أقصد الفرح الانتخابي يا خفيف؛ علشان دماغك ما تروحش لبعيد.. في أول ليالي الفرح "الانتخابي" حدثت أخطاء، دعك من أخطاء تأخّر فتح اللجان ساعة، أو عدم وجود حبر فوسفوري؛ فهذه معلومات للاستهلاك الإعلامي، وركّز معي في المفيد؛ حيث شهدت المرحلة الأولى من الانتخابات أخطاء أهم؛ تتعلق بصميم الشخصية المصرية والبنية الحزبية ونظام التنافس السياسي، لا تقلق الكلمتين الكبار دول بنضحك بيهم على الناس، ولكن أنت لك كلام تاني، ما تيجي نشوف الأخطاء اللي بجد: أصل القلم علّم عليه: هذه عبارة سمعتها في حوار ديمقراطي مثالي من حيث الوعي والذكاء السياسي، زميلة تسأل عن اسم مرشح ما، فقلت لها: * ده فلول. * قالت لي: يا نهار أبيض!! * ليه؟ * لأني اديته صوتي! * اديتي له وإنتي مش عارفاه؟ * أصل القلم علّم عليه!! أعمل إيه مش عارفة حد انتخبه!! هذا حوار حقيقي جاد، وحالة فعلية شهدتها وربما بكثرة المرحلة الأولى من أول انتخابات نزيهة بعد الثورة التي زهق فيها ما يقارب الألف نفس من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية (مش الحرية والعدالة بس).
الزميلة بتسيب القلم هو اللي يعلّم، وكلنا نعرف إن القلم ما بيكدبش، زي قطنة أبلة نظيفة؟ البعض أيضا يختار حسب الرمز، فاللي تعجبه ساعة اليد يختارها، واللي يعجبه الكشاف يختاره، هذا حدث بالفعل، وكأنه يختار ساعة اليد نفسها أو الكشاف نفسه للبرلمان، الحمد لله أنهم لغوا الجمل حتى لا يطيح في الأعضاء الآخرين! ولا تنتخبوا التمساح! (لمطالعة أروش الرموز الانتخابية اضغط هنا حيث كتبت هذا المقال في انتخابات 2010) لا مجال هنا للتساؤل عن مستقبل البلد وحقوق الشهداء وروح الثورة وأخلاق الميدان، فللميدان ربّ يحميه، وللفلّ قلم يعلّم عليه!
هابطل صوتي لأني مش عارف حد انتخبه: كانت هذه هي الحيلة الأصيع التي قام بها البعض، وأخشى أن يكون المعظم؛ حيث بعد أن تبين له أنه لا يعرف أيا من المرشحين على المقاعد الفردية نظرا لاتساع حجم الدائرة، ونظرا لأنه يعرف أن صوته شهادة لا يجب أن تعطى لمن لا يستحقها، قام البعض بإلغاء صوته بالتعليم على أكثر من مرشحَين أو الشطب على الورقة، ظنا منه أنه كده في الأمان، وضميره مستريح.. صديقي هذا تماما مثل من رأى جريمة قتل فأدار وجهه كي لا يكون شاهدا عليها، هذه ليست حرصا على الشهادة هذا تحايل على الصواب والمنطق، يجب أن ندرس جيدا المرشحين فهذا واجب، وبدلا من ألا تعطي أحدا يجب أن تعطي الأكفأ أو الأصلح، فإذا لم تجد الأصلح فيجب أن تنتخب الأقل فسادا؛ عملا بمبدأ: "أحسن الوحشين".. يجب ألا نتعلل بالجهل فالجهل عذر أقبح من ذنب.
أنا أولى بساعتين شغل: هذا منطق تردد أيضا بصورة أقل ولكنه موجود، وهو المواطن البيزنس مان الذي لا يقدّر وقته بثمن، ونظرا لأهميته الشديدة في الخدمة في البيوت أو عمل الشاي للموظفين؛ فإنه يستخسر الساعتين اللي هيقفهم في طابور طويل علشان يدلي بصوته، ويقول لك بمنطق ساويرسي بحت: "طب ما أحسن لي أعمل حاجة تنفعني"؛ وكأن اختيار مستقبل مصر مش هينفعه، وإذا كان على باب الله يقول لك: "أشتغل أفيد علشان خاطر العيلين دول"؛ وكأن العيلين دول هينبسطوا بباكو بسكوت زيادة عن تعليم نضيف وسكن آدمي ووظيفة لائقة إذا أحسن اختيار ممثليه في برلمان حقيقي!
آخر أكثر مغالطة يقول لك: "وهانتخب مين؟"، ده حرامي بيسلّم حرامي، هذا لا أجد لك معه وسيلة إلا أن تهدده بالسلاح ليخرج ما في جيبه؛ فهو غالبا سلبي مستسلم لا يستطيع أن يمنع الحرامي عن أخذ عشاه.
يعني مش إحنا لوحدنا اللي بنخالف: هذه جملة لطيفة موجودة في فيديو يرصد مخالفات توزيع دعاية انتخابية أمام اللجان، ولا أدري حقيقة هل توزيع دعاية أمام اللجان مخالف أم لا في وجود ناخبين بيسيبوا القلم هو اللي يعلّم!! ولكن كل الأحزاب التي حاولت رصد أخطاء لغيرها جاءت لتورط نفسها هي الأخرى في نفس الأخطاء؛ وكأن الرصد أصبح مرادفا للمثل الشهير: "لا تعايرني ولا أعايرك ده الهمّ طايلني وطايلك"! والواجب أن تمتنع أنت عن المخالفة أولا لتستطيع أن تقول للمخالف عينك حمرا.
أهو أنت اللي تيييت! كمية السباب التي سمعتها خلال فترة الانتخابات من جانب النخبة لبعضها في صراع المنافسة الانتخابية تزيد على ما تسمعه حين تدخل سوق المطرية يوم خميس في الزحمة.. التلميحات والتلقيحات والتصريحات من جانب شخصيات عامة لشخصيات عامة تجعل المصري العادي يقف ليقول: إخيه على الثقافة.. الحمد لله على نعمة التربية والجهل!!
تعالوا نتفق أن نجعل المرحلة الثانية أنظف من المرحلة الأولى، ونتلافى سلبيات البداية.. تعالوا ما نسيبش القلم يعلم لوحده.. تعالوا نذاكر مستقبل بلدنا كويس.. تعالوا نضحي بساعتين شغل لوجه مصر.. تعالوا نحوّش فلوس نجيب بيها حبر فوسفوري على حسابنا!! كل مرحلة وإنتم طيبين!