظام مبارك في الحلول السياسية كفضّ تظاهرة أمام نقابة الصحفيين أو فضّ اعتصام للأطباء؛ "لأن هذا يجعل الشرطة في عداوة مع كل هؤلاء". وأشار عيسوي إلى أن اللواء محمود وجدي حينما أصبح وزيرا للداخلية كانت قوات الأمن المركزي قد انسحبت وعاد الجميع إلى منازلهم، مبيّنا أن تلك القوات هي "العمود الرئيسي لقطاع الشرطة"، وعلى ذلك بدأ وجدي في إعادة القوات للجهاز. كما بيّن عيسوي أنه اشترط لتولّيه منصب وزير الداخلية أنه لن يُنفّذ أي قرار يُخالف القانون، والثاني ألا تتدخّل الشرطة في فضّ أي أعمال سياسية، لافتا النظر إلى أنه عندما تولّى الوزارة كانت الحالة النفسية لعدد من الضباط سيئة وانعكست على أدائهم لعملهم، فضلا عن أن 10 إلى 15% من القوات لم تعد بعدُ، إضافة إلى سرقة أكثر من 15 ألف قطعة سلاح وحرق 4 آلاف سيارة شرطة. كما كشف عيسوي أن عدد جنود الأمن المركزي في مصر خلال فترة الثورة كان 118 ألف مجند موزّعون من الإسكندرية وحتى أسوان، مؤكّدا أن القاهرة كان بها 17 ألف مجند؛ منهم 8 آلاف مجند فقط تواجدوا بميدان التحرير إبان الثورة. وحول ما حدث من إطلاق نار على المتظاهرين، قال وزير الداخلية السابق: "إذا كان قانون العقوبات يُعطي لكل مواطن حق الدفاع عن نفسه؛ إذن من الأَوْلَى للضابط المكلّف عن تأمين منشأة مثل أقسام الشرطة أن يستخدم سلاحه"، مؤكّدا أن ضابط الشرطة وأي شخص سيتحوّل إلى مواطن سلبي إذا شعر بأنه إذا ما استخدم حقه القانوني سيترصد له الآخرون وستحاكمه المحكمة "وإذا لم تبرّئه المحكمة وحبسته رغم عدم تجاوزه سيتحول معه الشخص لطاقة سلبية"، مؤكدا أن إدانة ضابط استخدم حقه القانوني في أداء وجبه المنوط به يُؤثّر بالسلب على أداء بقية المنظومة، مشدّدا على أن جهاز الشرطة أكثر أجهزة الدولة محاسبة لأنفسهم. الداخلية والاحتقان مع الشعب خاصة التيارات الإسلامية ثم انتقل الوزير السابق في حواره إلى أنه دخل إلى قطاع الشرطة وهو على وشك الخروج على المعاش، منوّها إلى أنه رفض منصب الوزير كما رفض دخول قطاع أمن الدولة؛ مبررا ذلك بقوله "حتى لا أحمل على كتفي دم أي شخص بعد الخروج منه"، مشيرا إلى أن تجاوزات أمن الدولة هي سبب الاحتقان بين الأمن وبين الشارع بصورة عامة وبينها وبين التيارات الإسلامية بشكل خاص. وحول النقطة الأخيرة أضاف عيسوي: "حتى نزيل هذا الاحتقان كان لا بد من إقامة حوار مع مَن تعرّضوا إلى ممارسات أمن الدولة؛ حيث إنهم تصوّروا أن كل قطاعات وزارة الداخلية تمارس نفس سياسات أمن الدولة"، مشيرا إلى أن الكنائس بقت لمدة طويلة تحت تصرّف وعين قطاع أمن الدولة. واستطرد الوزير في حديثه حول التيارات الإسلامية بأن "الإخوان المسلمين أصبح لهم ثقل سياسي ووجود في الشارع المصري وتحاورت مع عدد منهم"، مشيرا إلى حضوره افتتاح حزب الحرية والعدالة رغم انتقادات البعض، مؤكّدا أن منصب وزير الداخلية سياسي في المقام الأول، وعن الجماعة الإسلامية أكّد عيسوي أنها "أكثر الجماعات الإسلامية الملتزمة بالشارع السياسي، وأعتبرهم مصريين ووطنيين حتى النخاع". وأوضح أنه أجرى لقاءات مع قيادات الإخوان والجماعة الإسلامية وعدد من الأقباط لإعادة الحوار مع الداخلية، منوّها إلى زيارته إلى سيناء من أجل كسر حد الاحتقان بينهم وبين قوات الشرطة، مستنكرا عدم دخولهم هم وأبناء الإخوان لجهاز الشرطة، مشدّدا على وجوب تمثيل كل طوائف المجتمع في كل الوظائف والمؤسسات. رصاص الداخلية الذي لم ينطلق في محمد محمود ولم يقتل عماد عفت وتحرّك وزير الداخلية السابق بخيوط حواره إلى أن الداخلية لم تطلق رصاصة في أحداث محمد محمود، لافتا النظر إلى أنه "إذا أردت الدخول لكنت تحرّكت بقواتي وحصلت مذبحة"، كاشفا أنه توجّه بأكثر من نداء بتواجد أشخاص قد اعتلوا أسطح