السلام عليكم.. في البداية أحب أن أشكركم على ما تقدمونه في موقعكم من خدمات رائعة للزوار، وجزاكم الله خيرا عنها وجعلها في ميزان حسناتكم يوم القيامة. مشكلتي باختصار هي نسياني للأسماء ولأشياء معينة على الرغم من أني طالب بإحدى كليات القمة، وأعمل مبرمجا ومطور مواقع، وبحمد لله ذو باع في الأدب والشعر، وأتمتع بحمد الله بقدر عالٍ من الذكاء. منذ سنة تقريبا أو سنة ونصف بدأت تظهر لي مشكلة نسيان أسماء الأشخاص وأشياء أخرى بسيطة لم يمضِ عليها الكثير، مثلا هناك شخص كنت أعرفه جيدا ودائما كنت أراه، هو ليس صديقي ولكني أعرفه جيدا، انشغلت فترة وقابلته بعدها بشهرين، كنت أتذكر كل شيء عنه إلا اسمه. مشكلة أخرى هناك دكتور كنت أتابع معه فترة طويلة قد تصل إلى أربعة شهور، ويوجد بيننا علاقة قوية، مضت ثلاثة أو أربعة أشهر ومع الأسف قد نسيت اسم الدكتور ورغم ذلك أتذكر كل شيء عنه بالتفصيل. أيضا كنت أقضي الإجازة الصيفية مع بعض أصدقائي، هل تصدّق أنه عندما قابلت أحد أصدقائي بعد شهرين أو ثلاثة، ومن كانوا معي في نفس الشقة في تلك الإجازة لم أتذكر اسمه الثنائي!! أيضا كانت هناك فتاة أحبها ولم يقدّر الله لنا أن نكمل معاً، ورغم الفراق منذ ما يقارب العام ورغم معاناتي من نسيان أسماء الأشخاص إلا أني لم أستطع نسيانها رغم كل محاولاتي، وأتذكر كل شيء بوضوح وكأنه منذ دقائق. هل أنا مريض وأحتاج لعلاج؟ فنسيان الأسماء أو صعوبة حفظها أمر جديد عليّ تماماً، هل انشغالي الشديد بأشياء كثيرة منها الحاسوب والقراءة سبّب هذه المشكلة؟ المشكلة مؤرقة جدا وقد تتسبب لي في بعض الإحراج خاصة مع أشخاص يُفترض ألا أنسى أسماءهم. ad أهلا وسهلا بك يا أخي الكريم، والحقيقة أن تلك الظاهرة صارت منتشرة بدرجة ما أكثر من السابق، ولم تعد كذلك ترتبط بوصول الشخص لعمر متقدم ولكن يشكو منها الشباب في سن الزهور. والحقيقة الأخرى الأكثر أهمية أن هناك نوعين من النسيان؛ فهناك النسيان الطبيعي والنسيان المَرَضي، ولقد قام العلماء بجهد مشكور لتعريفنا على ظاهرة النسيان ومحاولة تفسيرها، فكان من أشهر تلك النظريات أربعة نظريات معروفة جداً؛ وهي: نظرية "التداخل" وباختصار تعني أن تداخل البيانات المرة تلو المرة يعمل على إزاحة بعض المعلومات عن صفحة الوعي مما يظهر في صورة نسيان، فكأنك تتعامل مع جهاز الكمبيوتر حين تفتح أكثر من نافذة لعدد معين يقف أو لا يتقبل المزيد إلا إذا بدأت تستغني عن بعضها. لذا فمعلومات ومدخلات من التليفزيون ومن الأحداث ومن جهاز الكمبيوتر من خلال عمل متواصل تفسّرها تلك النظرية. وكذلك نظرية "التلاشي" وهي تتعلق بنقل المعلومات من صفحة الوعي؛ لعدم استخدامها لفترات طويلة نسبياً، فكلما ظلت تلك المعلومات دون استخدام ولا تعامل كلما انتقلت من على صفحة الوعي. والنظرية الثالثة هي النظرية التي تعرف بنظرية "الكبت"، والكبت علمياً معناه أن الجهاز النفسي حينما لا يتمكن من تحمل موقف ما أو ذكرى ما أو أي أمر يُشعر صاحبه بالخزي الشديد أو الألم الشديد يقوم جهازنا النفسي بعمل آلية دفاع نفسية تعمل على نقل تلك الخبرة المؤلمة أو غير المرغوب فيها إلى أعماق العقل الباطن، فلا تظهر على السطح، وكذلك تكون المعلومات غير المرغوب فيها لسبب أو لآخر، ويحدث الشيء نفسه وفقاً لنظرية الكبت. والنظرية الأخيرة هي نظرية "الجشتالت" وهي باختصار شديد أرجو ألا يكون مخلاً أنها تفسّر حدوث النسيان نتيجة عدم التعامل مع المعلومات أو البيانات التي تدخل لعقلنا بشكل منظم، مما يؤدي إلى ضياعها في شكل النسيان. لذا قد تجد أسباب نسيانك الطبيعية تعود بالفعل لإحدى النظريات السابقة أو لأكثر من واحدة منها. ولكن عليّ أن أقول إن هناك نسياناً غير طبيعي يقع في المساحة المَرَضية؛ حيث تتسبب بعض الأمراض النفسية في اختلال بالوظائف النفسية وبالتالي العقلية منها كالذاكرة، مثل الأشخاص المصابين بالقلق والاكتئاب، فكلاهما رغم اختلافهما إلا أنهما يسببان تشتت التركيز وتعطل عمليات التفكير أو تكاسلها بشكل كبير، خاصة في الاكتئاب حيث يصاب الشخص بكسل يصل لحد الكسل حتى في التفكير وعدم الرغبة في فعل أي شيء. أما القلق فيؤثر على العمليات العقلية برمّتها، فيؤثر على عمليات الإدخال بدايةً والحفظ وبالتالي التذكر، وهناك حالات تصاب بالهستيريا والتي تسبب للشخص نسيانا تاما لجزء من حياته أو لفترة من حياته بشكل مؤقت وقد ينسى ذاته شخصياً! وهناك كذلك نسيان مَرَضي يرجع للإصابات العضوية التي تحدث في المخ والصرع المزمن، وغيره، لذا أقترح عليك تفادي كل تلك المسببات بشكل كبير لتشعر بتحسن حقيقي، فتحاول أن تربط المعلومات لديك ربطاً ذهنياً. ساعد نفسك بعمل تمارين اختبارية فجائية لنفسك عن معلومات سابقة لتتدرب على تحفيز الذاكرة، يمكنك كذلك أن تعين نفسك بالكتابة للتذكر، ولا تنسَ دور الغذاء السليم المتنوع الذي يحتوي على الخضروات والفواكه والسكريات، خاصة ما يحتوي على الفوسفور وفيتامين "ب" المركب، ولقد أثبتت الدراسات أن النوم حين يأتي بعد تحصيل معلومات يعمل على ترتيبها، ويكون له دور في استقرارها، فعلى أقل تقدير حاول أن تنام بشكل عميق وبساعات مقبولة، وكذلك ممارسة الرياضة بشكل مستمر.. كل تلك الأمور ستساعدك كثيراً على تحسين ذاكرتك إن شاء الله.