د/ هبة السلام عليكم.. أرجو منك الرد على مشكلتي وهي أنني رجل في أول الثلاثينات متزوج وعندي طفل، والمشكلة مع زوجتي أنها بعد الإنجاب زاد وزنها وظهرت ترهّلات في أماكن في الجسم مع زيادة كبيرة في حجم البطن، مع أني قد نصحتها أن تسأل الدكتورة في هذا الأمر حتى تتجنبه بعد الإنجاب، وعندما أحاول معها أن تلعب رياضة في المنزل لأن مقدرتي لا تسمح بأن تذهب إلى نادٍ صحي أو تقلل من كميات الطعام وليس عدد مرات تناوله تظنني أسخر منها وأصبحت لا أحب النظر إلى جسدها. كما أنها لا تهتم بنظافتها إلا إذا أخبرتها بذلك كإزالة الشعر من جسمها ككل، كما أنها في العلاقة الحميمة لا تفعل ما أريد مع أني لا أطلب إلا الحلال وتحديدا الجنس الفموي من جانبها وناقشتها وتكلمت معها ولكن لا تستجيب.
لا أعرف ماذا أفعل فيها كشكل وكعقل مع العلم أني أرضيها ماديا ومعنويا وهي لا تشكو مني في شيء، ولكنها أصبحت لا ترضيني كشكل وكأنثى وأصبحت لا أرغب بها؛ لأني لا أحب المرأة البدينة وخصوصا الكرش والترهلات في الأرداف والذراعين، وبدأت أفكر أن أحصل على ما أريد من الخارج، لا أدري لقد استنفدت معها كل الوسائل ولا استجابة... ماذا أفعل؟
الأخ الكريم.. هناك أكثر من جانب أود طرق بابه انطلاقا مما ورد في رسالتك، فأنت محق في شكواك، فأنت شاب طرق باب الحلال ورغب في امرأة وأراد أن يتم حياته معها، فتزوجها بغية أن يقي نفسه شر الوقوع في الزلل، وما كان منه إلا أن أراد الاستعفاف بشكل عملي وأراد من زوجته أن تكون دائما جميلة في نظره، وقد تحمّل فترة حملها على أمل أن تعود إلى القوام الرشيق الذي عهده فيها من ناحية والذي يثيره كرجل من ناحية أخرى، وأخذ يطالبها بواجباتها كزوجة في فراشه بأن توفيه حقه وأن تطيعه في كل ما يطلبه منها من وسائل الاستمتاع التي ترضيه جنسيا بل أن تسعد بذلك كأي زوجة تسعى لرضا زوجها....هذا من وجهة نظر الزوج الذي يصور الشيطان له نفسه كشهيد وضحية لعناد وجبروت هذه الزوجة التي لا تقدّر النعمة ولا تعرف قيمة هذا الزوج الذي يتحمل كل هذه الأهوال ويصبر عليها ويكرر المحاولات معها ولكن دون جدوى...
فلنتناول القصة من وجهة نظر الزوجة: هي فتاة في مقتبل العمر تحلم بالفارس ذي الحصان الأبيض الذي سيأتي ليحملها بين ذراعيه ويغرقها في حبه وحنانه واحتوائه ويرفعها فوق نساء العالم أجمع، كما تتطلع لأن ترى في عينيه حمده لله أن رزقه إياها، وأن تسمع منه تقديره لها وتعبيره المستمر عن رضاه عنها وإعجابه بها، وأن تستشعر منه توحّده معها واعتبارها جزءا من كيانه ووجدانه وإصراره على ترديد أنهما كيان واحد بل روح واحدة في جسدين. وتحت ظلال هذه الأحلام التي ذهبت بها إلى الجنة تم الزواج، ثم أتم الله نعمته على الزوجين بأن حملت الزوجة الشابة بثمرة الرباط الأزلي بين الزوجين المتحابين فطار الحمل بها فوق السحاب وأخذت في نسج الأحلام عن مستقبل حياة الأسرة الصغيرة السعيدة بناء على الأساس المتين الذي طالما تصورته في شريك حبها وحياتها...
ولكن.. حدثت لها تلك التغيرات الفسيولوجية التي تحدث في أغلب الأحيان للمرأة الحامل من زيادة في الوزن وترهل في بعض الأماكن في الجسم، فلم تتصور للحظة أن الكيان الواحد سينفصم أو أن الزوج سينتقل من مقعدها إلى المقعد المقابل، بل إلى منصة الإدانة، ويأخذ في سرد الاتهام تلو الآخر ولا يوجّه لها إلا اللوم والعتاب والانتقاد و... الأوامر... وفي نفس الوقت لم يكلف نفسه عناء الاستماع إلى ما يؤرقها وما يضايقها... فإن اتسع صدره لذلك لوجد أنها تنشد صدرا حنونا وليس حاكما بأمره يُشعرها أنها مجرد آلة لمتعته انتهت فترة صلاحيتها بزيادة وزنها، فهي أكثر الناس ألما بهذه الأرطال الزائدة وأكثر البشر رغبة في فقدانها، ولكن لا يشعر بحرارة النار إلا الممسك بها، فأسهل وظيفة في الدنيا هي وظيفة الناصح الواعظ الذي يعرف كل شيء والذي لا يعلو رأي على رأيه، ولكن ماذا عن المتلقي؟ هلا نفكر في ظروفه؟ في منطقه؟ في متطلباته؟ في احتياجاته؟
سيدي.. إن زوجتك محتاجة إلى جرعة كبيرة من الحب والحنان لاسترداد ثقتها في نفسها ولاستنفار رغبتها الصادقة وإرادتها القوية في مقاومة إغراء الطعام والشعور بالجوع والذي يزيد بسوء الحالة النفسية للإنسان بوجه عام وللنساء بوجه خاص.. وبالله عليك لا تردد أمامها أبدا تهديدك بأنك ستتخذ غيرها لإيفاء احتياجاتك الجنسية، فكفاك تجريحا ومهانة لها، فهي قابلة لأن تؤدي لها ما ترغب وزيادة، ولكن يجب أن تكون أكثر توفيقا في تخيّر ألفاظك وأسلوبك في التعامل معها، فلا تدفعها للاستسلام لما حدث لها من تغيرات عادية وعابرة تحدث لأكثر من ثلثي النساء بعد الحمل، ولكن ساعدها أن تعود لما ترضى أنت وهي عنه من رشاقة ولكن مع حفظ خط واحد في التعامل معها وهو خط الحب والتقدير والتقبل التام لها كما هي وأيا كان شكلها أو وزنها.. فهذا أبسط حقوقها كامرأة، ولتتأكد آنذاك أنها ستسعى بكل ما أوتيت من قوة أن تستعيد ما تحبه فيها وأن تنفّذ لك ما ترغبه منها.. أما أسلوبك الحالي فسيثمر برودا في العلاقة ولا مبالاة ستقود هذه العلاقة الجميلة إلى حافة الهاوية..
واعمل بما نصحنا به حبيبنا ونبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه حين قال: "رفقا بالقوارير".