المباني ويتربصون بالثوار في الشارع. كما كشف عيسوي أن مقتل الشيخ عماد عفت حدث عن قرب بشهادة واحد ممن كانوا بجواره، وذلك يثبت عدم مسئولية الشرطة في قتل شيخ الثورة، مؤكدا أن هناك أشخاصا استولوا على أسطح المباني، ومشيرا إلى التعاون مع ثمانية من شباب الثورة وأسفر ذلك عن أن "من قتل شهداء أحداث محمد محمود ليسوا ضباطا". وحول ما يتردد عن وجود حراك لجهاز أمن الدولة في كثير من القضايا، أكد الوزير السابق أنه تم نشر كل أسماء وتليفونات ضباط أمن الدولة وذلك سيصعب عليهم أدائهم لأي مهمات، منوها في الوقت نفسه إلى أنه من السهل دخول الأموال السياسية، مؤكدا أن "السفارات تعمل على نقل المعلومات إلى دولها"، مطالبا بوجود جهاز يحمي الأمن الداخلي، معلنا أن هناك أزمة معلومات في وزارة الداخلية. المجرمون والأسلحة ومساجين طره ثم أحال عيسوي الحوار إلى إعادة ضبط المسجونين الهاربين، مؤكدا "القبض عليهم ليس بصعوبة جمع الأسلحة المنهوبة من أقسام الشرطة والموجودة في الشوارع الآن"، وقد أعلن أنه أصرّ على جمع رموز النظام السابق في سجن طره "للاحتياط الأمني لأنه الوحيد الذي لم يتم اقتحامه"، مشيرا إلى أن رموز النظام السابق لا يمتلكون أجهزة اتصالات حديثة داخل سجونهم، مبررا ذلك بأن "التنصت على المحمول من أسهل الأمور"، متسائلا: "لماذا يحتاج أحدهم لجهاز اتصال ومن الممكن أن ينقل ما يريد للخارج عبر من يزورونه"، مطالبا بوجود أجهزة تليفونات بين المسجون وزائره كما في السجون الأمريكية. مبارك وطره.. عيسوي يتبرأ من قرار النقل وكشف عيسوي أن قرار نقل مبارك لمستشفى طره يتبع لوزارة الصحة وليس الطب الشرعي ولا إدارة السجن، مؤكدا أنه لا يملك سلطة نقل مبارك لمستشفى طره وتقرير اللجنة الصحية الذي أرسله النائب العام في شهر مايو الماضي أثبت عدم صلاحيته للحالات الحرجة. وتطرق اللواء إلى المجلس العسكري بقوله: "تعرض المجلس العسكري لهجوم كاسح 90% منه غير صحيح"، مشيرا إلى أنه في أحداث ماسبيرو كانت الأسلحة صوتية، نافيا أن يكون المجلس قد فرض عليهم أي آراء مطلقا، كما نفى ما توارد عن وجود مندوب للمجلس لإدارة شئون الداخلية، موضحا أن "اللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية زاره مرة واحدة إبان تواجد القوات المسلحة أمام وزارة الداخلية للاطمئنان على الأوضاع فقط". عيسوي يؤكد أن أحداث بورسعيد "مؤامرة" وتقصير من الداخلية وأكد عيسوي أن أحداث بورسعيد "مؤامرة دون نقاش وهناك تقصير أمني في التعامل معها"، منوها على سلبية من تعامل بقوات الأمن في أحداث بورسعيد، مرجعا ذلك إلى أن قوات الأمن كانت خائفة من الجماهير لأن القوات إذا تشابكت معهم كانت ستكون هناك مذبحة أخرى، كما أكد أنه "لم أعانِ من وجود طابور خامس أمني تابع للنظام السابق حينما كنت وزيرا للداخلية"، مؤكدا أن وجود حالات ذات صداقة مع العادلي لا تمثل نسبة في الداخلية. وعن قتلى الثوار، شدد على أن "من قُتِل بميدان التحرير شهيد بلا نقاش، أما من لقي مصرعه أمام قسم شرطة فذلك يحتاج لنقاش"، مبينا: "كيف نطلق لقب الشهيد على من جاء إلى قسم شرطة بغية إحراقه"، كما لم يحبذ عيسوي إعادة هيكلة وزارة الداخلية، واصفا أن إخراج ضباط الشرطة هو "تصفية حسابات" بل بخروج من لا يتبعون نظام الشرطة إلى وزاراتها، مشددا على أن هناك ضباطا قتلوا الثوار عن عمد ويجب محاسبتهم. واختتم وزير الداخلية السابق حواره ببرنامج "بهدوووء" على قناة cbc أن وزارة الداخلية ليست هي الثورة المضادة للثورة المصرية أو للشعب، مطالبا بإعادة الثقة مرة أخرى لقطاع الشرطة ولا بد من الحوار مع كافة التيارات، وأن تعمل الداخلية لكي يشعر المواطن بقيمة قطاع الداخلية، مؤكدا أن القانون لو كان قائما لما قامت الثورة.