"لا يمكن للإخوان أن يتزعموا الشعب المصري المعتدل بطبعه والرافض للتطرف على مر العصور، وزعامتهم هي للبرلمان فقط؛ وجاءت نتيجة الفقر والشعارات الدينية وسلب إرادة المصريين". هكذا بدأ الدكتور عاصم الدسوقي -المؤرخ المصري ورئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة حلوان السابق وعضو الجمعية المصرية للتاريخ- مضيفا في تصريحات خاصة ل"بص وطل" أن ثورة يناير بلا زعيم أو تيار يقودها, وهذا لم يحدث على مر العصور، فكل ثورة حدثت كان لها قائد أو زعيم كالثورة الفرنسية والروسية وثورة يوليو التي قادها تنظيم الضباط الأحرار بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والتي نجحت فيما فشلت فيه ثورة يناير؛ حيث سحبت الأولى الشعب من أرضية الثورة المضادة بإصدار قانون الإصلاح الزراعي الذي حقق العدالة الاجتماعية والشرعية للثورة. وتابع أن ما تعيشه مصر الآن "حالة ثورة" وليس ثورة بمفهومها التاريخي؛ وذلك لأن الثوار لم يصلوا للحكم ولم تحقق الثورة أهدافها حتى الآن رغم مرور عام على حدوثها، فأركان النظام ما زالت قائمة, لهذا فثورة يناير شبيهة لحد كبير بثورة عرابي التي انتهت بالاحتلال البريطاني، وثورة 1919 التي انتهت بإعلان مصر تحت الولاية البريطانية. وقال:"ثورة يناير، لم تستطع حتى الآن وضع حد أدنى وأقصى للأجور وضبط الأسعار والقضاء على البطالة؛ لتحقيق العدالة الاجتماعية, لهذا نخشى أن تنجح الثورة المضادة في إجهاض الثورة". ويوضّح أن من أهم مزايا ومكتسبات ثورة يناير كسر حاجز الخوف وتابوه الحاكم الإله, فعلى مرّ العصور اتسم المصريون بتأليه الحاكم, حتى إن بونابرت ذكر مقولته الشهيرة: "لو أن معي جيشا من المصريين لغزوت العالم"، في إشارة إلى طاعتهم العمياء للحاكم وليس الشجاعة، ووصلوا لدرجة أن اعتبروا الحاكم أباً يتوجب عليهم احترامه وطاعته، وكان هذا بداية من عصر السادات وصولا لمبارك. وحول المشاكل التي تعيق نجاح ثورة يناير يشرح الدسوقي أن الصراعات السياسية وتناحرها وتخوينها بعضها بعضا قد تجهض الثورة, كما أن تولي الإخوان المسلمين والسلفيين زمام الحكم قد يؤدي للتوتر والطائفية, ومن ثم الدخول في حرب أهلية, وهو ما يسعى إليه العالم الغربي من بداية ثورات الربيع العربي, فقد رحّب بتولي الإسلاميين الحكم بدعوى الديمقراطية، ثم حدوث توتر وطائفية وتدخّل لحماية الأقليات كما حدث بالسودان، وهذا ما يسعى إليه العالم الغربي للقضاء على فكرة العروبة. وحول تأريخ الثورة يعترض الدسوقي على كل ما كُتِب واصفا إياه ب"الخطأ الجسيم"، وأنه يمثل انطباعات شخصية؛ لأن التاريخ يبدأ حين تنتهي السياسة, وحتى الآن لم تظهر نتائج الثورة, لهذا علينا الانتظار وجمع كل ما يتعلق بالثورة من مذكرات من شاركوا، وقراءة لكل ما كُتب بالإعلام المحلي والدولي ووسائل الإنترنت ومذكرات المسئولين الذين عايشوا أحداث الثورة. ويوافق عاصم على محاولات كتابة تاريخ مبارك حتى نهاية حكمه, كذلك تأريخ بداية الثورة وأسبابها نهاية بتنحي الرئيس, في 11 فبراير.