مسكين الألتراس.. مسكينة الكرة.. مسكينة المدرجات والرايات والطبل والشماريخ والطبنجات... هذا ما توصّلت إليه بعد أن عقدت محكمة ثورية في عقلي بسبب الجريمة التي لن ينساها التاريخ في حق الوطن.. مصر، بعد الزلزال البلطجي، وبركان الغباء الإنساني، والذي ألمّ بقطعة عزيزة من الوطن بعد أن اسْتُخدمت الكرة في إشعال الأحداث.. واسْتُخدمت الكرة مرة أخرى مع الشماريخ في حرق جزء من تاريخنا التراثي والعلمي والإنساني، بأيدي البلطجية المخرّبين الذين قيل إنهم الألتراس والثوار. كانت قرارات الاتهام ما رصدناه، بأن بداية الخراب بدأت كما سمعنا ووصل إلينا بمباراة كرة "كارثية" أقيمت بين فريقين من المعتصمين أمام مجلس الوزراء، وبقصد أو دون قصد دخلت الكرة في ساحة مجلس الشعب، وبقصد أو دون قصد قام عبودي -أحد أعضاء ألتراس أهلاوي- بالقفز فوق الأسوار لإحضار الكرة أو حتى للاعتصام داخل المجلس نفسه كمزيد من الضغط؛ لتحقيق مطالبهم برحيل حكومة الجنزوري التي لم تمضِ أسبوعا أو أكثر، بعد أن أطاحوا بحكومة نظيف وشفيق وشرف. وبنفس الدرجة من الكارثية ما أسفر عنه سقوط الكرة في باحة مجلس الشعب، من شهداء وقتلى وصولا إلى 14 شخصا، وقد يزيدوا وتصدرهم الشيخ الشهيد عماد عفت -أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية- بالإضافة إلى ما يزيد على ال400 جريح. ولأن مباريات الكرة لا تكون دون شماريخ؛ فقد اشتعلت الشماريخ فخسرنا تراثا إنسانيا غاليا مثل الدم، لا يقدّر بثمن جراء حريق المجمع العلمي الذي أُحرق فيه كمّ من نوادر الكتب التراثية من ضمنه نسخة أصلية لكتاب "وصف مصر". هل تحوّل ممارسو ومشجّعو كرة القدم بين يوم وليلة إلى تتار هذا العصر يريدون القتل والذبح ويعبرون الفرات بجيادهم على الكتب؟! هل الألتراس الذي راح من بينهم الشهداء أيديهم ملطّخة بالدماء، أم هل هم من الثوار؟! أم هل المدرجات أصبحت لا تتسع لقوتهم فانقلبوا على الديار، وهل الهتاف والتشجيع انقلب لصراخ وعويل واستهتار؟!! ردّ الدفاع في القضية بأنهم مساكين؛ هم فتية وشباب وبنات وأطفال، بعضهم ابن ذوات وكثير منهم ولاد غلابة ومساكين، ومثقفين ومتعلمين، ولا يقرؤون ولا يكتبون، لكنهم في النهاية على حب ناديهم مجتمعون. مسكين الألتراس وشباب المشجعين الذين لم يجدوا مَن يسمعهم وينصت إليهم، فقرروا أن يسمعوا أصواتهم رغما عن أنوفهم، ويبلغونهم ما يجول في رؤوسهم سواء كان مهما أو كان كلاما فارغا سوف يسمعونهم بكل الأحوال؛ لأنهم سينقلبون على كل شيء يملكه الآخر؛ سواء ملكية عامة أو حتى ملكية الشباب أو الألتراس. كما أكّد دفاع الألتراس أن الشباب يشعرون أن آمالهم لا تتحقق، وليس مستقبلهم الذي صنعوه يضيع من بين أيديهم، وأنهم يريدون فقط فكرة أو خطة أو مشروع ليجدوا أمامهم طريقا يُنير لهم المستقبل.