السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا عايزة أشكركم جدا على الموقع، وأشكركم على نصائحكم.. أنا عندي مشكلة مش عارفة أعمل فيها إيه؟ ليّ واحدة صاحبتي كويسة وطيبة جدا وأنا بحبها؛ بس هي مدمنة كدب، بتكدب طول 24 ساعة، وفيه إنسان بيحبها أوي وكلم مامتها عشان يخطبها؛ بس هو صعبان عليّ لأنها مش بتبطل تكدب عليه وهو مابقاش يصدقها في حاجة؛ لدرجة إنه كان فاكرها عملت حاجة وهي ماعملتهاش، وحلفت بحياته وغلاوته عندها إنها ماعملتهاش؛ بس هو من كتر كذبها افتكر إنها بتكدب برضه المرة دي.. يعني الحاجة الوحيدة اللي قالتها صح ماصدقهاش فيها، ومش عارفة أعمل إيه عشان تبطل كدب.
أرجوكم ساعدوني وقولوا لي أعمل إيه؟ أنا عايزة أغيرها.. هي بدأت تفقد بقية أصحابها والإنسان اللي بيحبها.
سمسمة
حين نُستشار في المشكلات الزوجية نقول إن كل مشكلة لها تكتيك في العلاج، ويمكن وضع برنامج لحلها على مراحل، وتظل مشكلة واحدة لا يمكن تداركها بسهولة، ويظل لها أثر طويل في فترة الحياة الزوجية، وكثيرًا ما تسبب الانفصال أو المشكلات التي قد تؤدي في بعض الأحيان لقتل أحد الشريكين لشريكه في الحالات الحرجة! وهذه المشكلة هي انعدام الثقة؛ فهناك دعائم أساسية تعتمد عليها الحياة الزوجية، ولا تستقيم دونها؛ ومنها الثقة المتبادلة بين الزوجين.. وصديقتك بدأت تحصد ثمار كذبها حتى ولو صدقت.
إنها في موقف لا تُحسد عليه، وموضوع ارتباطها هو الموضوع الأقل أهمية، والأهم هو أن تعالج نفسها من الكذب الذي أراه صار كذبًا مرضيًّا يحتاج لتدخل نفسي وبرنامج علاجي؛ فالكذب سلوك متعلم يتم اكتسابه؛ أي ليس فطريًّا نولد به، وغالباً يتم تعلمه من البيئة المحيطة بنا؛ سواء الوالدين أو الإخوة أو المدرسة أو غيرها، وكلما تعرض الإنسان لتكرار الكذب على من حوله، اكتسب الصفة بشكل أكبر.. والفِطرة السوية تأنف الكذب ولا تستسيغه؛ ولكن برغم ذلك فكلنا نكذب ولو مرة واحدة في حياتنا، وبعضنا -سواء تعلم الكذب أو اكتشفه بنفسه- من يتعود عليه والبعض الآخر لا يتعود عليه.
كانت هذه مقدمة مهمة حتى أفرق لك بين الكذب العابر -برغم كونه أمرًا مكروهًا- وبين الكذب المرضي.
فالكذب المرضي يكون فيه الشخص عاجزًا عن عدم الكذب برغم معرفته بعواقب الكذب في حياته المباشرة، ولقد تمّ تصنيف الكذب لأكثر من عشرة أنواع في فترة الطفولة ككذب الالتباس، والخيال، والمحاكاة، والتعويض، ومقاومة السلطة، والخوف، وغيرها.. وكلها يتم إدراجها تحت مفهوم "اضطراب التصرف"، وله برامج علاجية يتم فيها الاستعانة بالأسرة؛ ولكن حين تكبر مع الشخص وتأخذ ملامح أقوى وموضوعات أكبر؛ فقد تصل في بعض الأحيان لتصنيف "اضطراب الشخصية" نفسه؛ حيث يعاني الشخص اضطرابًا يسمى "اضطراب الشخصية السيكوباتية"، وهو اضطراب يكون فيه الكذب بشكل كبير ومستمر، ولا يتراجع الشخص فيه عن كذبه برغم وقوعه تحت طائلة العقاب أكثر من مرة.
ولأنك لم تتحدثي بشيء من التفصيل عن طفولتها أو تصورها للأسباب التي جعلتها تكذب منذ زمن؛ فلا أستطيع أن أصف كذبها بأنه صار كذبًا مرضيًّا لدرجة "اضطراب الشخصية"؛ لأنه غالبًا ما يتصاحب مع الاضطراب تصرفات أخرى؛ كالهروب من المنزل، أو السرقة، أو الغش والاحتيال، وغيرها.
لقد أوضحت لك ما يمكن توضيحه في إطار القليل الذي ذكرتِه؛ فإن لمست أنها تعاني هذه الاضطرابات المصاحبة فلا مفرّ من تواصلها مع طبيب مختص لتحديد طريقة العلاج المناسبة لنوع الكذب الذي ابتليت به حتى لا تخسر دنياها وآخرتها وخطيبها المحب؛ فالشك حين يتربع على قلب الرجل تصبح الحياة معه جهنم حمراء.